أكد صندوق النقد الدولي هذا الأربعاء أن الاقتصاد الأوروبي الذي عرف أكبر كساد منذ الحرب العالمية الثانية سيواصل تعافيه إلا أن المخاطر تبقى قائمة.
وأوضح الصندوق في تقريره الأخير حول التوقعات الاقتصادية الإقليمية الخاصة بأوروبا أن الناتج الداخلي الخام سيعرف بعد تراجع بنسبة 6ر4 بالمائة سنة 2009 ارتفاعا بنسبة 3ر2 بالمائة سنة 2010 ثم بنسبة 2ر2 بالمائة سنة 2011.
و أشار إلى أن التعافي كان محفزا باستئناف النشاط الاقتصادي العالمي و نمو الصادرات خاصة بالبلدان المصدرة لمواد التجهيز إلا أن التوقعات تشير إلى أن النمو الاقتصادي سيبقى ضعيفا مقارنة بالماضي.
و في البلدان الأوروبية المتقدمة التي سمح تدخل السلطات العمومية بها باحتواء مشكل الديون السيادية في بداية 2010 سيعرف النمو حسب التوقعات 7ر1 بالمائة سنة 2010 و 6ر1 بالمائة سنة 2011.
وبالرغم من صرامة هذه البلدان إلا أن استئناف النشاط سيظل ضعيفا مقارنة بالماضي يضيف التقرير مبرزا أن هذا التفاقم في النمو يأخذ بعين الاعتبار تواصل انعكاسات الأزمة و سرعة وتيرة تعديل الميزانية سنة 2011.
كما يعود هذا البطء إلى صرامة سوق العمل و المنتجات و الخدمات التي تحدد قدرات النمو بمنطقة الأورو.
من جهة أخرى يشير التقرير إلى أن المخاطر تبقى قائمة و يدعو صناع القرار إلى تطبيق سياسات رشيدة بضمان مساهمة التوازن في الميزانية في الحد بأكبر قدر من الآثار السلبية على النمو و الشغل.
ويتعين على السياسات النقدية إيجاد توازن بين ضرورة تطبيع السياسات من جهة و الحد من توتر أسواق الديون السيادية من جهة أخرى و الحفاظ على السيولة البنكية في حين يجب ان تكون المراقبة البنكية التي تخضع لها البنوك الأوربية حاليا متبوعة مباشرة بتدابير من شأنها القضاء على العجز الذي تعاني منها حصيلاتها مع مواصلة الحفاظ قدلاات القرض.
و أكد التقرير أنه يجب إعادة هيكلة المؤسسات المالية الهشة و إعادة رسملتها أو إخضاعها لإجراءات تسوية مشيرا إلى أن نتائج تجارب المقاومة أعطت فكرة حول البنوك التي ينبغي صهرها أو إعادة رسملتها.
وأضاف أن “إشراف أفضل من طرف السلطات العمومية و تعاون مكثف من شانهما المساعدة على إعادة الثقة للأسواق. و قد تم اتخاذ سلسلة من المبادرات في هذا الاتجاه يجب استكمالها لتوضيح الوضعية القانونية و تطبيق ما تقرر”.
كما حيا صندوق النقد الدولي مشاريع تحسين حكامة الاتحاد الأوروبي و منطقة الأورو و دعا البلدان الأعضاء إلى الإسراع في تطبيقها.
وحسب صندوق النقد الدولي فان البلدان الأوروبية الناشئة التي مستها الأزمة استطاعت تفادي أزمات مصرفية و نقدية بفضل صرامة الإجراءات التي اتخذتها السلطات
العمومية و التركيبات المالية الواسعة النطاق التي وضعتها بسرعة المؤسسات الدولية إلى جانب الدعم المتواصل للبنوك الغربية وحسب توقعات التقرير ستعرف البلدان الأوروبية الناشئة نموا بنسبة 9ر3 بالمائة.
سنة 2010 و 8ر3 بالمائة سنة 2011 و قد يكون لآفاق هذه البلدان التي تتوقف قبل كل شيء على ما سيحدث في البلدان الأوروبية المتقدمة أو على تقلبات جديدة أثرا على المبادلات التجارية كما أنها قد تكبح تدفقات رؤوس الأموال نحو المنطقة و كذا نمو
القرض الداخلي.
كما أشار صندوق النقد الدولي إلى انه بإمكان المنطقة إيجاد محركات جديدة للنمو من خلال التركيز على قطاع السلع المتداولة إذ أن نمط نمو سنوات الازدهار الأخيرة الذي يرتكز على مداخيل رؤوس الأموال والنمو السريع للقرض وحركية الطلب الداخلي
لم يعد يطاق.
لقد شهدت البلدان الأوروبية الناشئة تجارب مختلفة حيث شهد البعض منها على غرار جمهوريات البلطيق انخفاضا في الإنتاج بأكثر من 10 بالمائة فيما تفاد البعض الآخر كلية الركود.
