أما تَرى الدَّهرَ لا يَبقَى على حالِ طوراً بأمنٍ وأطواراً بأوجالِ ؟
أبغي النَّجاءَ وما أَنجو وإنْ غفلتْ عنّى المنون كما لم ينجُ أمثالى
شَواردٌ من مُصيباتٍ ثَبتْنَ لنا يصبن ما شئن من نفسٍ ومن مالِ
متى ينلْنَ الفتى قالوا: دَنا أجلٌ يا هلْ أرى فى اللّيالى غيرَ آجالِ ؟
بذلٌ يؤوب إلى منعٍ ، وعافية ٌ تجرُّ داءً ونُكسٌ بعدَ إبلالِ
وما سررتُ بأيّامِ الكمال فما ' يعرو الفتى النّقصُ إلاّ عند إكمالِ '
يا ليت شعرى َ والأهواءُ مولعة ٌ برجم مُستترٍ في الغيبِ دَخَّالِ
بأيِّ نوعٍ منَ المكروهِ تُخْرجني هذي النَّوائبُ عن أهلي وعن مالي؟
وأى ُّ علقمة ٍ فى كفّ حادثة ٍ ' أجنى ' لها كى أسقّاها ' وتجنى ' لى
ما للنَّوائبِ يُعفِينَ الثُّمامَ كما يَعْنُفْنَ بالنَّبعِ أوْ يُقذفْنَ بالضّالي؟
وما لهنّ وما يبغين من أربٍ ' يفنين ' نفسى وقد أبقين أسمالى ؟
نلقَى المخاوفَ في الدُّنيا ونأمنُها ونطلبُ العزَّ في الدُّنيا بإِذلالِ
وتُستَذَمُّ لنا في كلَّ شارقة ٍ وما لها مُبغضٌ منّا ولا قالي
لِذاذة ٌ لم تُنَلْ إلاّ بمؤلمة ٍ وصحَّة ٌ لم تدُمْ إِلاّ بإعلالِ
فما أمنتُ بها إلاّ على حذرٍ ولا فرغتُ بها إلاّ بأشغالِ
ومسمعٍ جاء من أرجان يسمعنى قولاً يكثّر من همِّي وبَلْبالي
أَهدى على زعمهِ بَرْدَ اليقينِ بهِ فشبّ بين ضلوعى جمرة َ الصّالى
نعى إلى َّ قوامَ الدّين ؛ حادثة ٌ أحال ما جاء منها كلَّ أحوالى
فلو أَطَقتُ فنفسي لا تَضِنُّ بهِ شققتُ قلبى ولم أعرضْ لسربالى
ولم تنلْ عقرَ نفسى فى المصاب يدى فبتّ أعقرُ أطلابى وآمالى
أقول والرّبعُ مغبرٌّ جوانبهُ : مَنْ بدَّلَ المنزلَ المأهولَ بالخالي؟
منْ أخرج اللّيث من ' ذاك ' العرين ومنْ حطَّ المحلِّقَ في العَلياءِ مِن عالِ؟
مَنْ زعزعَ الجبلَ العاديَّ مَنْبتُه ومَن طَوى ذلك الجوّالَ في جالِ؟
مَنْ حلَّ عُثْلَ المنايا فيهِ ثمَّ رَمى قوائمَ السّابقِ الجاري بعُقّالِ؟
منْ ساجل الغيثَ هطّالاً بأذنبة ٍ مَنْ كايَلَ البحرَ مِكيالاً بمكيالِ؟
منْ طاول الشّمَّ حتّى طالهنّ ذراً ؟ من وازن الصّمَّ مثقالاً بمثقالِ ؟
سائلْ بمَلْكِ الورى لِمْ زلَّ أخْمَصُهُ وهو الذي كان ثَبتاً غيرَ زوّالِ؟
وكيفَ أعجزَهُ هولٌ ألمَّ به؟ وهو المدفّعُ أهوالاً بأهوالِ
وكيفَ أصحرَ بالبيداءِ مُنْفرداً مُخدَّمٌ بينَ أكنانٍ وأظلالِ؟
وكيف حطّ ملظُّ فى بلهنية ٍ من ناعمِ العيش داراً غيرَ مِحْلالِ؟
وكيف لم يُعطني من ثِقْلهِ طَرَفاً قَرْمٌ تحمَّلَ عنّي كلَّ أَثقالي؟
وكيف ضلّ بأيدى الحادثات فتًى مُعطِي النَّجاة ِ وهادي كلِّ ضَلاَّلِ؟
منْ للسّرير الذى تعنو الجباهُ له مقسومة ً بين تعظيمٍ وإجلالِ ؟
من للرّواقِ إذا حفّ الوفودُ به سامين نحو شرودِ النّطقِ قوّالِ ؟
من للعفاة ِ إذا ابتلّوا بنائلهِ صباحَ يومٍ شديد الهضم للمالِ؟
من للسّوايق يعرورى ' مناسجها ' وتَنْثني بالدَّمِ القاني بأجْلالِ؟
نزائعٌ كالنّعامِ الكدرِ نفّرها صراصرٌ من حديدِ الظّفرِ نشّالِ
أو كالسَّراحينِ تَفْري كلَّ مُقفرة ٍ غرثى من الزّاد تنسالاً بتعسالِ
من للقنا طال حتّى قال مبصره : ما هزّ هذا القنا إلاّ بأطوالِ ؟
من للصّوارم تعرى من مغامدها وتُكْتَسى أغْمُداً في هامِ أبطالِ؟
من للمكيدة حكّته لتبلوه تحكّكَ القلصِ الجربى بأجذالِ
من للكتائبِ خرساً غيرَ ناطقة ٍ يجلجل الطّعنُ فيها أى ّ جلجالِ
فيهنّ كلُّ هضيم الكشحِ معترقٍ مُشَذَّبٍ كسَحوقِ النَّخْلِ طُوّالِ
إذا مشى فى فضولِ الدّرع تحسبه مقلّباً نخوة ً أعطافَ رئبالِ
ذو ناظرٍ توقد الأضغانَ لحظتهُ كصلِّ رملة ِ وادٍ بينَ أصلالِ
قد كنتَ توعدنى العدَّ الغزيرَ ندًى فالآن أقنع بعد العدِّ بالآلِ
وما قنعتُ وبي في غيرهِ طمعٌ واليأسُ أرْوَحُ ولاّجٍ على البالِ
وكنتَ لي وَزَراً في كلِّ مُعضلة ٍ أُمسي أشمِّرُ فيها فضلَ أذيالي
وكنتَ أدنَى وقد ناديتُ مُنتصراً إليَّ في الخطبِ من نفسي ومن آليسُلِيتَ يوماً فغيري قلبُه السّالي
يا طالبى َّ خذا منّى اقتراحكما ما مانعٌ دون ما أخشَى ولا والِ
واستعجِلا في يديَّ اليومَ ثأرَكُما بذلتُ ما لم أكن فيه ببذّالِ
قد دَغْدَغَ الموتُ نُصَّاري وحاميتي وضعضَع الموتُ أطوادي وأجبالي
ونالني بالأذَى مَن كان يرمُقُني قبيل هذا الرّدى بالمربأ العالى
أصبحتُ فيك ' أزيرُ الشّكّ ' معرفتى عمداً وأصرفُ ذاك الخُبْرَ عن بالي
وأسأل الرّكبَ عندى مثل علمهمُ أرجو تَعِلَّة َ إلْباسي وإشكالي
قبرٌ على الكوفة الغرّاء نتبعه فى كلّ يومٍ بإرنانٍ وإعوالِ
كأنَّما مِسْكة ٌ في تربة ٍ فُتِقَتْ من طيبِ عَرْفِكِ أو ناجودُ جِرْيالِ
لم يدفنوك به لكنّهم هرقوا وما دَرَوْا سَجْلَ إحسانٍ وإجمالِ
وإنَّني آنفٌ سَقْيَ السَّحابِ لهُ فتربة ٌ أنتَ فيها غيرُ مِمْحالِ
جادتْك من صلواتِ الله أوعية ٌ غزيرة ٌ ذاتُ إسجامٍ وإسبالِ
مُلِثَّة ُ الوَدْقِ تَسْري اللّيلَ أجمعَهُ فإنْ غَدتْ وصلتْ صُبحاً بآصالِ
لا مسَّ منك البِلَى ما مسَّ من بشَرٍ فإنْ بَلِيتَ فما معروفُكَ البالي
وناب عنك جميلٌ كنتَ تعمله حيثُ النَّجاءُ لمن ينجو بأعمالِ
فالذِّكرُ عندي مقيمٌ إنْ نُسِيتَ وإِنْ سُلِيتَ يوماً فغيري قلبُه السّالي