منتديات التاريخ المنسي
<div style="text-align: center;"><img src="https://i.servimg.com/u/f27/11/57/48/93/m0dy_n10.gif"><br></div>


منتديات التاريخ المنسي
<div style="text-align: center;"><img src="https://i.servimg.com/u/f27/11/57/48/93/m0dy_n10.gif"><br></div>

منتديات التاريخ المنسي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات التاريخ المنسيدخول

التاريخ المنسي


description????قصة الخضر عليه الصلاة والسلام مع سيدنا موسى

more_horiz
بسم الله الرحمن الرحيم
سيدنا الخضر عليه السلام الذي تجشم سيدنا موسى له عناء السفر الطويل الشاق
، ليلتقي به عند مجمع البحرين كي يكون له تابعا من أجل أن يتلقى على يديه
العلم . هل هو نبي أو رجل صالح ؟؟؟

قال صاحب مراقي السعود:

واختلف في خضر أهل الأصول ،،،
فقيل ولي أو نبي أو رسول ...
@والتحقيق في ذلك أنه نبي من أنبياء الله عليهم السلام، لم
نعلم إلى أي قوم بعث فيهم، ولم يرد لنا في خبر صحيح من قومه ، لأن
الأنبياء جميعا كان كل نبي يبعث في قومه خاصة ، إلا رسول الله محمد صلى
الله عليه وسلم فقد بعث نبيا رسولا للناس كافة بشيرا ونذيرا.
والأدلة على أن سيدنا الخضر عليه السلام نبي أدلة كثيرة منها:
الأول: قوله تعالى: (فوجد عبدا من عبادنا) ، والله
تعالى قد أطلق لفظ العبودية على الأنبياء جميعا ذلك لأنهم عليهم السلام هم
الذين يحققون أعلى درجات العبودية لله تعالى، فكأنه قال هم العباد
الحقيقيون، كما يقول السيد على أحد عبيده: هذا فلان هو عبدنا ، أي هو
عبدنا الذي نحبه ويستحق اسم العبودية الحقة ولله تعالى المثل الأعلى.
قال تعالى عن سيد الأنبياء: (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا
نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا
شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23)) وقال
تعالى: (إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى
عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ) وقال تعالى
عن سيدنا داود عليه السلام: (اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ
عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (17)) وقال تعالى عن
سيدنا أيوب عليه السلام: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى
رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41)) وقال
تعالى عن سيدنا نوح عليه السلام: (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ
فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (9)) وقال تعالى
عن سيدنا عيسى عليه السلام: (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ
الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30)) وقال تعالى عن سيد الخلق محمد :
(وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ
عَلَيْهِ لِبَدًا (19)) وقال تعالى عن سيدنا يوسف عليه السلام: (كَذَلِكَ
لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا
الْمُخْلَصِينَ (24)) وقال تعالى عن سيدنا نوح عليه السلام: (إِنَّهُ مِنْ
عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (81)) وقال تعالى عن سيدنا إبراهيم عليه
السلام: (إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111)) وقال تعالى عن
سيدنا موسى وهارون عليهما السلام: (إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا
الْمُؤْمِنِينَ (122)) وقال تعالى عن المرسلين جميعا عليهم السلام:
(وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171)
إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172)) وقال تعالى عن سيدنا إبْرَاهِيمَ
وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ عليهم السلام: (وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ
وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (45)) وقال
تعالى عن سيدنا عيسى أيضا: () إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا
عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (59)) وهكذا قال
تعالى هنا عن سيدنا الخضر عليه السلام: (فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ
عِبَادِنَا) . فهو عليه السلام عبد من عباد الله الذين هم أنبياء الله جل
وعلا.
الدليل الثاني: قوله تعالى: (آتيناه رحمة من عندنا)
والرحمة معنى من معاني النبوة. وقد أطلق الله تعالى اسم الرحمة على النبوة
قال تعالى: (وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ
مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31) أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ
...) يقول تعالى عن المشركين: أنهم اعترضوا على إيتاء الله تعالى شرف
النبوة لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، وقالوا أما كان الأجدر أن
تعطى النبوة إلى رجل من القريتين عظيم ويقصدون بالقريتين مكة والطائف، ألم
يجد سوى محمد الفقير اليتيم؟ ورد عليهم تعالى قولهم بأنهم هل هم الذين
إليهم أن يقسموا ويوزعوا النبوة على من شاءوا من البشر فالله أعلم حيث
يجعل رسالته، لأن ذلك ليس إليهم .
إذن فالرحمة هنا هي النبوة وقوله تعالى : (آتيناه رحمة) أي أعطيناه النبوة. فسيدنا الخضر إذن نبي من جملة الأنبياء.
الدليل الثالث: قوله تعالى: (وعلمناه من لدنا علما)
والعلم أيضا هو علم النبوة ، كما قال تعالى عن سيدنا داود وسليمان عليهما
السلام: () وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ
نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78)
فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آَتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ...)
إذن فهذا العلم هو علم النبوة، الذي آتاه الله سيدنا الخضر عليه السلام
كما آتاه داود وسليمان عليهما السلام ذلك لأن نبوة داود وسليمان لا يختلف
عليها اثنان.
إذن فسيدنا الخضر عليه السلام نبي كما كان داود وسليمان عليهما السلام نبيين كريمين.

الدليل الرابع: قوله تعالى على لسان سيدنا الخضر عليه السلام وهو
يرد على موسى عليه السلام اعتراضه عليه: (وما فعلته عن أمري) أي: وإنما
فعلته عن أمر الله تعالى عن طريق الوحي، لأنه لا سبيل إلى أمر الله
تعالىإلا عن طريق الوحي الموحى به إلى الأنبياء عليهم السلام، ولا يجوز
لكائن من كان أن يخرق سفن الناس فيتلفها، أو يقتل أي شخص بغير ذنب إلا
بأمر ووحي من الله تعالى، فثبت بذلك أن فعل سيدنا الخضر عليه السلام كان
بوحي من الله تعالى إليه ولا يوحي الله تعالى وحيا إلا إلى نبي من
الأنبياء عليهم السلام.

الدليل الخامس: قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري في سياق قصة سيدنا موسى مع سيدنا الخضر عليهما السلام: "فبينما
هما في السفينة إذ وقع عصفور على حافة السفينة فنقر نقرة في الماء فقال
الخضر لموسى أرأيت ذلك العصفور؟ قال : نعم، قال: كم أخذ في منقاره من ماء
البحر؟ قال: قليل جدا، فقال الخضر: ما علمي وعلمك في علم الله إلا كما أخذ
هذا العصفور من البحر، يا موسى ! أنت على علم علمكه الله لا أعلمه أنا،
وأنا على علم علمنيه الله لا تعلمه أنت".

فدل ذلك على أن كل من سيدنا موسى والخضر عليهما السلام نبي موحى إليه بعلم
من قبل الله تعالى وكل له علمه الخاص به الذي لم يطلع عليه الآخر.
@العلم اللـَّـدُنـِّي
قال المتصوفة: إن الخضر عليه السلام آتاه الله العلم اللدني، وهو علم خاص بالأولياء. فما هو هذا العلم اللدني؟

قال أهل التصوف : إن الخضر ولي، وأنا أقول : إن الخضر عليه السلام نبي
طبقا لما مضى معنا من الأدلة، وكل نبي ولي بل وزيادة، وليس كل ولي نبيا.
فالنبي أفضل وأعظم من الولي، وأين الثرى من الثريا؟؟؟
ثم قالوا : إن الله أعطى سيدنا الخضر عليه السلام العلم ، الذي هو العلم
(اللـَـدُنـِّي)، ويقصدون قول الله تعالى: (وعلمناه من لدنا علما) فسموه
العلم (اللـَـدُنـِّي)، وقالوا : إن العلم (اللـَـدُنـِّي) يعطيه الله
أولياءه من غير معلم، وقالوا: الأولياء ليسوا في حاجة إلى علوم الأنبياء
مادام أن الله وهبهم ذلك العلم (اللـَـدُنـِّي). مثل سيدنا الخضر عليه
السلام فهم يعتبرون الخضر وليا وليس نبيا، ويمكن للولي أن يستغني عن علوم
الأنبياء، وهذه طامة كبرى سماها الإمام القرطبي زندقة وكفر يقتل قائلها
ولا يستتاب !!!

ونحن نقول: إن الخضر عليه السلام نبي, وعلوم جميع الأنبياء علوم
لدُنـِّيَّة، فعلم الأنبياء والمرسلين علم لدُنـِّي، ولدُنـِّي أي من
لـَـدُن الله تعالى أي من عنده جل وعلا.
والدليل على ذلك قول الله جل وعلا: (كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ
أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آَتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا
(99)) طه والذكر هو القرآن الكريم، وكل ما تعلق به ، فهو العلم
(اللـَـدُنـِّي) لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك السنة هي علم لدني
من الله تعالى له ليفسر بها الكتاب العزيز ويوضح أحكامه ويبينه للناس.
وقال تعالى أيضا: (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآَنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ
عَلِيمٍ (6)) النمل ، وقال تعالى: (الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ
ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1)) هود . وهكذا كل علم
أعطاه الله أنبياءه ورسله فهو من لدن الله جل وعلا.

ومن هنا نعلم أن المعنى الصحيح للعلم (اللـَـدُنـِّي) أنه هو علم الوحي،
أي علم يؤيته الله أنبياءه ورسله عليهم السلام عن طريق الوحي وليس ما
يدعيه الصوفية للأولياء من أنه علم بدون معلم وبدون علوم الأنبياء،
وأحيانا يسمونه إلهاما. ولا يمكن للولي أن يستغني أبدا عن علوم الأنبياء
ذلك لأن الولي لا ينزل عليه الوحي، ومن ادعى أنه ينزل عليه علم لدني غير
ما ورد عن الله وعن رسوله فهو كاذب، بل هو زنديق خارج من ملة الإسلام.
فالعلم (اللـَـدُنـِّي) إذن هو علم الكتاب والسنة الذي تحكمه الشواهد
والأدلة، وإلا فكل مدعي سيدعي أن الله أعطاه علما من لدنه يخالف علم
الكتاب والسنة يكون متبوعا وهذا محال.

قال ابن القيم: "ونحن نقول: إن العلم الحاصل بالشواهد والأدلة، هو العلم
الحقيقي، وأما ما يدعى حصوله بغير شاهد ولا دليل، فلا وثوق به (وليس
بعلم). نعم قد يقوى العلم الحاصل بالشواهد ويتزايد، بحيث يصير المعلوم
كالمشهود، والغائب كالمعاين، وعلم اليقين كعين اليقين، فيكون الأمر شعورا
أولا، ثم تجويزا، ثم ظنا، ثم علما، ثم معرفة، ثم علم يقين، ثم حق يقين، ثم
عين يقين، ثم تضمحل كل مرتبة في التي فوقها، بحيث يصير الحكم لها دونها،
فهذا حق.

"وأما دعوى وقوع نوع من العلم بغير سبب من الاستدلال، فليس بصحيح، فإن
الله سبحانه ربط التعريفات بأسبابها، كما ربط الكائنات بأسبابها، ولا يحصل
لبشر علم إلا بدليل يدله عليه، وقد أيد الله سبحانه رسله بأنواع الأدلة
والبراهين التي دلتهم على أن ما جاءوا به هو من عند الله، ودلت أممهم على
ذلك. وكان معهم أعظم الأدلة والبراهين على أن ما جاءهم هو من عند الله،
وكانت براهينهم أدلة وشواهد لهم وللأمم، فالأدلة والشواهد التي كانت لهم،
ومعهم: أعظم الشواهد والأدلة، والله تعالى شهد بتصديقهم بما أقام عليه من
الشواهد، فكل علم لا يستند إلى دليل فدعوى لا دليل عليها، وحكم لا برهان
عند قائله. وما كان كذلك لم يكن علما، فضلا عن أن يكون لدنيا.

"فالعلم اللدني: ما قام الدليل الصحيح عليه، أنه جاء من عند الله على لسان
رسله، وما عداه فلدني : يعني: من لدن نفس الإنسان، منه بدأ وإليه يعود.

"وقد انبثق سد العلم اللدني، ورخص سعره، حتى ادعت كل طائفة أن علمهم لدني.
وصار من تكلم في حقائق الإيمان والسلوك وباب الأسماء والصفات بما يسنح له،
ويلقيه شيطانه في قلبه، يزعم أن علمه لدني!! [كما يدعيه علماء المتصوفة]
فملاحدة الاتحادية، وزنادقة المنتمين إلى السلوك يقولون: إن علمهم لدني!
وقد صنف في العلم اللدني متهوكو المتكلمين، وزنادقة المتصوفين، وجهلة
المتفلسفين، وكل يزعم أن علمه لدني! وصدقوا وكذبوا، فإن "اللدني" منسوب
إلى "لدن" بمعنى "عند"، فكأنهم قالوا: العلم العندي، ولكن الشأن فيمن هذا
العلم من عنده ومن لدنه، وقد ذم الله تعالى بأبلغ الذم من ينسب إليه ما
ليس من عنده كما قال تعالى: (ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله
ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون)، وقال تعالى: (فويل للذين يكتبون
الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله) وقال تعالى: (ومن أظلم ممن
افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء) فكل من قال: هذا
العلم من عند الله ـ وهو كاذب في هذه النسبة ـ فله نصيب وافر من هذا الذم.
وهذا في القرآن كثير، يذم الله سبحانه من أضاف إليه ما لا علم به، ومن قال
عليه ما لا يعلم. ولهذا رتب سبحانه المحرمات أربع مراتب، وجعل أشدها القول
عليه بلا علم، فجعله آخر مراتب المحرمات التي لا تباح بحال، بل هي محرمة
في كل ملة، وعلى لسان كل رسول، فالقائل: إن هذا علم لدني" لما لا يعلم به
من عند الله، ولا قام عليه برهان من الله أنه من عنده: كاذب مفتر على
الله، وهو من أظلم الظالمين، وأكذب الكاذبين" .
كان هذا نقلا عن ابن القيم رحمه الله تعالى ولنتابع الآن زنادقة المتصوفة ماذا يقولون عن هذا العلم:

يقول شهاب الدين السهروردي البغدادي:
فصار لهم بمقتضى ذلك علوم يعرفونها وإشارات يتعاهدونها، فحرروا لنفوسهم
اصطلاحات تشير إلى معانٍ يعرفونها وتعرب عن أحوال يجدونها، فأخذ ذلك الخلف
عن السلف، حتى صار ذلك رسماً مستمراً وخبراً مستقراً في كل عصر وزمان...
[عوارف المعارف، هامش إحياء علوم الدين: (1/303)] .
ويقول: ... وربما يتراءى له أنه بالله يصول وبالله يقول وبالله يتحرك، فقد
ابتلى بنهضة النفس ووثوبها، ولا يقع هذا الاشتباه إلا لأرباب القلوب
وأرباب الأحوال، وغير أرباب القلب والحال عن هذا بمعزل، وهذه مزلة قدم
مختصة بالخواص دون العوام فاعلم ذلك....... [عوارف المعارف، هامش الإحياء
(2/99)] .
ويقول محيي الدين بن عربي:
وهذا الفن من الكشف والعلم يجب ستره عن أكثر الخلق لما فيه من العلو،
فغوره بعيد، والتلف فيه قريب، فإن من لا معرفة له بالحقائق ولا بامتداد
الرقائق، ويقف على هذا المشهد من لسان صاحبه المتحقق به، وهو لم يذقه،
ربما قال: أنا من أهوى ومن أهوى أنا، فلهذا نستره ونكتمه.... [رسائل ابن
عربي، كتاب الفناء، (ص/4] .

والملاحظ عند الزنادقة أنهم يقولون عن علومهم أنها خاصة بهم و بها يستغنون
عن ما جاءت به الرسل من عند الله فهذه أحكام للعامة ، أما هم فأمرهم أجل
أعظم أن يكونوا مثل الناس.

@ـــ ما هو حكم من يدعي أن أحكام القرآن للأنبياء والعامة وأن العلم اللدني الباطني الذي تلقاه الأولياء هو للخاصة من الأولياء؟.
قال الشنقيطي رحمه الله تعالى: "قال القرطبي – رحمه الله في تفسيره – ما
نصه : "قال شيخنا أبو العباس : " ذهب قوم من زنادقة الباطنية إلى سلوك
طريق لا تلزم هذه الأحكام الشرعية فقالوا : هذه الأحكام الشرعية العامة،
إنما يحكم بها على الأنبياء والعامة، وأما الأولياء وأهل الخصوص، فلا
يحتاجون إلى تلك النصوص، بل إنما يراد منهم ما يقع في قلوبهم، ويحكم عليهم
بما يغلب عليهم من خواطرهم، وقالوا: وذلك لصفاء قلوبهم عن الأكدار، وخلوها
عن الأغيار، فتتجلى لهم العلوم الإلهية، والحقائق الربانية، فيقفون على
أسرار الكائنات، ويعلمون أحكام الجزيئات، فيستغنون بها عن أحكام الشرائع
الكليات. كما اتفق للخضر فإنه استغنى بما تجلى له من العلوم، عما كان عند
موسى من تلك الفهوم، !!! وقد جاء فيما ينقلون : "استفت قلبك وإن أفتاك
المفتون" .

قال شيخنا رضي الله عنه: وهذا القول زندقة وكفر يقتل قائله ولا يستتاب
لأنه إنكار ما علم من الشرائع؛ فإن الله تعالى قد أجرى سنته، وأنفذ حكمته،
بأن أحكامه لا تـُعلم إلا بواسطة رسله السفراء بينه وبين خلقه، وهم
المبلغون عنه رسالته وكلامه، المبينون شرائعه وأحكامه، اختارهم لذلك،
وخصهم بما هنالك، كما قال تعالى: (الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس
إن الله سميع بصير) [لحج/75]

وقال تعالى: (الله أعلم حيث يجعل رسالته) [الأنعام/124] ، وقال تعالى:
(كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين) [البقرة/ 213] .
إلى غير ذلك من الآيات ، وعلى الجملة فقد حصل العلم القطعي واليقين
الضروري واجتماع السلف والخلف على أن لا طريق لمعرفة أحكام الله تعالى
التي هي راجعة إلى أمره ونهيه ولا يعرف شيء منها إلا من جهة الرسل فمن
قال: إن هناك طريقا أخرى يعرف بها أمره ونهيه غير الرسل بحيث يستغنى عن
الرسل فهو كافر يقتل ولا يستتاب، ولا يحتاج معه إلى سؤال ولا جواب، ثم هو
قول بإثبات أنبياء بعد نبينا عليه الصلاة والسلام الذي قد جعله الله خاتم
أنبيائه ورسله فلا نبي بعده ولا رسول.
وبيان ذلك أن من قال يأخذ عن قلبه وأن ما يقع فيه حكم الله تعالى وأنه
يعمل بمقتضاه وأنه لا يحتاج مع ذلك إلى كتاب ولا سنة فقد أثبت لنفسه خاصة
النبوة فإن هذا نحو ما قاله عليه الصلاة والسلام : "إن روح القدس نفث في
روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها ..." الحديث ، انتهى من
تفسير القرطبي.

@@@@@@@@@@@@@@@
@ـــ هل الخضر حي إلى الآن أم أنه قد مات؟؟؟

وقال القرطبي: المسألة الرابعة: ذهب الجمهور من الناس إلى أن الخضر مات صلى الله عليه وسلم.
قاله البخاري وطائفة من أهل الحديث منهم أبو بكر ابن العربي رحمه الله
تعالى قالوا: إنه قد مات قبل انقضاء المائة سنة ، من قوله عليه الصلاة
والسلام: "إلى رأس مائة عام لا يبقى على هذه الأرض ممن هو عليها أحد" يعني
من كان حياً حين قال هذه المقالة.
وقالت فرقة: بل هو حي لأنه شرب من عين الحياة، وأنه باق في الأرض، وأنه
يحج البيت. وهذا قول غير صحيح ولا دليل يدل عليه، قال ابن عطية : وقد أطنب
النقاش في هذا المعنى، وذكر في كتابه أشياء كثيرة عن علي بن أبي طالب
وغيره، وكلها لا تقوم على ساق. ولو كان الخضر عليه السلام حياً يحج لكان
له في ملة الإسلام ظهور، ومما يقضي بموت الخضر عليه السلام الآن قوله عليه
الصلاة والسلام الذي ذكرنا آنفا: "أرأيتكم ليلتكم هذه فإنه لا يبقى ممن هو
اليوم على ظهر الأرض أحد" . قلت: إلى هذا ذهب البخاري واختاره القاضي أبو
بكر بن العربي.

ــ وإليكم تفصيل الأدلة:
الأدلة على أن الخضر عليه السلام قد مات :
الخضر مات لا شك في ذلك، والدليل على ذلك أربعة أشياء: القرآن، والسنة، وإجماع المحققين، والمعقول.

@إبطال حجة القائلين بأن الخضر عليه السلام لم يزل حيا حتى اليوم:
لو استعرضنا أدلة القائلين بأن الخضر لم يزل إلى اليوم حي، فإننا لن نجد
دليلا واحدا يعتمد عليه، وأقوى ما ذكروه ويذكرونه ما ذكره ابن عساكر في
تاريخ دمشق بسند صحيح عن أبي زرعة الرازي وهو أحد الأعلام الكبار والجبال
الرواسي في الحفظ رحمه الله قال: قابلني رجل في الطريق شيخاً له هيئة
وسمة، قال لي: يا غلام، لا تغشى أبواب الأمراء والسلاطين ثم غاب عني، ثم
لقيني بعد ما كبرت بنفس هيئته، فقال: ألم أنهك أن تأتي أبواب السلاطين،
قال: وما رأيته بعد ذلك. قال أبو زرعة : فوقع في قلبي أنه الخضر. وليس هذا
بدليل؛ إذ أننا نقول: كيف عرفت أنه الخضر؟ قالوا: لأنه قال: لم أره بعد
ذلك، أي: أنه اختفى في الحال، بمجرد أن قال له هاتين الكلمتين اختفى وبعد
ذلك ما رآه. فنقول: هل قول أبي زرعة : (لم أره بعد ذلك) يحتمل هذا فقط، أم
يحتمل أنه لم يقابله بعد ذلك؟ الجواب: يحتمل الاثنين، إذاً: لماذا أخذت
هذا وتركت ذاك؟ كما يقولون: ليس حباً في علي ولكن بغضاً في معاوية . هم
يبحثون عن أي دليل، ونحن نذكر (أدلتهم) تجوزاً، وإلا فهي على رسم جميع
العلماء ليست أدلة، فلو تجوزنا وقلنا: هي دليل فهي كالمنخنقة والموقوذة
والمتردية والنطيحة، لا تقف منها على شيء، وغالب أدلتهم هكذا، فإن كان
هناك قطاع من أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم خرج بهذا الباب من الدين،
ودخل هذا المهيع إلى باب الشرك وعدم الاعتماد على الله تبارك وتعالى
والانسلاخ من الشريعة، فكيف يقال: إن القول بحياة الخضر أو عدم القول به
مسألة هامشية. أحياناً يدخل رجل مريض المستشفى، وبرغم أنهم يعلمون أنه ميت
إلا أنهم لا يتركون صغيراً أو كبيراً من أسباب العلاج إلا طرقوه، لِمَ
تفعلون ذلك؟ يقولون: هذا حياة إنسان، وإذا جئت أنا وتكلمت في الطب قالوا:
اترك ليس هذا تخصصك، وإذا تكلمت في الطب ولبست لباس الأطباء وعلقت سماعة،
ودخلت بالمعلومات العامة عندي وفتحت عيادة، وكشفوني متلبساً بأنني طبيب
ولست بطبيب يحكمون علي بالأشغال الشاقة المؤبدة، لماذا؟ لأن هذا تتعلق به
أرواح الناس. فإذا كنتم تعاملون أرواح الناس هذه المعاملة أفلا تعاملون
دين الخلق بأجل مما تعاملون أبدانهم؟ إن إنقاذ إنسان من الكفر أفضل من
إنقاذ عشرة أبدان من الموت، فنحن بإغلاقنا هذا الباب نحل العقدة الثانية
من حبل الزندقة. لا يقولن قائل: إن الكلام في النهي عن الصلاة في المساجد
التي فيها قبور، أو في النهي عن الاستعانة بغير الله تبارك وتعالى، أو في
النهي عن اتباع غير النبي صلى الله عليه وسلم هي مسائل هامشية، بل هذا هو
النخاع واللب وما سوى ذلك هي المسائل الهامشية.

@ـــ بطلان الإجماع المزعوم على أن الخضر حي إننا
نقطع أن الخضر عليه السلام قد مات، وأنه لا وجود له، وأن أية دعوى للإجماع
ينقلها أي عالم في الدنيا على أن الخضر حي هي دعوى بلا دليل، ونحن رأينا
كما يقول العلماء وفي مقدمتهم شيخ الإسلام ابن تيمية من المتأخرين، ومن
المتقدمين الإمام أحمد بن حنبل قال: (من ادعى الإجماع فقد كذب، وما يدريه
لعل الناس اختلفوا). أي: من ادعى الإجماع برسمهم الموجود في أصول الفقه من
أنه لا يتخلف عن هذا الإجماع عالم مجتهد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم،
وما يدريك؟ وهل تعلم جميع المجتهدين في الكرة الأرضية حتى تقول: هذا أمر
مجمع عليه؟ لذلك صار الإجماع المنقول في كتب الفقه هو عدم المعرفة
بالمخالف فقط لا أنه الإجماع المعروف في الأصول. هذا هو الإجماع الذي
يذكره العلماء، فإذا قيل: وهذه المسألة قال العلماء فيها كذا بالإجماع، لا
تتصور أنه أجمع كل إنسان في الدنيا، لا بل المراد: لا نعلم مخالفاً لهذا
القول فيذكره إجماعاً على سبيل التسامح والتجاوز. فدعوى إجماع العلماء أو
إجماع الأمة على أن الخضر عليه السلام موجود كما نرى ذلك في الكتب هي دعوى
بلا دليل. لكن المكابر لا يسلم بالحق ولو شهدت عليه أعضاؤه، والسعيد من
اتعظ بغيره، والمنصف يكفيه أقل من هذا.

ـــ فإذا كان بيننا من يعتقد أن الخضر حي ويأخذ منه دينه فهذا خرج من
الإسلام من باب واسع، ونحن لو سلمنا أن الخضر حي وأنه يفتي فتاوى لما جاز
أن تتلقى منه فتوى ينفرد بها عن غيره من العلماء عندنا، فالخضر عليه
السلام هو تابع لنبينا صلى الله عليه وسلم حتى وإن كان نبياً، والقائلون
بحياته يستحيل أن يتخلصوا من هذا، إذ ليس من الممكن أن يكون نبياً منفرداً
بذاته والنبي عليه الصلاة والسلام موجود عمت رسالته الخافقين.

@أولا : أدلة القرآن الكريم على أن الخضر قد مات: 1ــ
أما القرآن: فقد قال الله تبارك وتعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: (وَمَا
جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِينْ مِتَّ فَهُمُ
الْخَالِدُونَ) [الأنبياء:34] أي: إن كتبنا عليك الموت مع جلالتك وقربك
منا واصطفائنا إياك وأنت سيد ولد آدم ولا فخر، وأنت أول من يهز حلق الجنة،
وأول من تنشق عنه الأرض، وأول من يدخل الجنة من النبيين بل من الخلق، وأول
شافع ومشفع، أفإن مت يكون هؤلاء الذين لم تتوفر لهم هذه الصفات هم
الخالدون. ونحن نسأل: هل الخضر بشر أم جني؟ لا يشك أحد أنه بشر، فإن كان
من البشر شمله عموم الآية بل لا شك في ذلك عند جميع العلماء: (وَمَا
جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِينْ مِتَّ فَهُمُ
الْخَالِدُونَ) [الأنبياء:34] إن كان من البشر شملته الآية: (كُلُّ نَفْسٍ
ذَائِقَةُ الْمَوْتِ) [آل عمران:185] ولفظة (كل) عند العلماء: تفيد العموم
ولم يخرج عن هذا العموم أحد -أي: في الدنيا- إلا إبليس لعنه الله، وعيسى
عليه السلام بدلالة النص الخاص بكل منهما. ولو أخذنا الآية على جميع
أفرادها وجميع زمانها صار الكل فانياً.
2ــ الدليل الثاني من القرآن، قوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ
مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ
جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ
وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ
إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ
الشَّاهِدِينَ) [آل عمران:81]. والخضر نبي كما قدمنا: (وَإِذْ أَخَذَ
اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ) [آل عمران:81] فلا شك أنه داخل في هذه
الجملة، ولا نعلم في حديث صحيح ولا حسن ولا ضعيف ضعفاً منجبراً أن الخضر
جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به وصدقه وجاهد معه، فأين كان؟ وقد
أخذ الله الميثاق على جميع الأنبياء الذين يأتي النبي صلى الله عليه وسلم
وهم أنبياء أخذ عليهم الميثاق أنه إذا ظهر هذا النبي الخاتم صلى الله عليه
وسلم أنه يجب عليهم أن يأتوه ويعزروه وينصروه، فإن كان الخضر حياً فأين
كان؟ ولماذا لم يأت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تنفيذا للميثاق الذي
أخذه الله عليه؟؟ أليس هذا من الطعن في الخضر وأنه خالف ميثاق الله عز وجل
ولم يجد لنصرة النبي عليه الصلاة والسلام، أليس القول ببقائه من باب الطعن
فيه؟ بلى. وبهذا احتج ابن الجوزي رحمه الله على أن الخضر مات.

@ثانيا: أدلة السنة على أن الخضر قد مات :
1ــ السنة المطهرة: وبها احتج الإمام البخاري رحمه الله على موت الخضر،
وقد روى أصحاب الصحاح هذا الحديث من حديث ابن عمر وأبي سعيد الخدري وجابر
بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهم وكلها موجودة في صحيح مسلم، وبعضها في
صحيح البخاري أن النبي عليه الصلاة والسلام قال قبل أن يموت بشهر واحد
وهذا التحديد وقع في رواية جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال عليه
الصلاة والسلام: "أرأيتكم ليلتكم هذه؟ ليس على ظهر الأرض أحد ممن هو عليها
اليوم بعد مائة عام"، أي: بدءاً من هذه الليلة جميع الموجودين على الكرة
الأرضية بعد مائة عام لا يكون أحد منهم حي. وفي اللفظ الآخر: "ما من نفس
منفوسة تمر عليها مائة عام وهي على ظهر الأرض حية يومئذٍ". والعجيب أن
الذين ردوا هذا الحديث قالوا: إن الخضر يعيش في البحر فلذلك الحديث لا
يشمله، وهذا من المضحك المبكي الموجع، وهل هناك دليل على أنه في البحر؟
ولِمَ لم تقل: إنه في السماء؟ أليس من المضحك أن ترد الأحاديث الصحيحة
بمثل هذا الباطل الذي لا يعجز عنه أحد، كل إنسان يستطيع أن يغفل دلالة
القرآن الكريم والسنة المنزلة بمثل هذه الأقوال، أما نحن فنأتيكم بأدلة
ناصعة كالشمس في رابعة النهار، ونؤصل أدلتنا ونسندها ونصححها، فهلا أبرزتم
لنا دليلاً واحداً ارتقيتم به إلى النبي صلى الله عليه وسلم في مواجهة
الأدلة التي نأتي بها؟ ما عندهم شيء وإنما قالوا: هو في البحر، ولو أن
الحديث قال: هو في البحر لقالوا: هو في الأرض، ولو أن الحديث قال: في
البحر والأرض لقالوا: في السماء، فلابد من أن يأتوا بجهة ليست موجودة في
الحديث. وقد استدل بهذا الإمام البخاري على أن الخضر مات، إذ لو سلمناً
جدلاً أنه كان موجوداً في زمان النبي عليه الصلاة والسلام فبدلالة هذا
الحديث هو ميت لا محالة بعد مائة عام، ويستحيل أن يكون موجوداً بعد مائة
عام. فالذين يقولون بعد المائة الأولى: رأينا الخضر وسمعنا الخضر وكلمنا
الخضر! هم كــــــــــــــــذبة،
والمحققون كالإمام مسلم وغيره استدلوا بهذا الحديث على انقطاع الصحبة بعد
مائة عام. فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام هذا الحديث في السنة العاشرة
للهجرة، فإذا اعتبرت أنه بعد مائة عام من هذه المقالة لا يوجد أحد ممن
يعيش على ظهر الأرض، فإذاً: نقطع بأن الصحابة جميعاً سيكونون قد ماتوا
بتمام سنة (110هـ)، وكان آخر صحابي مات كما قال مسلم هو أبو الطفيل عامر
بن واثلة مات سنة (110هـ) وهذا تصديق للحديث من أنه لا يوجد أحد بعد مائة
عام من هذه المقالة. لذلك ادعى جماعة الصحبة بعد سنة (100هـ) وقالوا: بل
إنهم رأوا النبي عليه الصلاة والسلام، فكذبهم أهل العلم وقالوا لهم: لستم
صحابة ولم تروه؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: "ما من نفس منفوسة
تمر عليها مائة عام وهي على ظهر الأرض حية يومئذٍ". فلو سلمنا جدلاً أن
الخضر حي فهو بعد سنة (110هـ) يستحيل أن يكون حياً، فهذا دليل من السنة.
2ــ ودليل آخر: في غزوة بدر لما جأر النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه وقد
رأى أصحابه ضعافاً أذلة يقتسمون التمرات، وحالة الفقر عليهم ظاهرة، مشردون
وهم سيقابلون عتاة قريش الذين خرجوا لأجل الحرب، وهؤلاء ما خرجوا لأجل
الحرب، وما عندهم استعداد, نظر إليهم ورثى لحالهم، ودعا الله قائلا:
"اللهم نصرك الذي وعدت، اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض" وقد
اتفق العلماء أن عدة من كان موجوداً من الصحابة يوم بدر ثلاثمائة وثلاثة
عشر رجلاً معروفون بأسمائهم، وهم الذين يطلق عليهم العلماء: البدريون، وهم
غرة في جبين الإسلام والمسلمين، حسبهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"لعل الله اطلع إلى أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم" وأن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يدخل النار أحد شهد بدراً والحديبية".
ومن هذا أن حاطب بن أبي بلتعة كان يقسو على غلامه ويضربه، فذهب الغلام
يشكوه إلى النبي عليه الصلاة والسلام وكان حاطب ممن شهد بدراً، فقال غلام
حاطب للنبي عليه الصلاة والسلام: "والله يا رسول الله ليدخلن حاطب النار
-أي: بقسوته عليَّ- فقال النبي عليه الصلاة والسلام: كذبت، لقد شهد
بدراً". وهؤلاء البدريون ينسبون إلى هذه الغزوة المباركة، فيقال: أبو
مسعود البدري ولا يقال: فلان الأحدي ولا الخندقي ولا التبوكي ولا
الرضواني، لا ينسب أحد إلى غزوة قط إلا إلى بدر؛ لجلالها وشرفها؛ لذلك حصر
العلماء من كان فيها. فإن كان الخضر حياً أكان ممن يعبد الله أم لا؟ لا شك
أنه ممن يعبد الله، فكيف قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم إن تهلك
هذه العصابة لا تعبد في الأرض"؟ فلا يستثني الخضر ولا غيره، فهذا دليل
دلالة قاطعة على أن الخضر غير موجود، هذا من السنة.
3ــ ودليل آخر: هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لو
أن موسى كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني" يعني: لو أن سيدنا موسى عليه
السلام كان حيا في زمن سيدنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم كان يجب
عليه أن يأتي إليه ويكون تابعا له، فكيف يكون حيا ولا يصلي مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم الجمعة ولا الجماعة؟ ولا يجاهد معه في سبيل الله؟؟
ألا ترى أن عيسى عليه السلام إذا نزل إلى الأرض يصلي خلف إمام هذه الأمة
ولا يتقدم لئلا يكون ذلك خدشا في نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم.

@ثالثا: الإجماع على موت الخضر قال
الإمام أبو إسحاق الحربي: ما ألقى هذا بين الناس إلا الشيطان. وكذا قال
الإمام أحمد بن حنبل وأبو الحسين بن المنادي والإمام البخاري وابن الجوزي
وابن كثير وابن تيمية وكذا قال الإمام الحافظ ابن حجر ، في آخرين يطول
المقام بذكرهم، فهؤلاء أجمعوا، وقد قلت: إجماع المحققين، ولم أقل: إجماع
الأمة، حتى لا يقول قائل: إن فلاناً من العلماء رحمه الله يقول: إنه حي،
بل إجماع العلماء المحققين على أن الخضر مات.

@رابعا: دلالة العقل على موت الخضر : ــ أما المعقول فمن أوجه:
1ــ الوجه الأول: أن الذين ادعوا أن الخضر حي زعموا أنه من ولد آدم لصلبه،
أي: أنه من صلب آدم، وهذا باطل؛ لأن الذين يدعون أنهم رأوا الخضر يصفونه
بأنه إنسان عادي، جسمه جسم رجل مقبول، وفي الصحيحين أن النبي صلى الله
عليه وآله وسلم قال: "خلق الله عز وجل آدم طوله ستون ذراعاً، فلا يزال
الخلق يتناقص إلى يوم القيامة" فمن كان من ذرية آدم من صلبه سيأخذ خصائصه
من كون طوله ستين ذراعاً، كما كان طول آدم عليه السلام، والذين يزعمون
أنهم قابلوا الخضر يقولون: إن بدنه بدن رجل عادي. 2ـ ثانياً: لو كان من
صلب آدم لكان له عدة ألوف من السنين، فكيف يخلو القرآن الكريم من ذكر مثل
هذا الأمر الخارق الذي هو من أدل الأشياء على ربوبية الله تبارك وتعالى؟
وقد ذكر الله تبارك وتعالى نوحاً عليه السلام الذي دعا قومه ألف سنة إلا
خمسين عاماً وجعل هذا من آيات ربوبيته، لأن هذا العمر يذكر ولا يذكر ستة
آلاف أو سبعة آلاف أو ثمانية آلاف سنة!! ولئن قلنا: إن القرآن الكريم لا
يذكر كل شيء أفتخلو السنة المطهرة من حديث واحد صحيح أو حسن ينبه على أبهر
آيات الربوبية؟
3ـ ثالثاً: لو كان من ولد آدم لصلبه لكان من الذين ركبوا مع نوح في السفينة، ولم يذكر هذا أحد قط.

4ـ رابعاً: لو ركب مع نوح في السفينة لمات، فلقد ثبت أن جميع من كان في
السفينة مع نوح ماتوا بدلالة قول الله عز وجل: وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ
هُمُ الْبَاقِينَ [الصافات:77] ومعنى هذا أن غر ذرية نوح لم يبق منهم أحد.
فإن كان الخضر من ذرية آدم فيستحيل أن يكون حياً؛ لأن الذي بقي هو ذرية
نوح فقط، فهذا يدل دلالة قاطعة على أنه لم يكن من صلب آدم.
5ـ خامسا: ثم الخضر عليه السلام لو كان حياً ألا يجب عليه أن يأتي النبي
صلى الله عليه وسلم فيسلم بين يديه ويجاهد معه ويصلي معه الجماعة والجمعة
خلفه، وقد قال الله تبارك وتعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: (قُلْ يَا
أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا)
[الأعراف:158] أليس الخضر من الناس؟ فإن كان حياً إبان بعثة النبي صلى
الله عليه وسلم ولم يأته ولم يجاهد معه ولم يسلم بين يديه كان ذلك من أعظم
الطعن عليه، وقد جعل النبي عليه الصلاة والسلام الهجرة واجبة إلى المدينة
على من يستطيع، وقد قال الله تبارك وتعالى للمسلمين: (فَلا تَتَّخِذُوا
مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا) [النساء:89] لأن الهجرة كانت
واجبة على الأعيان؛ لأن المدينة دار الإسلام الوحيدة آنذاك وكان يجب
الهجرة إليها، فلما فتحت مكة ولم تعد المدينة هي الدار الوحيدة قال النبي
صلى الله عليه وسلم: (لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية) أي: أن الهجرة
الواجبة على الأعيان أغلقت وتوقفت بعد الفتح. فإن كانت الهجرة واجبة على
المسلمين الذين يقيمون في مكة، ونهى الله تبارك وتعالى المسلمين أن
يتخذوهم أولياء حتى يهاجروا فأين كان الخضر؟ ولم لم يذهب إلى النبي عليه
الصلاة والسلام؟

6 ــ سادساً: أيقول الخضر عليه السلام لموسى كليم الله وأحد أولي العزم:
(هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ) [الكهف:78]، ثم يدور مع الجهال
والمغفلين الذين لا يصلون ولا يزكون، وإن فعلوا فهم يتمسكون بالإسلام بحبل
واهٍ ضعيف. هل هذا إلا من أعظم الطعن في الخضر أن يلتقي بهؤلاء الجهلة
ويدور معهم في الفلوات يسبح ويفارق كليم الله ويقول: (هَذَا فِرَاقُ
بَيْنِي وَبَيْنِكَ) هذا مستحيل.

ونختم هنا بقول الإمام ابن الجوزي رحمه الله ، حيث قال: أن القول بحياة
الخضر قول على الله بلا علم وذلك حرام بنص القرآن. أما المقدمة الثانية
فظاهره، وأما الأولى فإن حياته لو كانت ثابتة لدل عليها القرآن أو السنة
أو إجماع الأمة، فهذا كتاب الله تعالى فأين فيه حياة الخضر وهذه سنة رسول
الله صلى الله عليه وسلم فأين فيها ما يدل على ذلك بوجه وهؤلاء علماء
الأمة هل أجمعوا على حياته.

description????رد: قصة الخضر عليه الصلاة والسلام مع سيدنا موسى

more_horiz
بارك الله فيكي على المجهود المبذول

description????رد: قصة الخضر عليه الصلاة والسلام مع سيدنا موسى

more_horiz
بارك الله فيك على الموضوع القيم
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد