شيوخ يعترضون.. ويؤكدون حرمة الصوت والجسد
عالم أزهري يجيز تجسيد "صوت" الصحابة بمسلسل ديني
المخرج الاردني الدوايمه
عالم أزهري يجيز تجسيد "صوت" الصحابة بمسلسل ديني
المخرج الاردني الدوايمه
- علماء يعتبرونه "حراما"
- لا سلطان للأزهر على المسلسل
- المخرج الأردني يتمنى
علماء يتوقعون رفض الأزهر لمسلسل المخرج الأردني إذا عرض عليه
منى مدكور، خالد أبو زيد – mbc.net
أيد عالم أزهري طلب المخرج الأردني محمود الدوايمة بإذاعة صوت الصحابة في مسلسل ديني تاريخي حول الخلفاء الراشدين، لكنّ علماء آخرين رفضوا هذه الإجازة، معتبرين أن حرمة تجسيد شخصيات الصحابة تمتد إلى أصواتهم، وأكدوا أن الأزهر سيرفض الأمر حال عرضه عليه من المخرج.
كان المخرج الأردني الشاب محمود الدوايمة قد كشف لـmbc.net أنه سيتوجه بنص مسلسل تاريخي ضخم إلى الجامع الأزهر والمجلس الأعلى الشيعي في لبنان للحصول على فتوى تجيز إذاعة صوت الخلفاء الراشدين في هذا العمل الذي يحمل اسمهم، ويبدأ في تصويره العام المقبل.
وفجر الدكتور محمود عاشور وكيل الأزهر السابق وعضو مجمع البحوث الإسلامية مفاجأة من العيار الثقيل عند تعليقه على طلب المخرج الأردني قائلا لـmbc.net: "لا مانع من تجسيد شخصيات الصحابة رضوان الله عليهم من خلال الصوت".
وأضاف: "جرى رأي العلماء على أن التجسيد الجسدي من خلال الشخوص هو الذي تعد فيه حرمة، ولكن التجسيد من خلال الصوت فقط لا مانع منه على اعتبار أن الممثل لن يظهر بهيئته، فيرتبط لدى المشاهد العادي شخصية الصحابي الجليل بشكل وملامح هذا الممثل، فضلا عما إذا كان هذا الممثل قدم أدوارا سابقة لها ذاكرتها عند المشاهد".
وشجع الدكتور محمود عاشور الأعمال الدرامية المقبلة على تقديم أعمال تاريخية إسلامية فيها هذه الشخصيات الجليلة لتكون قدوة للشباب، وقال إنها: "أفضل حالا من المسلسلات الخليعة التي يشاهدها المتفرج طوال الوقت، فيجب إعطاء بعض المرونة التي من شأنها مساعدة المبدعين على تجاوز العراقيل طالما لم تمس صحيح الدين والشريعة" كما يقول العالم الأزهري.
علماء يعتبرونه "حراما"
في المقابل رفض الدكتور مصطفى السواحلي الأستاذ بجامعة الأزهر تجسيد الصحابة، قائلا: "لقد جاء إجماع علماء الدين المعاصرين على أنه لا يصح ولا يجوز تجسيد شخصيات الأنبياء والمرسلين والصحابة والملائكة وآل البيت في الأعمال الفنية، سواء كان ذلك من خلال الصورة أو حتى الصوت، وغاية الأمر أن يتم الحديث عنهم بأسلوب روائي مثل (قال سيدنا عمر بن الخطاب..) لكن لا يجسد صوته أو جسده".
وأضاف: "إنه أمر غير مشروع أبدا أن تمَثَّل هذه الشخصيات التي كرمها الله عن العالمين من خلال شخصية ممثل معاصر قد يكون أدى أدوارا مشبوهة أو غير لائقة من نماذج المجتمع المنحرفة، ثم بعد ذلك يهل علينا حتى وإن كان بصوته فقط في شخصية صحابي جليل أو أحد من آل البيت، بعد أن يكون ارتبط اسمه لدى المشاهد بأدواره التمثيلية السابقة".
وحول ما إذا كان هناك دليل شرعي على حرمة هذا التجسيد، وخاصة في ظل اختلاف بعض العلماء حول هذا الأمر، قال السواحلي: "مهنة التمثيل من المستحدثات في العصر الحديث، ولم يرد فيها نص صريح في القرآن أو السنة، وإنما منع تجسيد هذه الشخصيات هو اجتهاد لعلماء الدين من خلال المرويات في القرآن والسنة في حق الصحابة علينا ومكانتهم عند الله عز وجل".
وتابع موضحا: "والمثال على ذلك قوله صلوات الله وسلامه عليه: (خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)، وهو في الصحيحين. وقرنه صلى الله عليه وسلم هو الذي عاش فيه وأصحابه، ثم الذين يلونهم التابعون، ثم الذين يلونهم أتباع التابعين. وهذه أيضا لا خلاف فيها ونحن في وضع أسوأ القرون حاليا "فكيف نقدم مثل هذه الشخصيات الصحابية التي قال عنها الرسول في حديث آخر: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة) أي أنهم من حاملي لواء الإسلام من بعد رسول الله، وهذه مكانة لا يمكن أبدا التطاول عليها".
لا سلطان للأزهر على المسلسل
ورغم الرفض الديني لتجسيد الصحابة رضوان الله عليهم في مسلسل رمضاني؛ إلا أن الدكتور السواحلي أكد على أن الأزهر بكامل قيمته الدينية للمسلمين لا يملك قرار منع أو مصادرة العمل.
وقال: "من المؤكد أن الأزهر سيرفض المسلسل، ولكن المؤسف أنه لن يكون له أي حق في منع عرضه، لأن سلطة الأزهر تتمركز في المطبوعات والأعمال الفنية التي تقدم في مصر، أما بشأن البلدان العربية المسلمة الأخرى فرأي الأزهر رأي دعوي فقط، وبالتالي ليس من حقه المنع أو الموافقة أو حتى اتخاذ أي إجراء قانوني من شأنه إيقاف العمل، وفي نهاية الأمر لن يستطيع إصدار أية أوامر أخرى سوى بيان رفض بدون أي إجراءات فاعلة ضد المسلسل.
وأيد الشيخ د. شوقي عبد اللطيف (وكيل أول وزارة الأوقاف ورئيس قطاع شؤون الدعوة الدينية نائب وزير الأوقاف) تحريم ظهور الصحابة بأصواتهم أو أجسادهم، وقال: "بالطبع رفض طلب المخرج هو الرد المتوقع والطبيعي إزاء هذا العمل، حتى وإن كان المخرج يريد أن يرى مخرجا من تجسيد الشخصيات من خلال الممثلين صوتا وصورة، ولكن الصوت أيضا لا يمكن تجسيده إذا ما كان هذا أسلوبا جديدا في العرض".
ويضيف قائلا: "علينا أن نستغل إمكانات العلم الحديثة ووسائله في التعبير عما نريد دون الخوض في أمور فيها حرمة، فوسائل الإعلام والتشخيص اليوم أعطت ملايين الاختيارات التي يمكن بها تقديم ما نريد دون المباشرة، فإذا كانت الرسوم المتحركة التي تقدم للأطفال استطاعت أن تفعل ذلك وتوصل إليهم الفكرة والنموذج والهدف تماما، فهل يعقل أن مخرجين كبارا أو صناع الأعمال الدينية لا يمكنهم التوصل إلى وسيلة لتقديم هذه الشخصيات بلا تجسيد مباشر".
ويكشف الدكتور شوقي عن حتمية منع المسلسل من العرض في مصر إذا تم عمله حتى إذا كان قد شارك فيه ممثلون مصريون، قائلا: "على العكس فإن مشاركة ممثلين مصريين في المسلسل ستجعله مرشحا للعرض في مصر، وهذا بالطبع سيؤدي إلى رفض المسلسل، لكن رفضه لمجرد أنه يجسد الصحابة فيه، فليس من شأن أحد التدخل في عمل الهيئات الدينية الإسلامية في الدول الأخرى، حتى وإن كان الأزهر هو قيمتها العليا".
المخرج الأردني يتمنى
ووسط الجدل حول إجازة صوت الصحابة، قال المخرج الدوايمة إن رغبته في تجسيد مثل هذه الخطوة، ورجوعه إلى علماء دين غير رسميين وعدم اعتراضهم على بث صوت الخلفاء الراشدين في العمل شجعه على الطلب من الجامع الأزهر والمجلس الأعلى الشيعي في لبنان تبيان رأيه الشرعي في هذا الخصوص.
وأضاف المخرج الأردني الدوايمة لـmbc.net أنه يتمنى أن يجيب الأزهر والمجلس الشيعي الأعلى على طلبه لأهمية ذلك في المسلسل من الناحية الدرامية، وعكس رسالته بالشكل الصحيح.
وأشار إلى أن نخبة من كبار النجوم في مصر وسوريا والأردن ستشارك في هذا المسلسل الذي خصصت له ميزانية ضخمة، مقارنة مع ما أنتج عربيا في هذا المجال خلال السنوات الثماني الماضية.
ويتعرض المسلسل الذي ينتظر عرضه في شهر رمضان المقبل للعديد من القضايا الجدلية التي ظهرت في زمن الخلفاء الراشدين وخاصة في زمن عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب.