منتديات التاريخ المنسي
<div style="text-align: center;"><img src="https://i.servimg.com/u/f27/11/57/48/93/m0dy_n10.gif"><br></div>


منتديات التاريخ المنسي
<div style="text-align: center;"><img src="https://i.servimg.com/u/f27/11/57/48/93/m0dy_n10.gif"><br></div>

منتديات التاريخ المنسي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات التاريخ المنسيدخول

التاريخ المنسي


descriptionويكيليكس : أو يوم تبلى السًّرائر Emptyويكيليكس : أو يوم تبلى السًّرائر

more_horiz

ويكيليكس : أو يوم تبلى السًّرائر
لفضيلة الشيخ ابو جرة سلطاني

مقدمة : مثلت تسريبات الضابط الأمريكي الصغير "برادلي مانينغ"، 23 سنة، لصديقه "أدريان" ومنه إلى موقع ويكيليكس صدمة غير مسبوقة للرأي العام الرسمي المحلي والدولي، لاسيما بعد أن قامت الصحف العالمية الكبرى بنشر مقتطفات خطيرة من هذا الموقع فتعرت السياسات الأمريكية والأوربية والعربية أمام الجميع، وأدرك –من لم يدرك بعد- أن المنظومة السياسية العالمية منظومة أمنية محكومة بالتخابر والتخاطر والوشاية والتحريض.

وهناك بؤس سياسي فاضح صار اليوم رسميًّا يحكم البشرية عنوانه الكبير : "أنت زعيم ما دمت عميلا" والزعيم يدرك أن "الكوجيطو" الجديد الذي صار يحكم عالم اليوم هو : "أنت زعيم إذن أنت عميل" ومع ذلك يتوسل هذا العميل لأسياده قائلا :
- حافظوا على بقائي في الكرسي واذبحوا العالم كله (وابدأوا بشعبي؟؟)
- مستعد أن أنبطح وأهرول وأطبًّع..مقابل تلميع صورتي أمام شعبي.

وأمام هذا البؤس السياسي الفاضح والانحطاط الخلقي الماحق نجد أنفسنا بحاجة إلى تسليط الضوء على حقيقة هذه "العاصفة" الإعلامية الهوجاء التي نتوقع أن تقتلع كثيرا من النباتات الطفيلية الضارة، وهدفنا تجديد ركن الفهم على قاعدة : " وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به. و لو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ".

ولتكن البداية من فتح ملف موقع ويكيليكس، وتسليط الضوء على ما تم تسريبه.
1- موضة البحث عن الشهرة : عرفت العشر (10) سنوات الأولى من القرن الواحد والعشرين (21) ثلاث ظواهر بارزة في أجندة التحولات العالمية الكبرى وهي :
- انحسار ظل الديمقراطية، بعد أن صعدت بالتيار الإسلامي إلى الواجهة في بعض الأقطار.
- الرهاب (أو الفوبيا) من الإسلام، حتى لو كان في شكل صومعة أو غطاء رأس أو مصحف مطبوع؟؟
- البحث عن الشهرة، بوسائل غير أخلاقية كالإساءة إلى الرموز والمقدسات، أو الاستهتار بالمصطفى (صلى الله عليه وسلم) أو التهديد بحرق القرآن، أو نشر "فضائح" الزعماء..الخ.

أي أن نظرية التوازن الإستراتيجي العالمي قد إختلَّت اختلالا مرعبا، صار يهدد البشرية كلها في كينونتها وأخلاقها.. وأننا صرنا أمام ظاهرة جديدة يسمونها "الأمن القومي" صارت تحكم العلاقات بين الدول بالجوسسة لضمان استمرار السيطرة والإحتكار بعيدا عن "عقلنة" أو لجْم التحولات الطفراوية التي يشهدها العالم اليوم في نظرية "الفوضى الخلاقة" التي دشن بداياتها جورج وليام بوش بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، وهي الفكرة التي تناولتها الصهيونية العالمية – في بروتوكولات حكماء صهيون- منذ أكثر من قرن تحت عنوان : احتقار "القويم" لإقامة أمبراطورية يهوذا، وفي هذا السياق توسعت دوائر سياسة "الفوضى الخلاقة" لتعري البشرية كلها من آخر أوراق التوت التي كانت تستر عوراتها أمام شعوبها. فجاءت ثورة الإتصال لكشف الفضائح ونشر الأسرار التي تنال من المؤسسات العميلة والحكومات الفاسدة والأنظمة الهشة..

إن فكرة تسريب ربع مليون وثيقة (250.000) على يدي ضابط أمريكي صغير – صغير السن والرتبة العسكرية- في هذه الظروف العالمية المتوترة له أكثر من دلالة، وله أكثر من معنى تجدر الإشارة إليها، ولعل من أبرزها :
- أن حجم الظلم في العالم قد تجاوز كل الحدود
- إن المخاوف من المارقين قد زادت عن الحد المطلوب
- إن المؤامرة على الإنسان وحقوقه وكرامته صارت سياسة عامة
- أن الدول المحورية في العالم كله قد خسرت مرجعياتها في الدفاع عن الشرعية الدولية المزعومة وعن حقوق الإنسان..
- أن فكرة الدولة الوطنية في طريقها إلى الزوال والتلاشي..
- أن أمريكا قد خسرت معركة أمنها القومي، وبدأت تخسر أصدقاءها الذين كانوا يزودونها بالأسرار والمعلومات الواقعة في دائرة الأمن القومي..
- أن حماية ما كان يوضع تحت عنوان "سري للغاية" لم يعد ممكنا ولا واقعيا
- أن الأنظمة كلها قد تم تشويهها بدرجات متفاوته، وأنها فقدت ثقة شعوبها فيها وصارت هشة، ومعرضة للسقوط في أية لحظة.

وأن هذه التسريبات البطولية قد بدأت تؤسس لكتابة تاريخ جديد، ووضعت أزيد من مائة وخمسين ألف (150.000) موظفا بمصالح وزارة الخارجية الأمريكية في وجه العاصفة، وهم الذين يطلعون يوميا على أسرار البشرية – عن طريق شبكة السفارات في العالم – فيستخدمونها للضغط على الأنظمة والحكومات.. وكانوا يكتمونها عن الناس لأزيد من ربع قرن (25 عاما) على الأقل حسب الأعراف الدولية ، وها قد فتح ويكيليكس شهية المغامرين منهم ليحذوا حذو صديقهم الضابط الأمريكي "برادلي" فيسربوا المزيد من الأخبار والوثائق الصادمة لمشاعر الأسرة الدولية كلها، كون أن كل ما تم تسريبه حتى الآن لم يخرج عن استهداف أمور خمسة هي :
- تشويه سمعة الزعماء العرب وبعض حكام العالم الثالث وأذنا بهم..
- تنبيه دول حليفة لأمريكا إلى ضرورة إعادة النظر في سياساتها تجاه الكيان الصهيوني (دول الخليج، تركيا، روسيا، إيطاليا، فرنسا، إسبانيا..إلخ).
- التركيز على الأنظمة الخارجة عن السيطرة، لاسيما إيران تحديدا، وبقية الدول والتنظيمات المارقة في نظر أمريكا، ومن في حكمهم على غرار حزب الله، حماس، وتصوير ذلك على أن هذه التنظيمات المارقة تمثل "الخطر الأوحد" على الأمن القومي وعلى الأسرة الدولة.
- تشويه ما بقي من هيبة الأنظمة العربية والإسلامية، وزرع اليأس الشامل في نفسيات الشعوب، واحتقار دورها وكشف "مؤامرة" هذه الأنظمة وتآمرها على شعوبها..وعرض كثير من الزعماء المهازيل في صور البؤس والعمالة..
- تضخيم خطر إيران وسوريا وحزب الله وحماس وتركيا والصين..وتسويق ذلك على أنه الخطر الماحق للبشرية، والإيحاء بطلب "المساعدة" لشل قدرات هذه الجهات الخارجة عن السيطرة..

إن الأمر المستغرب في كل هذا هو تبرئة الكيان الصهيوني من هذه الحملة وإبعادها عن كل شبهة، بشهادة كبار قادة هذا الكيان الذين صرحوا – قبل بداية تسريب الوثائق- بأنها "لن تضر بمصلحة إسرائيل"، مما يوحي بأن ما حدث كان ممنهجا وموجها و"مغربلا" ومصفيا..وأن وراءه جهات محترفة وقادرة على إصابة أهدافها بدقة وفي الوقت المناسب..

ومع إدراكنا أن كل ما تم تسريبه، حتى الآن، لم يخرج عن خلاصات لـ "محاضر جلسات" صيغت في شكل تقارير استخباراتية كانت المصالح الدبلوماسية (السفارات والقنصليات) الأمريكية في العالم كله توافى بها مصالح وزارة الخارجية في شكل محادثات وتصريحات وجلسات حميمية، ومع علمنا كذلك أن ما يسمى النشاط الدبلوماسي لكثير من الدول هو في حقيقة أمره "جوسسة" وجوسسة مضادة..إلخ، إلاّ أن هذه المعرفة لا تعفينا من واجب تسليط الضوء على حقيقة هذه التسريبات – كما حصل بالضبط بعد أحداث 11 سبتمبر 2001- وما هي الخطوات الموالية التي سوف يفاجأ بها العالم بعد هذه التسريبات التي يمكن أن نطلق عليها إسم فضيحة "واتر ويكيليكس"؟؟

إمعانا في تثبيت عملية التسريب المبرمج – من برادلي إلى أدريان إلى مؤسس موقع ويكيليكس- أصدرت الحكومة السويدية "مذكرة حمراء" دولية تطلب توقيف جوليان أسانج (39 عاما) صاحب هذا الموقع، ذي الأصل الأسترالي، بتهمة اغتصاب قتاتين سويديتين، ولم تمض إلاّ أيام قليلة حتى سلم الرجل نفسه إلى الشرطة البريطانية (سكوت لونديار) في لندن يوم الثلاثاء 2010.12.07 لترحيله المحتمل إلى السويد بتهمة الأغتصاب المفترض (حسب المذكرة السويدية الموجهة للشرطة الدولية الصادرة في حقه) وهذه العملية في حد ذاتها تكشف عن ثلاثة أمور جوهرية :
- أن الرجل قد اختار أفضل طريقة قانونية لحماية نفسه من تهديدات محتملة بالاغتيال تكون قد وصلته من جهات كثيرة تضررت من هذه العملية، وقد سلم نفسه لثقته في ما قام به من عمل مطابق للقانون، سعيا منه لحماية ما نشره الموقع، وإقامة للحجة وربحا للوقت.. ليدافع عن نفسه ويستفيد من حقه في الإفراج بكفالة.
- أن العالم غير الرسمي قد تعاطف مع صاحب هذا الموقع، وقد قررت جمعيات كثيرة التطوع لضمان الاستمرار في خطة نشر الوثائق. وحماية الموقع، وقد تجاوز عدد المتطوعين 800 محترفا.
- أن الأنظمة كلها صارت عاجزة عن حماية أسرارها أمام ثورة الإتصال، وأن البشرية مقبلة على تحولات مفجعة يتقارب فيها الزمن، بحيث يصير "أرشيف اليوم" يُنشر غدا (أي بعد 24 ساعة من تخزينه الافتراضي لمدة 25 سنة) وهو ما سوف يكشف عن كوارث تقع خارج السيطرة الرسمية للأنظمة والحكومات وتؤثر تأثيرات سلبية على العلاقات بين الدول والأنظمة والحكومات والشعوب، ويصبح الناس – ولاسيما الرسميون منهم- أكثر تحفظا في أحاديثهم، حتى لا تتحول أحاديث الصالونات إلى برقيات سرية قد تنشرها المواقع الإليكترونية في أية لحظة، لاسيما إذا كُشف الغطاء عن أسرار الناس وخصوصياتهم وأحوالهم الشخصية..

أمام هذه التداعيات الخطيرة لم يعد أحد يصدق أن هناك حلفاء، ولا أصدقاء، ولا علاقة شخصية ولم تعد هناك جلسات "فضفضة" خارج الإطار، ولو في الاحتفالات العامة وزيارات المجاملة، لأن احتمال تسريبها ونشرها واردة بنسبة عالية، ولو سارعت هذه الجهات إلى محاولة تطويق المعلومات ومحاصرة مواقع النشر والتضييق على المسربين...وهو ما لم يعد مقدورًا عليه :
- فالبرقيات الدبلوماسية لا تعرف صديقا
- والجلسات الحوارية ليست بريئة
- وما كان ممهورا بـ "سري للغاية" لم يعد له أي معنى
- والحرب الحقيقية سوف يصبح رصاصها المعلومات وضحاياها أصحاب الألسنة الطويلة
- والشراكة الدبلوماسية صارت جوسسة لفضح الشركاء وهز ثقة شعوبهم بهم
- وأن كل نظام مازال يتعامل بخطابين (معلن وسري) سوف يتم كشفه ونشره وفضحه..
- وأن النظام العالمي الجديد سوف يقوم على "دولة المواقع الإلكترونية" التي صارت تعمل خارج السيطرة..وسوف تحكم العالم كله الأنظمة المعلوماتية
- وأن الموازين الدبلوماسية كلها ستعرف خروجا قهريا عن الأعراف والتقاليد المتوارثة..
- وأن "حرب المعلومات" ستسرَّع عملية انهيار إمبراطوريات كبرى
- وأن علاقة أيّ سلطة بشركائها وخصومها ومعارضيها... سوف تنقلب رأسا على عقب.
هذه المعطيات الأولية سوف تقودنا إلى تصور – أو توقّع- ما سوف تكون عليه العلاقات المستقبلية بين الأنظمة بشعوبها وتضع أيدينا على ملامح خريطة الديمقراطية والحريات وحركات الإصلاح السياسي...وسواها خلال الربع قرن الجاري (2010-2025).
ولعلّ من ملامح ذلك أن قبضة الأنظمة سوف ترتخي أمام ثورة الاتصال وأن "فضائح" النشر وميلاد الصحافة الإليكترونية الصفراء، وتكاثر المواقع التي تتجه إلى البحث عن الشهرة –على غرار ويكيليكس- سوف تتجاوز القضايا السياسية والتقارير الإخبارية والعقود التجارية والإتفاقيات السرية... الخ، لتصبح تقارير أمنية ومذكّرات استخباراتية تتسبب في غزو دول وإسقاط أنظمة وشنق رؤساء ونفي قيادات وتشويه سمعة قدوات عالمية وإرباك شعوب، واندلاع حروب..(كما حصل في العراق مثلا) لأن ثورة الاتصال خرجت عن الأدب في كثير من مفاصلها وصارت بعض المواقع تنشر ما لا يجوز نشره وما لا تليق إذاعته، وإذا استمرت هذه الظاهرة فسوف تكتشف الشعوب أنها كانت مخدوعة :
• وأن مثيرا من الدكتاتوريات كانت مستورة بأوراق التوت
• وأن نعمة الحرية المنضبطة بالأخلاق المهنية هي مصباح الشفافية
• وأن العالم كان محكوما بالعبيد!
وما خفي أكبر، وكم همِ جنود الله في أرضه.."وما يعلم جنود ربك إلا هو".

2- هدهد يسمونه المواقع: إنّ أكبر ظلم لحق الأمة الإسلامية، ومسّ سائر الشعوب المقهورة.. هو حجب الحقيقة عنهما والتعامل معهما بمنطق الوصاية على القاصر، والحماية للمراهق، والقوامة على فاقد الأهلية.. لذلك تعيش هذه الشعوب جاهلة لحكامها بعيدة عن حقيقة ما يجري في أوطانها "تأكل مع كل عريس، وتُصفَّق لكل رئيس، ويسوقها كالمعيز أيُّ تيس..." فإذا ظهر فيها هدهد يأتيها بنبأ يقين أصابتها صدمة الذين قالوا: " أئنَّ لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين" وهذا معناه :
- إن بعض الأنظمة تفتح السجون لمن سرق إبرة وهي قد سرقت مصانع الإبر
- وبعض الأنظمة تحارب مهربي العجائن وهي قد هربت كرامة شعبها
- وبعض الأنظمة تحكم بالمؤبد على قاتل مواطن واحد وهي قد قتلت أمة بكاملها وأبادت شعوبا على بكرة أبيها..
- وبعضها الآخر يتهم من يتخذ أمريكا صديقا وهي باعت الدين والوطن واللغة والتاريخ لإسرائيل وعملاء الكيان الصهيوني!؟
لست أبرَّر سرقة الإبرة ولا أشجع تهريب العجائن (ففي التهريب مجازفة) ولا أهوّن من شأن قتل مواطن واحد، فالقتل حرام، وأنه "من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا".

ولا أنا متساهل مع كثير من العلاقات المهنية والصداقات المشبوهة "فالصحبة من الدين" ...ولكنني أقارن سواءا صغيرا بسوء كبير..وأقارن منكرا أصغر بمنكر أضعاف أضعافه، وأغمز قناة من يزايد علينا بالدين والوطن والتاريخ.. لأننا ندعو إلى "تطبيع" العلاقات أكثر بين أفراد الشعوب العربية والإسلامية، وهو متربع على قمة التطبيع مع الفساد والإنحراف، ومع الضلال والخزي والمهانة، وقد أقام حكمه على عرش من التناقضات، وتجده - إذا تلقى إشارة أو إيعازا من أسياده- يهرول "للتطبيع " مع الكيان الصهيوني- في السرّ والعلن، تحت الطاولة أو فوقها – فإذا تناولت ثورة الاتصال خياناته، وفضحت سياساته.. سارع باتهام خصومه بالتآمر على وحدة الوطن واستقراره...

هذه المعاني المؤلمة تدعوني إلى استخلاص أهم الدروس المربية مما سَّربه موقع ويكيليكس، وهو غيض من فيض وما خفي أشنع، لأؤكد على مسألتين أعتقد أنهما مربط الفرس في كل هذه "الهيصة" الإلكترونية:
1- الأولى، أن تبرئة الكيان الصهيوني من كل ما نشر حتى الآن يثير كثيرا من الشكوك حول هذه العملية برمتها، وكأنَّ الإدارة الصهيونية بلا أخطاء ولا هفوات ولا مجازر، ولا اعتداء سافر على حقوق الإنسان في فلسطين..وأن الإدارة الصهيونية بعيدة عن التخابر ولا علاقة لها ولا لجهاز المخابرات، الموساد "بالمؤامرة" وليس لهما أي يد في هذه التداعيات المتخفية وراء سيناريو الفوضى الخلاقة.
2- الثاني، توقيت التسريب، أي لماذا تأخر الموقع ثمانية(08) أشهر لينشر هذه الوثائق؟ علما أنه كان قد جرب تسريب أولَى ما حصل عليه من "أوراق البنتاغون" الخاصة بحرب فيتنام، ومثُل أمام القضاء الأمريكي، وبرأته المحكمة من أي مخالفة، ثم بثّ بعد ذلك بعض الصور في شهر أبريل 2010 في شكل تقرير مصور يكشف جريمة شنعاء ضد الإنسانية قامت بتنفيذها طائرة هليكوبتر أمريكية وذلك بمهاجمة مدنيين عراقيين عزَّل وقتلهم وكان من بين هؤلاء الضحايا صحافيان(02) يعملان في وكالة رويتز للأنباء.
فلماذا تأخر النشر ثمانية (08) أشهر، ولم تستطع أجهزة الاستخبارات الأمريكية وحلفاؤها الصهاينة ومن حولهم كشف هذه "المؤامرة " ؟ وهل "معالجة " 250.000 وثيقة خطيرة بهذا الحجم يمكن أن تتم في هذه السرية التامة وأجهزة البوليس في العالم تداهم ورشات الخياطة والحدادة والنجارة والصباغة والسباكة...لكشف المستور، بل وتفتش المصاحف في المساجد بحثا عن مخططات تقول التقارير الإستخبارية إنها تستهدف الأمن القومي العالمي؟ !
إن استصحاب مثل هذه الفرضيات مهم جدا في التحليل وتسجيل الملاحظات الأولية حول الدفعة الأولى من هذه الوثائق التي لم يتجاوز حجم ما نشر منها حتى الآن 10% بانتظار ما سوف تحمله الدفعات الباقية من مفاجئآت غير سارة، إذا توالى نشر ما بقي، وهو كثير بحيث يتجاوز 90%، ولذلك نكتفي حاليا بتسجيل خمس(05) ملاحظات طافية على السطح بانتظار ما سوف يكشف عنه هدهد "جوليان أسانغ" مؤسس موقع ويكيليكس من مفاجآت.

هذه الملاحظات الخمس (05) لن تخرج عن الأتي :
- استبعاد فرضية العمل المعزول : فخمسة أفراد عاملون رسميا في هذا الموقع لا يقدرون على إدارته بهذه البراعة، كما إن الجندي الأمريكي الصغير المدعو "برادلي" صاحب 23 ربيعا الذي تزعم التقارير أنه وحده الذي سرب كل هذا الكم الهائل من المراسلات الرسمية لتقارير الخارجية الأمريكية في العالم كله قرضية صعبة التصديق، خاصة أنه قد أختار أن يسربها إلى صديقه المدعو "أدريان" والذي حولها بدوره إلى "جوليان أسانغ" هذه العملية كلها لا تتحملها رواية فيها كثير من الثغرات الدالة على أن فرضية "فبركة" مُحكمة ودقيقة من نوع ما هي الأقرب إلى تصديق حكاية هذه العملية الأولى من نوعها في التاريخ، والتي يبدو أن الهدف منها هو ضرب ثلاثة(03) عصافير بحجر واحد:
• أولها، صناعة بطل إعلامي يكره أمريكا ويسرّب أسرارها، فيصدقه الناس بعد أن يصبح هو وموقعه أسطورتين، ومن خلالهما تبدأ كتابة تاريخ جديد.
• وثانيها،إحراج إدارة أوباما أمام الرأي العام الأمريكي والرأي العام الدولي، وكأن دوره قد انتهى، أو يوشك على النهاية
• وثالثها، تعرية أصدقاء أمريكا وحلفائها أمام شعوبهم كمقدمة لإعادة ترتيب الأوراق العالمية ورسم خارطة العالم الجديد...لمرحلة ما بعد أمريكا؟؟
- إن "فبركةً" من نوع ما هي التي تفسّر لنا إخراج أحد أهم اللاّعبين من مسرح عمليات التسريب، وهي التي تقف وراء هذا السكوت المطبق عن "جرائم" الإدارة الصهيونية وتجاوزاتها وخروقاتها وصناعاتها النووية وعلاقاتها السيئة بجيرانها و"أصدقائها"...وكلها نقاط ظل – في ما تم تسريبه حتى الآن- تحتاج إلى أن نسلط عليها الضوء لنعرف أن الثمانية (08) أشهر من عمليات "الفرز" التي استغرقها الموقع لحجب مادته بتكنولوجيات التشفير العالية الدقة، لم تكن بريئة، وأن أمريكا لا يزعجها أن يفتضح كل العالم طالما "طفلها المدلل" في أمان، وطالما مفاعلاته النووية في ستر، وطالما أن التسريبات لم تطله وكأنه "المقدس" الوحيد في العالم
- إن خبرة الولايات المتحدة في الحرب الاستباقية، وفي لملمة ذيول فضائحها بعد "واتر غيت" في "أبوغريب" وتورا بورا وغونتنامو..وسواه تؤكد لنا جميعا أنها صارت كالذئب المخادع الذي لا ينام إلاّ بعيون مفتوحة وآذان تتنصت على دبيب النمل، فكيف يتم تسريب ربع مليون وثيقة والذئب نائم، بل غائب عن "موقع الجريمة".؟؟
- إن برنامج المساعدات المشروطة الذي تقدمه الدول المانحة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، يعطيها أكثر من فرصة لتنويع قرون الاستشعار وتشبيك شبكة أجراس الإنذار المسبق لاكتشاف مصدر أي دخان قبل انتشاره، فكيف إذا اشتعلت نيران ويكيليكس وأكلت الأخضر واليابس، وفضحت العدوّ والصديق، في العلاقات السرية بين أنظمة مهترئة مازال خطابها المعلن متعددًا لكن مخططاتها السرية واحدة؟؟
- وأخيرا، إن عالم ما بعد الحرب الباردة كان محكوما بالاستخبارات، لأنه مازال امتدادا لهذه الحرب رغم اختفاء الفاعلين الكبار عن مسرح الأحداث، ومع ذلك مازالت القوى المسيطرة لا تفهم إلاّ لغة المصالح العاملة في أربعة (04) اتجاهات ثابتة لم تتغير منذ أزيد من 60 عاما، أي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية سنة 1945.
• اتجاه الأمن القومي العالمي، الذي يعني أن هناك ثمانية (08) كبارًا فقط في العالم (g.8) وبقية الأنظمة عبارة عن"محميات" للعماليق الثمانية، أو "وكلاء معتمدون" لديها أو "قواعد تدريب ومراقبة" متقدمة في ترساناتها العسكرية..أو هي أنظمة مارقة وحامية للإرهاب أو داعمة له؟؟
• واتجاه النفط (والطاقة)، هذه النعمة التي صارت نقمة على كل أرض تُكتشف فيها هذه الثروات، فتجد نفسها مهددة بالإحتلال أو التقسيم أو بسط النفوذ السياسي والاقتصادي والتجاري عليها بالقوة..أو التدخل السافر في شؤونها الداخلية.. (وهو ما حصل للعراق وأفغانستان كنموذجين، وما يجري للسودان واليمن..والقائمة مفتوحة).
• واتجاه السوق التجارية العالمية، (القائمة أو الواعدة) لاسيما لدى الأنظمة والدول ذات الكثافة السكانية الكبيرة أو ذات الثقافة الإستهلاكية العالية ورؤوس الأموال الاحتياطية للاستهلاك في أي شكل من أشكال "التخزين" الإحتياطي للعمليات التحويلية لاستيراد السلع الإستهلاكية. فالثمانية الكبار يريدون بقية دول العالم دويلات صغيرة بأسواق كبيرة.
• واتجاه حماية الكيان الصهيوني، وعدم التفكير – مجرد التفكير- في مد اليد عليه بسوء ولو عن طريق رفض التطبيع معه، أو الثورة عليه ولو بالحجارة، أو تنظيم "أسطول حرية" أو قوافل شريان حياة.. لإنقاذ شعب محاصر، أو الدعوة إلى تجميد الإستيطان..أو "تهويد" القدس..إلخ .

فكلها خطوط حمراء وضعت خصيصا لحماية الكيان الصهيوني، وكل من يقترب منها، أو تسوّل له نفسه المساس بها، إما أن "يدخل في الصف" أو ينصاع للشرعية الدولية أو يفضحه ويكيليكس وأمثاله، ثم له بعد الفضيحة الويل وسواد الليل (وما حكاية احتلال العراق عنا ببعيد).

الخاتمة : إن ما نشره هذا الموقع – خارج إطار التحفظات السابقة- يُعدُّ أجرأ محاولة لفرض الشفافية الغائبة، وفضح السياسات المتآمرة على كرامة الإنسان والقامعة لحرياته والمصادرة لحقوقه، وقد فَّّر هذا الموقع مادة حيّة من المعلومات الموثقة التي إذا تم إستغلالها الإستغلال الأفضل يمكن أن تقود إلى صياغة عالم جديد يتميز بخمس (05) صفات أساسية :
- صدقية الأخبار المتداولة وسرعتها ووفرتها بين الناس ووضوح مصادرها
- شفافية المعاملات والمعلومات المتداولة بين الناس وتعدّد مصادرها
- كشف الإنتهاكات والتجاوزات ووضع أصحابها في الزوايا الضيقة
- تقديم الخدمات العامة مجانيا وحماية القائمين على الخدمة العمومية
- سقوط السرية عن أي معلومة للبشرية والاحتكام إلى الصرامة والوضوح، والإعلان عن نهاية عصر احتكار المعلومات، وكشف العلاقات المشبوهة لكثير من الزعماء والقادة والرؤساء والملوك..في العالم الجديد.

إن تاريخا جديدا ستبدأ كتابته على أسس جديدة وبمادة إعلامية طازجة قد أفلت منها للأسف الكيان الصهيوني – هذه المرة- ولكنه لن يفلت في المرات القادمة، لأن العالم أخذ طريقه إلى "العولمة الإعلامية" وإذا نجحت وسائل الإعلام في تحويل هذه التسريبات إلى ملفات ووجدت جهات قضائية أو جمعيات فاعلة فرصا تحرك – على أساسها- دعوى قضائية ضد "الفاعل" المتآمر فسوف نشهد ميلاد عدالة عالمية تجتث كثيرا من الأعشاب الطفيلية الضارة بالدين والتاريخ والقيم والحقوق الإنسانية.

.

descriptionويكيليكس : أو يوم تبلى السًّرائر Emptyرد: ويكيليكس : أو يوم تبلى السًّرائر

more_horiz
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

descriptionويكيليكس : أو يوم تبلى السًّرائر Emptyرد: ويكيليكس : أو يوم تبلى السًّرائر

more_horiz
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

descriptionويكيليكس : أو يوم تبلى السًّرائر Emptyرد: ويكيليكس : أو يوم تبلى السًّرائر

more_horiz
merci
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد