العقباني: الجمهور العربي لا يقرأ..والنقد لا يصنع نجاح الفيلم

يرى
المخرج التلفزيوني والناقد السينمائي السوري علي العقباني، أن الناقد
السينمائي العربي غير مؤثر في الجمهور العربي لأن هذا الأخير لا يقرأ ما
يكتبه النقاد، ويلزم وقتا كبيرا لتكريس ثقافة سينمائية لديه، فنجاح أي فيلم
أو عدم نجاحه مرتبط فقط بمزاج الجمهور.

وتحدث علي العقباني، في لقاء مع "موقع الإذاعة الجزائرية"
بوهران، عن إنتاج الفيلم العربي الذي تعاني الكثير من المشاكل ومن بينها
عدم اهتمام شركات الإنتاج بالعمليات الدعائية للأفلام المنتجة. كما أن عزوف
الجمهور عن قاعات السينما يرتبط به الكثير من العوامل من بينها نقص
الإنتاج السينمائي العربي والحالة الإجتماعية التي تعاني منها الكثير من
العائلات العربية، زيادة على وسائل الإعلام الحديثة التي توفر المادة
السينمائية للجمهور دون ذهابه إلى تلك القاعات.




*** بداية أستاذ علي العقباني، كيف تنظرون إلى حالة النقد السينمائي العربي، هل تؤدي دورا في النهوض بالسينما العربية؟

- شكرا على هذا السؤال، لكن حتى نقترب من الموضوع أكثر لا بد
أن نحدد صيغة العملية النقدية. أنا قلت أن الإبداع عموما ومنه السينما سابق
على النقد الذي يأتي بعد العمل الإبداعي، وهنا على الناقد أن يأخذ دور
المصحح والفارز للصالح والطالح وتربية الناس على تذوق العمل السينمائي، كل
هذا يحتاج إلى الوقت والجهد والاهتمام وعليه أن يلعب دورا كبيرا في عملية
إيصال الفيلم إلى المتفرج، والمسألة هنا ليست كما يعتقد البعض كبيرة من
أنهم لا يفهمون ما يكتب النقاد. الناقد يكتب عن الفيلم ويحلله ويدخل في
بنية العمل السينمائي يتحدث عن الصورة والكادر والتمثيل والسيناريو وكل
تفاصيل العمل السينمائي، وعلى الناقد السينمائي أن يكون ملما ولو قليلا
بتفاصيل الصناعة السينمائية عن الصوت والخدع السينمائية والمونتاج وكيفية
كتابة النص السينمائي ليكون على دراية حين يكتب عما يكتبون، فلا يمكن أن
تكتب عن شيء أنت لا تعرف عنه شيئا، فإذا سألتني كيف تصنع القنبلة النووية
قلت لك لا أعلم، لكن طالما أني أعمل في النقد السينمائي فيجب أن أعرف عن
الصناعة السينمائية.

أما هل الناقد يلعب دورا في تقدم السينما العربية؟ فهو يلعب
في أماكن ولا يلعب في أماكن أخرى، بمعنى العلاقة بين المبدع والناقد علاقة
ملتبسة، رغم أنه على الأغلب يفترض فيها أن تكون علاقة تكاملية ، فالكاتب
يكتب ليجد من يقرأه وعندما تقرأ باعتبارك مهتما فيمكنك أن تنقد العمل إما
يعجبك أو لا يعجبك فإذا أعجبك تقول لماذا أعجبك وإذا لم يعجبك عليك أيضا أن
تقول لماذا أعجبك، النقد ليس عملية تطيب خواطر .

*** هل هي عملية ذاتية إذا ؟

نعم هي عملية ذاتية كل شيء في حياتنا هو عملية ذاتية، أنا
أقرأ وأتثقف وأتابع وأشاهد كل ذلك ينعكس ذاتيا علي، الذاتية أين تنبع في
الفيلم السينمائي؟، هناك أفلام قد تعجبك وقد لا تعجبك، فأنا قد أشاهد فيلما
قد لا أحبه وهو خارج المزاج الذي أنا فيه في تلك الفترة من مشاهدتي له،
لكن عندما أذهب إلى البيت وأجلس لكي أكتب عن الفيلم بطريقة نقدية علي أن
أضع جانبا كل مزاجي تجاه العمل السينمائي وأنظر إلى الفيلم من الداخل من
بنية العمل نفسه، النص وعلاقته بالإخراج والفكرة الرئيسية وهل وصلت فكرة
العمل أم لم تصل والجديد في هذا الفيلم، هذه مهمة الناقد السينمائي ومهمته
تختلف عن مهمة الصحفي الذي يكتب بشكل يومي كخبر ، لكن لا ضير من هذا ومن
وجود صحافة سينمائية ووجود من يكتب خبر النجوم والفنانين ووجود من يكتب
متابعات يومية عن الأفلام وهناك من يكتب نقد سينمائي فنحن بحاجة إلى كل
هؤلاء.

*** هل يشارك الناقد السينمائي في نجاح أو عدم نجاح أي فيلم ؟

الناقد العربي غالبا غير مؤثر في الجمهور.

*** لماذا؟

لأن الجمهور العربي في الأساس لا يقرأ، فكيف تريد منه أن
يقرأ مقالة في النقد السينمائي من ثمان مائة كلمة أو ألف كلمة فلا يقرأ
النقد السينمائي إلا المهتم والمتابع، فأعتقد أنه يلزمنا وقت طويل لنكرس
ثقافة سينمائية ترتبط بالجمهور بمعنى أن تكون الكتابة النقدية السينمائية
قادرة في يوم ما أن تدفع الجمهور لحضور هذا الفيلم أو ذاك، ولدينا تجارب
يمكن الحديث عنها وأقرب مثال على ذلك الفيلم الجزائري لرشيد بوشارب الأخير
"الخارجون عن القانون" الذي هاجمته الصحافة الأوربية هجوما ساحقا ومع ذلك
فقد عرض في معظم صالات العرض في أوربا ولاقى إقبالا جماهيريا كبيرا
واستقبله العرب استقبال الفاتحين واحتفل به في مهرجان دمشق السينمائي ونال
جائزتين، فماذا يفعل الناقد تجاه هذا العمل؟، كلنا نحن النقاد كتبنا عن هذا
الفيلم وحييناه لأنه فيلم جيد ومميز، في سوريا هو نتيجة الإنتاج القليل
للسينما، فنحن ننتج فيلمين في العام وبعض الأفلام القصيرة ، فالحالة
النقدية تبقى مرتبطة بمزاج الجمهور ، شركات الإنتاج الكبرى في العالم تقوم
بمرافقة أعمالها بحملة دعائية مرعبة، أي ناقد يستطيع أن يؤثر في هذه الحملة
الإعلانية "أفتار" إعلانيا كلف مئات الملايين من الدولارات.

*** إذا هل تريد أن تقول أن الأعمال السينمائية
العربية تنقصها الحملات الإعلانية قبل عرضها في قاعات السينما للمشاهد
العربي أو غيره؟

نعم، وهذا واحد من الأشياء التي ينقصها وينقصها الكثير، وهي
واحدة من الأشياء التي تساعد على انتشار الفيلم العربي وتسويقه، أن تقوم
بحملة إعلانية قبل تصوير الفيلم وخلال تصويره وتقدم فقرة إعلانية مدتها أقل
من دقيقة تجعلك تجذب الجمهور لمشاهدة الفيلم، باختيارك لقطات مؤثرة من
الفيلم وهذا دور الإعلام البصري. ودور الإعلام المسموع والمكتوب هو نفس
الشيء، فعلى الجهات المنتجة ان تفكر في الإعلام أكثر، المنتجون وبعض أصحاب
رؤوس المال لا تلي أهمية لا لنقاد ولا للصحافة ولا لأحد فتقوم بصناعة
فيلمها وتتركه في السوق وهي تعلم أن عملها سيلقى إقبالا جماهيريا.

*** كيف ذلك وأنت تقول أنها لا تقوم بحملة إعلانية للفيلم؟



ذلك لأن الكثير من الشركات تغامر على اسم نجم معروف، حتى عقلية شركات الإنتاج العربية تختلف عن مثيلتها لدى شركات الإنتاج
الكبرى في العالم، فهم لا يفكرون كثيرا في الإعلام ولا يعنيهم هذا الناقد
أو ذاك إلا بقدر ما يكتب جيدا عن الفيلم، وهو ليس بالضرورة ناجح حقيقة
فالكثير من الأفلام الناجحة والجماهيرية بالتحديد هو عنوان ملتبس ، أن
تقول عن فيلم أنه جماهيري ناجح بحضور عدد كبير من الجمهور هذا بالنسبة
للمنتج كلام دقيق، فالنسبة له هذا ما يهمه ليسترد الأموال التي دفعها وهذا
حقه لأنه يدفع أموالا بقصد أن يربح وهذا جانب مهم.

الجانب الآخر هو أن الصناعة السينمائية ترتكز في منكان ما على
النجم فقد لا تؤثر كثيرا الكتابة النقدية فيه وسيدخل الجمهور ويشاهدون
الفيلم والأمثلة كثيرة على ذلك.

*** فكيف هي علاقة الجمهور العربي بالأفلام العربية في حد ذاتها؟

هي علاقة سيئة جدا، هناك عزوف عن مشاهدة السينما العربية
فالثقافة السينمائية لديه غائبة أو مغيبة غي غالبية الدول العربية، ولكل
بلد سببه في ذلك وليس عدم وجود صناعة سينمائية هو السبب الوحيد، ففي دمشق
كان في وقت من الأوقات أكثر من 36 صالة عرض والآن لا يتجاوز عددها أصابع
اليدين، مع أن عدد سكان دمشق تجاوز 10 أضعاف ما كان عليه في السابق وهو ما
يحدث في أغلب الدول العربية، وانتشار الفضائيات والإنترنت وعالم الفضاء
المفتوح التي تسمح لك وأنت في بيتك أنت تشاهد أحدث أفلام العالم، فتستغني
في نفسك عن معاناة الذهاب إلى السينما فهي أسباب مختلفة إضافة إلى الوضع
الاقتصادي للعائلات العربية.

***في الأخير، ماذا تقولون عن مهرجان الدولي للفيلم العربي بوهران في طبعته الرابعة ؟

خليني بهذه المناسبة أعبر عن سروري بحضور الدورة الرابعة
للمهرجان الدولي للفيلم العربي بوهران ، أعلم أن لديهم الكثير من الصعوبات
ويحتاجون إلى بعض الوقت ويحتاجون إلى المساندة والدعم والوقوف إلى جانبهم
بمحبة، هذا مهرجان عربي ليس مهرجانا له علاقة بوهران فقط، وأعتقد أن هذا
المهرجان يهمنا جميعا كعرب لأنه المهرجان الوحيد الذي يهتم بالفيلم العربي
فقط، فعلينا أن نقف إلى جانبهم وعلى الجهات الرسمية أن تدعم هذا المهرجان
وتقف إلى جانبه، فهو مهرجان جميل يتيح فرصة للتعرف على أهم الأفلام العربية
خلال السنوات الأخيرة ويتيح فرصة أيضا للقاء والتعارف والتعرف على هذه
المدينة الجميلة.