منتديات التاريخ المنسي
<div style="text-align: center;"><img src="https://i.servimg.com/u/f27/11/57/48/93/m0dy_n10.gif"><br></div>


منتديات التاريخ المنسي
<div style="text-align: center;"><img src="https://i.servimg.com/u/f27/11/57/48/93/m0dy_n10.gif"><br></div>

منتديات التاريخ المنسي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات التاريخ المنسيدخول

التاريخ المنسي


descriptionمؤتمر الصومام 20 أوت 1956م Emptyمؤتمر الصومام 20 أوت 1956م

more_horiz
- التحضيرات الأولية لعقد مؤتمر الصومام:
يندرج مؤتمر الصومام في إطار القرارات الأولى التي سطرتها المجموعة التي
أشعلت فتيل الثورة1954م، وكان المنتظر أن ينعقد أول مؤتمر لجبهة التحرير
الوطني في سنة 1955م، من أجل تقييم المسار و تقدير الصعوبات وحصر
الإمكانيات، وإعادة ترتيب الأوضاع لكن هذا القرار لم يطبق في الوقت المحدد
له وذلك يعود إلى استشهاد بعض القادة مثل: ديدوش مراد، و اعتقال البعض
الآخر كرابح بيطاط ومصطفى بن بولعيد، إلى جانب الصعوبات التي لم تكن
متوقعة كشراء الأسلحة وإدخالها إلى الجزائر، كل هذا أجل عقد المؤتمر( ).
وبعد هجومات 20 أوت1955م وما حققته من نتائج إيجابية دفع المسؤولين
لمحاولة التعرف على حقيقة الوضع بعد ذلك خاصة في المنطقة الثانية، و
استمرت اتصالات مع المناطق الأخرى، وفي نوفمبر1955م شهدت المنطقة زيارة
عمارة رشيد كمبعوث من المنطقة الرابعة (الجزائر) وذلك للاطلاع عن قرب على
تنظيم المنطقة، ورفع معنويات الجنود والمناضلين، كما حضر عدة لقاءات بين
المسؤولين على المستوى المحلي، ونوقشت خلالها عدة لقاءات بين المسؤولين في
المنطقة الثانية تنسيق العمل الثوري على مستوى القطر، وتوضيح الرؤى
المستقبلية، وأبدت المنطقة استعدادها لعقد المؤتمر فوق ترابها( )، بعد ذلك
عاد عمارة إلى العاصمة حاملا معه رسالة من قيادة المنطقة الثانية سلمها
إلى عبان رمضان الذي نقلها إلى أوعمران، وقد أعجب هذا الأخير بالفكرة
وبعدها تم إرسال سعد دحلب إلى المنطقة الثانية الذي وصل إلى قسنطينة وهناك
التقى بزيغود يوسف رفقة عبد الله بن طوبال، علي كافي وباقي الأعضاء
الآخرين، ودامت إقامة دحلب في المنطقة حوالي ثلاثة أسابيع، اطلع خلالها
على التنظيم و الانضباط الذي تتميز به


المنطقة، وبعد عودته إلى العاصمة وصلت رسالة الموافقة على الاقتراح المقدم حول عقد المؤتمر في المنطقة الثانية( ).
وتمثلت التحضيرات في إعداد مشروع وثيقة تعرض على المشاركين للمناقشة
والإثراء ثم المصادقة عليها لتكون ميثاق عمل الثورة و المجاهدين في
المرحلة الجديدة وقد تكونت لجنة، لهذا الغرض من بين أعضائها البارزين،
المحامي عبد الرزاق شنتوف وعمار أوزقان، محمد لبجاوي ذلك( ) في محاولة
للاستجابة للمسائل السياسية الإيديولوجية المطروحة بالفعل على الجبهة،
أفضت أعمالها إلى صياغة مشروع "برنامج الصومام"( ).
يعد مؤتمر الصومام الحدث الأكبر أهمية في تاريخ جبهة التحرير الوطني الذي
جمع قادة الداخل في 20 أوت1956، ففي هذا المؤتمر استطاع جيش التحرير
الوطني أن يخرج مستفيدا من دروس عشرين شهرا مضت من الحرب و استطاع المؤتمر
أن يحدد الأهداف السياسية للثورة، والمبادئ الأساسية التي سارت عليها حرب
التحرير، إلى أن استطاعت تحقيق الغاية التي قامت لأجلها و المتمثلة في
الاستقلال الوطني.
وقبل الحديث عن مؤتمر الصومام لابد من الكلام عن الظروف و العوامل التي
أدت إلى عقده، حيث أن الثورة الجزائرية استطاعت أن تحقق عدة انتصارات من
يوم اندلاعها في أول نوفمبر1954، إلى تاريخ انعقاد المؤتمر، وقد مرت
بمراحل صعبة خلال هذه الفترة، لاسيما في بدايتها( ).




2- ظروف انعقاده:
أ-داخليا:
لقد كانت لأحداث 20أوت1955، أثرا كبيرا على مسار الثورة، ففي هذا اليوم
وعلى الساعة12:00 بالضبط عند منتصف النهار، نظم جيش التحرر الوطني، هجومات
عسكرية على أربعين مدينة من مدن الشمال القسنطيني منها سكيكدة، عين عبيد،
قسنطينة، وادي الزناتي، القل، الميلية، الخروب وأشعلوا النيران في محلات
المعمرين ومكاتب الشرطة و الإدارات الفرنسية، والثكنات وأحدثوا فزعا ورعبا
في الجهاز الاستعماري بالجزائر، الذي تأكد أن هذه الثورة أصيلة ذات أهداف
سامية، زد على ذلك انضمام المئات إلى صفوف الثوار إذ وصل عدد المجاهدين في
سنة 1956 إلى أكثر من40 ألف، و أكثر من ذلك انتشرت الثورة في ربوع الوطن(
).
تصميم النظام الاستعماري، على إجهاض الثورة بكل قوته، مما أدى إلى صعوبة
الاتصال بين مختلف قيادات جيش التحرير الوطني، كما كانت الحاجة شديدة إلى
السلاح، ولا يوجد من المال إلا القليل، إضافة إلى ضعف التنسيق في الأعمال
كذلك ضعف التكوين السياسي للفرق المسلحة حيث يكاد يكون معدوما لأن الثورة
كانت في حاجة ماسة إلى منهج سياسي ثابت.
ومما زاد من مناعة الثورة هو الالتحام الشعبي، والالتفاف حول جيش وجبهة التحرير الوطني، تأكيدا لمقولة العربي بن مهيدي:
" ساعدوني على إنزال الثورة إلى الشارع، وأنا سأضمن لها النجاح" إذ تمكنت
جبهة التحرير الوطني من جمع الوطنيين وتوحيد الشعب الجزائري في كفاحه
وبذلك تمكنت الثورة من أن تتوسع توسعا قويا( ) .


ب- خارجيا:
فيما يخص الظروف الدولية التي سبقت انعقاد مؤتمر الصومام يمكن حصرها فيما يلي:
1- مظاهرة الطلبة الجزائريين في باريس بتاريخ23 فيفري1956 مما يعني نقل الثورة إلى التراب الفرنسي.
2- إعطاء الاستقلال للمغرب في 02 مارس ثم تونس في 20مارس 1956 وكل هذا تحت تأثير الثورة الجزائرية.
3- طرح القضية الجزائرية، لأول مرة على مجلس الأمن، ورغم رفضه إلا أنه اعتبرها قضية دولية، وهذا في حد ذاته انتصار خارجي.
4- مساندة دول عدم الانحياز في لقاء بريوني في جويلية 1956 بيوغسلافيا للقضية الجزائرية.
من خلال استعراض الظروف الداخلية، والخارجية للثورة نصل إلى نتيجة حتمية
وهو أن التقاء الثورة على ا أعلى مستوى كان أكثر من ضروري لتقييم مسار عم
ونصف من الكفاح المسلح، ووضع إستراتيجية مستقبلية لضمان نجاح العمل
المسلح. فمؤتمر الصومام إذن كان خلاصة عام ونصف من الثورة وبداية الطريق
للاستقلال( ).
3- عقد المؤتمر:
في أوائل 1956م، استطاعت الثورة أن تتخلص من كثير من الصعاب والمشاكل
وتتخطى العراقيل والعقبات، كما استطاعت أن تتغلغل إلى أعماق الطبقات
الشعبية، وتقوي نفوذها وسيطرتها، ولذلك فكر القادة من جديد في أمر المؤتمر
وشرعوا في الإعداد له، فجرت اتصالات عديدة بين مسؤولي الولايات وقادتها
وكانت الفكرة في البداية متجهة إلى



عقد هذا المؤتمر في( ) المكان المسمى بوزعرور في شبه جزيرة القل، نظرا
لحصانته، لكن وصول نبا استشهاد بن بولعيد اثر نوعا ما على عملية التحضير،
وبعد ذلك تم اقتراح
الأوراس، ثم الأخضرية الواقعة في المنطقة الرابعة، وحدد يوم21 يوليو1956م
لعقد المؤتمر، لكن تسرب الأخبار عن مكان وزمان عقده إلى السلطات الفرنسية
أدى بالقيادة الثورية إلى إلغائه هناك( ) ثم حدد في النهاية في المنطقة
الثالثة (القبائل) بناحية البيبان التي تتوفر على أفضل الضمانات الأمنية
والدخول السهل بالنسبة لممثلي المناطق، وكان على المؤتمرين أن يعبروا
الصومام ويمروا إلى الضفة اليمنى نحو منطقة البيبان في 30جويلية 1956م،
ولكن في مستوى مشدالة (مايو) سابقا اصطدمت القافلة بوحدة من الجيش الفرنسي
وخاض أوعمران معركة على رأس جنوده، وخلال ذلك تمكن المسؤلون الآخرون من
الابتعاد عن المكان، وحصل حادث أن البغل الذي كان يحمل قسما من الوثائق فر
إلى إسطبل قديم بإحدى الثكنات الفرنسية في مايو أوتازمالت، وبعد أيام شن
العدو عملية تمشيط واسعة بالضبط في منطقة البيبان (بني عباس، بني
اورتيلان، بني يعلا)، وكان لابد من تعديل الخطة مرة أخرى( ).
فقرروا في الحال تغيير مكان وتاريخ المؤتمر، ولقد التأم شمل المؤتمر في
قرية ايفري بأوزلاقن، داخل غابة أكفادوا الكثيفة، فوق مدينة أقبو، وجنوب
غرب مدينة بجاية على الضفة الغربية لوادي الصومام، وذلك ابتداء من منتصف
أوت1956( ) وبالضبط في منزل حارس الغابة السيد(سعيد محمد أمقران)، المدعو
مخلوف في قرية ايفري، بعرش أوزلاقن (وهو مناضل قديم من قرية أغزر أمقران)
وكلف القائد عميروش مساعده


المجاهد أحميمي بحراسة مكان المؤتمر ومنطقته على رأس عدد كبير من الجنود المسلحين( ).
وقد استعرض المؤتمرون في عدة جلسات نتائج وتجارب 22 شهرا من عمر الثور وما
حصل خلالها من أحداث وتطورات، وانفرد القادة الكبار في اجتماعات مضيقة
النطاق، ومناقشة الصيغ النهائية للقرارات والنتائج التي تنبثق عن المؤتمر(
) ثم في 20أوت19565( ) انتهى المؤتمر من أشغاله وصادق المندوبين الحاضرين
بإجماع على كل المقررات و التوصيات التي توصل إليها المؤتمر خلال انعقاده،
وتعتبر هذه القرارات من ووثائق الثورة الهامة، كما تعتبر نتائجها من
العوامل الأساسية التي دفعت عجلات الثورة إلى الأمام بخطوات ثابتة، وأرست
قواعد القيادة الجماعية على أسس متينة، وتتنوع هذه المقررات إلى سياسية
وعسكرية( ).
وقد حضره كل مندوبي الولاية الثانية، الثالثة، الرابعة ولظروف الحرب غاب عنه مندبوا الولاية الأولى، وقادة الخارج( ).
أما عن أسباب اختيار 20 أوت كتاريخ لعقد المؤتمر فيعود إلى كونه:
- انتفاضة20أوت 1955 التي عمت منطقة الشمال القسنطيني.
- نفي محمد الخامس ملك المغرب يوم 20أوت1952 إلى جزيرة مدغشقر بصفته ممثل الفكر التقدمي الحر في مراكش يومئذ.
- قرب ذكرى انعقاد دورة هيئة الأمم المتحدة في أكتوبر 1955م التي دخلتها لقضية الجزائرية رغم أنف فرنسا( ).

شخصياته:
كما أسلفنا الذكر فقد حضره مندبوا كل الولايات، وهم على التوالي:
- العربي بن مهيدي: ممثل الإقليم الوهراني، رئيس الجلسة( )

- عبان رمضان: ممثل جبهة التحرير،كاتب الجلسة( ).
- عمار أوعمران : ممثل إقليم الجزائر العاصمة.
- كريم بلقاسم: ممثل المنطقة الثالثة.
- زيغود يزسف: ممثل الشمال القسنطيني( ).
أما الغائبون:
- مصطفى بن بولعيد: ممثل الأوراس(النمامشة )استشهد.
- سي الشريف: ممثل الجنوب (متعين بعذر بعدما أرسل تقريره للاجتماع)
- أعضاء البعثة الخارجية للجبهة: لصعوبة الوصول إلى مكان انعقاده( ).
وهم أحمد بن بلة، حسين أيت أحمد، محمد خيضر().
5- جدول أعمال المؤتمر:
فيما يخص سير الأعمال فقد تم وضع جدول لأعمال تنازل النقاط الخاصة
بالمناقشات و التي تتطلب اتخاذ قرارات والتي تم حصرها في عشرة نقاط على
النحو التالي:
1- شرح الأسباب التي دعت إلى الاجتماع وموضوع الاجتماع( ).

2- تقديم التقارير التي تتعلق بـ:
أ‌- تقرير نظامي عن كيفية التقسيم و الهيكل العام للجيش ومراكز القيادة.
ب- تقرير عسكري،عدد المناضلين والمجاهدين، والوحدات ونظام تركيبها،الأسلحة
ج- تقرير عن المالية: المداخيل،المصاريف،المتبقية في الصندوق.
د-تقرير سياسي: عن معنويات المجاهدين والشعب.
3- القاعدة السياسية والنشرات المقررة( ).
4- التوحيد في المجالات:
أ‌- النظامية: التقييم، الهياكل، التنقلات، مراكز القيادة.
ب-العسكرية: الوحدات، الرتب، الأوسمة، المرتبات، المنح العائلية.
جـ-السياسية:المحافظون السياسيون ومهامهم.
د-الإدارية: المجالس الشعبية.
5- جبهة التحرير الوطني: الجانب العقائدي، القانون الأساسي، النظام
الداخلي، هيكلة القيادة، المجلس الوطني للثورة، لجنة التنسيق والتنفيذ( ).
6- جيش التحرير الوطني: الألفاظ المستعملة (المجاهد، المسبل، الفدائي) المرحلة الحاضرة وتوسيع الهجومات، الإكثار من العمليات.
7- العلاقة بين جبهة التحرير وجيش التحرير، العلاقة بين الداخل والخارج.
8- العتاد.
9-نظام العمل: عسكريا وسياسيا ووسائله المادية: إيقاف القتال، المفاوضات، هيئة الأمم المتحدة، والحكومة المؤقتة.
10-مواضيع مختلفة( ).

6- قرارات المؤتمر ونتائجه:
أ- قراراته:
تعتبر قرارات هذا المؤتمر من وثائق الثورة الهامة، وتتنوع هذه المقررات
بين عسكرية وسياسية، شملت تحديد نظام جيش التحرير وتحديد أهداف الثورة من
الحرب، ونظام الجبهة السياسي، وخططها، ومنظماتها والعلاقات بين الجيش
وجبهة التحرير الوطني، وبين الداخل والخارج وفيما يلي ملخص لتلك القرارات(
).
1-قسم المؤتمر البلاد إلى ست ولايات، وذلك بإضافة الولاية السادسة وهي
الصحراء الجزائرية الكبرى( )، غير أن المؤتمر أقر: العمل بالتقسيمات
والتسميات الجديدة، فالمنطقة أصبحت تسمى ولاية، والناحية أصبحت تسمى
منطقة، والقسم أصبح يسمى ناحية، أما تقسيم التراب الوطني فأصبح يضم ست
ولايات وهي( ): ولاية الأوراس، ولاية الشمال القسنطيني، ولاية القبائل،
ولاية الجزائر، ولاية وهران، ولاية الجنوب، والتي استحدثت أثناء المؤتمر(
).
2-التوحيد العسكري: ويكون على النحو التالي:
- يتألف جيش التحرير الوطني من عدة وحدات، حيث وضع أسماء لخلاياه على اختلافها، ووضع لها تعريفات تضبطها وأهمها:
- الفوج: ويتألف من أحد عشر جنديا، فيهم عريف واحد، وجنديان أولان، ونصف الفوج يشمل خمسة جنود، ويقوم عليهم جندي واحد.
- الكتيبة: وتشمل 110من الرجال.
-

- الفيلق: ويشمل على350 رجلا( ).
وقد حدد المؤتمر أيضا رواتب المجاهدين، لكل مجاهد الحق في منحة عائلية،
أما المسبلون والفدائيون، فتصرف لهم أجور مثل المجاهدين بشرط أن يقوموا
بالأعمال طوال الشهر، أما إذا اشتغلوا نصف الشهر أو ربعه فيجب أن تسقط تلك
الأجور سب أيام العمل، ولا يصرف لهم إلا بقدر أيام العمل ولكل من الأسرى
وعائلات الشهداء من المجاهدين والفدائيين الحق في أن تصرف لهم إعانات مثل
المجاهدين، والذين نكبوا من جراء القمع الاستعماري تصرف لهم كذلك إعانات
حسب الطاقة والإمكانيات( ).
3-التنظيم السياسي: وشمل المهام الأساسية لكل محافظ سياسي وهي:
أ‌- تنظيم الشعب وتهذيبه.
ب- الدعاية و الأخبار، فالمفوضون السياسيون مسؤلون على إذاعة ونشر أخبار
وأوامر جبهة التحرير الوطني، ومطبوعاتها مثل: المجاهد، المقاومة... فعليهم
أن يبذلوا قصارى جهدهم و يستعملوا مختلف الوسائل حتى ينشروا أخبار الثورة.
ج- الحرب النفسية: أصبح واجبا عليهم أن يردوا على أكاذيب الاستعمار
وأساليبه الرخيصة، ويوثقوا علاقات الأخوة بين الشعب والمجاهدين باستمرار.
1-المالية والتموين: شكلت مجالس شعبية بواسطة الانتخابات تتكون من خمسة
أعضاء من بينهم رئيس، وهذه المجالس تنظر في القضايا العدلية والإسلامية،
والقضايا المالية و الاقتصادية.
2- تحديد القانون الأساسي والنظام الداخلي لجبهة التحرير الوطني والمنظمات المسيرة( ).
وتتمثل المنظمات فيما يلي:


أ-المجلس الوطني للثورة:
يتألف من أربعة وثلاثين عضوا،17
بالأصالة والنصف الباقي مساعدون( ) يجتمع مرة في السنة مدة وجود الحرب،
لقد كان بمثابة المجسد الحقيقي لمبدأ الوحدة داخل الثورة، ومن مهامه حماية
السيادة الوطنية والقيام بمهمة التشريع، وهو الوحيد الذي له صلاحية اتخاذ
القرار بالدخول في المفاوضات مع الدولة الفرنسية وكذا أوقف إطلاق النار،
ضم بداخله مختلف التشكيلات السياسية( ).
ب-لجنة التنسيق والتنفيذ:
انبثقت عن المجلس الوطني للثورة، تتولى تطبيق القرارات السياسية و العسكرية التي يتخذها أعضاء المجلس الوطني للثورة، تشكلت من:
- عبان رمضان مكلف بالتنسيق بين الولايات في الداخل و الخارج.
- العربي بن مهيدي، مكلف بالعمل الفدائي داخل المدن.
- كريم بلقاسم، مكلف بالعمل العسكري، وقائد الولاية الثالثة.
- بن يوسف بن خدة، مكلف بالإعلام والاتصالات باتحادات الطلبة والعمال.
- سعد دحلب، مسؤول عن صحيفة المجاهد، والدعاية( ).
جـ-جيش التحرير الوطني:
ينضم تحت قيادة موحدة وبقيادة مسؤول كل ولاية وحددت التشكيلات العسكرية كما سبق الذكر( ):
6- تستخدم ألفاظ معينة في جيش التحرير الوطني وهي كالتالي:


- المجاهدون: وهم جنود جيش التحرير الوطني، يرتدون اللباس العسكري ويباشرون الحرب في القتال.
- المسبلون: يمثلون قوة احتياطية لجيش التحرير الوطني.
-الفدائيون: يقومون بالعمليات في المدن والقرى( ).
7-تحديد العلاقة بين جبهة التحرير وجيش التحرير:
حيث أكد برنامج الصومام على أولوية السياسي على العسكري( )، فمن صلاحيات
المسؤول السياسي في حدود دائرته الاتصال الدائم والتحاور المستمر مع مختلف
شرائح الشعب، يتسلم مختلف الأموال و الهبات، يدفع النفقات والمنح
العائلية، يجتمع بالمجالس الشعبية للدواوير كما يراقب أنشطتها، يسهر على
شراء اللباس والتموين الضروريين وإعداد مراكز لذلك تحسبا لكل الاحتمالات،
كما له الحق في اختيار نائب له يساعده على القيام بمهامه السالفة الذكر( ).
أما صلاحيات المسؤول العسكري، في حدود دائرته، فهو مسؤول عن التدريب
العسكري لجنود جيش التحرير الوطني، النشاطات والعمليات العسكرية التي تقع
في حدود دائرته، يراقب ويجدد مكان العمليات ويقيم النتائج، يقوم بدفع
مرتبات المجاهدين، كما أن المسؤول العسكري مطالب بتقديم تقريرين عقب كل
عملية أو نشاط عسكري، التقرير الأول يقدمه إلى لجنة الناحية وإن تعذر ذلك
فعليه أن يرسل التقرير مباشرة إلى مركز قيادة الولاية لاستغلاله في ميدان
الدعاية.



أما التقرير الثاني فعليه أن يقدمه إلى لجنة القسم لترسله بدورها إلى الهيئة الأعلى عن طريق السلم التصاعدي( ) .
8- تحديد العلاقات بين الداخل والخارج، أي تعطي الأولوية للداخل على الخارج( ).
9- وضوح موقف جبهة التحرير الوطني:وهذا الموقف يعتمد على ثلاث اعتبارات هي:
- اتخاذ مذهب سياسي واضح لا غبار عليه.
- توسيع نطاق الكفاح المسلح باستمرار حتى تصبح الثورة عامة.
- القيام بنشاط سياسي واسع النطاق لصالح الثورة( ).
10-الشروط الأساسية لوقف القتال:
وقد تقرر أنه لا يمكن وقف القتال إلا في حالات:
- الاعتراف بالشعب الجزائري شعب واحد لا يتجزأ.
- الاعتراف باستقلال الجزائر وسيادتها في جميع الميادين.
الإفراج عن جميع الجزائريين، والجزائريات، الأسرى والمعتقلين والمنفيين
بسبب نشاطهم الوطني قبل وبعد نشوب الثورة الوطنية في 1نوفمبر 1954.
- الاعتراف بجبهة التحرير الوطني بصفتها الهيئة الوحيدة التي تمثل الشعب
وأنها وحدها المؤهلة للقيام بأية مفاوضات والمسؤولة عن وقف القتال والتحدث
باسم الشعب( ).
11- المفاوضات: وقد حدد كيف يجب أن تتم:
أ- بعد وقف القتال، تبقى جبهة التحرير الوطني هي المفاوض الوحيد باسم
الشعب، وكل القضايا المتعلقة بتمثيل الشعب، من اختصاصات جبهة التحرير
الوطني، ولا يقبل تدخل الحكومة الفرنسية في هذه الشؤون.


ب- تجرى المفاوضات على قاعدة الاستقلال التام بما في ذلك السياسة الخارجية والدفاع الوطني.
جـ- النقاط التي تجرى حولها المفاوضات( ).
12 – الاستقلال: ليست الغاية التي تهدف إليها الثورة الوطنية التي بدأت
في1نوفمبر 1954 هي استقلال الوطن فحسب، بل هي أيضا تأسيس جمهورية
ديمقراطية واجتماعية، يستطيع أن يعيش فيها كل جزائري عيشة كريمة يسودها
العدل والإنصاف، ولذلك يجب من الآن أن نروض أنفسنا على الخصال المطلوبة
للانتقال بسهولة من حالتنا الحاضرة – حالة الحرب- إلى حالة البناء و
التعمير( ).
ومن خلال هذه القرارات المنبثقة عن مؤتمر الصومام، أن الثورة الجزائرية قد
انتقلت من مرحلة المبادرة الفردية إلى مرحلة التنظيمات الفعلية.

descriptionمؤتمر الصومام 20 أوت 1956م Emptyرد: مؤتمر الصومام 20 أوت 1956م

more_horiz
ب- نتائج المؤتمر:
إن عقد المؤتمر في حد ذاته يعتبر من أهم منجزات الثورة الجزائرية حيث عقد
في ظروف تكالبت فيها قوات الاستعمار على تصفية الثورة كما أن عقده في وادي
الصومام بالذات يعتبر تحديا من طرف قادة جيش التحرير الوطني، وكما يقول
توفيق المدني :" فلقد كان مؤتمر الصومام صغيرا في حجمه، كبيرا في سمعته،
كانت مقرراته تشبه ميثاقا وطنيا، أعطى أول مرة محتوى للثورة الجزائرية فقد
أعطى نتائج أكثر مما كان متوقعا منه، حيث أزال مؤتمر الصومام، فكرة
الزعامة و أقر أن الثورة من الشعب و إلى الشعب..." ( ).
ويمكن إجمال النتائج التي حققها مؤتمر الصومام في:
أ- أزال فكرة الزعامة الفردية التي نبذها القادة، الذين حضروا للثورة في
جميع مراحلها، ابتداءا من22، إلى الاجتماع الذي تقرر فيه تاريخ وساعة
اندلاع الثورة، وأقروا مبدأ القيادة الجماعية، ووضعوا شعارا دائما للثورة،
أقروه بالإجماع "وهو الثورة من الشعب إلى الشعب"( ).
ب- استطاع أن ينظم الثورة بضمانه لها السير المنتظم إلى الأمام، من حسن
على أحسن، وبفضله تخطت الثورة كل الصعوبات والعراقيل وتغلبت عليها رغم
كثرتها وخطورتها، سواء فيما يتصل بالعدو، أو المتناقضات التي كانت داخل
الثورة، نفسها( ).
3- أعطى قيادة وطنية، لحركة التحرير،وأنشأ أجهزة قيادية وهي: مجلس وطني للثورة، لجنة التنسيق والتنفيذ.
كما أنه حدد هياكل جبهة التحرير وجيش التحرير على المستوى الوطني، وعين أشكال التنظيم وطرق العمل( ).

4- تنظيم الشعب للالتفاف حول جبهة التحرير، وتحريضه على الثورة العارمة ضد
المستعمر، وزيادة التلاحم بين الجيش وجماهير الشعب في الأرياف والمدن خاصة
بعد خروج الشباب المثقف من إضرابه العام عن الدراسة من المدن وتطوعهم في
صفوف جيش التحرير الوطني، حيث قام بخدمات كبيرة في ميدان نشر الوعي
الاجتماعي والسياسي في صفوف الشعب، هذا الوعي أدى إلى إدراك الشعب مدى قوة
جيش التحرير، وأبرز الهدف الحقيقي من كل ما يقوم به، وهو خدمة مصالح الشعب
ومصلحة الوطن( ).
5-إضافة إلى الأجهزة السياسية والإدارية التي وضعها المؤتمر والمتمثلة في
لجنة التنسيق والتنفيذ، والمجلس الوطني للثورة هناك أجهزة أخرى والمتمثلة
في:
أ- ظهور الشرطة الحربية والتي تمثل أدق أجهزة الجيش، وأنشطها، أما أنشطتها
فلها عمل خارجي يتمثل في مراقبة تحركات كل جندي في إجازته، تحفظ الأمن في
المدن والقرى والمناطق التي يسيطر عليها الجيش وتتولى تنفيذ الأحكام بين
المدنيين( ).
ب- المستشفيات منها المتنقل ومنها القار، وذلك بفضل النشاط الواسع لجبهة التحرير الوطني.
6-إنشاء هيئات اجتماعية مختلفة تعمل للتوعية و التوجيه من أجل بناء الجزائر هذه الأجهزة كالآتي:
أ-الاتحاد النسائي:والتي لعبت دورا كبيرا في توعية المرأة التي شاركت في
معركة التحرير،وفي هذا الباب ورد: "إننا نحيي بتأثير وإعجاب الشجاعة
الثورية المتحمسة التي عبرت عنها الفتيات والنساء، والزوجات والأمهات
وجميع أخواتنا المجاهدات اللاتي تشاركن فعليا وبالسلاح أحيانا في النضال
المقدس لتحرير الوطن"( ).


ب-الكشافة الإسلامية: وحدت الجبهة الفرق والهيئات الكشفية الجزائرية
بالمغرب العربي في إطار واحد، وخدمت القضية الجزائرية لدى الهيئات الكشفية
العالمية.
ج-الهلال الأحمر الجزائري: لا يمكن لنا إهمال الدور الذي لعبه في إقامة الاتصال بالصليب الأحمر الجزائري، فضلا عن نشاطاته الأخرى.
د-النشاط الصحفي والجرائد: ظهرت جريدة المجاهد، الناطقة بلسان الثورة
الجزائرية، وتطورت النشرات المحلية، فعرفت بالقضية الجزائرية لدى الهيئات
والمحافل الدولية.
هـ-الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية:
بعد أربع سنوات من الحرب التي عرفتها مسيرة الثورة الجزائرية قررت لجنة التنسيق والتنفيذ أن تنحل وتشكل حكومة جزائرية.
وفي 19 سبتمبر1958 تم الإعلان – في آن واحد - في كل من تونس والقاهرة وعدة
عواصم أخرى عن تشكيل حكومة مؤقتة للجمهورية الجزائرية( ) توكل إليها مهمة
إجراء المفاوضات،وكانت هذه الحكومة الجزائرية المؤقتة برئاسة فرحات عباس،
وتعتبر هذه الحكومة حصيلة جهود و أوضاع محلية ودولية، وقد جاء تأسيسها
تنفيذا لقرارات المجلس الوطني للثورة في اجتماعه المنعقد في القاهرة من22
إلى28 أب/أغسطس 1958، والذي كلف فيه لجنة التنسيق والتنفيذ بالإعلان عن
تشكيل حكومة مؤقتة استكمالا لمؤسسات الثورة وإعادة بناء الدولة الجزائرية
الحديثة( ).
إن هذا المؤتمر الذي عقد بالولاية الثالثة (القبائل) بوادي الصومام
في20أوت 1956، قد أعطى الثورة شكلا تنظيميا وأعطاها قيادة، وحدد القوانين
والأسس التي تشير عليها في كامل التراب الوطني.



7- انعكاسات المؤتمر وردود الفعل:
على الرغم من النتائج الايجابية التي توصل إليها المؤتمر إلا أنه أثار العديد من التناقضات والانتقادات.
أ- موقف بعض قادة الولايات من المؤتمر:
بالرغم من الدور الذي لعبته الولاية الأولى في تفجير الثورة، إلا أنها
عرفت ظروفا قاسية، كادت أن تؤثر على مسيرة الثورة، بداية من اعتقال قائد
الولاية مصطفى بن بولعيد، قرب الحدود التونسية الليبية، لكنه تمكن من
الفرار في نوفمبر 1956، هذا الحدث ترك فراغا على مستوى القيادة، لم يستطع
نائبه شيحاني أن يسده، زد على ذلك الموت الغامض، لبن بولعيد في23 مارس1956
أثناء التحضير لانعقاد المؤتمر، والذي أثار جدلا كبيرا ولم يكشف عن
الحقيقة، ثم استشهاد شيحاني الذي كان محل ثقة الشهيد بن بولعيد كل هذه
الأحداث لعبت دورا سلبيا، أدى إلى نشوب صراعات وتمردات بالولاية، تمثلت في
إرسال وصلا متأخرين بعد انتهاء الأشغال.
ومن بين القرارات الأساسية التي أثارت جدلا كبيرا هو قرار العمل السياسي
على العسكري، حيث أن القادة العسكريون لم يتقبلوا القرار باعتبارهم قادة
المعارك، وهو ما أدجى إلى تجاوزات وصلت إلى غاية التصفية الجسدية( ). وفي
حقيقة الأمر أن تذمر الولاية الأولى من قرارات المؤتمر كان نابعا من شعور
العسكريين بعدم أهميتهم، وأنهم يأتون في الرتبة الثانية بعد السياسيين، مع
أنه في الحقيقة تصور خاطئ إذ أن المؤتمر كان يهدف إلى التنظيم، وكذلك
ترتيب الأمور بالصورة المناسبة، كما أن الصراعات التي كانت تعيشها قيادة
الثورة بشقيها السياسي والعسكري تعود بالدرجة الأولى للتقييم الجغرافي
للولايات، إذ اتسمت بالاستقلالية بحيث أصبح كل قائد يشعر بالسلطة المطلقة
على منطقته، ولا يسمح لأحد التدخل فيها( ).

وكان للقاعدة الشرقية وبالذات سوق أهراس موقفا خاصا من المؤتمر ومن أعضائه
وهذا ما أوضحه إبراهيم العسكري:"لمحات من مسيرة الثورة التحريرية
الجزائرية ودور القاعدة الشرقية"، إذ قال بأنه من جملة سلبيات مؤتمر
الصومام أنه لم يعر اهتماما للمنطقة الواقعة في أقصى الشرق من التراب
الوطني، مع العلم أن هذه المنطقة تتمتع بإستراتيجية سياسية وعسكرية الشيء
الذب يجعلها تتحكم في الثورة الجزائرية، حيث أن هذه المنطقة قامت بالتدريب
العسكري والتجنيد كما اشترت الأسلحة الأوتوماتيكية من الخارج، وكذلك
الألبسة العسكرية، وبعد هذه التحضيرات أعلنت هذه المنطقة في سنة1956،
بأنها أصبحت الولاية السابعة تحت قيادة عناصر من الحركة الوطنية، وأطلقت
على نفسها تسمية "سوق أهراس" ثم أصبحت "القاعدة الشرقية" وقرر قادتها
المشاركة في مؤتمر الصومام وأعدوا لذلك تقريرا أدبيا يشمل جميع الجوانب،
وكبقية الولايات شكلت وفدا للذهاب إلى المؤتمر وبالفعل ذهب الوفد باتجاه
واد الصومام، إلا أن بعض العناصر من الولاية الثانية اعترضوا طريقه،
وأخبروه بأن أشغال المؤتمر قد انتهت، وطلبوا منه تسليم التقرير الأدبي،
فسلمه الوفد التقرير وعاد ليخبر قيادته أن المؤتمر قد انتهى، وبعد أيام
قليلة سمع قادة ولاية سوق أهراس بأن المؤتمر بدأ أشغاله بوادي الصومام( )،
كما أن الخلاف الذي كان بين قادة سوق أهراس ومنطقة الأوراس في أوائل
سنة1956 أدى إلى تجريد بعض العناصر من أسلحتها ونقلها إلى الأوراس كما زاد
من السخط الداخلي مقتل "جبار عمر" أحد القادة المحبوسين في المنطقة ولكن
المؤتمر لم يهمل هذه النقطة، حيث كلف زيغود يوسف قائد المنطقة الثانية بحل
مشاكل سوق أهراس، وكلف العقيد عميروش بحل مشاكل أوراس النمامشة، لكن زيغود
يوسف استشهد قبل أداء مهمته( )، كما نشير إلى أن قرارات الصومام قد رفضت
من بعض قادة المناطق فكان مصيرهم الإعدام، مثل ما



وقع مع "عباس لغرور" مسؤول الولاية الأولى "الأوراس"، وهذا لعدم اعترافه بقرارات الصومام، وكذلك "لزهر شريط" مسؤول النمامشة( ).
قرار أخر أدى إلى ظهور الاختلاف بين المسؤولين، وهو أولوية الداخل على
الخارج والذي أدى إلى ظهور بوادر الصراع بين بعض القادة حول تزعم الثورة
خاصة بين مسؤولي الداخل، وممثليهم في الخارج.
وقد كان هذا الوضع في طريقة نحو التطور حيث تحول إلى صراع داخل الثورة
وإلى تعقيد العلاقة بين القادة في الداخل والخارج، ففي الحقيقة لا يوجد أي
نص أو أمر يمنع المسؤول من العمل في الخارج والعودة إلى الداخل، ففي
الداخل نقاوم نعرف من نهاجم أو نتراجع، هل نؤيد أم نعارض، ومهما يكن فإننا
لا نستطيع أن نقرر في أمر أو في أخر إلا في الداخل، وبالخارج( ).
وبرز الصراع واضحا بين أعضاء الخارج (أحمد بن بلة، أيت أحمد، محمد بوضياف،
أحمد محساس...) والقادة في الداخل، وكاد أن يحدث انقسام خطير في القيادة
والفصل في قيادة الزعامة هل تكون بالداخل أو بالخارج نتيجة لسجن القادة في
الخارج بعد اختطاف الطائرة من طرف السلطات الفرنسية حيث تم إلقاء القبض
على أحمد بن بلة، محمد خيضر، حسين آيت أحمد، محمد بوضياف، ولو لم يحدث
ذلك، لوقع خلاف مرير في القيادة كان سيضر حتما بمصلحة الثورة، فلو بقي
أعضاء الخارج لما وافقوا إطلاقا على مقررات مؤتمر الصومام( ).
ولابد أن مؤتمر الصومام، كان يهدف إلى شيء أساسي يرغب في تحقيقه وهو خلق
تنظيم جديد للثورة الجزائرية، ومهما يكن فإن أهمية المؤتمر لا يمكن
إلغائها فقد تساهم بشكل أو بأخر في تحقيق النجاح للثورة الجزائرية.


ويبرز لنا من خلال هذه النقاط نوعا من الظواهر السلبية التي ظهرت داخل
الثورة الجزائرية، ونشير أن المقصود في هذا الجانب ليس تشويه أو تحريف بل
هو محاولة للتطرق إلى واقع معين ميز الثورة في مرحلة ما.
ب- صدى مؤتمر الصومام:
على الصعيد الداخلي، لقد أوصى مؤتمر الصومام بتبني أرضية تجسد شعبية
الثورة وكذا شموليتها، باعتبار أن الشعب هو أساس نجاح أي ثورة، لهذا ركز
المؤتمر عليه، وما يدل على تطور الثورة بعد المؤتمر، هو دخول الحرب إلى
المدن الجزائرية وانتشارها عبر الأرياف، وكانت العمليات في المدن تتم بطرق
مختلفة منها التصفية الجسدية الفردية للعناصر الأجنبية المعادية والخونة،
وضرب المؤسسات الاستعمارية الكبرى وغيرها من العمليات( ).
أما في الأرياف فقد اتخذت الثورة طابعا مختلفا، تمثل في إلحاق الخسائر
الفادحة بقوات العدو، نظرا للحصانة التي تتمتع بها الأرياف لوقوعها بين
الجبال وهذا ما يجعلها أكثر ملائمة لمحاربة المحتل، كما أن الثورة بعد هذا
المؤتمر حررت الجماهير الشعبية من الخوف الذي كان بأنفسهم حيث أعادت الثقة
بالنفس للجماهير الجزائرية وانتزعت من نفوسها جذور الخوف من الاستعمار
الفرنسي ومن قواته العسكرية( )،
ونشير في هذا الباب إلى الدور الفعال الذي لعبه المحافظون السياسيون في
إطار رفع معنويات الشعب وتعزيزها، إذ تمكنوا من إحباط مناورات العدو كافة
بإصدار المناشير التي توزع في الأرياف والمدن، وهذا لشرح المهام المرحلية
التي يتوجب على المواطنين انجازها( ).


أما على الصعيد الخارجي كان للثورة الجزائرية، تأثير عميق على الحياة
الفرنسية خاصة بعد المؤتمر في كل المجالات السياسية، الاقتصادية،
الاجتماعية، وكذا العسكرية، ولم يفكر الاستعمار الفرنسي أن الثوار
الجزائريين بإمكانهم نقل الثورة إلى أراضيه، وهذا بالمقارنة مع الرقابة
الشديدة التي كانت مفروضة على الجزائريين( )، وأكبر دليل على ما أحدثته
الثورة الجزائرية من أزمات نسجل سقوط الحكومات الفرنسية المتتالية والتي
عجزت على مواجهة اتساع رقعة الثورة، وحسم الأمر لصالحها، وهذه الحكومات
هي: حكومة مانديس فرانس، غي مولي الأولى، بورجيس مونوري إدغافور، فيلكس
غيار، غي مولي الثانية، وفيلملان وقضت على الجمهورية الفرنسية الرابعة( )،
وظهر تأثير الثورة الجزائرية على الصعيد العربي خاصة، وكذا الدولي فلقد
استطاعت الثورة الجزائرية أن تفرض وجودها في الخارج، وتمكنت من نيل تأييد
وإعجاب أشقائها العرب بصورة خاصة وكذا البلدان الاشتراكية، وبعض بلدان
العالم الثالث، وكانت إذاعة صوت العرب القاهرة صوتا ناطقا بصدق باسم
الثورة داعيا لها، مدافعا عنها( ).
كما ظهر جليا في عدة مناسبات تأييد الشعبين التونسي والمغربي لمساعي
الثورة الجزائرية من أجل تحقيق الاستقلال، دون أن ننسى جهود الحكومتين
معا(المتمثلة في شخصيتي الرئيس بورقيبة، ومحمد الخامس)، من أجل إيجاد حل
للقضية الجزائرية، وقد اتضح ذلك أكثر منذ1956 وهي السنة التي تم فيها
استقلال المغرب وتونس،ورفق هذا الحدث تصعيد العمل المسلح بالجزائر( ).
ليس هذا فحسب، بل وحتى على الصعيد الدولي، حيث أن الثورة كان لها صداها
على المستوى الدولي عامة، فلقد استطاعت الثورة إبلاغ هيئة الأمم المتحدة
بالقضية

الجزائرية، وكان قبل ذلك قد تطرق إليها مؤتمر باندونغ الذي اتخذ قرارا
بمساندة الجزائر، المغرب، تونس، ومساندة حقها في إدارة شؤونها واستقلالها،
هذا الدعم فتح الطريق نحو هيئة الأمم المتحدة، وقد تم مناقشة القضية
الجزائرية خلال الدورة الحادية عشر المنعقدة من12 نوفمبر 1956 إلى
8مارس1957 واستمرت مناقشة القضية الجزائرية خلال ستة دورات أي من سنة 1955
إلى غاية1962.
وكان عدد أنصار الجزائر يتزايد مرة بعد أخرى في حين كان موقف فرنسا يزداد تراجعا( ).
هذا يظهر وبكل وضوح الأثر الذي تركه مؤتمر الصومام على الثورة الجزائرية
هذا الأثر لم يتوقف عند صعيد واحد، فحسب بل تعداه إلى كل الأصعدة الداخلية
والخارجية.
جـ-موقف فرنسا من قرارات الصومام:
لقد أثار منهج الصومام السلطات الاستعمارية الفرنسية التي كانت تتعامل مع
الثورة حتى تلك المرحلة بأنها حدث داخلي من اختصاص السلطات الفرنسية وتجلى
بوضوح أن إرادة الثوار وأهدافهم، هي أبعد بكثير منا كانت تتصوره فرنسا،
وقد عمت الثورة كامل التراب الوطني، أثناء هذه الفترة، أي بعد مؤتمر
الصومام1956، وكثرت فيها هجومات جيش التحرير الوطني، وعجزت حكومة فرنسا عن
إيجاد الحل الذي يقضي على هذه الثورة، فلجأت إلى اتخاذ عدة تدابير عن طريق
المكر والخداع، والتدابير العسكرية.
فلقد قامت السلطات الفرنسية يوم22أكتوبر 1956، باختطاف الطائرة المقلة
لوفد جبهة التحرير الوطني الجزائري( )، عندما كان الوفد الجزائري في طريقه
من المغرب الأقصى، إلى تونس لحضور المؤتمر الذي دعت إليه تونس أقطار
المغرب العربي


الثلاثة، والهدف من هدا المؤتمر، هو تأسيس اتحاد فدرالي بين تونس والجزائر
والمغرب الأقصى، على أن يساعد هذا الاتحاد في حل المشكل الجزائري.
وأثناء ذهاب الوفد من المغرب لحضور المؤتمر في تونس على متن طائرة مغربية،
يقودها فرنسي تمت عملية القرصنة باستعمال سلاح الطيران الفرنسي، وبتآمر مع
الطيار، أرغمت الطائرة على الهبوط في الجزائر العاصمة في22 أكتوبر 1956
والتي كان على متنها محمد بوضياف، أحمد بن بلة، محمد خيضر، حسين آيت أحمد،
مصطفى الأشرف.
وفي الليل أذاع "راديو مونتيكارلو" النبأ وقد جاء فيه "إن السلطات
الفرنسية قد ألقت القبض على الزعماء الجزائريين الخمسة الذين ذهبوا من
المغرب على تونس من أجل المشاركة في مؤتمر سياسي وأنزلتهم في مدينة
الجزائر، حيث سارت بهم مقيدين إلى السجن( ) وقد قام هؤلاء الخمسة بإضراب
عن الطعام يوم05 نوفمبر، وسرعان ما ذاع خبر الإضراب وباشرت أجهزة الإعلام
المصرية حملتها الدعائية لتتهم حكومة فرنسا بالتخلي عن إنسانيتها وتحمل
ديغول وأعوانه عواقب هذا العمل( )، وهكذا ظنت أنها بهذه العملية قد قضت
على زعماء الثورة كما أذاعت، وبذلك تكون حققت هدفها في إضعاف الثورة، إذا
أخذت وسائلها الدعائية تزعم أن رأس الثورة قد قطع وأن الثوار لن يلبثوا
طويلا حتى يضعوا السلاح، لكنها أدركت أنها قد أخطأت مرة أخرى( ).
لم تكتف فرنسا بعملية القرصنة، وإنما لجأت إلى وسيلة أخرى حيث شاركت في
العدوان الثلاثي على مصر، إلى جانب بريطانيا وإسرائيل يوم29 أكتوبر1956،
وكانت حجتهم في الاعتداء تأميم قناة السويس، إلا أن الحقيقة هو سبب
المستندة العلنية للحكومة المصرية لرئاسة جمال عبد الناصر، للثورة
الجزائرية، واشتراك فرنسا في هذا العدوان الثلاثي، لم يزحزح موقف الشعب
المصري من القضية الجزائرية، وذلك ما صرح به

الزعيم المصري في خطابه بعد العدوان بالإسكندرية إذ قال: "ومن هنا نبعث
بتحيتنا إلى ثوار الجزائر في كفاحهم البطولي من أجل التحرر والاستقلال،
ونعلن للعالم إننا لن نتخلى عن ذلك الكفاح البطولي"( ).
وقد شهدت الفترة ما بين ديسمبر1956 إلى سبتمبر 1957،معركة مدينة الجزائر
والتي كانت طاحنة بين المسبلين من جبهة التحرير ووحدات المظليين الفرنسيين
وقامت هذه الأحداث بمحاصرة الجزائر العاصمة لتستول على حي القصبة واتبعت
تخطيط المربعات "الكاردياج" في الهجوم الذي كان بقيادة العقيد "ترانكي"
الذي أخضع سكان مدينة الجزائر، إلى نظام تفتيش رهيب، وفرض مراقبة شديدة في
كل حي ومنزل وأصبحوا يخضعون للتعذيب كل الناس بدون مراعاة السن أو الجنس.
أما عن القرى و الأرياف، فقد حوصرت وأجبر سكانها على الجلاء من ديارهم
وجمعوا في مخيمات خاصة، ووزعت مناشير عديدة لجميع سكان الدواوير، تنذرهم
فيها فرنسا وتخيرهم إما أن ينظموا إلى فرنسا ويلتحقون بالمخيمات، أو أنها
ستقضي عليهم باستخدام الدمار( )، كما عمدت فرنسا إلى عزل الثورة، وذلك
بتوسيع الأسلاك الشائكة بعد انعقاد مؤتمر الصومام 1956، ومنذ هذا التاريخ،
أصبحت هذه الوسيلة في نظر فرنسا وسيلة دفاعية أكثر منها هجومية وبالموازاة
مع سياسة التجميع ومضاعفة شبكة الجوسسة والعمل النفسي، وبطلب من وزير
الدفاع الفرنسي أندري موريس تبنت الحكومة الفرنسية مشروع أسلكة الحدود
الغربية و الشرقية مع كل من تونس والمغرب لأهميتها بالنسبة للثورة
الجزائرية، كما تم تلغيم هذه الخطوط وتزويدها بأجهزة الإنذار، وقد وصلت
على الحدود إلى مئات الكيلومترات، وتراوح عرضها ما بين 40و60 متر فأكثر،
حتى يصعب اجتيازها، وكانت فرنسا تهدف من وراء وضعها لهذه الأسلاك إلى خنق
الثورة الجزائرية في مهدها، وعزلها عن الشعب والعالم الخارجي، وتوقيف
الإمداد المغربي والتونسي لها

إضافة إلى تمكين الرعب واليأس، في نفسية الجزائر، بعد توسيع المناطق
الشائكة المدعمة بوحدات دائمة الحركة للمراقبة والحراسة،... الخ( ).
وهكذا استطاع مؤتمر الصومام أن يبعث الاضطراب قي السياسة الفرنسية بعد
قراراته التي ظهرت نتائجها في العام الأول للمؤتمر، ومن هنا تبرز أهمية
هذا المؤتمر الذي أعطى للثورة انطلاقة جديدة مكنتها من الانتصارات في
الداخل وإسماع صوتها في الخارج، إذ جعلها تكسب تأييد الرأي العام العالمي
وتؤمن لنفسها طريق النصر النهائي.

descriptionمؤتمر الصومام 20 أوت 1956م Emptyرد: مؤتمر الصومام 20 أوت 1956م

more_horiz
يسلللللللللللللللللللللللللمو

descriptionمؤتمر الصومام 20 أوت 1956م Emptyرد: مؤتمر الصومام 20 أوت 1956م

more_horiz
يسلموووو

descriptionمؤتمر الصومام 20 أوت 1956م Emptyرد: مؤتمر الصومام 20 أوت 1956م

more_horiz

[url=http://www.amelbouchoucha.net/#]تكبير الصورةتصغير الصورة

تكبير الصورةتصغير الصورة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/url]



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

descriptionمؤتمر الصومام 20 أوت 1956م Emptyرد: مؤتمر الصومام 20 أوت 1956م

more_horiz
مشكووووووووووووووووووووور

descriptionمؤتمر الصومام 20 أوت 1956م Emptyرد: مؤتمر الصومام 20 أوت 1956م

more_horiz
merciiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد