جلست أرقب أوراق الخريف تتساقط تباعا..تسائلت مع نفسي كم يلزمني من الأوراق لكي أدرك أن قانون الطبيعة
هو فوق تصوري للأشياء ..فطول سنوات عمري التي مضت كانت بها فصولا تعقب فصول وكنت أرى لكل
فصل عذرا ومبررا ..الشتاء ليسقي الأشجار لتورق من جديد والصيف ليجفف الأوراق الذابلة لتتجدد أخرى
كان دائما ما سيأتي فيما بعد ..وبكل الأمل كنت أرى دورة الحياة مستمرة يتجدد معها حرصي على المستقبل
ما كنت لأبكي شمسا تغيب لأنني موقنة بأن وراء الغيب شمس أكثر دفئا ونورا....لكن هذا الخريف غير كل خريف
أحس أن سويعات عمري مرتبطة ببقايا الأوراق العالقة والقابلة للسقوط في أية لحظة ..وأنا أحس بالعجز عن رسم
أحلام للثواني القادمة ..لأول مرة تتحدد اختياراتي بين أن أغلق عيني حتى لا أبصر السقوط الأخير وبين أن أعزف
على وقع الأمر آخر لحن قد يتغنى به من هم بعدي - ان استصاغوه أصلا- أزلت الساعة من يدي
وتعمدت فتحها وطرحت العقارب أرضا ..أعجبني شكلها الجديد اعدتها الى معصمي وافتخرت أنني انتصرت
على دقاتها التي تحتسب عمري ..ففي النهاية ..هناك أجل محتوم قد لا تدركه عقارب ساعتي الصغيرة....