قد نشرت "الموعد" في "شارع النجوم" مجموعة من المقالات التي كتبها رئيس تحريرها، وهي لا تتبع التسلسل الزمني، بل تتنوع مواضيعها ومضمونها مع تنوّع النجوم الذين رووا ذكرياتهم وتحدثوا ومشوا في "شارع النجوم". ونصل مع الفنان منصور الرحباني إلى الفترة التي لمع فيها الثلاثي الذي ضمّ إلى منصور شقيقه عاصي والمطربة الكبيرة "فيروز".
ما هو أول عمل فني قدّمته أنت و"عاصي" إلى "فيروز"؟
أنا ما بقدر أعطي الفرق
أظن أنها كانت قصيدة، "حبذا يا غروب" وأظن بأنها كانت للشاعر "قبلان مكرزل".
وهل كانت "فيروز" تشترك في الاسكتشات الإذاعية التي كنتم تقدمونها في بداية رحلتكم الفنية؟
طبعاً..
كيف تمّ التعاون فيما بينكم؟
في الأساس جاءت "فيروز" إلى الإذاعة من الكونسرفاتوار، ثم انضمت إلى الكورس، وكان "عاصي" يومها موظفاً كعازف كمان، وطبيعي أن يتم التعارف بينهما، ثم صار يعلّمها، وباتت تشترك معنا بأكثر أعمالنا، ومن الاسكتشات الإذاعية التي قدمناها معاً أذكر "روكز خطب" و"روكز تجوّز" وكان معنا أيضاً "وديع الصافي"، ثم انتقلنا من الاسكتشات القصيرة إلى الأعمال الموسيقية الضخمة مثل "النهر العظيم" و"جيران البحر" وغيرها من الأعمال التي باتت معروفة عند كل الناس في كل العالم العربي!
وهل هناك فرق بين الأخوين رحباني، والجيل الرحباني الجديد؟
أكيد، الفرق موجود، ومن الضروري وجود هذا الفرق كي لا يكونوا نسخة عنّا..
وبماذا يختلفون عنكم؟
"أنا ما بقدر أعطي الفرق"، ولا أحب أن أحلل الأشياء، ولكن خذ "زياد" مثلاً، إنه تربيتنا، ونشأ في محيطنا، ويجوز أن يكون لنا أثر في توجيهه الفني، فلو أنه نشأ في بيئة مختلفة، أو كان والده صاحب بنك أو طبيباً أو أي شيء آخر، فربما لم يكن عنده هذا الميل الكبير للاتجاه نحو الفن، ولكن "زياد" نشأ في بيئتنا، وبسرعة كبيرة كوّن شخصية خاصة به، وصار عنده أسلوب معين إن كان في التلحين أو في التأليف المسرحي، عدا عن حضوره العظيم على المسرح..
لم نؤثّر في أولادنا فقط،
بل شمل تأثيرنا لبنان
والعالم العربي موسيقياً وشعرياً
يعني تأثّر "زياد" بكم ثم رسم طريقه الخاص؟
أجل، ومن المفروض أن يكون الفنان الناجح على هذا الطريق، لا أن يكون نسخة عن الغير، وعلى كل حال، أقولها بكل تواضع، فالحقائق يجب أن تقال: لم نؤثّر في أولادنا فقط، بل شمل تأثيرنا لبنان والعالم العربي موسيقياً وشعرياً..
لنعد إلى الجيل الرحباني الجديد؟
نعم، ابن أختي "بشارة الخوري" نشأ بيننا، ولكنه اتجه للموسيقى السيمفونية، وهو حفيد الأخطل الصغير، ووالده أيضاً شاعر كبير هو "عبد الله الأخطل"، وعندما كان "بشارة" في السادسة عشرة من عمره ألّف ثلاثة كتب مختلفة تماماً عن شعر جده ووالده وأخواله، ثم ألّف موسيقى جديدة لا علاقة لها بتاتاً بموسيقانا، وذهب إلى باريس وما زال هناك يعمل في تأليف السيمفونيات..
أما ولداي "مروان وغدي" فإنهما من أشدّ المعجبين بالخط الرحباني، ولكن عندما ألّفا الموسيقى، قدّما الشيء المختلف واتجها إلى "اللون" الذي هو نوع جديد من الموسيقى الراقصة الشرقية، وعندك أيضاً "غسان"، ابن "إلياس"، الشقيق الأصغر لنا، لقد قدّم اسطوانات جميلة واختار مجموعة من أشهر الأغنيات وعزفها بطريقة جديدة، رائعة، وما أقصده هنا هو ما يلي: أن الجيل الرحباني نجح في تكوين شخصيات جديدة ومختلفة، وبالطبع لا يجب أن يكونوا نسخة طبق الأصل عنا لأنه لا يعود لهم مكان على الساحة الفنية!..
لنعد إلى الأخوين رحباني.. ماذا عن تجربتكم السينمائية؟
قدّمنا أنجح التجارب في
السينما العربية
في الواقع، نحن قدّمنا أنجح التجارب في السينما العربية، والقصة من الأول هي كما يلي: "في ذلك الزمان، طاب لنا أن نحوّل مسرحية "بياع الخواتم" إلى فيلم سينمائي، ولكي نضمن للفيلم عوامل النجاح، قلنا للصديق المخرج "يوسف شاهين": يا "يوسف" كم يكلّف هذا الفيلم؟ فأجاب: حوالي 225 ألف ليرة لبنانية أو 250 ألف ليرة بالأكثر، ووافق مستشار المخرج السينمائي "كامل التلمساني" ـ رحمه الله ـ وباشرنا العمل مع فريق التصوير والتقنيين، وبنينا ضيعة كاملة من أجل التصوير، ولكن الديكور "طلع نص نص"، فلا البيوت كانت حقيقية، ولا هي أسطورة مثل الحلم، ثم ارتفعت الكلفة إلى ستمائة ألف ليرة تحمّلناها مع شريكنا المنتج المهندس "نادر الأتاسي"، والفيلم اشتغل جيداً، ولكن أضخم إنتاج في ذلك الوقت لم تكن تكاليفه تتعدى نصف هذا المبلغ، لذلك لم يردّ تكاليفه!!
ثم عاودنا التجربة مع فيلم "سفر برلك" وتعاونّا مع المخرج "هنري بركات" الذي أعطانا رقماً تمّ على أساسه تنفيذ الفيلم من دون زيادة أو نقصان، ونجح الفيلم نجاحاً باهراً، ثم اتبعناه بفيلم "بنت الحارس" ونجح الفيلم أيضاً!
تذكر أنه كانت هناك عدة إشكالات رافقت عرض فيلم "سفر برلك"!
أجل، عقبات عديدة، فالفيلم كان يروي صراع اللبنانيين مع العثمانيين، ولسوء الحظ أخذت السفارات التركية في كل بلد عربي تحتج على عرض الفيلم فيُمنع، مع العلم بأن الكل يعرف تماماً بأن الجمهورية التركية هي التي أنهت العصر العثماني، فالعثمانيون شيء، والأتراك شيء آخر، ولكنني لا أستطيع أن أعلم لماذا لم يتمكنوا من فصل أنفسهم عن العثمانيين، مع أنهم دائماً يذكرون انتصارهم عليهم!!
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ما هو أول عمل فني قدّمته أنت و"عاصي" إلى "فيروز"؟
أنا ما بقدر أعطي الفرق
أظن أنها كانت قصيدة، "حبذا يا غروب" وأظن بأنها كانت للشاعر "قبلان مكرزل".
وهل كانت "فيروز" تشترك في الاسكتشات الإذاعية التي كنتم تقدمونها في بداية رحلتكم الفنية؟
طبعاً..
كيف تمّ التعاون فيما بينكم؟
في الأساس جاءت "فيروز" إلى الإذاعة من الكونسرفاتوار، ثم انضمت إلى الكورس، وكان "عاصي" يومها موظفاً كعازف كمان، وطبيعي أن يتم التعارف بينهما، ثم صار يعلّمها، وباتت تشترك معنا بأكثر أعمالنا، ومن الاسكتشات الإذاعية التي قدمناها معاً أذكر "روكز خطب" و"روكز تجوّز" وكان معنا أيضاً "وديع الصافي"، ثم انتقلنا من الاسكتشات القصيرة إلى الأعمال الموسيقية الضخمة مثل "النهر العظيم" و"جيران البحر" وغيرها من الأعمال التي باتت معروفة عند كل الناس في كل العالم العربي!
وهل هناك فرق بين الأخوين رحباني، والجيل الرحباني الجديد؟
أكيد، الفرق موجود، ومن الضروري وجود هذا الفرق كي لا يكونوا نسخة عنّا..
وبماذا يختلفون عنكم؟
"أنا ما بقدر أعطي الفرق"، ولا أحب أن أحلل الأشياء، ولكن خذ "زياد" مثلاً، إنه تربيتنا، ونشأ في محيطنا، ويجوز أن يكون لنا أثر في توجيهه الفني، فلو أنه نشأ في بيئة مختلفة، أو كان والده صاحب بنك أو طبيباً أو أي شيء آخر، فربما لم يكن عنده هذا الميل الكبير للاتجاه نحو الفن، ولكن "زياد" نشأ في بيئتنا، وبسرعة كبيرة كوّن شخصية خاصة به، وصار عنده أسلوب معين إن كان في التلحين أو في التأليف المسرحي، عدا عن حضوره العظيم على المسرح..
لم نؤثّر في أولادنا فقط،
بل شمل تأثيرنا لبنان
والعالم العربي موسيقياً وشعرياً
يعني تأثّر "زياد" بكم ثم رسم طريقه الخاص؟
أجل، ومن المفروض أن يكون الفنان الناجح على هذا الطريق، لا أن يكون نسخة عن الغير، وعلى كل حال، أقولها بكل تواضع، فالحقائق يجب أن تقال: لم نؤثّر في أولادنا فقط، بل شمل تأثيرنا لبنان والعالم العربي موسيقياً وشعرياً..
لنعد إلى الجيل الرحباني الجديد؟
نعم، ابن أختي "بشارة الخوري" نشأ بيننا، ولكنه اتجه للموسيقى السيمفونية، وهو حفيد الأخطل الصغير، ووالده أيضاً شاعر كبير هو "عبد الله الأخطل"، وعندما كان "بشارة" في السادسة عشرة من عمره ألّف ثلاثة كتب مختلفة تماماً عن شعر جده ووالده وأخواله، ثم ألّف موسيقى جديدة لا علاقة لها بتاتاً بموسيقانا، وذهب إلى باريس وما زال هناك يعمل في تأليف السيمفونيات..
أما ولداي "مروان وغدي" فإنهما من أشدّ المعجبين بالخط الرحباني، ولكن عندما ألّفا الموسيقى، قدّما الشيء المختلف واتجها إلى "اللون" الذي هو نوع جديد من الموسيقى الراقصة الشرقية، وعندك أيضاً "غسان"، ابن "إلياس"، الشقيق الأصغر لنا، لقد قدّم اسطوانات جميلة واختار مجموعة من أشهر الأغنيات وعزفها بطريقة جديدة، رائعة، وما أقصده هنا هو ما يلي: أن الجيل الرحباني نجح في تكوين شخصيات جديدة ومختلفة، وبالطبع لا يجب أن يكونوا نسخة طبق الأصل عنا لأنه لا يعود لهم مكان على الساحة الفنية!..
لنعد إلى الأخوين رحباني.. ماذا عن تجربتكم السينمائية؟
قدّمنا أنجح التجارب في
السينما العربية
في الواقع، نحن قدّمنا أنجح التجارب في السينما العربية، والقصة من الأول هي كما يلي: "في ذلك الزمان، طاب لنا أن نحوّل مسرحية "بياع الخواتم" إلى فيلم سينمائي، ولكي نضمن للفيلم عوامل النجاح، قلنا للصديق المخرج "يوسف شاهين": يا "يوسف" كم يكلّف هذا الفيلم؟ فأجاب: حوالي 225 ألف ليرة لبنانية أو 250 ألف ليرة بالأكثر، ووافق مستشار المخرج السينمائي "كامل التلمساني" ـ رحمه الله ـ وباشرنا العمل مع فريق التصوير والتقنيين، وبنينا ضيعة كاملة من أجل التصوير، ولكن الديكور "طلع نص نص"، فلا البيوت كانت حقيقية، ولا هي أسطورة مثل الحلم، ثم ارتفعت الكلفة إلى ستمائة ألف ليرة تحمّلناها مع شريكنا المنتج المهندس "نادر الأتاسي"، والفيلم اشتغل جيداً، ولكن أضخم إنتاج في ذلك الوقت لم تكن تكاليفه تتعدى نصف هذا المبلغ، لذلك لم يردّ تكاليفه!!
ثم عاودنا التجربة مع فيلم "سفر برلك" وتعاونّا مع المخرج "هنري بركات" الذي أعطانا رقماً تمّ على أساسه تنفيذ الفيلم من دون زيادة أو نقصان، ونجح الفيلم نجاحاً باهراً، ثم اتبعناه بفيلم "بنت الحارس" ونجح الفيلم أيضاً!
تذكر أنه كانت هناك عدة إشكالات رافقت عرض فيلم "سفر برلك"!
أجل، عقبات عديدة، فالفيلم كان يروي صراع اللبنانيين مع العثمانيين، ولسوء الحظ أخذت السفارات التركية في كل بلد عربي تحتج على عرض الفيلم فيُمنع، مع العلم بأن الكل يعرف تماماً بأن الجمهورية التركية هي التي أنهت العصر العثماني، فالعثمانيون شيء، والأتراك شيء آخر، ولكنني لا أستطيع أن أعلم لماذا لم يتمكنوا من فصل أنفسهم عن العثمانيين، مع أنهم دائماً يذكرون انتصارهم عليهم!!
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]