[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
فيلم "واحد صفر" للمخرجة كاملة أبوذكرى الذى يعرض جماهيريا الأربعاء المقبل سوف نشاهد نيللى كريم وهى تؤدى واحدا من أهم أدوارها فى السينما، فتاة مصرية فقيرة محجبة، لو أنك استبدلت نيللى كريم بالفنانة الموهوبة المحجبة خلف وأمام الكاميرا حنان ترك فهل يتغير الأمر؟!
الحقيقة هى نعم لأن هناك أربعة مشاهد على الأقل أدتها نيللى كانت سوف تعترض عليها حنان، الأول وهى تضع الإيشارب على رأسها فنرى جزءا من شعرها، الثانى وهى فى محل لبيع الملابس وتغير ملابسها لم يظهر منها سوى الذراع، وهو ما لا ترضاه بالطبع الفنانة المحجبة، الثالث اللقاء الذى جمع بين نيللى وشاب يحبها، وواعدته على كورنيش النيل، الرابع بعد أن أنهت الصلاة وخلعت الإيشارب من على رأسها لمدة بضع ثوان ورغم ذلك المحجبات عادة لا يكتفين بهذا القدر، بل لهن آراء فى الدراما والشخصيات الأخرى فى العمل الفنى. نيللى لديها فى الفيلم شقيقة تغنى وترقص وتقيم علاقة جنسية «زينة» وصديقة كبيرة أقامت بالفعل علاقة جنسية خارج إطار الزواج وأصبحت حاملا «إلهام شاهين»، مصير هذا الفيلم لو أننا بصدد انتظار موافقة فنانة محجبة هو الرفض طبقا لتلك المعايير الصارمة، وهكذا يضيع الفن تحت رحمة الدستور الأخلاقى للمحجبات الذى يطبقونه حرفيا على الأعمال الفنية! إن الحجاب لا يمكن تجاهله فى الأعمال الدرامية وإلا نصبح وكأننا نتناول مجتمعا آخر ونتحدث عن نساء لا يعشن فى مصر الآن، الواقع يفرض نفسه بكل مفرداته على كل أوجه الإبداع، ولهذا فإن البطلة التى ترتدى الحجاب سوف تشكل النسبة الغالبة من الأفلام السينمائية خلال السنوات المقبلة رغم علامات التردد التى تسبق دائما أى تغيير جذرى قادم.. إلا أن الإرهاصات بدأت فى العديد من الأفلام التى قدمت فى السنوات الأخيرة، كانت دائما الجرائد تكتب خلال نهاية الثمانينيات وطوال عقد التسعينيات أخبارا تحتل فى العادة مساحة مميزة عن فنانة ترتدى الحجاب، لكن الأعمال الفنية حتى عندما تقدم مجاميع من الكومبارس لا تلمح بينهن أى حضور للحجاب، ثم قدم المخرج أحمد عاطف «منى زكى» وهى ترتدى الحجاب فى فيلمه الأول «عمر 2000»، الذى عرض عام ,2000 واعتبرت الصحافة أن ارتداء منى للحجاب ولو فى الفيلم حدثا وأكثر من جريدة كانت تنشر صورا من الفيلم لمنى باعتبارها حقيقة قابلة للتصديق، ثم نكتشف فى نهاية الخبر أنه مجرد دعابة أو دعاية للفيلم، وبعد ذلك بثلاث سنوات قدمت منى دور فتاة محجبة فى فيلم «سهر الليالى» لهانى خليفة.
كانت المساحة الدرامية تمنح الشخصية حضورا والتزاما بالحجاب، كما يتطلبه الموقف الدرامى طبقا لرؤية تامر حبيب - كاتب السيناريو - وأداء منى وتوجيهات هانى، التى كانت تحمل منطقيا دراميا، ونحن نشاهد منى فى بيتها مع زوجها وطفلتها أو صديقتها، وأدت دور الصديقة حنان ترك.. كانت منى تتحرر من الحجاب أحيانا داخل حدود البيت، أما خارج البيت فتلتزم بارتدائه، هنا نحن بصدد عمل فنى تمتزج فيه الرؤية الدرامية بمقتضيات الواقع.. ممثلة تعرف بالضبط حدود الصورة السينمائية وعلاقتها بالحياة التى يعيشها الناس، واستحقت منى العديد من الجوائز عن هذا الدور، وإن كانت أغلب الجوائز التى حصدها الفيلم سواء فى مهرجان دمشق 2003 أو باريس 2004 كانت تمنح جائزة جماعية لأبطال الفيلم الثمانية فى أدوار النساء والرجال، وهو ما يتناقض مع المنطق والعدالة لأن منى بالفعل قدمت دورا تميز عن كل أقرانها البطلات فى الفيلم، وهو واحد من أهم أدوارها حتى الآن طوال رحلتها الفنية 12 عاما، الدور الثانى لارتداء الحجاب كانت مرشحة له أيضا «منى» عام 2004 ولكنها اعتذرت وذهب لهند صبرى فى «أحلى الأوقات» لهالة خليل، فكان أحلى أدوارها، وحصدت «هند» العديد من الجوائز عن هذا الدور، محجبة خفيفة الظل بنت بلد تعيش وهى تحلم بلمسة عاطفية من زوجها المتجمد المشاعر «خالد صالح»، وكالعادة الدراما تفرض الحجاب، لكن الحجاب لا يلوى عنق الدراما، وجاءت ياسمين عبدالعزيز فى «صايع بحر» لعلى رجب ولا أنسى لها مشهدا مؤثرا جدا يجمعها مع بطل الفيلم أحمد حلمى عندما اصطدمت معه فى مشادة وسقط الحجاب من رأسها ليضفى شعرها المسترسل على كتفيها أنوثة وغواية كان يقتضيها المشهد، وهو أيضا واحد من أفضل أدوارها رغم أن المساحة الدرامية كانت محدودة جدا مثل أغلب الأفلام التى تكتب لنجوم الكوميديا، ومنح هذا الدور فرصة لكى نرى وجها آخر لياسمين عبدالعزيز نادرا ما يلتفت إليه أحد، وهو ياسمين الممثلة الموهوبة، «بشرى» هى دائما البديل المتوافر عند اعتذار أغلب النجمات، وهكذا جاءها دورها فى «أنا مش معاهم» لأحمد البدري، ولم يحسب الفيلم تجاريا لبشرى، لكنه وضع فى قائمة حسناتها السينمائية القليلة، منح هذا الدور بشرى الفرصة لكى تقدم أفضل أدوارها وتثبت أن البديل يتفوق أحيانا على الأصل، يبدو أن بشرى شحذت كل طاقاتها الكامنة فى هذا الدور، حيث أدت دورا لفتاة ليست فقط محجبة، لكن الحجاب هو قضيتها الشخصية والفكرية والوجودية، بدأت بشرى الفيلم محجبة متزمتة وقبل اقتراب النهاية خلعت الحجاب وأصبحت سافرة متسيبة أى أن الفيلم فكريا لعب على الانحياز إلى الإحساس الجمعى لدى أغلب المصريين الذى يربط بين الحجاب والفضيلة، ويرى فى السفور الرذيلة، ولهذا عادت فى نهاية الفيلم للحجاب وتراوحت الشخصية بين الأبيض والأسود وخاصمت اللون الرمادى الذى يتيح للممثل إمكانيات أكبر فى التعبير إلا أن بشرى برغم قيود السيناريو فى رسم الشخصية قدمت دورا أثبتت خلاله أنها بالفعل ممثلة، وبالطبع لا توجد ممثلة محجبة سوف توافق على خلع الحجاب فى بعض المشاهد حتى لو كان الفيلم يدافع عن الحجاب. «راندا البحيرى» شاهدتها محجبة ثم تخلع الحجاب فى «أوقات فراغ» لمحمد مصطفى، وهو أهم أدوارها وأكثرها أيضا واقعية فى تقديم شخصية المحجبة بعد ذلك شاهدتها محجبة فى فيلمى «قبلات مسروقة» لخالد الحجر و«بدون رقابة» لهانى جرجس فوزى بلا أى إضافة فنية أو فكرية،. لدينا بعض أفلام لم تقدم فتاة أو امرأة محجبة مباشرة مثل «الحياة منتهى اللذة» لمنال الصيفى، لكننا شاهدنا بطلة الفيلم «حنان ترك» تتبنى توجيه دعوى تعدد فضائل ارتداء الفتاة للحجاب، الدراما التليفزيونية قدمت نجمات محجبات طبقا لشروط النجمات المحجبات مثل سهير البابلى وسهير رمزى وصابرين وحنان ترك ومى عزالدين التى ارتدت الحجاب فى مسلسل «بنت بنوت».. «صابرين» لجأت إلى حل مضحك جدا فى مسلسل «الفنار»، حيث وضعت باروكة على الحجاب فلا هى أرضت الدور، ولا هى أرضت أيضا المتزمتين، لكن الدراما السينمائية لم تدخل هذا الباب بكل أبعاده الشكلية والموضوعية، حيث لم يفرض قانون الحجاب على السينما إلا قبل عامين ونصف العام مع فيلم «كامل الأوصاف» لأحمد البدرى، حيث وضع الفيلم الحجاب مقابل السفور، وشاهدنا «حلا شيحة» تؤدى دور الفتاة الملتزمة بارتداء الحجاب وتم التطبيق الدرامى الحرفى لقانون الحجاب، «حلا» سواء كانت فى بيتها مع أمها «رجاء الجداوى» أو شقيقتها «علا غانم» فإنها دائما ترتدى الحجاب فهى فى هذه الحالة لا تؤدى دور فتاة محجبة مثل نيللى، منى، هند، ياسمين، بشرى، راندا أو حتى عبلة كامل، التى تقدم كل أدوارها فى السينما والتليفزيون وهى ترتدى الحجاب لأنها فى الواقع ترتديه، إلا أن هذا لم يمنعها من تقديم الشخصيات السلبية مثل القاتلة «ريا» فى مسلسل «ريا وسكينة» أو الندلة فى فيلم «عودة الندلة»، وأغلب المحجبات يشترطن أداء الدور الإيجابى، ولكن «حلا شيحة» تشترط الصفات الإيجابية تنحصر فيها مثل العفة والشرف والإيثار، بل إنها تطبق تعاليم بعض الأحاديث الشريفة فى الفيلم، فهى ترفض أن تركب المصعد بجوار بطل الفيلم «عامر منيب» عملا بنص الحديث ما اجتمع رجلا وامرأة إلا والشيطان ثالثهما، ناهيك عن أنها لا تلامس ولا إيماءة ولا أى لمحة أو بادرة تفلت منها تشى بمشاعرها العاطفية كامرأة.. مع حرص زائد على إظهار سوء أخلاق السافرات «علا غانم، رجاء الجداوى»!
«كامل الأوصاف» كان البداية لتقديم أول دراما إسلامية سينمائية بمعنى تطبيق قواعد الحجاب على الجميع، وأن يقدم الفيلم وهو يحمل توجها فكريا لدعم ارتداء الحجاب فى الشارع، وهو ما تطبقه حنان ترك سواء فى المسلسلات أو الأفلام المقبلة لها.. من الواضح أن هيمنة حنان سوف تمتد إلى كل جنبات الفيلم، وهنا تختلف السينما المصرية عن السينما الإيرانية لأن فى إيران لا تقدم الأفلام دعوة للحجاب تعدد فضائله، لكن تتناول الأفلام - حتى النساء محجبات - أفكارا وقضايا عاطفية وسياسية ودينية.. الأفلام الإيرانية لا تقدم دعوة مباشرة أو غير مباشرة للحجاب، ظهور الحجاب فى السينما المصرية مرتبط بأشواك عديدة، منذ أن بدأت موجة ما اصطلح على تسميتها بالسينما النظيفة، التى فرضت منذ نهاية التسعينيات العديد من التابوهات، ليس فقط النجمات الجديدات لهذا الجيل هن أصحابها، ولكن النجوم كانوا يضعون أيضا أحجبة وأنقبة تقيد أى انطلاق إبداعى لهن، وهذا التيار لا شك يقف وراءه قوة اقتصادية لأن الجمهور نفسه يدفع بإقباله على هذه الأفلام فى هذا الاتجاه، بالإضافة إلى أن موزعى ومنتجى الأفلام باتوا يتدخلون فى كل التفاصيل حتى إن المنتج والموزع هشام عبدالخالق أصر على أن يحذف قبلة تجمع بين منة شلبى وأحمد السقا فى فيلم «العشق والهوى»، إخراج كاملة أبوذكرى، بحجة الحفاظ على الذوق العام، وهى قبلة لا تثير حفيظة الرقابة على المصنفات الفنية ولا حفيظة الجمهور، لكنه نوع من التزيد يزحف على السينما بقوة، خاصة لأنه تدعمه خارج مصر أيضا شركات توزيع خارجى لها أجندتها، ويجب ملاحظة أن شركة روتانا للوليد بن طلال عندما أنتجت فيلم «كيف الحال» أول فيلم سعودى روائى طويل قدمت بطلة الفيلم «ميس حمدان» وهى ترتدى الحجاب فقط أمام الأغراب، لكن فى بيتها بلا حجاب!
نعم ستشهد الساحة الفنية خاصة السينما ظهور شخصيات محجبة لأننا نعيش فى واقع يؤكد أن 70% من نساء مصر محجبات، ورغم ذلك فلن نصدق الحجاب على الشاشة لو طبقت الفنانات قانون الحجاب أمام الكاميرا، ولكننى أصدق تماما، نيللى كريم فى «واحد صفر» وهى تقدم شخصية فتاة محجبة لأنها تتعامل مع قانون السينما!
الحقيقة هى نعم لأن هناك أربعة مشاهد على الأقل أدتها نيللى كانت سوف تعترض عليها حنان، الأول وهى تضع الإيشارب على رأسها فنرى جزءا من شعرها، الثانى وهى فى محل لبيع الملابس وتغير ملابسها لم يظهر منها سوى الذراع، وهو ما لا ترضاه بالطبع الفنانة المحجبة، الثالث اللقاء الذى جمع بين نيللى وشاب يحبها، وواعدته على كورنيش النيل، الرابع بعد أن أنهت الصلاة وخلعت الإيشارب من على رأسها لمدة بضع ثوان ورغم ذلك المحجبات عادة لا يكتفين بهذا القدر، بل لهن آراء فى الدراما والشخصيات الأخرى فى العمل الفنى. نيللى لديها فى الفيلم شقيقة تغنى وترقص وتقيم علاقة جنسية «زينة» وصديقة كبيرة أقامت بالفعل علاقة جنسية خارج إطار الزواج وأصبحت حاملا «إلهام شاهين»، مصير هذا الفيلم لو أننا بصدد انتظار موافقة فنانة محجبة هو الرفض طبقا لتلك المعايير الصارمة، وهكذا يضيع الفن تحت رحمة الدستور الأخلاقى للمحجبات الذى يطبقونه حرفيا على الأعمال الفنية! إن الحجاب لا يمكن تجاهله فى الأعمال الدرامية وإلا نصبح وكأننا نتناول مجتمعا آخر ونتحدث عن نساء لا يعشن فى مصر الآن، الواقع يفرض نفسه بكل مفرداته على كل أوجه الإبداع، ولهذا فإن البطلة التى ترتدى الحجاب سوف تشكل النسبة الغالبة من الأفلام السينمائية خلال السنوات المقبلة رغم علامات التردد التى تسبق دائما أى تغيير جذرى قادم.. إلا أن الإرهاصات بدأت فى العديد من الأفلام التى قدمت فى السنوات الأخيرة، كانت دائما الجرائد تكتب خلال نهاية الثمانينيات وطوال عقد التسعينيات أخبارا تحتل فى العادة مساحة مميزة عن فنانة ترتدى الحجاب، لكن الأعمال الفنية حتى عندما تقدم مجاميع من الكومبارس لا تلمح بينهن أى حضور للحجاب، ثم قدم المخرج أحمد عاطف «منى زكى» وهى ترتدى الحجاب فى فيلمه الأول «عمر 2000»، الذى عرض عام ,2000 واعتبرت الصحافة أن ارتداء منى للحجاب ولو فى الفيلم حدثا وأكثر من جريدة كانت تنشر صورا من الفيلم لمنى باعتبارها حقيقة قابلة للتصديق، ثم نكتشف فى نهاية الخبر أنه مجرد دعابة أو دعاية للفيلم، وبعد ذلك بثلاث سنوات قدمت منى دور فتاة محجبة فى فيلم «سهر الليالى» لهانى خليفة.
كانت المساحة الدرامية تمنح الشخصية حضورا والتزاما بالحجاب، كما يتطلبه الموقف الدرامى طبقا لرؤية تامر حبيب - كاتب السيناريو - وأداء منى وتوجيهات هانى، التى كانت تحمل منطقيا دراميا، ونحن نشاهد منى فى بيتها مع زوجها وطفلتها أو صديقتها، وأدت دور الصديقة حنان ترك.. كانت منى تتحرر من الحجاب أحيانا داخل حدود البيت، أما خارج البيت فتلتزم بارتدائه، هنا نحن بصدد عمل فنى تمتزج فيه الرؤية الدرامية بمقتضيات الواقع.. ممثلة تعرف بالضبط حدود الصورة السينمائية وعلاقتها بالحياة التى يعيشها الناس، واستحقت منى العديد من الجوائز عن هذا الدور، وإن كانت أغلب الجوائز التى حصدها الفيلم سواء فى مهرجان دمشق 2003 أو باريس 2004 كانت تمنح جائزة جماعية لأبطال الفيلم الثمانية فى أدوار النساء والرجال، وهو ما يتناقض مع المنطق والعدالة لأن منى بالفعل قدمت دورا تميز عن كل أقرانها البطلات فى الفيلم، وهو واحد من أهم أدوارها حتى الآن طوال رحلتها الفنية 12 عاما، الدور الثانى لارتداء الحجاب كانت مرشحة له أيضا «منى» عام 2004 ولكنها اعتذرت وذهب لهند صبرى فى «أحلى الأوقات» لهالة خليل، فكان أحلى أدوارها، وحصدت «هند» العديد من الجوائز عن هذا الدور، محجبة خفيفة الظل بنت بلد تعيش وهى تحلم بلمسة عاطفية من زوجها المتجمد المشاعر «خالد صالح»، وكالعادة الدراما تفرض الحجاب، لكن الحجاب لا يلوى عنق الدراما، وجاءت ياسمين عبدالعزيز فى «صايع بحر» لعلى رجب ولا أنسى لها مشهدا مؤثرا جدا يجمعها مع بطل الفيلم أحمد حلمى عندما اصطدمت معه فى مشادة وسقط الحجاب من رأسها ليضفى شعرها المسترسل على كتفيها أنوثة وغواية كان يقتضيها المشهد، وهو أيضا واحد من أفضل أدوارها رغم أن المساحة الدرامية كانت محدودة جدا مثل أغلب الأفلام التى تكتب لنجوم الكوميديا، ومنح هذا الدور فرصة لكى نرى وجها آخر لياسمين عبدالعزيز نادرا ما يلتفت إليه أحد، وهو ياسمين الممثلة الموهوبة، «بشرى» هى دائما البديل المتوافر عند اعتذار أغلب النجمات، وهكذا جاءها دورها فى «أنا مش معاهم» لأحمد البدري، ولم يحسب الفيلم تجاريا لبشرى، لكنه وضع فى قائمة حسناتها السينمائية القليلة، منح هذا الدور بشرى الفرصة لكى تقدم أفضل أدوارها وتثبت أن البديل يتفوق أحيانا على الأصل، يبدو أن بشرى شحذت كل طاقاتها الكامنة فى هذا الدور، حيث أدت دورا لفتاة ليست فقط محجبة، لكن الحجاب هو قضيتها الشخصية والفكرية والوجودية، بدأت بشرى الفيلم محجبة متزمتة وقبل اقتراب النهاية خلعت الحجاب وأصبحت سافرة متسيبة أى أن الفيلم فكريا لعب على الانحياز إلى الإحساس الجمعى لدى أغلب المصريين الذى يربط بين الحجاب والفضيلة، ويرى فى السفور الرذيلة، ولهذا عادت فى نهاية الفيلم للحجاب وتراوحت الشخصية بين الأبيض والأسود وخاصمت اللون الرمادى الذى يتيح للممثل إمكانيات أكبر فى التعبير إلا أن بشرى برغم قيود السيناريو فى رسم الشخصية قدمت دورا أثبتت خلاله أنها بالفعل ممثلة، وبالطبع لا توجد ممثلة محجبة سوف توافق على خلع الحجاب فى بعض المشاهد حتى لو كان الفيلم يدافع عن الحجاب. «راندا البحيرى» شاهدتها محجبة ثم تخلع الحجاب فى «أوقات فراغ» لمحمد مصطفى، وهو أهم أدوارها وأكثرها أيضا واقعية فى تقديم شخصية المحجبة بعد ذلك شاهدتها محجبة فى فيلمى «قبلات مسروقة» لخالد الحجر و«بدون رقابة» لهانى جرجس فوزى بلا أى إضافة فنية أو فكرية،. لدينا بعض أفلام لم تقدم فتاة أو امرأة محجبة مباشرة مثل «الحياة منتهى اللذة» لمنال الصيفى، لكننا شاهدنا بطلة الفيلم «حنان ترك» تتبنى توجيه دعوى تعدد فضائل ارتداء الفتاة للحجاب، الدراما التليفزيونية قدمت نجمات محجبات طبقا لشروط النجمات المحجبات مثل سهير البابلى وسهير رمزى وصابرين وحنان ترك ومى عزالدين التى ارتدت الحجاب فى مسلسل «بنت بنوت».. «صابرين» لجأت إلى حل مضحك جدا فى مسلسل «الفنار»، حيث وضعت باروكة على الحجاب فلا هى أرضت الدور، ولا هى أرضت أيضا المتزمتين، لكن الدراما السينمائية لم تدخل هذا الباب بكل أبعاده الشكلية والموضوعية، حيث لم يفرض قانون الحجاب على السينما إلا قبل عامين ونصف العام مع فيلم «كامل الأوصاف» لأحمد البدرى، حيث وضع الفيلم الحجاب مقابل السفور، وشاهدنا «حلا شيحة» تؤدى دور الفتاة الملتزمة بارتداء الحجاب وتم التطبيق الدرامى الحرفى لقانون الحجاب، «حلا» سواء كانت فى بيتها مع أمها «رجاء الجداوى» أو شقيقتها «علا غانم» فإنها دائما ترتدى الحجاب فهى فى هذه الحالة لا تؤدى دور فتاة محجبة مثل نيللى، منى، هند، ياسمين، بشرى، راندا أو حتى عبلة كامل، التى تقدم كل أدوارها فى السينما والتليفزيون وهى ترتدى الحجاب لأنها فى الواقع ترتديه، إلا أن هذا لم يمنعها من تقديم الشخصيات السلبية مثل القاتلة «ريا» فى مسلسل «ريا وسكينة» أو الندلة فى فيلم «عودة الندلة»، وأغلب المحجبات يشترطن أداء الدور الإيجابى، ولكن «حلا شيحة» تشترط الصفات الإيجابية تنحصر فيها مثل العفة والشرف والإيثار، بل إنها تطبق تعاليم بعض الأحاديث الشريفة فى الفيلم، فهى ترفض أن تركب المصعد بجوار بطل الفيلم «عامر منيب» عملا بنص الحديث ما اجتمع رجلا وامرأة إلا والشيطان ثالثهما، ناهيك عن أنها لا تلامس ولا إيماءة ولا أى لمحة أو بادرة تفلت منها تشى بمشاعرها العاطفية كامرأة.. مع حرص زائد على إظهار سوء أخلاق السافرات «علا غانم، رجاء الجداوى»!
«كامل الأوصاف» كان البداية لتقديم أول دراما إسلامية سينمائية بمعنى تطبيق قواعد الحجاب على الجميع، وأن يقدم الفيلم وهو يحمل توجها فكريا لدعم ارتداء الحجاب فى الشارع، وهو ما تطبقه حنان ترك سواء فى المسلسلات أو الأفلام المقبلة لها.. من الواضح أن هيمنة حنان سوف تمتد إلى كل جنبات الفيلم، وهنا تختلف السينما المصرية عن السينما الإيرانية لأن فى إيران لا تقدم الأفلام دعوة للحجاب تعدد فضائله، لكن تتناول الأفلام - حتى النساء محجبات - أفكارا وقضايا عاطفية وسياسية ودينية.. الأفلام الإيرانية لا تقدم دعوة مباشرة أو غير مباشرة للحجاب، ظهور الحجاب فى السينما المصرية مرتبط بأشواك عديدة، منذ أن بدأت موجة ما اصطلح على تسميتها بالسينما النظيفة، التى فرضت منذ نهاية التسعينيات العديد من التابوهات، ليس فقط النجمات الجديدات لهذا الجيل هن أصحابها، ولكن النجوم كانوا يضعون أيضا أحجبة وأنقبة تقيد أى انطلاق إبداعى لهن، وهذا التيار لا شك يقف وراءه قوة اقتصادية لأن الجمهور نفسه يدفع بإقباله على هذه الأفلام فى هذا الاتجاه، بالإضافة إلى أن موزعى ومنتجى الأفلام باتوا يتدخلون فى كل التفاصيل حتى إن المنتج والموزع هشام عبدالخالق أصر على أن يحذف قبلة تجمع بين منة شلبى وأحمد السقا فى فيلم «العشق والهوى»، إخراج كاملة أبوذكرى، بحجة الحفاظ على الذوق العام، وهى قبلة لا تثير حفيظة الرقابة على المصنفات الفنية ولا حفيظة الجمهور، لكنه نوع من التزيد يزحف على السينما بقوة، خاصة لأنه تدعمه خارج مصر أيضا شركات توزيع خارجى لها أجندتها، ويجب ملاحظة أن شركة روتانا للوليد بن طلال عندما أنتجت فيلم «كيف الحال» أول فيلم سعودى روائى طويل قدمت بطلة الفيلم «ميس حمدان» وهى ترتدى الحجاب فقط أمام الأغراب، لكن فى بيتها بلا حجاب!
نعم ستشهد الساحة الفنية خاصة السينما ظهور شخصيات محجبة لأننا نعيش فى واقع يؤكد أن 70% من نساء مصر محجبات، ورغم ذلك فلن نصدق الحجاب على الشاشة لو طبقت الفنانات قانون الحجاب أمام الكاميرا، ولكننى أصدق تماما، نيللى كريم فى «واحد صفر» وهى تقدم شخصية فتاة محجبة لأنها تتعامل مع قانون السينما!