بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فقدان الهدف حيرة وشقاء
مؤمن فتحي الحداد
إنه لمن الأسى والشقاء أن الكثير من الناس –إن لم يكن السواد الأعظم- في عصرنا والذي فتح الله
–تبارك ةتعالى- على أهل عصر مضى, إنك إن سألت أحدهم هل لسير النعال –رباط الحذاء- حكمة ووظيفة؟
تراه يجيبك على الفور: نعم ,إنه يشد النعال إلى القدم فييسر المسير,ويهيء القدم للسير,أما إن سألته
لماذا جئت إلى هذه الحياة الدنيا؟
فلا يستطيع جوابا!
تخيل رباط الحذاء له حكمة ووجود الانسان ليس له حكمة!
أي تعاسة وأي شقاء يلحق هذا الانسان الذي تقله الغبراء وتظله السماء وهو لا يدري لماذا جاء!
يقول أحد شعرائهم –وصدق من وصفه بأنه شاعر جاهلي معاصر- في إحدى قصائده:
جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت
ولقد أبصرت قُدّامي طريقا فمشيتُ
وسأبقى ماشيا إن شئت هذا أم أبيتُ
كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟
لست أدري!
أتراني محوا ومحالا أم تراني كنت شيا؟
ألهذا اللغز حل أم سيبقى أبديا؟
لست ادري..ولماذا لست ادري؟؟
لست أدري!
إن هذا –والله- لهو جهد البلاء, ودرك الشقاء, وسوء القضاء, وخيبة الرجاء, فنعوذ بالله العظيم من كل ذلك
كما نعوذ به من السلب بعد العطاء, فهل يطمع في السعادة من لا يعرف الغاية من وجوده؟!
إن القرآن الكريم لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه,والذي يعد –بصدق- أعظم كتاب لسعادة الإنسان إلى
أن يرث الله الأرض ومن عليها وإلى إن يأتي تأويله فهو نور للخروج من ظلمات التيه, وهو هداية من الضلالة,
وشفاء لما في الصدور, وهو رحمة من الشقاء والعذاب في الدنيا والآخرة قال تعالى:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ
قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ )
يبين هذا الكتاب –العظيم- في مواضع ثلاثة الغاية التي من أجلها خلق الانسان:
الموضع الاول:
((وَمَا خَلقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ *مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ))
الموضع الثاني:
((وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا
وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ))
الموضع الثالث:
((وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ
الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ))
فمن حقق الغايات الثلاث سعد في دنياه واخراه وانما يحقق العبد من السعادة بقدر ما يحقق من الغايات لذا
فاننا نجد الاكابر من اهل العلم والفقه والحكمة يقسمون اوقاتهم الى ثلاثة اقسام:
قسم خاص بتزكية انفسهم يستانسون فيه بربهم: بالذكر والدعاء والتضرع والصلاة.
والقسم الثاني: يواجهون فيه دنيا الناس وتعلما وارشادا ودعوة الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
اما القسم الثالث: فهو خاص بالكسب الدنيوي.
ومن تامل هذه الآيات الثلاث وهذه الغايات الثلاث وجد فيها مجامع السعادة فالاية الاولى تقرر انك ما جئت الى
هذه الحياة الدنيا للعب واللهو والتسلي وانما لتتعرف على من خلقك وذرأك وبرأك فتأنس به وتذكره وتشكره
وتحسن عبادته فتتأدب النفس بالاداب الرفيعة ونتخلق بالاخلاق الكريمة فتزكو وتعلو لتبلغ المرتبة العليا من
السعادة ((كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم
تكونوا تعلمون))
اما الاية الثانية فتقرر حقيقة أضخم من الاولى, الا وهي الامانة الملقاة على عاتق الانسان لتحقيق الخلافة في ارض الله عزوجل وذلك يعني تطبيق شرع الله وتنفيذ امره ونهيه وامتثال منهجه كما انزله سبحانه وتعالى.
واصل الشقاء تعطيل الحكم بما انزل الله..
وهذه هي الامانة التي انفرد الانسان بحملها دون غيره ((إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ
فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً))
وإن من أعظم الظلم واكبر الجهل أن يشرع البشر للبشر وهذا هو أصل الشقاء الذي حل بكوكبنا
((أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ)) لذا فقد حذر الله تعالى نبيه- صلى الله
عليه وسلم- أشد التحذير أن يتهاون عن تنفيذ بعض الأحكام الشرعية فقال (وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا
أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ ))
ولقد قال صلى الله عليه وسلم كلمته المشهورة(لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)) وجعل الله سبحانه وتعالى
تنفيذ اوامره من أعظم اسباب النصر كما جعل كراهية أحكامه من اكبر الكفر فقال ((يا أيها الذين آمنوا ان تنصروا
الله ينصركم ويثبت أقدامكم والذين كفروا فتعسا لهم واضل أعمالهم ذلك ذلك بانهم كرهوا
ما انزل الله فاحبط اعمالهم))
واما الاية الثالثة(هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي
قَرِيبٌ مُجِيبٌ))
فطلب من الله تعالى لاهل الايمان الا يترووا في زوايا النسيان وانما ينبغي لهم ان يحملوا مشاعل النور
والهداية ليضيئوا بها دنيا الناس لبناء حضارة الايمان..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فقدان الهدف حيرة وشقاء
مؤمن فتحي الحداد
إنه لمن الأسى والشقاء أن الكثير من الناس –إن لم يكن السواد الأعظم- في عصرنا والذي فتح الله
–تبارك ةتعالى- على أهل عصر مضى, إنك إن سألت أحدهم هل لسير النعال –رباط الحذاء- حكمة ووظيفة؟
تراه يجيبك على الفور: نعم ,إنه يشد النعال إلى القدم فييسر المسير,ويهيء القدم للسير,أما إن سألته
لماذا جئت إلى هذه الحياة الدنيا؟
فلا يستطيع جوابا!
تخيل رباط الحذاء له حكمة ووجود الانسان ليس له حكمة!
أي تعاسة وأي شقاء يلحق هذا الانسان الذي تقله الغبراء وتظله السماء وهو لا يدري لماذا جاء!
يقول أحد شعرائهم –وصدق من وصفه بأنه شاعر جاهلي معاصر- في إحدى قصائده:
جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت
ولقد أبصرت قُدّامي طريقا فمشيتُ
وسأبقى ماشيا إن شئت هذا أم أبيتُ
كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟
لست أدري!
أتراني محوا ومحالا أم تراني كنت شيا؟
ألهذا اللغز حل أم سيبقى أبديا؟
لست ادري..ولماذا لست ادري؟؟
لست أدري!
إن هذا –والله- لهو جهد البلاء, ودرك الشقاء, وسوء القضاء, وخيبة الرجاء, فنعوذ بالله العظيم من كل ذلك
كما نعوذ به من السلب بعد العطاء, فهل يطمع في السعادة من لا يعرف الغاية من وجوده؟!
إن القرآن الكريم لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه,والذي يعد –بصدق- أعظم كتاب لسعادة الإنسان إلى
أن يرث الله الأرض ومن عليها وإلى إن يأتي تأويله فهو نور للخروج من ظلمات التيه, وهو هداية من الضلالة,
وشفاء لما في الصدور, وهو رحمة من الشقاء والعذاب في الدنيا والآخرة قال تعالى:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ
قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ )
يبين هذا الكتاب –العظيم- في مواضع ثلاثة الغاية التي من أجلها خلق الانسان:
الموضع الاول:
((وَمَا خَلقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ *مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ))
الموضع الثاني:
((وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا
وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ))
الموضع الثالث:
((وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ
الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ))
فمن حقق الغايات الثلاث سعد في دنياه واخراه وانما يحقق العبد من السعادة بقدر ما يحقق من الغايات لذا
فاننا نجد الاكابر من اهل العلم والفقه والحكمة يقسمون اوقاتهم الى ثلاثة اقسام:
قسم خاص بتزكية انفسهم يستانسون فيه بربهم: بالذكر والدعاء والتضرع والصلاة.
والقسم الثاني: يواجهون فيه دنيا الناس وتعلما وارشادا ودعوة الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
اما القسم الثالث: فهو خاص بالكسب الدنيوي.
ومن تامل هذه الآيات الثلاث وهذه الغايات الثلاث وجد فيها مجامع السعادة فالاية الاولى تقرر انك ما جئت الى
هذه الحياة الدنيا للعب واللهو والتسلي وانما لتتعرف على من خلقك وذرأك وبرأك فتأنس به وتذكره وتشكره
وتحسن عبادته فتتأدب النفس بالاداب الرفيعة ونتخلق بالاخلاق الكريمة فتزكو وتعلو لتبلغ المرتبة العليا من
السعادة ((كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم
تكونوا تعلمون))
اما الاية الثانية فتقرر حقيقة أضخم من الاولى, الا وهي الامانة الملقاة على عاتق الانسان لتحقيق الخلافة في ارض الله عزوجل وذلك يعني تطبيق شرع الله وتنفيذ امره ونهيه وامتثال منهجه كما انزله سبحانه وتعالى.
واصل الشقاء تعطيل الحكم بما انزل الله..
وهذه هي الامانة التي انفرد الانسان بحملها دون غيره ((إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ
فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً))
وإن من أعظم الظلم واكبر الجهل أن يشرع البشر للبشر وهذا هو أصل الشقاء الذي حل بكوكبنا
((أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ)) لذا فقد حذر الله تعالى نبيه- صلى الله
عليه وسلم- أشد التحذير أن يتهاون عن تنفيذ بعض الأحكام الشرعية فقال (وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا
أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ ))
ولقد قال صلى الله عليه وسلم كلمته المشهورة(لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)) وجعل الله سبحانه وتعالى
تنفيذ اوامره من أعظم اسباب النصر كما جعل كراهية أحكامه من اكبر الكفر فقال ((يا أيها الذين آمنوا ان تنصروا
الله ينصركم ويثبت أقدامكم والذين كفروا فتعسا لهم واضل أعمالهم ذلك ذلك بانهم كرهوا
ما انزل الله فاحبط اعمالهم))
واما الاية الثالثة(هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي
قَرِيبٌ مُجِيبٌ))
فطلب من الله تعالى لاهل الايمان الا يترووا في زوايا النسيان وانما ينبغي لهم ان يحملوا مشاعل النور
والهداية ليضيئوا بها دنيا الناس لبناء حضارة الايمان..