بيّنت عملية سبر الآراء أن العنف في ملاعب كرة القدم في الجزائر، والتي مست عيّنة عشوائية ضمت 1340 شاب، أن العديد من العوامل تتقاطع لتساهم في تأجيج واستفحال الظاهرة. ويظل الغش والرشوة المستشرية على مستوى الأندية والفرق والتحكيم السيئ، أهم العوامل المباشرة لبروز ظاهرة العنف لدى قرابة نصف المستجوبين، تليها عوامل غير مباشرة مثل البطالة وغياب أفق واضح لدى الشباب.
كشفت عملية سبر الآراء عن تباين في إجابة المستجوبين وردود أفعالهم حيال الأسباب الكامنة وراء استشراء ظاهرة العنف في الملاعب الجزائرية؛ إذ لم يجمع الكثير على سبب واحد. وقد تقاربت النتائج المسجلة حول السؤال الأول الخاص بتحديد ماهية الأسباب التي تقف وراء العنف الذي تعرفه ملاعب كرة القدم الجزائرية، ولم تستثن أي منطقة من مناطق البلاد. وقد اعتبر 3, 22 بالمائة من المستجوبين، بأن الغش في المباريات واستفحال التعاطي بالرشوة في الوسط الكروي هو أهم سبب لبروز العنف خلال الآونة الأخيرة، بينما اعتبر 2 ,21 بالمائة من المستجوبين، بأن مستوى التحكيم، الذي عرف ترديا، هو الدافع لردود فعل عنيفة من قبل الجمهور؛ حيث غالبا ما تستفز قرارات الحكام التي تكون في غير محلها، حسب هؤلاء، في إثارة الشغب والصدامات في الملاعب. وبعيدا عن العوامل المباشرة، يعتبر 7 ,19 بالمائة من المستجوبين بأن البطالة وغياب أفق واعد لدى الشباب، وبالتالي الشعور بالإحباط، هو الدافع الحقيقي لمظاهر العنف التي تعرفها ملاعبنا؛ إذ غالبا ما تصبح الملاعب مجال إسقاط ومتنفس لهؤلاء، أمام وضع مزرٍ وصعب. بينما يعتبر 1 ,15 بالمائة من العيّنة المستجوبة بأن ردود فعل قوات حفظ الأمن وكيفية تعاملها مع الجمهور عامل استفزاز لهم، وسبب من الأسباب التي تدفع هؤلاء إلى العنف. أما باقي المستجوبين، فقد اعتبر 3, 13 بالمائة بأن طريقة تسيير أندية كرة القدم هي السبب وراء العنف، بينما اعتبر 4, 8 بالمائة من العيّنة المختارة، بأن الهياكل القاعدية الرياضية غير الملائمة هي السبب، وتظل هذه النسبة هي الأقل ضمن سلسلة المستجوبين على السؤال الخاص بأسباب استفحال العنف في الملاعب. في نفس السياق، واستنادا إلى النتائج المسجلة، يتضح بأن الغش والرشوة يظلان العامل الأكثر بروزا لدى شريحة الشباب التي يتراوح أعمارها ما بين 15 و29 سنة؛ حيث سجلنا نسبة 23 بالمائة، أي أكثر من المتوسط العام، يعتبرون بأن هذا العامل هو الذي يشكل أهم سبب وراء العنف، بينما نجد بأن النسبة تتراجع إلى 5 ,20 بالمائة بالنسبة للفئة التي يتراوح أعمارهم ما بين 30 و39 سنة. هذه الأخيرة تعتبر بالمقابل بأن العامل الأهم الذي يقف وراء العنف هو التحكيم السيّئ.
من جانب آخر، يأتي هذا العامل الأخير في الرتبة الثانية بنسبة 4, 21 بالمائة بالنسبة للفئة الأولى التي يتراوح أعمارها ما بين 15 و29 سنة. أما بالنسبة لعامل البطالة، فإن الفئة الأولى '' 15 إلى 29 سنة'' قدّر 1 ,19 بالمائة منها أنها السبب، بينما اعتبره 1 ,21 بالمائة، أي أكثر من المتوسط العام المعتمد، سببا في العنف بالنسبة لفئة ''30 إلى 39 سنة''. أما من حيث النشاط، فإن الطلبة يعتبرون بأن الغش يمثل 3, 24 بالمائة من أسباب العنف، مقابل 2, 24 بالمائة بالنسبة للثانويين، و24 بالمائة للعمال، و2, 20 بالمائة للبطالين. ويضع البطالون على رأس الأسباب التي تقف وراء العنف، التحكيم بـ9 ,21 بالمائة ثم البطالة بـ6, 21 بالمائة.
وقياسا على مستوى التعليم، نجد بأن الجامعيين يضعون بنسبة 8 ,23 بالمائة الغش والرشوة على رأس القائمة، تليهما البطالة بنسبة 2, 21 بالمائة، ثم التحكيم بنسبة 2, 19 بالمائة. فيما يعتبر ذوو المستوى الثانوي بأن الغش يساهم بنسبة 7 ,21 بالمائة في العنف مقابل 3, 21 بالمائة للتحكيم و4, 19 بالمائة للبطالة. أما الشريحة التي تشمل ذوي المستوى الابتدائي والمتوسط، فإنها تعتبر بأن التحكيم هو السبب الرئيسي للعنف بنسبة 1, 23 بالمائة، يليه الغش والرشوة بنسبة 6 ,21 بالمائة، ثم البطالة بـ5, 18 بالمائة.
أما فيما يخص المناطق، فإن المستجوبين في الشرق والوسط، أجابوا بنسبة 2, 24 بالمائة و 3, 23 بالمائة على التوالي، بأن الرشوة هي التي تقف وراء العنف. بينما اعتبر المستجوبون في مناطق الغرب الجزائري، بأن التحكيم بنسبة 2 ,20 بالمائة هي أهم العوامل التي تدفع إلى العنف. ويرى المستجوبون في الشرق الجزائري بنسبة 9, 23 بالمائة، بأن البطالة هي العامل الثاني للعنف. ويأتي بعدها التحكيم السيئ بنسبة 2, 21 بالمائة. وعلى خلاف ذلك، يشير المستجوبون في الغرب الجزائري بأن ردود فعل وتعامل قوات الأمن بنسبة 5, 19 بالمائة، هي العامل الثاني بعد التحكيم، اللذين يفرزان العنف، لتأتي بعدهما الرشوة بنسبة 8, 17 بالمائة. أما العيّنة الخاصة بالوسط الجزائري، فإن التحكيم بنسبة 7 ,21 بالمائة يأتي مباشرة بعد الرشوة.
على صعيد آخر، اعتبرت الفئة التي ترتاد دوريا ملاعب كرة القدم، أو بصورة منتظمة، بأن سوء التحكيم ''1, 23 بالمائة''، هو السبب الرئيسي للعنف، مقابل 6, 21 بالمائة للفئة التي تذهب إلى الملاعب بصورة متقطعة وغير منتظمة. أما الفئة التي لا ترتاد الملاعب، فإنها تعتبر بأن البطالة ''8, 23 بالمائة''، تمثل أهم الأسباب الكامنة وراء العنف، يليها الغش والرشوة ''3, 23 بالمائة''، فسوء التحكيم ''2 ,17 بالمائة''.