منتديات التاريخ المنسي
<div style="text-align: center;"><img src="https://i.servimg.com/u/f27/11/57/48/93/m0dy_n10.gif"><br></div>


منتديات التاريخ المنسي
<div style="text-align: center;"><img src="https://i.servimg.com/u/f27/11/57/48/93/m0dy_n10.gif"><br></div>

منتديات التاريخ المنسي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات التاريخ المنسيدخول

التاريخ المنسي


descriptionمقطع من فوضى الحواس Emptyمقطع من فوضى الحواس

more_horiz
السلام عليكم الروائية الجزائرية احلام مستغانمي صاحبة ذاكرة الجسد، فوضى الحواس، عابر سرير و اردت ان اتشارك معكم بمقطع من رواية فوضى الحواس


"هو رجل يشي به سكوتهالمفاجئ بين كلمتين.


ولذا يصبح الصمت معه حالة لغوية, وأحيانا حالة جوية, تتحكمفيها غيمة مفاجئة للذكرى.
حتمًا.. كان به شيء من الساديّة.
واللحظة أيضًاتراه مغريًا وموجعًا في آن واحد. ولم تسأله لماذا هو كذلك.
أيمكن للإغراء أنيكون طيباً؟ هو الذي يوقظ شراسة الأحلام فينا..
هي كانت تريد أن تسأله فقط: كيفهو؟
ولكن قبل أن تقول شيئاً, سرق منها السؤال نفسه الذي لن يطرح غيره بعد ذلك, وقال: كيف أنت؟

بين ابتسامتين لفّ حول عنقه السؤال ربطة عنق من الكذب الأنيق. وعاد إلى صمته.
أكان يخاف على الكلمات من البرد؟ أم يخاف عليها هي منالأسئلة؟
الأسئلة غالباً خدعة, أي كذبة مهذبة نستدرج بها الآخرين إلى كذبةأكبر.
هو نفسه قال هذا في يوم بعيد, قبل أن..
تذكر قوله "تحاشَيْ معيالأسئلة. كي لا تجبريني على الكذب. يبدأ الكذب حقاً عندما نكون مرغمين على الجواب. ما عدا هذا, فكل ما سأقوله لك من تلقاء نفسي, هو صادق".

يومها حفظت الدرسجيّداً. وحاولت أن تخلق لغة جديدة على قياسه, لغة دون علامات استفهام.
كانتتنتظر أن تأتي الأجوبة. وعندها فقط كانت تضعها أسفل أسئلتها, دون أن تنسى أن تتبعهابعلامات تعجب, وغالباً بعلامات إعجاب.
تدريجيّاً, وجدت في فلسفته في التحاور, مندون أسئلة ولا أجوبة, حكمة, وربما نعمةً ما.
وشكرت له إعفاءها من أكاذيب صغيرةأو كبيرة. كانت تقترفها دون تفكير. وبدأت تتمتع بلعبة المحادثة المفترضة التي لاسؤال فيها ولا جواب.
ها هوذا اليوم. هو نفسه أمام السؤال.
من الأرجح أنهيتساءل: أيطرحه أم يجيب عنه. وهو في الحالتين كاذب.
السؤال خدعة. ومباغتة للآخرفي سرّه. وكالحرب إذن, تصبح فيها المفاجأة هي العنصر الحاسم. لذا, ربما قرّر الرّجلصاحب المعطف أن يسرق منها سؤالها, ويتخلّى عن طريقته الغريبة في التحاور.
تلكالطريقة التي أربكتها طويلاً, وجعلتها تختار كلماتها بحذر كلّ مرّة, سالكة كلالمنعطفات اللغوية للهروب من صيغة السؤال, كما في تلك اللعبة الإذاعية التي ينبغيأن تجيب فيها عن الأسئلة, دون أن تستعمل كلمة "لا" أو كلمة "نعم".
تلك اللعبةتناسبها تماماً, هي المرأة التي تقف على حافة الشك. ويحلو لها أن تجيب "ربما" حتىعندما تعني "نعم", و"قد" عندما تقصد "لن".
كانت تحب الصيغ الضبابية. والجملالواعدة ولو كذباً, تلك التي لا تنتهي بنقطة, وإنما بعدة نقاط انقطاع.

وكانهو رجل اللغة القاطعة.
كانت جمله تقتصر على كلمات قاطعة للشك, ترواح بين "طبعا" و"حتما" و"دوما" و"قطعا".
وبإحدى هذه الكلمات, بدأت قصّتهما منذ سنة. تماماً كمابإحداهنّ انتهت منذ شهرين.
تذكر أنّه يومها, قطع المكالمة فجأة, بإحدى هذهالكلمات المقصلة, وأنها بقيت للحظات معلّقة إلى خيط الهاتف, لا تفهم ماذاحدث.
اكتشفت بعد ذلك, أنه لم يكن بإمكانها أن تغير شيئا. فتلك الكلمات ما كانتلغته فحسب. بل كانت أيضا فلسفته في الحياة, حيث تحدث الأشياء بتسلسل قدريّ ثابت, كما في دورة الكائنات, وحيث نذهب "طوعاً" إلى قدرنا, لنكرر "حتماً" بذلك المقدارالهائل من الغباء أو من التذكي, ما كان لا بدّ "قطعاً" أن يحدث. لأنه "دوماً" ومنذالأزل قد حدث, معتقدين "طبعاً" أنّنا نحن الذين نصنع أقدارنا!
كيف لنا أن نعرف, وسط تلك الثنائيات المضادّة في الحياة, التي تتجاذبنا بين الولادة والموت.. والفرحوالحزن.. والانتصارات والهزائم.. والآمال والخيبات.. والحب والكراهية.. والوفاءوالخيانات.. أننا لا نختار شيئا مما يصيبنا.
وأنّا في مدّنا وجزرنا, وطلوعناوخسوفنا, محكومون بتسلسل دوريّ للقدر. تفصلنا عن دوراته وتقلّباته الكبرى, مسافةشعره.
كيف لنا أن ننجو من سطوة ذلك القانون الكونيّ المعقّد الذي تحكم تقلباتهالكبيرة, تفاصيل جدّ صغيرة, تعادل أصغر ما في اللغة من كلمات, كتلك الكلمات الصغرىالتي يتغير بها مجرى حياة!

يوم سمعت منه هذا الكلام, لم تحاول أن تتعّمق فيفهمه. فقد كان ذلك في زمن جميل اسمه "بدءًا".
ولذا كم كان يلزمها من الوقت لتدركأنهما أكملا دورة الحب, وأنه بسبب أمر صغير لم تدركه بعد, قد دخلا الفصل الأخير منقصة, وصلت "قطعاً" إلى نهايتها!
عندما ينطفئ العشق, نفقد دائمًا شيئاَ منّا. ونرفض أن يكون هذا قد حصل. ولذا فإنّ القطيعة في العشق فنّ, من الواضح أنّه كانيتعمّد تجنّب الاستعانة به, لتخفيف ألم الفقدان.
تذكر الآن ذلك اليوم الذي قالتله فيه "أريد لنا فراقاً جميلاً.."
ولكنه أجاب بسخرية مستترة "وهل ثمة فراقجميل؟".
أحيانا كان يبدو لها طاغية يلهو بمقصلة اللغة.
كان رجلاً مأخوذاًبالكلمات القاطعة, والمواقف الحاسمة.
وكانت هي امرأة تجلس على أرجوحة "ربما".
فكيف للّغة أن تسعهما معاً؟

هو لم يقل سوى "كيف أنت؟" وهي قبلاليوم لم تكن تتوقع أن يربكها الجواب عن سؤال كهذا.
وإذ بها تكتشف كم هي رهيبةالأسئلة البديهية في بساطتها, تلك التي نجيب عنها دون تفكير كل يوم, غرباء لايعنيهم أمرنا في النهاية, ولا يعنينا أن يصدقوا جوابا لا يقل نفاقا عنسؤالهم.
ولكن مع آخرين, كم يلزمنا من الذكاء, لنخفي باللغة جرحنا؟
بعضالأسئلة استدراج لشماتة, وعلامة الاستفهام فيها, ضحكة إعجاز, حتّى عندما تأتي فيصوت دافئ كان يوما صوت من أحببنا.

"
كيف أنتِ؟"
صيغة كاذبة لسؤال آخر. وعلينا في هذه الحالات, أن لا نخطئ في إعرابها.
فالمبتدأ هنا, ليس الذي نتوقعه. إنه ضمير مستتر للتحدي, تقديره "كيف أنت من دوني أنا؟"
أما الخبر.. فكل مذاهبالحب تتفق عليه.
من الأسهل علينا تقبل موت من نحب. على تقبل فكرة فقدانه, واكتشاف أن بإمكانه مواصلة الحياة بكل تفاصيلها دوننا.
ذلك أن في الموت تساويافي الفقدان, نجد فيه عزاءنا.

كانت تفاضل بين جواب وآخر, عندما تنّبهت إلى أنجلستهما قد أصبحت فجأة معركة عاطفية صامتة. تدار بأسلحة لغوية منتقاة بعنايةفائقة.
وإذ بالطاولة المربعة التي تفصلهما, تصبح رقعة شطرنج, اختار فيها كل واحدلونه ومكانه. واضعا أمامه جيشا.. وأحصنة وقلاعا من ألغام الصمت, استعداداللمنازلة.
أجابته بنيّة المباغتة:
-
الحمد لله..
الأديان نفسها, التيتحثنا على الصدق, تمنحنا تعابير فضفاضة بحيث يمكن أن نحملها أكثر من معنى. أوليستاللغة أداة ارتياب؟
أضافت بزهو من يكتسح المربع الأول:
-
وأنت؟
ها هيتتقدم نحو مساحة شكه, وتجرده من حصانه الأول. فهو لم يتعود أن يراها تضع الإيمانبرنسا لغويا على كتفيها.
ظلت عيناها تتابعانه.
هل سيخلع معطفه أخيراً, ويقولإنه مشتاق إليها. وأنه لم يحدث أن نسيها يوماً؟
أم تراه سيرفع قبة ذلك المعطف, ويجيبها بجواب يزيدها برداً؟
أي حجر شطرنج تراه سيلعب, هو الذ يبدو غارقا فيتفكير مفاجئ, وكأنه يلعب قدره في كلمة؟
تذكرت وهي تتأمله, ما قاله كاسباروف, الرجل الذي هزم كل من جلس مقابلا له أمام طاولة شطرنج.
قال: "إن النقلات التينصنعها في أذهاننا أثناء اللعب, ثم نصرف النظر عنها. تشكل جزءا من اللعبة, تماماكتلك التي ننجزها على الرقعة".
لذ تمنت لو أنها أدركت من صمته, بين أي جوابوجواب تراه يفاضل. فتلك الجمل التي يصرف القول عنها, تشكل جزءا من جوابه.
غيرأنه أصلح من جلسته فقط. وأخذ الحجر الذي لم تتوقعه.
وقال دون أن يتوقف عنالتدخين.
-
أنا مطابق لك.
ثم أضاف بعد شيء من الصمت.
-
تماماً..
هو لميقل شيئا عدا أنه استعمل إحدى كلماته "القاطعة" بصيغة مختلفة هذه المرة. فانقطعبينهما التحدي
."

descriptionمقطع من فوضى الحواس Emptyرد: مقطع من فوضى الحواس

more_horiz
روايات الكاتبة احلام مستغانمي رائعة . مشكور الاخ كروش على اختيار هذا المقطع من رواية فوضى الحواس .و الاكيد ان الجزائر تزخر بعدد كبير من الادباء و الروائيين الذين رفعوا اسم بلدهم عاليا و ستبقى اسماؤهم و اعمالهم خالدة .

descriptionمقطع من فوضى الحواس Emptyرد: مقطع من فوضى الحواس

more_horiz
جزيل الشكر والتقدير

descriptionمقطع من فوضى الحواس Emptyرد: مقطع من فوضى الحواس

more_horiz
شكرا على المجهود
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد