الطابع
السياسي الذي يتوج زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للقاهرة، والتي
تكتسب قيمتها من اختياره مصر كمنبر لإلقاء خطابه للعالم الإسلامي ، فلا شك
إن الاقتصاد يفرض نفسه على الأجواء، ولعل أبرز دليل على حرص الحكومة
المصرية على الاستفادة اقتصاديا من الزيارة والبيان المشترك الذي أصدره
مكتب الممثل التجاري الأمريكي رون كيرك ووزير التجارة والصناعة المصري
رشيد محمد رشيد عقب اجتماع في واشنطن، وتوقيع اتفاق شراكة بين الطرفيين.
والجدير
بالذكر أنه لن يكون مطروحا خلال الزيارة مناقشة قيام منطقة تجارة حرة بين
مصر وأمريكا، ليس بسبب الأداء الديمقراطي للإدارة المصرية، والذي سبق
وتذرعت به إدارة بوش لحرمان مصر من هذه الميزة، رغم توقيعها اتفاقات تجارة
حرة مع البحرين والأردن والمغرب وسلطنة عمان، ولكن لأن أوباما نفسه يرفض
فكرة إقامة مثل هذه المناطق، وكان يقف منها موقفا معارضا خلال برنامجه
الانتخابي، دفعه فور الفوز بالانتخابات إلى وقف المفاوضات بين أمريكا
وكوريا الجنوبية وبنما، والتي كانت تستهدف إقامة منطقة تجارة حرة معهما.
إذن،
فالأمل معقود على توقيع اتفاقيات لزيادة الصادرات والاستثمارات والوفود
السياحية وكذلك حجم المعونة الأمريكية.. فهل يمكن تحقيق ذلك؟
وفي
هذا الصدد يقول الخبير الاقتصاد والصحفي ممدوح الوالي أن الإجابة على هذا
السؤال تقتضي الوقوف على الوضع الراهن، حتى نستطيع استشراف المستقبل، ولكن
للأسف فإنه من الصعب تحديد معالم هذا الوضع الراهن، في ظل تضارب الأرقام
الذي يشمل تلك المتعلقة بالصادرات والاستثمارات.
تضارب الأرقام
ففي
الجانب الخاص بالصادرات المصرية لأمريكا تشير أرقام جهاز الإحصاء المصري
إلى أنها بلغت خلال عام 2008 حوالي 1.281 مليار دولار، وهي البيانات
المأخوذة من حركة السلع عبر الجمارك، والتي يعتمد عليها البنك الدولي في
تقاريره الدولية،لكن هذه الأرقام تقفز إلى 9.108 مليارات دولار حسب البنك
المركزي المصري الذي يعتمد على التدفقات النقدية لقيمة السلع الصادرة
والواردة، في حين يبلغ الرقم 2.371 مليار دولار حسب البيانات الأمريكية.
وبالنظر
إلى قيمة الواردات المصرية من أمريكا نجد التضارب نفسه تجده حيث سجلت
5.678 مليارات دولار حسب جهاز الإحصاء، و9.049 مليارات حسب البنك المركزي
المصري، و6.031 مليارات حسب البيانات الأمريكية.
والنتيجة
أن التجارة المصرية الأمريكية تحقق عجزا مصريا حسب جهاز الإحصاء يبلغ
4.397 مليارات دولار، كما يبلغ 3.660 مليارات حسب البيانات الأمريكية، في
حين تشير بيانات البنك المركزي المصري إلى تحقيق مصر فائضا في تجارتها مع
أمريكا بلغ 59 مليون دولار.
وفي
هذا الصدد ارتبطت زيادة حجم الصادرات المصرية إلى أمريكا خلال السنوات
الأخيرة بتوقيع اتفاقية "الكويز"، حتى بلغت قيمة الصادرات من خلالها 872
مليون دولار خلال العام الماضي، لكن تلك الصادرات يستحوذ عليها عدد قليل
من رجال الأعمال، كما تستفيد منها شركات أجنبية تعمل في مصر.
التضارب يشمل الاستثمار
ويتكرر تضارب الأرقام ما بين مصر
وأمريكا فيما يخص الاستثمارات الأمريكية في مصر، فحسب بيانات الهيئة
العامة للاستثمار المصرية في يونيو 2007، فإن الأمريكيين يساهمون في 359
شركة في مصر بقيمة 457 مليون دولار، بينما تشير بيانات البنك المركزي إلى
بلوغ قيمة الاستثمارات الأمريكية في مصر حوالي 4.7 مليارات دولار خلال نفس
العام.
وعلى
الجانب الآخر تشير البيانات الأمريكية إلى أن تراكم الاستثمارات الأمريكية
في مصر بلغ حتى عام 2007 نحو 7.513 مليارات دولار، منها 1.002 مليار دولار
خلال عام 2007 وحده، وهو الرقم الذي يصل إلى 4.7 مليارات حسب البنك
المركزي المصري.
ومع
خروج استثمارات مباشرة من الولايات المتحدة إلى بلدان العالم عام 2007
بلغت قيمتها 314 مليار دولار، فإن نصيب مصر منها خلال العام حسب الرقم
الأمريكي يصل إلى 0.3% من الإجمالي الأمريكي، وترتفع النسبة إلى 1.5% حسب
الرقم المصري لتلك الاستثمارات الواردة إليها من أمريكا.
ويستمر
اللغط كذلك في بيانات التحويلات الخاصة الواردة لمصر والتي تعتبر
التحويلات الواردة من أمريكا هي الأكبر، حيث بلغت خلال عام 2008 حسب البنك
المركزي المصري 2.82 مليار دولار تشكل نسبة 30 % من إجمالي التحويلات
الخاصة الواردة من دول العالم إلى مصر، وبنسبة نمو 1% عن التحويلات الخاصة
التي جاءت لمصر من أمريكا خلال عام 2007 والبالغة 2.556 مليار دولار.
وفيما
يخص السياحة الأمريكية الواردة إلى مصر، فحسب بيانات وزارة السياحة
المصرية احتلت الولايات المتحدة المركز التاسع بين دول العالم، بنصيب
ثلاثمائة ألف سائح وهو ما يشكل نسبة 2.3% من إجمالي عدد السياح الواصلين
لمصر والبالغ 12.8 مليون سائح، وكان إجمالي نصيب كل دول الأمريكتين من
الليالي السياحية المصرية خلال العام المالي 2007/2008 قد بلغ 478 ألف
ليلة سياحية، بنسبة 3.9% من إجمالي عدد الليالي البالغ 127.4 مليون ليلة
سياحية.
المعونة مابين المكسب وخسارة
أما
بالنسبة للمعونة الأمريكية لمصر فقد تم الاتفاق عقب توقيع اتفاقية كامب
ديفيد على تقديم أمريكا مساعدات عسكرية واقتصادية سنوية لمصر، بما يعوضها
عن فقد المعونات العربية التي كانت تتلقاها قبل توقفها بسبب توقيع
الاتفاقية.
وكان
الاتفاق ينص على تقديم مساعدة عسكرية سنوية 1.3 مليار دولار ومساعدة
اقتصادية 850 مليون دولار، مع الاجتماع بين الطرفين كل عشر سنوات لمراجعة
النتائج والاحتياجات ووضع المبالغ المناسبة للمشروعات المستقبلية.
وفي
عام 1998 تم الاتفاق على بقاء المعونة العسكرية كما هي، وخفض قيمة المعونة
الاقتصادية 15% سنويا أي بحوالي50 مليون دولار حتى تصل 415 مليون دولار
عام 2008، وهو ما حدث بالفعل، لكنه لأسباب سياسية تم خفض قيمة المعونة
الاقتصادية إلى 200 مليون دولار فقط لعام 2009.
وهكذا
حصلت مصر منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد وحتى الآن على نحو 40 مليار دولار
معونات عسكرية أمريكية، وعلى 28 مليار دولار مساعدات اقتصادية اتجهت
لمشروعات المياه والصرف الصحي ومحطات الكهرباء والتعليم والتنقيب عن
الآثار والطرق والكباري والتليفونات.
وبمقارنة
المعونات الأمريكية الاقتصادية خلال العام المالي 2007 / 2008 البالغة 415
مليون دولار، بحجم إجمالي الموارد البالغ 79.1 مليار دولار من كافة
المصادر "الصادرات السلعية والخدمية وخدمات النقل وقناة السويس
والاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة والتحويلات الرسمية والخاصة
والمتحصلات الحكومية"، فإن ذلك يشير إلى تدني نسبة المعونات الأمريكية إلى
حوالي نصف بالمائة فقط من إجمالي الموارد، وهو ما يعني انخفاض النسبة عن
ذلك خلال عام 2009 مع انخفاض قيمة المعونة.
الثمار المنتظرة
لاشك
أنه بالنظر إلى حال الاقتصاد الأمريكي في الوقت الراهن وفي ظل أزمة
اقتصادية تعتبر الأسوأ منذ الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي فإن
أغلب الظن أن زيارة أوباما لمصر لن تصنع شيئا في الوقت الراهن، وإن كان من
الممكن القول إن ثمارها الاقتصادية يمكن أن تكون مؤجلة حتى ينصلح حال
الاقتصاد الأمريكي أولا، فحالة الانكماش التي يمر بها تحول دون توسعهم في
الاستيراد الذي يمثل بالنسبة لمصر صادرات، خاصة مع سعي الإدارة الأمريكية
لتقليل العجز المزمن بالميزان التجاري الأمريكي، كما أن الاستثمارات
المباشرة دوليا كامنة بالوقت الحالي في بلادها ولا تتخذ قرارات بالتوسع؛
انتظارا لتحسن الظروف الاقتصادية الدولية، والتي يشير صندوق النقد الدولي
أنها لن تتحسن قبل منتصف العام القادم.
وكانت
أرقام العام الحالي خير دليل، فبيانات التجارة الخارجية الأمريكية خلال
الربع الأول من عام 2009 تشير إلى تراجع قيمة صادرات مصر لأمريكا بنسبة
5.2%، وكذلك تراجع واردات مصر منها بنسبة 8.5% بما أدى إلى تراجع حجم
التجارة بنسبة 8%، بالمقارنة بالربع الأول من عام 2008.
ولا
يختلف الحال كثيرا بالنسبة للاستثمارات الأجنبية التي تراجعت بمعدل 30% مع
بدء اشتعال الأزمة في عام 2008، فوصلت إلى 4.675 مليارات دولار، مقابل 6.7
مليارات دولار عام 2007.
وحتى الثمار السياحية التي كان
يمكن الاستفادة بها من زيارة الرئيس الأمريكي واتخاذه القاهرة منبرا
لمخاطبة العالم الإسلامي وزيارته بعض المساجد الإسلامية المصرية، فإنها
مؤجلة أيضا، حتى تتحسن الظروف الاقتصادية الدولية التي قللت معدلات
السياحة دوليا والتي زاد عليها أجواء أنفلونزا الخنازير والطيور، خاصة بعد
ظهور أول حالة مصابة بالفيروس في مصر مطلع يونيه الجاري، بالإضافة إلى أن
مصر تعد من الدول المرتفعة في معدلات الإصابة بأنفلونزا الطيور.
وعلى
الجانب الأخر أكد وزير التجارة والصناعة المصري رشيد محمد رشيد أن زيارة
الرئيس الأمريكي إلى مصر ستدشن مرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين،
قائلا "نفتح صفحة جديدة في العلاقات بين مصر والولايات المتحدة في ظل وجود
إدارة جديدة تحاول بوضوح الانخراط على مستوى أعلى وأداء دور ايجابي في
منطقتنا".
وقال
البيان المشترك الذي أصدره مكتب الممثل التجاري الأمريكي رون كيرك ووزير
التجارة والصناعة المصري في واشنطن إن تعميق الروابط التجارية ينسجم مع
التعاون القوي بين واشنطن والقاهرة في القضايا السياسية والأمنية.
وأضاف
البيان أنهما وقعا "خطة أمريكية مصرية لشراكة استراتيجية" يطور بموجبها
مسئولون أمريكيون ومصريون كبار على مدى الشهور الثلاثة المقبلة إطار عمل
للتعاون في مجالي التجارة والاستثمار، مؤكدا إن تعزيز التعاون سيساعد في
الحفاظ على جهود مصر المهمة في الآونة الأخيرة للإصلاح الاقتصادي.
العلاقات ما بين شد وجذب
مرت
العلاقات المصرية الأمريكية والتي تعود رسميًا إلى القرن التاسع عشر،
وبالتحديد في 12 يناير 1830 وهو تاريخ فتح قنصلية للولايات المتحدة
بالإسكندرية، بمراحل شد وجذب عدة فمنذ هذا التاريخ تأرجحت العلاقات بين
الصعود والتعاون والذي بلغت ذروتها في السنوات الأخيرة من حكم الرئيس
السادات وحتى الوقت الراهن، والهبوط والصراع في علاقات البلدين والذي بلغ
قمته عام 1967 حين اتخذت مصر قراراً بقطع العلاقات الدبلوماسية مع
الولايات المتحدة.
في مرحلة سبعينيات القرن العشرين
عادت الولايات المتحدة إلى مصر والعالم العربي بعد أن استطاعت الدبلوماسية
الأمريكية أثناء فترة الحرب الباردة احتواء النفوذ السوفيتي وإبعاده من
المنطقة، حيث تم استئناف العلاقات بين البلدين في مارس 1974، وخلال سنوات
قليلة استطاعت مصر أن تطور علاقات خاصة مع الولايات المتحدة.
وتُعد
العلاقات المصرية الأمريكية من أهم علاقات الدولتين الخارجية، إن لم تكن
الأكثر أهمية بالنظر لموقع كل منهما وقدراتهما الشاملة ومسئولياتهما
الإقليمية والعالمية، فمصر بموقعها الجغرافي وإسهاماتها الحضارية
وديناميكية شعبها وإشعاعها الثقافي، في جميع دوائر علاقاتها الدولية،
العربية، والشرق أوسطية، والأفريقية، والإسلامية، امتدت مسؤولياتها إلى
خارج حدودها بفعل الجغرافيا السياسية والتاريخ، فيما ظلت الولايات المتحدة
على مدى أربعة عقود، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، القطب الأول في
نظام القطبية الثنائية، إلى أن انفردت بالقطبية مع بداية تسعينيات القرن
العشرين.
وقد
أدت هذه الثوابت إلى أن أصبحت العلاقات المصرية الأمريكية عديدة الجوانب
ومتشابكة، تتداخل فيها المصالح الوطنية مع عوامل التأثير الخارجية، وأصبحت
مصر عاملاً أساسياً في السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، ويعود
لها الفضل الأول في تحقيق أكبر أهداف الولايات المتحدة في المنطقة وهو
السلام بين الدول العربية وإسرائيل.. عقب توقيع مصر لاتفاق السلام مع
إسرائيل عام 1979.
السياسي الذي يتوج زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للقاهرة، والتي
تكتسب قيمتها من اختياره مصر كمنبر لإلقاء خطابه للعالم الإسلامي ، فلا شك
إن الاقتصاد يفرض نفسه على الأجواء، ولعل أبرز دليل على حرص الحكومة
المصرية على الاستفادة اقتصاديا من الزيارة والبيان المشترك الذي أصدره
مكتب الممثل التجاري الأمريكي رون كيرك ووزير التجارة والصناعة المصري
رشيد محمد رشيد عقب اجتماع في واشنطن، وتوقيع اتفاق شراكة بين الطرفيين.
والجدير
بالذكر أنه لن يكون مطروحا خلال الزيارة مناقشة قيام منطقة تجارة حرة بين
مصر وأمريكا، ليس بسبب الأداء الديمقراطي للإدارة المصرية، والذي سبق
وتذرعت به إدارة بوش لحرمان مصر من هذه الميزة، رغم توقيعها اتفاقات تجارة
حرة مع البحرين والأردن والمغرب وسلطنة عمان، ولكن لأن أوباما نفسه يرفض
فكرة إقامة مثل هذه المناطق، وكان يقف منها موقفا معارضا خلال برنامجه
الانتخابي، دفعه فور الفوز بالانتخابات إلى وقف المفاوضات بين أمريكا
وكوريا الجنوبية وبنما، والتي كانت تستهدف إقامة منطقة تجارة حرة معهما.
إذن،
فالأمل معقود على توقيع اتفاقيات لزيادة الصادرات والاستثمارات والوفود
السياحية وكذلك حجم المعونة الأمريكية.. فهل يمكن تحقيق ذلك؟
وفي
هذا الصدد يقول الخبير الاقتصاد والصحفي ممدوح الوالي أن الإجابة على هذا
السؤال تقتضي الوقوف على الوضع الراهن، حتى نستطيع استشراف المستقبل، ولكن
للأسف فإنه من الصعب تحديد معالم هذا الوضع الراهن، في ظل تضارب الأرقام
الذي يشمل تلك المتعلقة بالصادرات والاستثمارات.
تضارب الأرقام
ففي
الجانب الخاص بالصادرات المصرية لأمريكا تشير أرقام جهاز الإحصاء المصري
إلى أنها بلغت خلال عام 2008 حوالي 1.281 مليار دولار، وهي البيانات
المأخوذة من حركة السلع عبر الجمارك، والتي يعتمد عليها البنك الدولي في
تقاريره الدولية،لكن هذه الأرقام تقفز إلى 9.108 مليارات دولار حسب البنك
المركزي المصري الذي يعتمد على التدفقات النقدية لقيمة السلع الصادرة
والواردة، في حين يبلغ الرقم 2.371 مليار دولار حسب البيانات الأمريكية.
وبالنظر
إلى قيمة الواردات المصرية من أمريكا نجد التضارب نفسه تجده حيث سجلت
5.678 مليارات دولار حسب جهاز الإحصاء، و9.049 مليارات حسب البنك المركزي
المصري، و6.031 مليارات حسب البيانات الأمريكية.
والنتيجة
أن التجارة المصرية الأمريكية تحقق عجزا مصريا حسب جهاز الإحصاء يبلغ
4.397 مليارات دولار، كما يبلغ 3.660 مليارات حسب البيانات الأمريكية، في
حين تشير بيانات البنك المركزي المصري إلى تحقيق مصر فائضا في تجارتها مع
أمريكا بلغ 59 مليون دولار.
وفي
هذا الصدد ارتبطت زيادة حجم الصادرات المصرية إلى أمريكا خلال السنوات
الأخيرة بتوقيع اتفاقية "الكويز"، حتى بلغت قيمة الصادرات من خلالها 872
مليون دولار خلال العام الماضي، لكن تلك الصادرات يستحوذ عليها عدد قليل
من رجال الأعمال، كما تستفيد منها شركات أجنبية تعمل في مصر.
التضارب يشمل الاستثمار
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] | |||
وزير التجارة والصناعة المصري |
وأمريكا فيما يخص الاستثمارات الأمريكية في مصر، فحسب بيانات الهيئة
العامة للاستثمار المصرية في يونيو 2007، فإن الأمريكيين يساهمون في 359
شركة في مصر بقيمة 457 مليون دولار، بينما تشير بيانات البنك المركزي إلى
بلوغ قيمة الاستثمارات الأمريكية في مصر حوالي 4.7 مليارات دولار خلال نفس
العام.
وعلى
الجانب الآخر تشير البيانات الأمريكية إلى أن تراكم الاستثمارات الأمريكية
في مصر بلغ حتى عام 2007 نحو 7.513 مليارات دولار، منها 1.002 مليار دولار
خلال عام 2007 وحده، وهو الرقم الذي يصل إلى 4.7 مليارات حسب البنك
المركزي المصري.
ومع
خروج استثمارات مباشرة من الولايات المتحدة إلى بلدان العالم عام 2007
بلغت قيمتها 314 مليار دولار، فإن نصيب مصر منها خلال العام حسب الرقم
الأمريكي يصل إلى 0.3% من الإجمالي الأمريكي، وترتفع النسبة إلى 1.5% حسب
الرقم المصري لتلك الاستثمارات الواردة إليها من أمريكا.
ويستمر
اللغط كذلك في بيانات التحويلات الخاصة الواردة لمصر والتي تعتبر
التحويلات الواردة من أمريكا هي الأكبر، حيث بلغت خلال عام 2008 حسب البنك
المركزي المصري 2.82 مليار دولار تشكل نسبة 30 % من إجمالي التحويلات
الخاصة الواردة من دول العالم إلى مصر، وبنسبة نمو 1% عن التحويلات الخاصة
التي جاءت لمصر من أمريكا خلال عام 2007 والبالغة 2.556 مليار دولار.
وفيما
يخص السياحة الأمريكية الواردة إلى مصر، فحسب بيانات وزارة السياحة
المصرية احتلت الولايات المتحدة المركز التاسع بين دول العالم، بنصيب
ثلاثمائة ألف سائح وهو ما يشكل نسبة 2.3% من إجمالي عدد السياح الواصلين
لمصر والبالغ 12.8 مليون سائح، وكان إجمالي نصيب كل دول الأمريكتين من
الليالي السياحية المصرية خلال العام المالي 2007/2008 قد بلغ 478 ألف
ليلة سياحية، بنسبة 3.9% من إجمالي عدد الليالي البالغ 127.4 مليون ليلة
سياحية.
المعونة مابين المكسب وخسارة
أما
بالنسبة للمعونة الأمريكية لمصر فقد تم الاتفاق عقب توقيع اتفاقية كامب
ديفيد على تقديم أمريكا مساعدات عسكرية واقتصادية سنوية لمصر، بما يعوضها
عن فقد المعونات العربية التي كانت تتلقاها قبل توقفها بسبب توقيع
الاتفاقية.
وكان
الاتفاق ينص على تقديم مساعدة عسكرية سنوية 1.3 مليار دولار ومساعدة
اقتصادية 850 مليون دولار، مع الاجتماع بين الطرفين كل عشر سنوات لمراجعة
النتائج والاحتياجات ووضع المبالغ المناسبة للمشروعات المستقبلية.
وفي
عام 1998 تم الاتفاق على بقاء المعونة العسكرية كما هي، وخفض قيمة المعونة
الاقتصادية 15% سنويا أي بحوالي50 مليون دولار حتى تصل 415 مليون دولار
عام 2008، وهو ما حدث بالفعل، لكنه لأسباب سياسية تم خفض قيمة المعونة
الاقتصادية إلى 200 مليون دولار فقط لعام 2009.
وهكذا
حصلت مصر منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد وحتى الآن على نحو 40 مليار دولار
معونات عسكرية أمريكية، وعلى 28 مليار دولار مساعدات اقتصادية اتجهت
لمشروعات المياه والصرف الصحي ومحطات الكهرباء والتعليم والتنقيب عن
الآثار والطرق والكباري والتليفونات.
وبمقارنة
المعونات الأمريكية الاقتصادية خلال العام المالي 2007 / 2008 البالغة 415
مليون دولار، بحجم إجمالي الموارد البالغ 79.1 مليار دولار من كافة
المصادر "الصادرات السلعية والخدمية وخدمات النقل وقناة السويس
والاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة والتحويلات الرسمية والخاصة
والمتحصلات الحكومية"، فإن ذلك يشير إلى تدني نسبة المعونات الأمريكية إلى
حوالي نصف بالمائة فقط من إجمالي الموارد، وهو ما يعني انخفاض النسبة عن
ذلك خلال عام 2009 مع انخفاض قيمة المعونة.
الثمار المنتظرة
لاشك
أنه بالنظر إلى حال الاقتصاد الأمريكي في الوقت الراهن وفي ظل أزمة
اقتصادية تعتبر الأسوأ منذ الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي فإن
أغلب الظن أن زيارة أوباما لمصر لن تصنع شيئا في الوقت الراهن، وإن كان من
الممكن القول إن ثمارها الاقتصادية يمكن أن تكون مؤجلة حتى ينصلح حال
الاقتصاد الأمريكي أولا، فحالة الانكماش التي يمر بها تحول دون توسعهم في
الاستيراد الذي يمثل بالنسبة لمصر صادرات، خاصة مع سعي الإدارة الأمريكية
لتقليل العجز المزمن بالميزان التجاري الأمريكي، كما أن الاستثمارات
المباشرة دوليا كامنة بالوقت الحالي في بلادها ولا تتخذ قرارات بالتوسع؛
انتظارا لتحسن الظروف الاقتصادية الدولية، والتي يشير صندوق النقد الدولي
أنها لن تتحسن قبل منتصف العام القادم.
وكانت
أرقام العام الحالي خير دليل، فبيانات التجارة الخارجية الأمريكية خلال
الربع الأول من عام 2009 تشير إلى تراجع قيمة صادرات مصر لأمريكا بنسبة
5.2%، وكذلك تراجع واردات مصر منها بنسبة 8.5% بما أدى إلى تراجع حجم
التجارة بنسبة 8%، بالمقارنة بالربع الأول من عام 2008.
ولا
يختلف الحال كثيرا بالنسبة للاستثمارات الأجنبية التي تراجعت بمعدل 30% مع
بدء اشتعال الأزمة في عام 2008، فوصلت إلى 4.675 مليارات دولار، مقابل 6.7
مليارات دولار عام 2007.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] | |||
شعار المعونة الأمريكية |
يمكن الاستفادة بها من زيارة الرئيس الأمريكي واتخاذه القاهرة منبرا
لمخاطبة العالم الإسلامي وزيارته بعض المساجد الإسلامية المصرية، فإنها
مؤجلة أيضا، حتى تتحسن الظروف الاقتصادية الدولية التي قللت معدلات
السياحة دوليا والتي زاد عليها أجواء أنفلونزا الخنازير والطيور، خاصة بعد
ظهور أول حالة مصابة بالفيروس في مصر مطلع يونيه الجاري، بالإضافة إلى أن
مصر تعد من الدول المرتفعة في معدلات الإصابة بأنفلونزا الطيور.
وعلى
الجانب الأخر أكد وزير التجارة والصناعة المصري رشيد محمد رشيد أن زيارة
الرئيس الأمريكي إلى مصر ستدشن مرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين،
قائلا "نفتح صفحة جديدة في العلاقات بين مصر والولايات المتحدة في ظل وجود
إدارة جديدة تحاول بوضوح الانخراط على مستوى أعلى وأداء دور ايجابي في
منطقتنا".
وقال
البيان المشترك الذي أصدره مكتب الممثل التجاري الأمريكي رون كيرك ووزير
التجارة والصناعة المصري في واشنطن إن تعميق الروابط التجارية ينسجم مع
التعاون القوي بين واشنطن والقاهرة في القضايا السياسية والأمنية.
وأضاف
البيان أنهما وقعا "خطة أمريكية مصرية لشراكة استراتيجية" يطور بموجبها
مسئولون أمريكيون ومصريون كبار على مدى الشهور الثلاثة المقبلة إطار عمل
للتعاون في مجالي التجارة والاستثمار، مؤكدا إن تعزيز التعاون سيساعد في
الحفاظ على جهود مصر المهمة في الآونة الأخيرة للإصلاح الاقتصادي.
العلاقات ما بين شد وجذب
مرت
العلاقات المصرية الأمريكية والتي تعود رسميًا إلى القرن التاسع عشر،
وبالتحديد في 12 يناير 1830 وهو تاريخ فتح قنصلية للولايات المتحدة
بالإسكندرية، بمراحل شد وجذب عدة فمنذ هذا التاريخ تأرجحت العلاقات بين
الصعود والتعاون والذي بلغت ذروتها في السنوات الأخيرة من حكم الرئيس
السادات وحتى الوقت الراهن، والهبوط والصراع في علاقات البلدين والذي بلغ
قمته عام 1967 حين اتخذت مصر قراراً بقطع العلاقات الدبلوماسية مع
الولايات المتحدة.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] | |||
استعدادات استقبال أوباما |
عادت الولايات المتحدة إلى مصر والعالم العربي بعد أن استطاعت الدبلوماسية
الأمريكية أثناء فترة الحرب الباردة احتواء النفوذ السوفيتي وإبعاده من
المنطقة، حيث تم استئناف العلاقات بين البلدين في مارس 1974، وخلال سنوات
قليلة استطاعت مصر أن تطور علاقات خاصة مع الولايات المتحدة.
وتُعد
العلاقات المصرية الأمريكية من أهم علاقات الدولتين الخارجية، إن لم تكن
الأكثر أهمية بالنظر لموقع كل منهما وقدراتهما الشاملة ومسئولياتهما
الإقليمية والعالمية، فمصر بموقعها الجغرافي وإسهاماتها الحضارية
وديناميكية شعبها وإشعاعها الثقافي، في جميع دوائر علاقاتها الدولية،
العربية، والشرق أوسطية، والأفريقية، والإسلامية، امتدت مسؤولياتها إلى
خارج حدودها بفعل الجغرافيا السياسية والتاريخ، فيما ظلت الولايات المتحدة
على مدى أربعة عقود، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، القطب الأول في
نظام القطبية الثنائية، إلى أن انفردت بالقطبية مع بداية تسعينيات القرن
العشرين.
وقد
أدت هذه الثوابت إلى أن أصبحت العلاقات المصرية الأمريكية عديدة الجوانب
ومتشابكة، تتداخل فيها المصالح الوطنية مع عوامل التأثير الخارجية، وأصبحت
مصر عاملاً أساسياً في السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، ويعود
لها الفضل الأول في تحقيق أكبر أهداف الولايات المتحدة في المنطقة وهو
السلام بين الدول العربية وإسرائيل.. عقب توقيع مصر لاتفاق السلام مع
إسرائيل عام 1979.