حين يناصر العرب نتيناهو ضد أوباما !!!
صفق العرب كثيراً في القاهرة وهم يستمعون إلى "الحاج" باراك حسين أوباما ملقياً موعظته الخطابية، وقاطعوا استرساله أكثر من مرة وهو يتسفيض في شرح رسالة الإسلام "الأمريكي" ويتلو آيات بيّنات من القرآن الكريم حول سماحة الإسلام وسلمه، وكأني بنفوس الحاضرين قد خشعت، واغرورقت عيونهم بالدمع من خشية.. أوباما.
انشرحت أسارير الكثير ممن كانوا متكئين على أرائكهم يتابعون الخطاب على شاشات التلفزة، وأثلجت قلوبهم وتنهدوا تنهيدة الرضى والاطمئنان.. كيف لا وقد غطّى "الحاج أوباما" بعباءته الغيوم السوداء التي كانت تتلبد في سماء أنظمتهم بعد أن فضحهم تواطؤهم على الدم الفلسطيني على مدى 22 يوماً من حرب الإبادة في غزة، ولم يعد لديهم المزيد من أوراق التوت ليستروا بها عورات سياساتهم التي أمعن سلفه جورج بوش الإبن في تسخيرها لبناء شرق أوسطه الجديد..
لا شك بأن معظم العالم وغالبية أنظمته اعتقدت بأن "الحاج أوباما" الفائز بمنصب رئيس الولايات المتحدة الأميركية تحت لواء شعار "التغيير"، قد أخذ قراره فعلاً بتطبيق هذا الشعار، وهلّل هؤلاء أمام ترقّب حقبة جديدة من العلاقات الهادئة مع إدارة واشنطن، خصوصاً وهم يسمعون مواقف المسؤولين الأمريكيين الداعمة لقضايا العرب!! والمتآلفة مع التوجهات العربية حيال قضية فلسطين، ولا سيما بشأن الاعتراف بدولة فلسطين ووقف الاستيطان!!! هذا فضلاً عن الرسائل والإشارات تجاه أخصام الأمس للبدء في سياسة التحاور والتلاقي!!!
ركن هؤلاء إلى هذه "الحقيقة" الأميركية الجديدة ولكن ما هي إلا أيام حتى تبدّل المشهد، وطلع بنيامين نتنياهو بخطابه الناري الذي شطب كل ما له علاقة بالعرب وفلسطين قضايا وشعوباً.. فلا دولة ولا عودة ولا حقوق ولا أراضي ولا سلام.. باختصار: لا شيء لكم وكل شيء لنا..
ظن العرب أنهم سيكونون أمام مواجهة أمريكية - إسرائيلية بعدما سمعوه من "الحاج أوباما" في القاهرة، إلا أن هذا الأخير الوارث سماحة الإسلام في عرقه، ومحبة المسيحية في أدائه، لم يستطع أن يعلي الصوت ضد نتنياهو، فما كان به إلا أن شجّع وأيّد واستبشر خيراً بالخطوة المتقدمة من نتنياهو.. ولبس الأوروبيون القلنسوة وتبعوا "الحاج أوباما" وهللوا وراءه طقوس التبريك..
استمرأ نتنياهو الأمر فأوفد سفيره الشرس أفيغدور ليبرمان إلى عقر دار "الحاج أوباما" ليتحداه ويعلن استمرار عمليات الاستيطان.. حزنت هيلاري كلينتون لأن رجل العصابات الذي يرتدي اليوم بذلة وربطة عنق لم يوقّر الأميركي الكبير، وخالفها الرأي والقرار أمام كل أهل الأرض..
عادت كلينتون منكسرة من مشاغبة الصبي الشرس فعمل "الحاج أوباما" السموح على تهدئة خاطرها فرضيت وسامحت ليبرمان على وقاحته.. ولكن في المقلب الآخر من الأرض كان الذين خشعوا بالأمس لخطاب أوباما قلقين، ويضربون كفاً بكف حسرة وحيرة، فماذا سيفعلون؟ لقد خابت آمالهم بـ "الحاج أوباما"، لا سيما أن الحزم الذي لمسوه في خطابه القاهري تبخّر أمام أول عناد من نتنياهو وفريقه الحربي..
بالطبع فإن حسرة هؤلاء وحيرتهم ليس نابعاً من حرصهم على القضية الفلسطينية وقضايا العرب، بل إن ما جرى قد أحرجهم من جديد وبقدر أكبر من حرجهم الذي سقطوا به خلال حرب إسرائيل على لبنان في تموز 2006 وحرب إسرائيل على غزة في كانون الأول 2008، وباتوا مجبرين على التحرّك حتى لا تعود الغيوم السوداء تتلبد في سماء أنظمتهم..
فكّر هؤلاء كثيراً.. هل يواجهون نتنياهو وليبرمان وباراك ويضعون أنفسهم وأرائكهم أمام خطر الخسارة والحرب التي يهوّل بها الإسرائيليون كل يوم؟ أم أن يؤازروا "الحاج أوباما" المؤمن ويسلموه مفاتيح أبوابهم ويبايعونه أميراً على ولاياتهم وليفعل ما يراه صائباً؟
فكّر هؤلاء كثيراً إلى أن تفتقت أريحة أحدهم على فكرة جهنمية عظيمة.. فتح هذا "المبدع" خط الهاتف الساخن وهاتف أترابه في أنظمة العرب وفجّر عبقريته باقتراح هلّل له الجميع وباركوا به وله نبوغه السياسي وهنأوه على حسه القومي والوطني الراسخ..
اقترح هذا الفصيح أن يتم تأليف وفد من قادة العرب والذهاب إلى واشنطن والاجتماع بـ"الحاج أوباما" ومخاطبة حكمته في التراجع عن مواقفه، وإلا فإنهم سيتخذون موقفاً جماعياً مدعوماً بمظلة جامعة الدول العربية للضغط على أوباما، يطالبونه فيه بتأييد استمرار الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة للحيلولة دون مغامرة إسرائيلية جديدة قد تشعل المنطقة بأكملها هذه المرة، وهذا لن يكون بالطبع في مصلحة الولايات المتحدة!!، أما بالنسبة للفلسطينيين فيتعهد العرب باستيعاب الأمر وترتيب المسألة.. وكل ذلك دون شك سيقنع به "الحاج أوباما".
كيف لا والأمر أمر عربي سيادي وداخل البيت الواحد ولا دخل لأحد به، فالعرب أم الصبي وأصحاب القضية الفلسطينية وهم الأولى بحلها ومعالجتها، وكما انتظر الفلسطينيون عشرات السنوات وصبر اللاجئون المشتتون منهم عشرات السنوات وكما إن الحق الضائع ما زال ضائعاً منذ عشرات السنوات... فلا ضير في سنوات إضافية من الخزي والعار والذل الذي اعتادع العرب.. فالأرائك غالية وقضية فلسطين عند العرب أصبحت.. بالية.
محمد الحسيني
خاص الانتقاد.نت
انشرحت أسارير الكثير ممن كانوا متكئين على أرائكهم يتابعون الخطاب على شاشات التلفزة، وأثلجت قلوبهم وتنهدوا تنهيدة الرضى والاطمئنان.. كيف لا وقد غطّى "الحاج أوباما" بعباءته الغيوم السوداء التي كانت تتلبد في سماء أنظمتهم بعد أن فضحهم تواطؤهم على الدم الفلسطيني على مدى 22 يوماً من حرب الإبادة في غزة، ولم يعد لديهم المزيد من أوراق التوت ليستروا بها عورات سياساتهم التي أمعن سلفه جورج بوش الإبن في تسخيرها لبناء شرق أوسطه الجديد..
لا شك بأن معظم العالم وغالبية أنظمته اعتقدت بأن "الحاج أوباما" الفائز بمنصب رئيس الولايات المتحدة الأميركية تحت لواء شعار "التغيير"، قد أخذ قراره فعلاً بتطبيق هذا الشعار، وهلّل هؤلاء أمام ترقّب حقبة جديدة من العلاقات الهادئة مع إدارة واشنطن، خصوصاً وهم يسمعون مواقف المسؤولين الأمريكيين الداعمة لقضايا العرب!! والمتآلفة مع التوجهات العربية حيال قضية فلسطين، ولا سيما بشأن الاعتراف بدولة فلسطين ووقف الاستيطان!!! هذا فضلاً عن الرسائل والإشارات تجاه أخصام الأمس للبدء في سياسة التحاور والتلاقي!!!
ركن هؤلاء إلى هذه "الحقيقة" الأميركية الجديدة ولكن ما هي إلا أيام حتى تبدّل المشهد، وطلع بنيامين نتنياهو بخطابه الناري الذي شطب كل ما له علاقة بالعرب وفلسطين قضايا وشعوباً.. فلا دولة ولا عودة ولا حقوق ولا أراضي ولا سلام.. باختصار: لا شيء لكم وكل شيء لنا..
ظن العرب أنهم سيكونون أمام مواجهة أمريكية - إسرائيلية بعدما سمعوه من "الحاج أوباما" في القاهرة، إلا أن هذا الأخير الوارث سماحة الإسلام في عرقه، ومحبة المسيحية في أدائه، لم يستطع أن يعلي الصوت ضد نتنياهو، فما كان به إلا أن شجّع وأيّد واستبشر خيراً بالخطوة المتقدمة من نتنياهو.. ولبس الأوروبيون القلنسوة وتبعوا "الحاج أوباما" وهللوا وراءه طقوس التبريك..
استمرأ نتنياهو الأمر فأوفد سفيره الشرس أفيغدور ليبرمان إلى عقر دار "الحاج أوباما" ليتحداه ويعلن استمرار عمليات الاستيطان.. حزنت هيلاري كلينتون لأن رجل العصابات الذي يرتدي اليوم بذلة وربطة عنق لم يوقّر الأميركي الكبير، وخالفها الرأي والقرار أمام كل أهل الأرض..
عادت كلينتون منكسرة من مشاغبة الصبي الشرس فعمل "الحاج أوباما" السموح على تهدئة خاطرها فرضيت وسامحت ليبرمان على وقاحته.. ولكن في المقلب الآخر من الأرض كان الذين خشعوا بالأمس لخطاب أوباما قلقين، ويضربون كفاً بكف حسرة وحيرة، فماذا سيفعلون؟ لقد خابت آمالهم بـ "الحاج أوباما"، لا سيما أن الحزم الذي لمسوه في خطابه القاهري تبخّر أمام أول عناد من نتنياهو وفريقه الحربي..
بالطبع فإن حسرة هؤلاء وحيرتهم ليس نابعاً من حرصهم على القضية الفلسطينية وقضايا العرب، بل إن ما جرى قد أحرجهم من جديد وبقدر أكبر من حرجهم الذي سقطوا به خلال حرب إسرائيل على لبنان في تموز 2006 وحرب إسرائيل على غزة في كانون الأول 2008، وباتوا مجبرين على التحرّك حتى لا تعود الغيوم السوداء تتلبد في سماء أنظمتهم..
فكّر هؤلاء كثيراً.. هل يواجهون نتنياهو وليبرمان وباراك ويضعون أنفسهم وأرائكهم أمام خطر الخسارة والحرب التي يهوّل بها الإسرائيليون كل يوم؟ أم أن يؤازروا "الحاج أوباما" المؤمن ويسلموه مفاتيح أبوابهم ويبايعونه أميراً على ولاياتهم وليفعل ما يراه صائباً؟
فكّر هؤلاء كثيراً إلى أن تفتقت أريحة أحدهم على فكرة جهنمية عظيمة.. فتح هذا "المبدع" خط الهاتف الساخن وهاتف أترابه في أنظمة العرب وفجّر عبقريته باقتراح هلّل له الجميع وباركوا به وله نبوغه السياسي وهنأوه على حسه القومي والوطني الراسخ..
اقترح هذا الفصيح أن يتم تأليف وفد من قادة العرب والذهاب إلى واشنطن والاجتماع بـ"الحاج أوباما" ومخاطبة حكمته في التراجع عن مواقفه، وإلا فإنهم سيتخذون موقفاً جماعياً مدعوماً بمظلة جامعة الدول العربية للضغط على أوباما، يطالبونه فيه بتأييد استمرار الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة للحيلولة دون مغامرة إسرائيلية جديدة قد تشعل المنطقة بأكملها هذه المرة، وهذا لن يكون بالطبع في مصلحة الولايات المتحدة!!، أما بالنسبة للفلسطينيين فيتعهد العرب باستيعاب الأمر وترتيب المسألة.. وكل ذلك دون شك سيقنع به "الحاج أوباما".
كيف لا والأمر أمر عربي سيادي وداخل البيت الواحد ولا دخل لأحد به، فالعرب أم الصبي وأصحاب القضية الفلسطينية وهم الأولى بحلها ومعالجتها، وكما انتظر الفلسطينيون عشرات السنوات وصبر اللاجئون المشتتون منهم عشرات السنوات وكما إن الحق الضائع ما زال ضائعاً منذ عشرات السنوات... فلا ضير في سنوات إضافية من الخزي والعار والذل الذي اعتادع العرب.. فالأرائك غالية وقضية فلسطين عند العرب أصبحت.. بالية.
محمد الحسيني
خاص الانتقاد.نت