ثعبان البحر ... حياة عجيبة كثيراً مايشدني البحث في حياة الحيوان واكتشاف خفاياه مبحرة في عالم عجائبه الغريب عبر مراحل نموه وتطوره إلى متابعة كل دراسة تدور حوله ومحاولة الوصول إلى كتاب يجلو الغموض الذي يلفه دون أن أجد من كتاب يبحث في كل ماهو غريب وعجيب عن الحيوان ككتاب «غريزة أم تقدير إلهي » [color:5a84=#000000] لشوقي أبو خليل فمن أبواب هذا الكتاب المميزة باب بعنوان حياة عجيبة تحدث فيه عن ثعبان البحر الذي لو عرضت حياته على الشاشة البيضاء لشكك الجمهور في صحتها لأنها أغرب من الأساطير الروائية بل هي أروع من الخيال وهي سلسلة متصلة من التطورات التي لاتخلو من ظواهر عجيبة تثير الدهشة كما قال محمد فياض في كتابه غرائز الحيوانات، فأول ناحية في حياته تلفت النظر اختياره للموضع الملائم لوضع بيوضه فهو يبحث عن بقعة في قاع البحر نسبة تركيز الملح فيها تقرب من 53% وهذه البقعة تبعد عن سطح البحر مالا يقل عن ألف ومئتي قدم لأن البيض لاينضج إلا مع توافر هذين الشرطين وهناك يضع ثعبان البحر البيض الصغير الذي يتحمل ضغط الماء الشديد فوقه في حين إن أمهر الغواصين لايستطيع أن يهبط في الماء أكثر من بضع مئات من الأقدام مع مايستخدم من أحدث الوسائل الآلية، ويخرج من هذا البيض الحيوان الصغير في شكل شريط رفيع صغير وهو يولد يتيماً لأن والديه يموتان بعد وضع البيض فكأن وظيفتهما في الحياة تنتهي عند هذا الحد، وتمر شهور عديدة على هذا المخلوق يتغذى فيها وينمو، وبعد تمام مرحلة النمو التي تستغرق ثمانية أشهر أو تسعة يشعر ثعبان البحر أن الماء المالح لايصلح لمعيشته فيهجر البحر في مواعيد محددة من العام متخذاً سبيله إلى الأنهار في جموع زاخرة لاحصر لعددها وهناك ينتشر ويبدأ حياة جديدة . ومن غريب أمره أنه يفضل البرك على الأنهار وفيه جهاز خاص حساس ينبئه بمواضع البرك القريبة مع أنه لم يسبق له أن أتاها قبلاً كما أن والديه لم يرشده إليها ! [size=16]إنه يخرج من النهر ويتسلق حافته ثم ينساب كالأفعى على الحشائش والأرض ويستمر في سيره مستعيناً بنعومة جسمه المغطى بغشاء مخاطي حتى يصل البركة التي يختارها سكناً له. ،جهازه التنفسي مزود بفجوات كثيرة يملؤها بالماء قبل أن يترك النهر حيث ينتفع بالهواء المزاب فيه أثناء اجتيازه للمسافات البرية. ويتغذى ثعبان البحر عادة بالأسماك وهو شره مبطان كثير الولع بالطعام ، فقد لوحظ في أنهار نيوزيلندة - حيث ينمو ثعبان البحر نمواً عجيباً -أنه يخطف بعض الطيور التي تشرب من النهر ويأكلها وقد يقضم أفخاذ الأوز والبط الذي يعوم في الماء !! هذا ولثعبان البحر طريقة فذة في مهاجمة فريسته فهو يكمن في مخبأ بعيداً عن الأنظار وينتظر ريثما تقترب منه سمكة أو طير مائي وينطلق بسرعة البرق ويغرز أسنانه القوية في جسم فريسته فلا تستطيع الفريسة أن تنال من جسمه وينتهي الأمر بالفريسة إلى الموت أو إلى انفصال الجزء الذي وقع بين فكي ثعبان البحر، ويبقى ثعبان البحر في المياه الحلوة حتى يكتمل نموه ويصل إلى طور البلوغ ويستغرق هذا مابين خمس وثمان سنوات وإذ ذاك تدفعه الغريزة إلى الرحيل إلى البحر ويستعد لتحمل الضغط الشديد الذي يقع عليه من الماء في الأعماق البعيدة فيتكيف جسمه ليلائم الوسط الذي سيحل به، فتتولد تحت جلده فقاعات غازية تساعده على مقاومة الضغط الشديد، وحينئذ يهجر البركة ويعود إلى النهر من الطريق الذي اجتازه في الذهاب وينحدر من النهر إلى البحر ويتخذ سبيله إلى بقعة في القرار ذات ملوحة ملائمة وفي العمق المناسب يضع البيض ، ويودع الحياة هناك ،لأن عظامه تلين بعد ذلك تدريجياً ثم يدركه الموت ، وقد يصوم بمجرد خروجه من البركة أو النهر فلايذوق طعاماً حتى يضع البيض ويموت . [size=16]هذه حياة ثعبان البحر العجيبة المدهشة في أسطر معدودة، ولكن العلماء لم يصلوا إليها إلا بعد مئات السنين من الدراسة والبحث الشاق الطويل المضني . [/size][/size]</FONT> |