[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
من مواليد تونس ،ترجع أصولها إلى مدينة قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري
أحلام مستغانمي كاتبة تخفي خلف روايتها أبًا لطالما طبع حياتها بشخصيته الفذّة وتاريخه النضاليّ
كان والدها "محمد الشريف" من هواة الأدب الفرنسي. وقارئًا ذا ميول كلاسيكيّ لأمثال :
Victor Hugo, Voltaire, Jean Jaques Rousseau
يستشف ذلك كلّ من يجالسه لأوّل مرّة. كما كانت له القدرة على سرد الكثير من القصص عن مدينته الأصليّة مسقط رأسه "قسنطينة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
عرف السجون الفرنسيّة, بسبب مشاركته في مظاهرات 8 ماي 1945 . وبعد أن أطلق سراحه سنة 1947 كان قد فقد عمله بالبلديّةبعد أشهر قليلة, يتوّجه محمد الشريف مع أمّه وزوجته وأحزانه إلى تونس كما لو أنّ روحه سحبت منه. فقد ودّع مدينة قسنطينة أرض آبائه وأجداده.
في هذه الظروف التي كانت تحمل مخاض الثورة, وإرهاصاتها الأولى تولد أحلام في تونس
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ولكي تعيش أسرته, يضطر الوالد للعمل كمدرّس للّغة الفرنسيّة. لأنّه لا يملك تأهيلاًغير تلك اللّغة, لذلك, سوف يبذل الأب كلّ ما بوسعه بعد ذلك, لتتعلَّم ابنته اللغةالعربيّة التي مُنع هو من تعلمها
بعد الإستقلال, عاد جميع أفراد الأسرة إلى الوطن. واستقرّ الأب في العاصمة حيث كانيشغل منصب مستشار تقنيّ لدى رئاسة الجمهوريّة, ثم مديراً في وزارة الفلاحة, وأوّلمسؤول عن إدارة وتوزيع الأملاك الشاغرة, والمزارع والأراضي الفلاحيّة التي تركهاالمعمّرون الفرنسيون بعد مغادرتهم الجزائر. إضافة إلى نشاطه الدائم في اتحاد العمالالجزائريّين, الذي كان أحد ممثليه أثناء حرب التحرير
وهكذا نشأت ابنته الكبرى في محيط عائلي يلعب الأب فيه دورًا أساسيًّا. وكانت مقرّبةكثيرًا من أبيها وخالها عزّ الدين الضابط في جيش التحرير الذي كان كأخيها الأكبر. عبر هاتين الشخصيتين, عاشت كلّ المؤثّرات التي تطرأ على الساحة السياسيّة. و التيكشفت لها عن بعد أعمق, للجرح الجزائري (التصحيح الثوري للعقيد هواري بومدين, ومحاولة الانقلاب للعقيد الطاهر زبيري), عاشت الأزمة الجزائرية يومًّا بيوم من خلالمشاركة أبيها في حياته العمليّة, وحواراته الدائمة معها.
مما جعل كلّ مؤلفاتها تحمل شيئًا عن والدها, وإن لم يأتِ ذكره صراحة. فقد تركبصماته عليها إلى الأبد. بدءًا من اختياره العربيّة لغة لها. لتثأر له بها. فحالإستقلال الجزائر ستكون أحلام مع أوّل فوج للبنات يتابع تعليمه في مدرسة الثعالبيّة, أولى مدرسة معرّبة للبنات في العاصمة. وتنتقل منها إلى ثانوية عائشة أم المؤمنين. لتتخرّج سنة 1971 من كليّة الآداب في الجزائر ضمن أوّل دفعة معرّبة تتخرّج بعدالإستقلال من جامعات الجزائر.
وإثر إنقلاب بومدين واعتقال الرئيس أحمد بن بلّة. يقع الأب مريضًا نتيجة للخلافات "القبليّة" والانقلابات السياسيّة التي أصبح فيها رفاق الأمس ألدّ الأعداء.
هذه الأزمة النفسيّة, أو الانهيار العصبيّ الذي أصابه, جعله يفقد صوابه فيبعض الأحيان. خاصة بعد تعرّضه لمحاولة اغتيال, مما أدّى إلى الإقامة من حين لآخر فيمصحّ عقليّ تابع للجيش الوطني الشعبيّ. كانت أحلام آنذاك في سن المراهقة, طالبة فيثانوية عائشة بالعاصمة. وبما أنّها كانت أكبر إخواتها الأربعة, كان عليها هي أنتزور والدها في المستشفى المذكور, والواقع في حيّ باب الواد, ثلاث مرّات على الأقلّكلّ أسبوع. كان مرض أبيها مرض الجزائر. هكذا كانت تراه وتعيشه.
قبل أن تبلغأحلام الثامنة عشرة عاماً. وأثناء إعدادها لشهادة الباكلوريا, كان عليها ان تعمللتساهم في إعالة إخوتها وعائلة تركها الوالد دون مورد. ولذا خلال ثلاث سنوات كانتأحلام تعدّ وتقدّم برنامجًا يوميًا في الإذاعة الجزائريّة يبثّ في ساعة متأخرّة منالمساء تحت عنوان "همسات". وقد لاقت تلك "الوشوشات" الشعريّة نجاحًا كبيرًا تجاوزالحدود الجزائرية الى دول المغرب العربي. وساهمت في ميلاد إسم أحلام مستغانميالشعريّ, الذي وجد له سندًا في صوتها الأذاعيّ المميّز وفي مقالات وقصائد كانتتنشرها أحلام في الصحافة الجزائرية. وديوان أوّل أصدرته سنة 1971 في الجزائر تحتعنوان "على مرفأ الأيام".
في هذا الوقت لم يكن أبوها حاضراً ليشهد ماحقّفته ابنته. بل كان يتواجد في المستشفى لفترات طويلة, بعد أن ساءت حالته.
هذاالوضع سبّب لأحلام معاناة كبيرة. فقد كانت كلّ نجاحاتها من أجل إسعاده هو, برغمعلمها أنّه لن يتمكن يومًا من قراءتها لعدم إتقانه القراءة بالعربية. وكانت فاجعةالأب الثانية, عندما انفصلت عنه أحلام وذهبت لتقيم في باريس حيث تزوّجت من صحفيلبناني ممن يكنّون ودًّا كبيرًا للجزائريين. وابتعدت عن الحياة الثقافية لبضع سنواتكي تكرِّس حياتها لأسرتها. قبل أن تعود في بداية الثمانينات لتتعاطى مع الأدبالعربيّ من جديد. أوّلاً بتحضير شهادة دكتوراه في جامعة السوربون. ثمّ مشاركتها فيالكتابة في مجلّة "الحوار" التي كان يصدرها زوجها من باريس, ومجلة "التضامن" التيكانت تصدر من لندن. أثناء ذلك وجد الأب نفسه في مواجهة المرض والشيخوخة والوحدة. وراح يتواصل معها بالكتابة إليها في كلّ مناسبة وطنية عن ذاكرته النضاليّة وذلكالزمن الجميل الذي عاشه مع الرفاق في قسنطينة.
ثمّ ذات يوم توّقفت تلكالرسائل الطويلة المكتوبة دائمًا بخط أنيق وتعابير منتقاة. كان ذلك الأب الذي لايفوّت مناسبة, مشغولاً بانتقاء تاريخ موته, كما لو كان يختار عنوانًا لقصائده. فيليلة أوّل نوفمبر 1992 , التاريخ المصادف لاندلاع الثورة الجزائريّة, كان محمدالشريف يوارى التراب في مقبرة العلياء
لقد أغمض عينيه قبل ذلك بقليل, متوجّسًا الفاجعة. ذلك الرجل الذي أدهش مرة إحدىالصحافيّات عندما سألته عن سيرته النضاليّة, فأجابها مستخفًّا بعمر قضاه بينالمعتقلات والمصحّات والمنافي, قائلاً: "إن كنت جئت إلى العالم فقط لأنجب أحلام. فهذا يكفيني فخرًا. إنّها أهمّ إنجازاتي. أريد أن يقال إنني "أبو أحلام" أن أنسبإليها.. كما تنسب هي لي".
كان يدري وهو الشاعر, أنّ الكلمة هي الأبقى
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
يتبع
أحلام مستغانمي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
من مواليد تونس ،ترجع أصولها إلى مدينة قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري
أحلام مستغانمي كاتبة تخفي خلف روايتها أبًا لطالما طبع حياتها بشخصيته الفذّة وتاريخه النضاليّ
كان والدها "محمد الشريف" من هواة الأدب الفرنسي. وقارئًا ذا ميول كلاسيكيّ لأمثال :
Victor Hugo, Voltaire, Jean Jaques Rousseau
يستشف ذلك كلّ من يجالسه لأوّل مرّة. كما كانت له القدرة على سرد الكثير من القصص عن مدينته الأصليّة مسقط رأسه "قسنطينة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
عرف السجون الفرنسيّة, بسبب مشاركته في مظاهرات 8 ماي 1945 . وبعد أن أطلق سراحه سنة 1947 كان قد فقد عمله بالبلديّةبعد أشهر قليلة, يتوّجه محمد الشريف مع أمّه وزوجته وأحزانه إلى تونس كما لو أنّ روحه سحبت منه. فقد ودّع مدينة قسنطينة أرض آبائه وأجداده.
في هذه الظروف التي كانت تحمل مخاض الثورة, وإرهاصاتها الأولى تولد أحلام في تونس
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ولكي تعيش أسرته, يضطر الوالد للعمل كمدرّس للّغة الفرنسيّة. لأنّه لا يملك تأهيلاًغير تلك اللّغة, لذلك, سوف يبذل الأب كلّ ما بوسعه بعد ذلك, لتتعلَّم ابنته اللغةالعربيّة التي مُنع هو من تعلمها
بعد الإستقلال, عاد جميع أفراد الأسرة إلى الوطن. واستقرّ الأب في العاصمة حيث كانيشغل منصب مستشار تقنيّ لدى رئاسة الجمهوريّة, ثم مديراً في وزارة الفلاحة, وأوّلمسؤول عن إدارة وتوزيع الأملاك الشاغرة, والمزارع والأراضي الفلاحيّة التي تركهاالمعمّرون الفرنسيون بعد مغادرتهم الجزائر. إضافة إلى نشاطه الدائم في اتحاد العمالالجزائريّين, الذي كان أحد ممثليه أثناء حرب التحرير
وهكذا نشأت ابنته الكبرى في محيط عائلي يلعب الأب فيه دورًا أساسيًّا. وكانت مقرّبةكثيرًا من أبيها وخالها عزّ الدين الضابط في جيش التحرير الذي كان كأخيها الأكبر. عبر هاتين الشخصيتين, عاشت كلّ المؤثّرات التي تطرأ على الساحة السياسيّة. و التيكشفت لها عن بعد أعمق, للجرح الجزائري (التصحيح الثوري للعقيد هواري بومدين, ومحاولة الانقلاب للعقيد الطاهر زبيري), عاشت الأزمة الجزائرية يومًّا بيوم من خلالمشاركة أبيها في حياته العمليّة, وحواراته الدائمة معها.
مما جعل كلّ مؤلفاتها تحمل شيئًا عن والدها, وإن لم يأتِ ذكره صراحة. فقد تركبصماته عليها إلى الأبد. بدءًا من اختياره العربيّة لغة لها. لتثأر له بها. فحالإستقلال الجزائر ستكون أحلام مع أوّل فوج للبنات يتابع تعليمه في مدرسة الثعالبيّة, أولى مدرسة معرّبة للبنات في العاصمة. وتنتقل منها إلى ثانوية عائشة أم المؤمنين. لتتخرّج سنة 1971 من كليّة الآداب في الجزائر ضمن أوّل دفعة معرّبة تتخرّج بعدالإستقلال من جامعات الجزائر.
وإثر إنقلاب بومدين واعتقال الرئيس أحمد بن بلّة. يقع الأب مريضًا نتيجة للخلافات "القبليّة" والانقلابات السياسيّة التي أصبح فيها رفاق الأمس ألدّ الأعداء.
هذه الأزمة النفسيّة, أو الانهيار العصبيّ الذي أصابه, جعله يفقد صوابه فيبعض الأحيان. خاصة بعد تعرّضه لمحاولة اغتيال, مما أدّى إلى الإقامة من حين لآخر فيمصحّ عقليّ تابع للجيش الوطني الشعبيّ. كانت أحلام آنذاك في سن المراهقة, طالبة فيثانوية عائشة بالعاصمة. وبما أنّها كانت أكبر إخواتها الأربعة, كان عليها هي أنتزور والدها في المستشفى المذكور, والواقع في حيّ باب الواد, ثلاث مرّات على الأقلّكلّ أسبوع. كان مرض أبيها مرض الجزائر. هكذا كانت تراه وتعيشه.
قبل أن تبلغأحلام الثامنة عشرة عاماً. وأثناء إعدادها لشهادة الباكلوريا, كان عليها ان تعمللتساهم في إعالة إخوتها وعائلة تركها الوالد دون مورد. ولذا خلال ثلاث سنوات كانتأحلام تعدّ وتقدّم برنامجًا يوميًا في الإذاعة الجزائريّة يبثّ في ساعة متأخرّة منالمساء تحت عنوان "همسات". وقد لاقت تلك "الوشوشات" الشعريّة نجاحًا كبيرًا تجاوزالحدود الجزائرية الى دول المغرب العربي. وساهمت في ميلاد إسم أحلام مستغانميالشعريّ, الذي وجد له سندًا في صوتها الأذاعيّ المميّز وفي مقالات وقصائد كانتتنشرها أحلام في الصحافة الجزائرية. وديوان أوّل أصدرته سنة 1971 في الجزائر تحتعنوان "على مرفأ الأيام".
في هذا الوقت لم يكن أبوها حاضراً ليشهد ماحقّفته ابنته. بل كان يتواجد في المستشفى لفترات طويلة, بعد أن ساءت حالته.
هذاالوضع سبّب لأحلام معاناة كبيرة. فقد كانت كلّ نجاحاتها من أجل إسعاده هو, برغمعلمها أنّه لن يتمكن يومًا من قراءتها لعدم إتقانه القراءة بالعربية. وكانت فاجعةالأب الثانية, عندما انفصلت عنه أحلام وذهبت لتقيم في باريس حيث تزوّجت من صحفيلبناني ممن يكنّون ودًّا كبيرًا للجزائريين. وابتعدت عن الحياة الثقافية لبضع سنواتكي تكرِّس حياتها لأسرتها. قبل أن تعود في بداية الثمانينات لتتعاطى مع الأدبالعربيّ من جديد. أوّلاً بتحضير شهادة دكتوراه في جامعة السوربون. ثمّ مشاركتها فيالكتابة في مجلّة "الحوار" التي كان يصدرها زوجها من باريس, ومجلة "التضامن" التيكانت تصدر من لندن. أثناء ذلك وجد الأب نفسه في مواجهة المرض والشيخوخة والوحدة. وراح يتواصل معها بالكتابة إليها في كلّ مناسبة وطنية عن ذاكرته النضاليّة وذلكالزمن الجميل الذي عاشه مع الرفاق في قسنطينة.
ثمّ ذات يوم توّقفت تلكالرسائل الطويلة المكتوبة دائمًا بخط أنيق وتعابير منتقاة. كان ذلك الأب الذي لايفوّت مناسبة, مشغولاً بانتقاء تاريخ موته, كما لو كان يختار عنوانًا لقصائده. فيليلة أوّل نوفمبر 1992 , التاريخ المصادف لاندلاع الثورة الجزائريّة, كان محمدالشريف يوارى التراب في مقبرة العلياء
لقد أغمض عينيه قبل ذلك بقليل, متوجّسًا الفاجعة. ذلك الرجل الذي أدهش مرة إحدىالصحافيّات عندما سألته عن سيرته النضاليّة, فأجابها مستخفًّا بعمر قضاه بينالمعتقلات والمصحّات والمنافي, قائلاً: "إن كنت جئت إلى العالم فقط لأنجب أحلام. فهذا يكفيني فخرًا. إنّها أهمّ إنجازاتي. أريد أن يقال إنني "أبو أحلام" أن أنسبإليها.. كما تنسب هي لي".
كان يدري وهو الشاعر, أنّ الكلمة هي الأبقى
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
يتبع