قال الله تعالى: } أَلاَ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ { (1) ، و قال تعالى: } وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلاً عَمَا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ { (2) ، قيل: هذا تسلية للمظلوم، و وعيد للظالم . و قال تعالى : } إنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا { (3) ، و قال تعالى : { وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبً يَنقَلِبُونَ } (4) وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : « مَنْ مشى مع ظالم ليعينه و هو يعلم أنه ظالم خرج من الإسلام » .
و قال أيضاً صلى الله عليه و سلم : « رحم الله عبداٌ كان لأخيه قبله مظلمة في عرض أو مال فأتاه فتحللّه (5) منها قبل أن يأتي يوم القيامة و ليس معه دينار و لا درهم ». و قال أيضاً صلى الله عليه
و سلم: « من اقتطع حق امرئ مسلم أوجب الله له النار و حرم عليه الجنة » فقال له رجل: يا رسول الله و لو كان شيئاً يسيراً ؟ قال: « و لو كان قضيبًا من أراك ». و عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : « أوحى الله تعالى إلّي يا أخا المرسلين يا أخا المنذرين أنذر قومك فلا يدخلوا بيتاً من بيوتي ، و لا أحد من عبادي عند أحد منهم مظلمة ، فإني ألعنه ما دام قائماً يصلي بين يديّ حتى يرد تلك الظلامة إلى أهلها فأكون سمعه الذي يسمع به ، و بصره الذي يبصر به ،
و يكون من أوليائي و أصفيائي ، و يكون جاري من النبيين و الصدِّيقين و الشهداء و الصالحين في الجنة » . و عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم : « إياك و دعوةَ المظلوم فإنما يسأل الله تعالى حقه ». و عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال : « ما من عبد ظُلم فشخص (6) ببصره إلى السماء إلا قال الله عَزَّ و جلَّ : لبيك عبدي حقاَّ لأنصرنك و لو بعد حين ». و عنه أيضاً أنه
قال : « ألا إن الظلم ثلاثة : فظلم لا يغفر ، و ظلم لا يترك ، و ظلم مغفور لا يطلب. فأما الظلم الذي لا يغفر فالشرك بالله - و العياذ بالله تعالى – قال الله تعالى : { إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ }
(7) ، و أما الظلم الذي لا يترك فظلم العباد بعضهم بعضاً ، و أما الظلم الذي لا يطلب فظلم العبد نفسه ».
و مر رجل برجل قد صلبه الحجاج فقال: يا رب إن حلمك على الظالمين قد أضر بالمظلومين . فنام تلك الليلة فرأى في منامه أن القيامة قد قامت و كأنه قد دخل الجنة فرأى ذلك المصلوب في أعلى عليين ، و إذا منادٍ ينادي : حلمي على الظالمين أحلَّ المظلومين في أعلى عليين . و قيل : مَنْ سَلَبَ نعمة غيره ، سلب نعمتَهُ غيرُه. و سمع مسلم ابن بشار رجلاً يدعو على مَنْ ظلمه، فقال له: كِلِ (8) الظالمِّ إلى ظلمه فهو أسرعُ فيه من دعائك. و يقال : مَنْ طال عدوانه زال سلطانه . و قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم . و رؤى لوح في أفق السماء مكتوب فيه : لا إله إلا الله محمد رسول الله، و تحته هذا البيت :
فلم أرَ مثلَ العدلِِ للمرءِ رافعاً و لم أرَ مثلَ الجَوْرِ للمرءِ واضعَا
من كتاب المستطرف للكاتب : شهاب الدين محمد الأبشيهي .
___________________________________________
(1) سورة هود : 18.
(2) سورة إبراهيم: 29.
(3) سورة الكهف: 29.
(4) سورة الشعراء: 227.
(5) تحللَّه : جعله في حل من التزامه.
(6) شخص : تـأمل بدهشة.
(7) سورة النساء: 48.
(8) كِلِ : أوكله.