بحث عام وشامل لعلم الوراثة
مقدمة
يشعر بعض الآباء بالذنب عندما يولد لهم طفل مصاب بمرض وراثي. ويشتد هذا
الإحساس قوة عندما يكون الوالدان أقارب لبعضهما ( أي عندما يكون لديهما
قرابة دم ).وهذا يرجع لاعتقادهم خطأ أن زواج أبناء العم والخال تزيد من
احتمال إنجابهم لأطفال مصابين بأمراض وراثية بشكل عال. صحيح إن زواج
الأقارب من بعضهم البعض يزيد من نسبة حدوث الأمراض الو راثية بشكل عام
ولكن لاتصل هذه النسبة إطلاقا إلى مائه بالمائة .
دائماً يأمل الأبوان أن يرزقا أطفالاً أصحاء، و لكن كل المواليد معرضون
لخطر إصابتهم بعيوب أو مشاكل خَلقية عديدة.ولكلمة"خَلقية"معنى خاص لدى
الأطباء ويقصدون بها كل العيوب والتشوهات التي حدثت خلال خلقة الطفل وولد
بها ( بمعنى وجودها عند الولادة ) .لذلك يشترط أن تكون موجودة قبل الولادة
وليس من الضروري أن يكتشفها الأطباء مباشرة بعد الولادة.إن نسبه احتمال
ولادة طفل لديه عيب خلقي هو 3% لكل المواليد. ولو نظرنا إلى أولئك الأطفال
الذين يولدون من أبوين يربطهم عرق قرابة فأن نسبة حدوث العيوب الخلقية
لديهم تصل إلى 4% وفي أقصى الإحصائيات تصل إلى 6%. هذه الزيادة(6%) تبدو
لأول وهله قليلة ولكن لو قارناها ب 3% او4% لاتضح لنا أن النسبة وصلت إلى
الضعف . إي أن نسبه احتمال حدوث العيوب الخلقية تزيد بالضعف عند المواليد
الذين يولدون لأبوين قريبين من بعضهما البعض بالنسب.ونستطيع أن نستنتج أن
هذه الأرقام لاتصل بأية حال إلى الأرقام العالية التي يعتقدها بعض الناس
(و بعض الأطباء)خطأ. إن زواج الأقارب حتميا يؤدي لولادة طفل به عيوب
خلقيه.
أكثر الأمراض الو راثية شيوعاً بين مواليد المتزوجين من أقاربهم هي
الأمراض التي يطلق عليها الأطباء الأمراض المنقولة عن طريق الوراثة
المتنحية ( انظر الوراثة المتنحية) . ويرجع السبب في هذه الزيادة لانتقال
مورثات غير سليمة من أحد الأجداد المشتركين بين الأبوين وينتقل هذا المورث
غير سليم(المعطوب) من ذلك الجد إلى أبنائه ثم إلى أحفاده .وإذا تزوج هذان
الحفيدان من بعضهما البعض فان كل واحد منهما قد يعطي النسخة المعطوبة لأحد
أبنائه عند التخصيب ولولدهما المورث المعطوب ،فيصبح لدي هذا الطفل مورثان
معطوبان مما يؤدي لحدوث مرض وراثي يختلف نوعه باختلاف نوع المورث
المنقول.ونشير هنا إلى انه حتى في الأمراض التي تنتقل بالوراثة المتنحية
لا تكون نسبة تكرر المرض في العائلة 100% إطلاقا،ولكن تصل إلى نسبة 25% في
كل حمل.
باختصار إذا لم يوجد في العائلة إي مرض وراثي ، فأن نسبة احتمال ولادة طفل
لديه عيوب خلقية من أبوين تربطهما علاقة نسب(أبناء العم أو أبناء العمة أو
الخال أو الخالة )تكون حوالي 4% إلى 6%. هذه النسبة بالطبع أعلى من الطفل
الذي يولد لأبوين لا تربطهما علاقة نسب، وهي كما قلنا 3% .
يعتقد الكثير ممن تزوجوا من أقاربهم وليس في عائلاتهم مرض وراثي معروف أن
زيادة احتمال إنجاب طفل مصاب بمرض وراثي ليس كافياُ لمنعهم الزواج
.وبالطبع لا يستطيع أحد منعهما من الزواج وإنجاب الأطفال وليس للأطباء حتى
أخصائي الوراثة الحق في منعهما ودائما القرار لهما وحدهما ولولديهما قبل
الزواج. ودور الطبيب فقط في إعطاء الاحتمالات (بالأرقام إن أمكن) وشرح بعض
الأمراض التي يترجح لديه انه من الممكن إن يصيبهما ويساعدهما إن أمكن في
تجنب هذه الأمراض
شجرة العائلة الطبية
مما لاشك فيه أن كلاً منا يحمل بعض المورثات التالفة والتي بالتالي من
الممكن أن ننقلها لأولادنا وذريتنا. لذلك يهتم الأطباء خاصة أطباء الأمراض
الوراثة بأخذ المعلومات - التاريخ المرضي - عن بقية العائلة كالإخوان
والأخوات والعم والعمة والخال و الخالة وبقية الأقارب الآخرين . فقد
يستطيع أخصائي الوراثة أن يقدم المساعدة لبقية العائلة و أقاربهم عندما
تتوفر لديه المعلومات التي يحتاجها ليساعدهم في اتخاذ القرار الذي يناسبهم
بأنفسهم. ففي كثير من الأحيان يستطيع الأخصائي أن يحدد نمط انتقال المرض
الو راثي من جيل إلى جيل آخر من المعلومات التي يحصل عليها عن شجرة
العائلة .وقد يحتاج إلى إجراء بعض الفحوصات لأفراد العائلة أو عمل بعض
التحاليل الطبية لاكتشاف بعض لأمراض التي تكون الأعراض فيها غير واضحة أو
خفيفة ولا يشتكي منها الشخص . الدور الذي يقوم به أخصائي الوراثة هو شرح
الخيارات المتوفرة لهم من دون أن يتدخل في قرارهم النهائي
من المهم جداً تحري الدقة والصراحة عند تقديم المعلومات الطبية عن عائلتك ، ولا تغفل عن ذكر النقاط التالية :
* حدد للطبيب الاخوة والأخوات غير الأشقاء أن وجد .
* اذكر أفراد العائلة الذين توفوا خاصة الذين توفوا في سن مبكر أو عند الولادة .
* اذكر عدد حالات الإجهاض .
* اذكر أفراد العائلة المتزوجين من أقاربهم .
* اذكر الأطفال الذين يعانون من مشاكل في الدراسة .
* اذكر الأطفال الذي يعانون من أمراض خلقية منذ الولادة .
قد تحتاج للاتصال ببعض أفراد عائلتك لتسألهم عن المزيد من المعلومات أو
عن التشخيص الطبي لحالاتهم . أحيانا قد يطلب منك أخصائي الأمراض الوراثة
أن تتصل بأحد أقاربك لتطلب منهم موافقة خطية للحصول على معلومات طبية من
أطبائهم او المراكز الطبية التي يتابعون فيها
تخيل جسم الإنسان بناية مبنية من الطوب(البلك)أي أن الطوب هو الوحدة
الأساسية التي يبنى بها ذلك الجسد. يسمى العلماء هذا الطوب خلايا (مفرد
خلية ) ولكن هذا الطوب ( الخلايا ) ليس مصنوعاً من الأسمنت ،بل من مادة
تسمى بروتين.يحصل جسمنا على هذه المادة ( البروتين ) من الغذاء اليومي بعد
أن تهضمه المعدة ويتحلل إلى أحماض امينيه .لا تقلق عند قراءتك لهذه
الكلمات والمصطلحات التي قد تكون غريبة عليك،فتابع القرائه فصوره سوف تتضح
لك في الصفحات التالية .بطبع يوجد أعداد كثيرة من الخلايا في الجسم(تعد
بالبلايين وليس الملايين) ولكنها متنوعة . هناك الخلايا الجلدية ، الخلايا
العصبية ، الخلايا العضلية ، الخلايا الجنسية ( البويضة والحيوان المنوي
)إلى أخر أنواع الخلايا.
جميع خلايا الجسم تموت ولكن أجسامنا وباستمرار تنتج خلايا جديدة على مدار
الساعة لتعويض النقص ويستثنى من ذلك الخلايا العصبية .وقد تكون لاحظت
أحيانا وجود قشور وتسلخات في جلدك بعد تعرضك للشمس . هذه هي خلايا ميتة
ويحل محلها خلايا جديدة من طبقة الجلد السفلية ولكن السؤال كيف يحدث هذا
في كل خلية من خلايا جسمنا 46 كروموسوم ( أي 23 زوج ) وعلى كل زوج من
الكروموسومات مورثتين . يستثنى من ذلك الخلايا الموجودة في المبيض (لدى
المرأة)و الخصية (لدى الرجل) . عندما يلقح الحيوان المنوي البويضة فإنهما
يتحدان مع بعضهما ليكملا العدد الكامل للكروموسومات لتصبح 46 كروموسوم (
23 كروموسوم من البويضة و 23 كروموسوم من الحيوان المنوي ). الحيوان
المنوي الذي يلقح البويضة (التي دائما تحمل كروموسوم X )هوالذي يحدد الجنس
الطفل. فإذا كان الحيوان المنوي يحمل كروموسوم X كان الجنين أنثى بإذن
الله،أما إذا كان يحمل كروموسوم من نوع Y فإن الجنيين يكون ذكراً بإذن
الله .
لكي تستطيع فهم الطريقة التي تنتقل بها الأمراض الوراثية المرتبطة
بالجنس عليك أن تتذكر أن الأنثى دائما لديها نسختان من كروموسوم X بينما
الذكر لديه نسخة واحدة من X ونسخة الثانية من نوع Y .
يوجد على طول كروموسوم X العديد من المورثات التي لها وظائف مختلفة في
أجزاء عديدة من الجسم .وبما أن الأنثى لديها نسختين من كروموسوم X فإن
تملك نسختان من كل مورث(كل كروموسوم Xعليه نسخة).لذلك لو حدث تلف في إحدى
المورثين فان النسخة الثانية الموجودة على كروموسوم الثاني لوحدها تكفي في
تغطية النقص ولا يحدث أي مرض لتلك المرأة بل انه في كثير من الأحيان لا
يظهر عليها أي علامات طبية لهذا النقص
لا تسبب مرضاً ولكن تجعل الإنسان حاملاً للمرض . ولكن هناك بعض المورثات
تكون وظيفتها حساسة، فإذا حدث التلف في إحدى نسختيها فإنها تؤدي إلى
الإصابة بمرض وراثي . لذلك نستطيع القول- وبصورة عامة- أن المورثات نوعان
، نوع لا تتأثر كثيراً إذا تلف مورث واحد منها، بينما النوع الأخر تكون
حساسة جدا فلو تلفت نسخة واحدة منها فإن الشخص يصاب بالمرض حتى وان كانت
نسخته الثانية سليمة. يطلق على الأمراض الوراثية التي تظهر عند حدوث تلف
في نسخة واحدة بالأمراض الوراثية السائدة . ولقد اشتقت كلمة سائدة و
متنحية قديماً بعد متابعة انتقال الصفات الوراثية بين الأجيال ، فإذا ظهرت
صفة وراثية معينة على شخص ما نتيجة لتلف نسخة واحدة من مورثاته أطلق على
هذا المورث- أو الصفة - خاصية الانتقال بطريقة الوراثية السائدة لأن
المورث التالف " ساد " الموقف وظهر على شكل مرض . بينما في حالة الصفة
الوراثية المنتجية فإن حدوث تلف في نسخة واحدة فقط لا يكفي لظهور الصفة(
أي لم تسد ) بل " تنحت جانباً ".ولا يظهر المرض الا إذا تلفت كلا النسختين
معاً!
من الممكن أن تنتقل الأمراض الوراثية السائدة من الأباء(الأب أو الأم)
المصابين* إلى أولادهم. ولكن ليس بالضرورة أن يكون في العائلة شخص مصاب بل
في كثير من الأحيان يكون المصاب هو أول شخص يصاب في العائلة ولم يصب قبل
ذلك أبويه. في هذه الحالة ( أي في حالة أن يكون الأبوين سليمين ) فإن تلف
المورث ( الطفرة ) حدثت إما في الحيوان المنوي أو البويضة التي نشأ منها
الشخص المصاب. ومن يصاب وأبويه سليمين يسمى في المصطلح الطبي بالحالة
الفردية ( أي هو أو هي الوحيد في المصاب في عائلته بالمرض) .إن احتمال أن
يصاب أحد أفراد العائلة من الأخوان أو الأخوات في هذه الحالة ضعيف جدا ،
ولكن هذا الشخص المصاب يمكن أن ينقل المرض إلى بعض أولاده وبنسبة 50%.
الوراثة المتنحية ( Autosomal recessive ) هي طريقة (أو نمط أواليه) من
عدة طرق ( انظر الوراثة السائدة الوارثة المرتبطة بالجنس ) تحدد الطريقة
التي ينتقل بها المرض الوراثي من جيل إلى جيل أخر. وتتميز الأمراض
الوراثية التي تنتقل بهذه الطريقة بوجود عطب أو تلف ( طفرة ) في كلا نسختي
المورث . إن الشخص الذي لدية نسخة تالفة واحدة فقط لا يصاب بالمرض بل يكون
حامل للمرض أو حامل لمورث تالف,ويطلق على هذا الشخص بالحامل . والسبب الذي
يجعل حامل المرض غير مصاب مع وجود الطفرة أو التلف في إحدى مورثاته هو
وجود نسخة سليمة أخرى تفي بأداء المهمة وتسد النقص . ومن هذا يتبين أن
الأشخاص الحاملين للمرض لا يظهر عليهم أعراض ولا علامات للمرض ولا يشتكون
من عله بل انهم لا يعلمون إن كانوا حاملين للمرض ( المورث تالف ) أو
سليمين ( كلا نسختين من المورث سليمة )الا بعد أن يولد لهم مولود مصاب
بمرض وراثي
اكثر الطرق شيوعا في معرفة الأطباء بأن شخص "حامل"لمرض ما هو إصابة أحد
أولاد هذا الشخص ( ذكور كان أو إناث ) بالمرض . فإذا حدث ذلك فإن الطبيب
يستنتج تلقائيا أن كلا الوالدين حاملين للمرض ( أي كل واحد منهما لديه
نسخة تالفة من نفس المورث ). إن التلف الذي يصيب المورثات ليس شيء نادر بل
إن كل شخص في هذا الوجود يحمل حوالي 6 نسخ مختلفة من مورثات تالفة . لذلك
فكل شخص منا يحمل حوالي 6 أنواع مختلفة من الأمراض قد تنتقل إلى ذرياتنا.
ولكن من لطف الله بنا أن كل شخص منا يحمل أنواعا مختلفا من المورثات
التالفة فكل شخص لدية مورث معطوب مختلف عن الشخص الآخر. ولكن يجب أن نعرف
أن هذه المورثات التالفة في الغالب تنتقل إلينا من أجدادنا لذلك فإنه من
المحتمل أن يكون أحد أقاربي يحمل نفس المورث التالف الذي احمله ،لأنهما
مشتركان في جد واحد،فلو حدث وان تزوج شخصان يحمل كل منهما نفس المورث
المعطوب فإنه من المحتمل أن يصاب أبنائهم بمرض وراثي ينتقل بالوراثة
المتنحية. وكلما زادت نسبة القرابة بين الزوجين زادت معها احتمال أن يكون
الزوجين ( الرجل والمرأة ) يحملان نفس المورث التالف. صحيح أن كل من هذين
الشخصين لا يشتكي من المرض ولكن كلاهما حامل لنفس المرض وبذلك قد يعطي كل
واحد منهما نسخة تالفة إلى ابنه أو ابنته وبذلك يصاب أو تصاب بالمرض .
كل مورث يصنع بروتين مختلفاً عن البروتين الذي يصنعه المورث الآخر ،لذلك
على الخلية قراءة ما بداخل المورث لكي تصنع البروتين المناسب . إن خطوات
تحضير البروتين من المورث ليست مكتوبة باللغة العربية ولا حتى بالإنجليزية
أو الفرنسية ولكن للمورثات لغة خاصة بها تسمى الشفرة الوراثية و حروف هذه
اللغة عبارة عن أجزاء كيميائية صغيرة متراصة جنباً إلى جنب كما هي الحال
في حروف اللغة العربية كمثال.وتسمى هذه الجزيئات المتراصة بالأحماض نووية
. تختلف أنواع البروتينات عن بعضها البعض باختلاف ترتيب هذه الأحماض
النووية . لذلك لو فإن إلى خلل في هذا الترتيب يؤدي لخلل في تكوين
البروتين.ويسمى هذا الخلل بالطفرة .لذلك فإن تعريف الطفرة الوراثة هو حدوث
خلل في ترتيب الأحماض النووية في المورث(أي خلل في ترتيب. وقد تحدث الطفرة
في داخل خلية واحدة من الجسم وقد تكون في جميع الخلايا . وعند وجودها في
جميع الخلايا فإنها توحي لنا أنها قد حدثت في وقت مبكرة عند تخلّقنا(عندما
كان عدد الخلايا في جسمنا قليلة)، أو قد تكون الطفرة موجودة في البويضة أو
الحيوان المنوي الذي خلقنا منه، لأن جميع خلايا جسمنا كما ذكرنا في موضع
أخر مستنسخة من خلية واحدة ( التي هي البويضة الملقحة بالحيوان المنوي ) .
لذلك فمن الممكن أن نرث طفرة من والدينا ، كما أنه من الممكن أن تحدث لنا
طفرات جديدة في خلايانا ولم تكن موجودة عند والدينا لأنها ببساطة حدثت بعد
أن بداء خلقنا أو أن تخّلقنا.لذا فالطفرات قد تكون موروثة ( من أحد
الوالدين ) أو غير موروثة .
كلنا من البشر لدية عدد من الطفرات في بعض المورثات ولم تسبب لنا مشاكل
صحية . لذلك تستطيع أن تستنتج أن ليس كل الطفرات مؤذيه،وإلا لأصبنا
بالأمراض منذ أن ولدتنا أمهاتنا.وقد تكون الطفرة مؤذيه أو غير مؤذيه ،
وإليك هاتين القاعدتين والتي في الغالب لا تكون فيه الطفرة طفرة مؤذية: :
مقدمة
يشعر بعض الآباء بالذنب عندما يولد لهم طفل مصاب بمرض وراثي. ويشتد هذا
الإحساس قوة عندما يكون الوالدان أقارب لبعضهما ( أي عندما يكون لديهما
قرابة دم ).وهذا يرجع لاعتقادهم خطأ أن زواج أبناء العم والخال تزيد من
احتمال إنجابهم لأطفال مصابين بأمراض وراثية بشكل عال. صحيح إن زواج
الأقارب من بعضهم البعض يزيد من نسبة حدوث الأمراض الو راثية بشكل عام
ولكن لاتصل هذه النسبة إطلاقا إلى مائه بالمائة .
دائماً يأمل الأبوان أن يرزقا أطفالاً أصحاء، و لكن كل المواليد معرضون
لخطر إصابتهم بعيوب أو مشاكل خَلقية عديدة.ولكلمة"خَلقية"معنى خاص لدى
الأطباء ويقصدون بها كل العيوب والتشوهات التي حدثت خلال خلقة الطفل وولد
بها ( بمعنى وجودها عند الولادة ) .لذلك يشترط أن تكون موجودة قبل الولادة
وليس من الضروري أن يكتشفها الأطباء مباشرة بعد الولادة.إن نسبه احتمال
ولادة طفل لديه عيب خلقي هو 3% لكل المواليد. ولو نظرنا إلى أولئك الأطفال
الذين يولدون من أبوين يربطهم عرق قرابة فأن نسبة حدوث العيوب الخلقية
لديهم تصل إلى 4% وفي أقصى الإحصائيات تصل إلى 6%. هذه الزيادة(6%) تبدو
لأول وهله قليلة ولكن لو قارناها ب 3% او4% لاتضح لنا أن النسبة وصلت إلى
الضعف . إي أن نسبه احتمال حدوث العيوب الخلقية تزيد بالضعف عند المواليد
الذين يولدون لأبوين قريبين من بعضهما البعض بالنسب.ونستطيع أن نستنتج أن
هذه الأرقام لاتصل بأية حال إلى الأرقام العالية التي يعتقدها بعض الناس
(و بعض الأطباء)خطأ. إن زواج الأقارب حتميا يؤدي لولادة طفل به عيوب
خلقيه.
أكثر الأمراض الو راثية شيوعاً بين مواليد المتزوجين من أقاربهم هي
الأمراض التي يطلق عليها الأطباء الأمراض المنقولة عن طريق الوراثة
المتنحية ( انظر الوراثة المتنحية) . ويرجع السبب في هذه الزيادة لانتقال
مورثات غير سليمة من أحد الأجداد المشتركين بين الأبوين وينتقل هذا المورث
غير سليم(المعطوب) من ذلك الجد إلى أبنائه ثم إلى أحفاده .وإذا تزوج هذان
الحفيدان من بعضهما البعض فان كل واحد منهما قد يعطي النسخة المعطوبة لأحد
أبنائه عند التخصيب ولولدهما المورث المعطوب ،فيصبح لدي هذا الطفل مورثان
معطوبان مما يؤدي لحدوث مرض وراثي يختلف نوعه باختلاف نوع المورث
المنقول.ونشير هنا إلى انه حتى في الأمراض التي تنتقل بالوراثة المتنحية
لا تكون نسبة تكرر المرض في العائلة 100% إطلاقا،ولكن تصل إلى نسبة 25% في
كل حمل.
باختصار إذا لم يوجد في العائلة إي مرض وراثي ، فأن نسبة احتمال ولادة طفل
لديه عيوب خلقية من أبوين تربطهما علاقة نسب(أبناء العم أو أبناء العمة أو
الخال أو الخالة )تكون حوالي 4% إلى 6%. هذه النسبة بالطبع أعلى من الطفل
الذي يولد لأبوين لا تربطهما علاقة نسب، وهي كما قلنا 3% .
يعتقد الكثير ممن تزوجوا من أقاربهم وليس في عائلاتهم مرض وراثي معروف أن
زيادة احتمال إنجاب طفل مصاب بمرض وراثي ليس كافياُ لمنعهم الزواج
.وبالطبع لا يستطيع أحد منعهما من الزواج وإنجاب الأطفال وليس للأطباء حتى
أخصائي الوراثة الحق في منعهما ودائما القرار لهما وحدهما ولولديهما قبل
الزواج. ودور الطبيب فقط في إعطاء الاحتمالات (بالأرقام إن أمكن) وشرح بعض
الأمراض التي يترجح لديه انه من الممكن إن يصيبهما ويساعدهما إن أمكن في
تجنب هذه الأمراض
شجرة العائلة الطبية
مما لاشك فيه أن كلاً منا يحمل بعض المورثات التالفة والتي بالتالي من
الممكن أن ننقلها لأولادنا وذريتنا. لذلك يهتم الأطباء خاصة أطباء الأمراض
الوراثة بأخذ المعلومات - التاريخ المرضي - عن بقية العائلة كالإخوان
والأخوات والعم والعمة والخال و الخالة وبقية الأقارب الآخرين . فقد
يستطيع أخصائي الوراثة أن يقدم المساعدة لبقية العائلة و أقاربهم عندما
تتوفر لديه المعلومات التي يحتاجها ليساعدهم في اتخاذ القرار الذي يناسبهم
بأنفسهم. ففي كثير من الأحيان يستطيع الأخصائي أن يحدد نمط انتقال المرض
الو راثي من جيل إلى جيل آخر من المعلومات التي يحصل عليها عن شجرة
العائلة .وقد يحتاج إلى إجراء بعض الفحوصات لأفراد العائلة أو عمل بعض
التحاليل الطبية لاكتشاف بعض لأمراض التي تكون الأعراض فيها غير واضحة أو
خفيفة ولا يشتكي منها الشخص . الدور الذي يقوم به أخصائي الوراثة هو شرح
الخيارات المتوفرة لهم من دون أن يتدخل في قرارهم النهائي
من المهم جداً تحري الدقة والصراحة عند تقديم المعلومات الطبية عن عائلتك ، ولا تغفل عن ذكر النقاط التالية :
* حدد للطبيب الاخوة والأخوات غير الأشقاء أن وجد .
* اذكر أفراد العائلة الذين توفوا خاصة الذين توفوا في سن مبكر أو عند الولادة .
* اذكر عدد حالات الإجهاض .
* اذكر أفراد العائلة المتزوجين من أقاربهم .
* اذكر الأطفال الذين يعانون من مشاكل في الدراسة .
* اذكر الأطفال الذي يعانون من أمراض خلقية منذ الولادة .
قد تحتاج للاتصال ببعض أفراد عائلتك لتسألهم عن المزيد من المعلومات أو
عن التشخيص الطبي لحالاتهم . أحيانا قد يطلب منك أخصائي الأمراض الوراثة
أن تتصل بأحد أقاربك لتطلب منهم موافقة خطية للحصول على معلومات طبية من
أطبائهم او المراكز الطبية التي يتابعون فيها
تخيل جسم الإنسان بناية مبنية من الطوب(البلك)أي أن الطوب هو الوحدة
الأساسية التي يبنى بها ذلك الجسد. يسمى العلماء هذا الطوب خلايا (مفرد
خلية ) ولكن هذا الطوب ( الخلايا ) ليس مصنوعاً من الأسمنت ،بل من مادة
تسمى بروتين.يحصل جسمنا على هذه المادة ( البروتين ) من الغذاء اليومي بعد
أن تهضمه المعدة ويتحلل إلى أحماض امينيه .لا تقلق عند قراءتك لهذه
الكلمات والمصطلحات التي قد تكون غريبة عليك،فتابع القرائه فصوره سوف تتضح
لك في الصفحات التالية .بطبع يوجد أعداد كثيرة من الخلايا في الجسم(تعد
بالبلايين وليس الملايين) ولكنها متنوعة . هناك الخلايا الجلدية ، الخلايا
العصبية ، الخلايا العضلية ، الخلايا الجنسية ( البويضة والحيوان المنوي
)إلى أخر أنواع الخلايا.
جميع خلايا الجسم تموت ولكن أجسامنا وباستمرار تنتج خلايا جديدة على مدار
الساعة لتعويض النقص ويستثنى من ذلك الخلايا العصبية .وقد تكون لاحظت
أحيانا وجود قشور وتسلخات في جلدك بعد تعرضك للشمس . هذه هي خلايا ميتة
ويحل محلها خلايا جديدة من طبقة الجلد السفلية ولكن السؤال كيف يحدث هذا
في كل خلية من خلايا جسمنا 46 كروموسوم ( أي 23 زوج ) وعلى كل زوج من
الكروموسومات مورثتين . يستثنى من ذلك الخلايا الموجودة في المبيض (لدى
المرأة)و الخصية (لدى الرجل) . عندما يلقح الحيوان المنوي البويضة فإنهما
يتحدان مع بعضهما ليكملا العدد الكامل للكروموسومات لتصبح 46 كروموسوم (
23 كروموسوم من البويضة و 23 كروموسوم من الحيوان المنوي ). الحيوان
المنوي الذي يلقح البويضة (التي دائما تحمل كروموسوم X )هوالذي يحدد الجنس
الطفل. فإذا كان الحيوان المنوي يحمل كروموسوم X كان الجنين أنثى بإذن
الله،أما إذا كان يحمل كروموسوم من نوع Y فإن الجنيين يكون ذكراً بإذن
الله .
لكي تستطيع فهم الطريقة التي تنتقل بها الأمراض الوراثية المرتبطة
بالجنس عليك أن تتذكر أن الأنثى دائما لديها نسختان من كروموسوم X بينما
الذكر لديه نسخة واحدة من X ونسخة الثانية من نوع Y .
يوجد على طول كروموسوم X العديد من المورثات التي لها وظائف مختلفة في
أجزاء عديدة من الجسم .وبما أن الأنثى لديها نسختين من كروموسوم X فإن
تملك نسختان من كل مورث(كل كروموسوم Xعليه نسخة).لذلك لو حدث تلف في إحدى
المورثين فان النسخة الثانية الموجودة على كروموسوم الثاني لوحدها تكفي في
تغطية النقص ولا يحدث أي مرض لتلك المرأة بل انه في كثير من الأحيان لا
يظهر عليها أي علامات طبية لهذا النقص
لا تسبب مرضاً ولكن تجعل الإنسان حاملاً للمرض . ولكن هناك بعض المورثات
تكون وظيفتها حساسة، فإذا حدث التلف في إحدى نسختيها فإنها تؤدي إلى
الإصابة بمرض وراثي . لذلك نستطيع القول- وبصورة عامة- أن المورثات نوعان
، نوع لا تتأثر كثيراً إذا تلف مورث واحد منها، بينما النوع الأخر تكون
حساسة جدا فلو تلفت نسخة واحدة منها فإن الشخص يصاب بالمرض حتى وان كانت
نسخته الثانية سليمة. يطلق على الأمراض الوراثية التي تظهر عند حدوث تلف
في نسخة واحدة بالأمراض الوراثية السائدة . ولقد اشتقت كلمة سائدة و
متنحية قديماً بعد متابعة انتقال الصفات الوراثية بين الأجيال ، فإذا ظهرت
صفة وراثية معينة على شخص ما نتيجة لتلف نسخة واحدة من مورثاته أطلق على
هذا المورث- أو الصفة - خاصية الانتقال بطريقة الوراثية السائدة لأن
المورث التالف " ساد " الموقف وظهر على شكل مرض . بينما في حالة الصفة
الوراثية المنتجية فإن حدوث تلف في نسخة واحدة فقط لا يكفي لظهور الصفة(
أي لم تسد ) بل " تنحت جانباً ".ولا يظهر المرض الا إذا تلفت كلا النسختين
معاً!
من الممكن أن تنتقل الأمراض الوراثية السائدة من الأباء(الأب أو الأم)
المصابين* إلى أولادهم. ولكن ليس بالضرورة أن يكون في العائلة شخص مصاب بل
في كثير من الأحيان يكون المصاب هو أول شخص يصاب في العائلة ولم يصب قبل
ذلك أبويه. في هذه الحالة ( أي في حالة أن يكون الأبوين سليمين ) فإن تلف
المورث ( الطفرة ) حدثت إما في الحيوان المنوي أو البويضة التي نشأ منها
الشخص المصاب. ومن يصاب وأبويه سليمين يسمى في المصطلح الطبي بالحالة
الفردية ( أي هو أو هي الوحيد في المصاب في عائلته بالمرض) .إن احتمال أن
يصاب أحد أفراد العائلة من الأخوان أو الأخوات في هذه الحالة ضعيف جدا ،
ولكن هذا الشخص المصاب يمكن أن ينقل المرض إلى بعض أولاده وبنسبة 50%.
الوراثة المتنحية ( Autosomal recessive ) هي طريقة (أو نمط أواليه) من
عدة طرق ( انظر الوراثة السائدة الوارثة المرتبطة بالجنس ) تحدد الطريقة
التي ينتقل بها المرض الوراثي من جيل إلى جيل أخر. وتتميز الأمراض
الوراثية التي تنتقل بهذه الطريقة بوجود عطب أو تلف ( طفرة ) في كلا نسختي
المورث . إن الشخص الذي لدية نسخة تالفة واحدة فقط لا يصاب بالمرض بل يكون
حامل للمرض أو حامل لمورث تالف,ويطلق على هذا الشخص بالحامل . والسبب الذي
يجعل حامل المرض غير مصاب مع وجود الطفرة أو التلف في إحدى مورثاته هو
وجود نسخة سليمة أخرى تفي بأداء المهمة وتسد النقص . ومن هذا يتبين أن
الأشخاص الحاملين للمرض لا يظهر عليهم أعراض ولا علامات للمرض ولا يشتكون
من عله بل انهم لا يعلمون إن كانوا حاملين للمرض ( المورث تالف ) أو
سليمين ( كلا نسختين من المورث سليمة )الا بعد أن يولد لهم مولود مصاب
بمرض وراثي
اكثر الطرق شيوعا في معرفة الأطباء بأن شخص "حامل"لمرض ما هو إصابة أحد
أولاد هذا الشخص ( ذكور كان أو إناث ) بالمرض . فإذا حدث ذلك فإن الطبيب
يستنتج تلقائيا أن كلا الوالدين حاملين للمرض ( أي كل واحد منهما لديه
نسخة تالفة من نفس المورث ). إن التلف الذي يصيب المورثات ليس شيء نادر بل
إن كل شخص في هذا الوجود يحمل حوالي 6 نسخ مختلفة من مورثات تالفة . لذلك
فكل شخص منا يحمل حوالي 6 أنواع مختلفة من الأمراض قد تنتقل إلى ذرياتنا.
ولكن من لطف الله بنا أن كل شخص منا يحمل أنواعا مختلفا من المورثات
التالفة فكل شخص لدية مورث معطوب مختلف عن الشخص الآخر. ولكن يجب أن نعرف
أن هذه المورثات التالفة في الغالب تنتقل إلينا من أجدادنا لذلك فإنه من
المحتمل أن يكون أحد أقاربي يحمل نفس المورث التالف الذي احمله ،لأنهما
مشتركان في جد واحد،فلو حدث وان تزوج شخصان يحمل كل منهما نفس المورث
المعطوب فإنه من المحتمل أن يصاب أبنائهم بمرض وراثي ينتقل بالوراثة
المتنحية. وكلما زادت نسبة القرابة بين الزوجين زادت معها احتمال أن يكون
الزوجين ( الرجل والمرأة ) يحملان نفس المورث التالف. صحيح أن كل من هذين
الشخصين لا يشتكي من المرض ولكن كلاهما حامل لنفس المرض وبذلك قد يعطي كل
واحد منهما نسخة تالفة إلى ابنه أو ابنته وبذلك يصاب أو تصاب بالمرض .
كل مورث يصنع بروتين مختلفاً عن البروتين الذي يصنعه المورث الآخر ،لذلك
على الخلية قراءة ما بداخل المورث لكي تصنع البروتين المناسب . إن خطوات
تحضير البروتين من المورث ليست مكتوبة باللغة العربية ولا حتى بالإنجليزية
أو الفرنسية ولكن للمورثات لغة خاصة بها تسمى الشفرة الوراثية و حروف هذه
اللغة عبارة عن أجزاء كيميائية صغيرة متراصة جنباً إلى جنب كما هي الحال
في حروف اللغة العربية كمثال.وتسمى هذه الجزيئات المتراصة بالأحماض نووية
. تختلف أنواع البروتينات عن بعضها البعض باختلاف ترتيب هذه الأحماض
النووية . لذلك لو فإن إلى خلل في هذا الترتيب يؤدي لخلل في تكوين
البروتين.ويسمى هذا الخلل بالطفرة .لذلك فإن تعريف الطفرة الوراثة هو حدوث
خلل في ترتيب الأحماض النووية في المورث(أي خلل في ترتيب. وقد تحدث الطفرة
في داخل خلية واحدة من الجسم وقد تكون في جميع الخلايا . وعند وجودها في
جميع الخلايا فإنها توحي لنا أنها قد حدثت في وقت مبكرة عند تخلّقنا(عندما
كان عدد الخلايا في جسمنا قليلة)، أو قد تكون الطفرة موجودة في البويضة أو
الحيوان المنوي الذي خلقنا منه، لأن جميع خلايا جسمنا كما ذكرنا في موضع
أخر مستنسخة من خلية واحدة ( التي هي البويضة الملقحة بالحيوان المنوي ) .
لذلك فمن الممكن أن نرث طفرة من والدينا ، كما أنه من الممكن أن تحدث لنا
طفرات جديدة في خلايانا ولم تكن موجودة عند والدينا لأنها ببساطة حدثت بعد
أن بداء خلقنا أو أن تخّلقنا.لذا فالطفرات قد تكون موروثة ( من أحد
الوالدين ) أو غير موروثة .
كلنا من البشر لدية عدد من الطفرات في بعض المورثات ولم تسبب لنا مشاكل
صحية . لذلك تستطيع أن تستنتج أن ليس كل الطفرات مؤذيه،وإلا لأصبنا
بالأمراض منذ أن ولدتنا أمهاتنا.وقد تكون الطفرة مؤذيه أو غير مؤذيه ،
وإليك هاتين القاعدتين والتي في الغالب لا تكون فيه الطفرة طفرة مؤذية: :