قال الله تعالى مبشراً للصادقين : { هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الْصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ }(1) ، و قـــــــــــــــــــــــــــــال
تعالى : { وَ الْصَّادِقِينَ وَالْصَّادِقَاتِ } (2)، فمدحهم، وبيّن لهم المغفرة والأجر العظيم. وقال عمر رضي الله عنه: عليك بالصدق وإن قتلك. وما أحسن ما قيل في ذلك :
تعالى : { وَ الْصَّادِقِينَ وَالْصَّادِقَاتِ } (2)، فمدحهم، وبيّن لهم المغفرة والأجر العظيم. وقال عمر رضي الله عنه: عليك بالصدق وإن قتلك. وما أحسن ما قيل في ذلك :
عــلــيــك بــالصــدق ولــو أنــــــــــــــــــــه .......... أحــرقــَكَ الــصــدق بـنارِ الوعيـــــــــــــــدْ
وابْغَ رضَا المولى فأغبى الــــــــــــــــــــورى .......... مَنْ أسْخَطَ المولى وأرضَى العبيــــــــــــــــدْ
وقال إسماعيل بن عبيد الله : لما حضرت أبي الوفاة جمع بنيه فقال لهم يا بني : عليكم بتقوى الله وعليكم بالقرآن فتعاهدوه (3)، وعليكم بالصدق حتى لو قتل أحدكم قتيلاً
. ثم سئل عنه أقرَّ بهِ ، والله ما كذبت قط مذ قرأت القرآن . وعن عائشة رضي الله عنها قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : بم يعرف المؤمن ؟ قال : « بوقاره ، ولين كلامه ، وصدق حديثه » . وقيل: لكل شيء حلية وحلية النطق الصدق . وقال محمود الورّاق :
الصِّدقُ منجـــــــــــــــــاة لأربابه .... و قربة تَدنـــــــــــــــــي من الربِّ
وقيل : الصدق عمود الدين ، وركن الأدب ، وأصل المروءة فلا تتم هذه الثلاثة إلا به . وقال أرسطاطاليس : أحسن الكلام ما صدق فيه قائله ، وانتفع به سامعه . وقال الملهب بن أبي صفرة : ما السيف الصارم في يد الشجاع بأعزّ له من الصدق . وكان يقال عن الصدوق: فلان وقف لسانه على الصدق. ويقال : الصدق محمود من كل أحد ، إلا من الساعي . ويقال : لو صَدَقَ عبدٌ فيما بينه وبين الله تعالى حقيقة الصدق لأطلع على خزائن الغيب ولكان أميناً في السموات والأرض . وقيل : مَنْ لزم الصدق وعوّد لسانه به وُفِّق . ويقال : الصدق بالحرِّ أحرى . وقال عتبة بن أبي سفيان : إذا اجتمع في قلبك أمران لا تدري أيهما أصوب ، فانظر أيهما أقرب إلى هواك فخالفه ، فإن الصواب أقرب إلى مخالفة الهوى . وقال أرسطاطاليس : الموت مع الصدق خير من الحياة مع الكذب . وكان نقش خاتم ذي يزن : وضع الخد للحق عز . وامتدح ابن ميادة جعفر بن سليمان . فأمر له بمائة ناقة . فقبل يده وقال : والله ما قبلت يد قرشي غيرك إلا واحدا.ً فقال أهو المنصور؟ قال: لا والله . فمن هو؟ قال: الوليد بن يزيد . قال: فغضب و قال : و الله ما قبلتها لله تعالى ، فقال : و الله و لا يدك ما قبلتها لله تعالى ، و كان قبلتها لنفسي . فقال : و الله لا ضَرَّكَ الصدقُ عندي أعطوه مائة أخرى .
وقال عامر العدواني في وصيته : إني وجدت صدق الحديث طرفاً من الغيب فاصدقوا . يعني من لزم الصدق وعوّده لسانه وفق ، فلا يكاد ينطق بشيء يظنه إلا جاء على ظنه . وخطب بلال لأخيه امرأة قرشية فقال لأهلها : نحن مَنْ قد عرفتم ، كنا عبدين فأعتقنا الله تعالى ، وكنا ضالين فهدانا الله تعالى ، وكنا فقيرين فأغنانا الله تعالى ، وأنا أخطب إليكم فلانة لأخي فإن تنكحوها لهُ فالحمد لله تعالى
، وإن تردونا فالله أكبر . فأقبل بعضهم على بعض فقالوا: بلال ممن عرفتم سابقته ومشاهده ومكانه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فزوجوا أخاه فزوجوه ، فلما انصرفوا قال لهُ أخوه: يغفر الله لك ما كنت تذكر سوابقنا ومشاهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتترك ما عدا ذلك فقال مه (4) يا أخي ، صدقت فأنكحك الصدق . وخطب الحجاج فأطال فقام رجل فقال: الصلاة ، فان الوقت لا ينتظرك ، والرب لا يعذرك . فأمر بحبسه فأتاه قومه وزعموا أنه مجنون وسألوه أن يخلي سبيله فقال : إن أقر بالجنون خليته، فقيل لهُ . فقال: معاذ الله ، لا أزعم أن الله ابتلاني وقد عافاني ، فبلغ ذلك الحجاج فعفا عنه لصدقه .
من كتاب " المستطرف في كل فن مستظرف " للكاتب شهاب الدين محمد الأبهيشي . تحقيق الدكتور مصطفى محمد الذهبي .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- سورة المائدة : 119.
(2)- سورة الأحزاب : 35.
(3)- تعاهدوه : تحفظوه و اعتنوا به.
(4)- مه : اسم فعل أمر بمعنى: كف.