السلام عليكم
انا من المتابعين الاوفياء لحصة موعدفي المهجر اللي يتم فيه استضافة شخصيات عربية في بلاد المهجر
حبيت انا انقلكم اليوم اهم الحوارات اللي جرت مع جزائريي المهجر
ورح نبدا اليوم بعلم من اعلام السينيما الجزائرية والمغاربيةو العربية
*
*
*
*
*
المخرج الجزائري مرزاق علواش
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
اولا :لمحة عن المخرج :
ولد مرزاق علواش في 6 أكتوبر في الجزائر حيث ترعرع كجزء من جيل عايش حقبة
حرب التحرير والإستقلال. تابع دراسته السينمائية في فرع الإخراج في
المؤسسة الوطنية للسينما في الجزائر العاصمة ليتخرّج سنة 1967 من معهد
الدراسات العليا في السينما في باريس؛ فينتقل بعد ذلك إلى ستوديوهات
التلفزيون الفرنسي بهدف إكمال تدريبه المهني بعدما قام بإخراج فيلمه
القصير الأول "السارق". بين عامي 1971 و1974 عمل علواش مستشاراً ثقافياً
في وزارة الثقافة والإعلام في الجزائر. لكنّه لم يضيّع الوقت، وسرعان ما
بدأ بتحقيق الفيلم تِلوَ الآخر ممّا يُكسبه خبرة غنيّة تجعله في مقدّمة
المخرجين الجزائريّين الذين تطرّقوا في أفلامهم إلى مروحة واسعة من
المواضيع المتعدّدة والمتنوّعة التي تسبر أغوار التجربة الإنسانية كما
تُضيئ على الصراعات السياسية والإجتماعية في المجتمع الجزائري ما بعد حرب
الإستقلال وفي المجتمع المهجري لا سيّما في فرنسا. وقد لقِي فيلمه الطويل
الأول "عمر قتلاتو" (1976 ) نجاحاً كبيراً، تاركاً بصمته المميّزة على
مسار السينما الجزائريّة الحديثة. لا يرحل مرزاق علواش عن الجزائر ولا
يغادرها ولو أنّه يعيش في المهجر الفرنسي، هو يبقى لصيقاً بها إذ يُعيد
تشكيل ملامحها ورفع قضايا مجتمعها في أفلامه علّه يزيل بعضاً من قسوة
المسافات بين الوطن الأم ومكان الإقامة.
والحين رح ننتقل للحوار اللي اجري معه بتاريخ :05/03/2001 وبث على قناة الجزيرة .
- مرزاق علواش :
لطالما تغذت أعمالي من الذهاب والإياب بين فرنسا والجزائر، كل حريتي في العمل والابتكار ناتجة من قدرتي على الحركة والتنقل.
المعلقة:
بين الجزائر وباريس مسافة عصية وشائكة تمكن السينمائي
مرزاق علواش من تطويهعا، إذ تفادى فخاخ الأسئلة التي تحث علي الاختيار بين
الإقامة هنا أو هناك، ولكن ما كانت محطته الأولي علي درب ما زالت ترتسم
حائرة بين ذهاب وإياباً.
مرزاق علواش:
وصلت إلي باريس عام 67 لإجراء دورة تدريبية في التليفزيون، كانت لدى منحة لثلاثة أشهر وإذا بي أبقي خمس سنوات.
عندما عدت إلي الجزائر عام 73 كنت أنوي تصوير فيلم عن
الجزائر وشبابها، وصلت في مرحلة تاريخية ترافقت مع إطلاق الثورة الزراعية
وإعلان الرئيس بومدين عن تأميم الأراضي وإجراء إصلاحات زراعية عميقة.
إذن حين عدت انتسبت فوراً إلي هذه الحملة وبدأت العمل في
وزارة الثقافة، حيث شاركت في تنظيم جولات سينمائية علي القرى هدفها شرح
مضامين الثورة الزراعية. كنت مناضلاً بقوة وكنت سعيداً جداً في تلك
الفترة. هكذا رجعت وكل أمل بأن شيئا ما مهماً يحدث في البلاد. أخرجت فيلم"
عمر قتلاتو" وفيلم "مغامرات بطل " الذي تحدثت فيه عن " الرومانطيقية
الثورية" والفلاحية. فيما بعد توفي الرئيس بومدين، وتم انتخاب رئيس جديد،
وساد مناخ مختلف في الجزائر، فأخرجت فيلمي الثالث "الرجل الذي كان ينظر
إلى النوافذ"بإمكانات متواضعة جداً، وهو فيلم لم يجلب أكثر من ثلاثمائة
مشاهد ونعته صحافيو تلك الحقبة بأنه غير مجدِ وبأنه بذًر أموال الدولة.
بعد هذا الفيلم شعرت فجأة بالرغبة في الرحيل.
المعلقة :
رغبة مغادرة الجزائر لطالما تبعتها لدى السينمائي مرزاق
علواش حاجة ملحة إلي العودة، ربما لآن موقفه في الحالتين ناتج عن هم
إبداعي صرف والتزام بواقع يحيا حالات متتابعة من الحماسة والإحباط.
مرزاق علواش :
وصلنا إلي الميدان السينمائي أنا وبعض الزملاء من أبناء
جيلي في فترة كنا نري الجزائر بلاداً فتية، بلاداً جديدة تبني، بلاداً
اعتمدت الاشتراكية وتدعى أننا زعماء العالم الثالث.
في نفس الوقت كنا نشهد تزايد الصعوبات اليومية التي
تعترض الناس والشباب خاصة. أنا شخصياً كنت معنياً بما يجرى بالقرب مني، لم
أكن أرغب بالعودة إلي الماضي، ولم أكن مهتماً بما يجرى أثناء مقاومة
الاستعمار، لذلك ركزت كل عملي علي الواقع اليومي، علي المشاكل التي يعانى
منها الشباب بشكل خاص، ولم أزل إلي اليوم مشدوداً إلي نوع من التعبير
السينمائي الشعبي.
أنا لست سينمائيا سياسياً ربما كنت سينمائياً يقترب من
السياسة دون نية مسبقة، بالطبع هناك أوضاع عدة تزعجني ولدي رغبة بتناولها
بحيث لأطرح علي نفسي أسئلة حول خطورة التحدث عنها وتجاوز بعض القواعد
المفروضة.
أنا أكتب قصص أفلامي مع التركيز علي الجانب الروائي منها
وعلي الشخصيات أيضا، غير أني ألاحظ لاحقاً أن شخصياتي تحمل بعداً سياسياً
من غير إرادتي، اليوم ينبغي للسينما في بلداننا التي مازالت تحي فترات
متعاقبة من الاضطرابات والتحويلات أن تكون ملتزمة. بالتأكيد لم يعد
الالتزام علي الموضة اليوم، غير أن الالتزام كما أراه هو عدم غض النظر عن
بعض المظاهر في واقعنا، هذا لا يعني عمل فيلم يكون أشبه بمنشور سياسي أو
بعمل نضالي بالمعنى الذي كانت تحمله السبعينيات لا شئ لدي ضد هذه الأفلام
أو ضد الأعمال الوثائقية التي تروى التاريخ، غير أن أرى أن الأفلام
الروائية تحتاج إلي التركيز علي شئ ملموس من واقع بلداننا.
فلنأخذ مثال الجزائر، اليوم في العالم 2000 وبعد كل ما
جري ويجرى في الجزائر أجد أنه من المأساوي تصوير فيلم لا يأتي علي سيرة كل
العنف الذي عشناه هناك.
خلال تلك الأعوام الستة التقيت بالعديد من السينمائيين
العرب، وأدهشني عدم وجود أي تضامن من قبلهم وصدمني ذلك. مازلت أذكر مثلاً
كم تضامنا مع اللبنانيين خلال سنوات الحرب الأهلية أو مع نضال الشعب
الفلسطيني، أذكر أن المغاربة كانوا متضامنين جداً مع هذه القضايا، وأننا
كنا نلتقي في المهرجانات ونتناقش في هذه الأوضاع منذ ست سنوات السينمائيون
العرب في صمت تام.
المعلقة :
خلال الأحداث الدامية التي عرفتها الجزائر بدءاً من
أكتوبر عام 1988م أنطلق سيجال حاد بين من اختاروا البقاء ومن غادروا، فأين
يقف مرزاق علواش من هذا السيجال؟ وكيف عاشها ويعيشها تلك الأحداث كمواطن
وكسينمائي؟
مرزاق علواش:
الذين بقوا يعتبرون أنهم صمدوا وقاوموا، وهم يرون أن
الذين سافروا فعلوا ذلك بفعل الجبن، لا يقولونها ربما بشكل مباشر بل يوحون
بأن من غادروا لا يملكون القدرة علي المقاومة.
اليوم وبعد أن بدأت العودة إلي الجزائر يرون في ذلك
نوعاً من الرجوع المريح وبالتالي يشعر من يعود بنظرة قاسية بعض الشيء،
نظرة تشكيك وشبه احتقار لكن الحاصل- مرة أخرى_ هذه ليست مشكلتي، وقد أكون
معنياً لو انطلق سيجال فعلي، والأساسي هو أن أتمكن من متابعة العمل.
علاقتي بالحياة تمر عبر علاقتي بالعمل، لذلك أشعر بالضيق
حين لا أعمل، أعتقد أنني في هذا أشبه معظم الناس. العمل السينمائي
والإخراجي بشكل خاص يتميز بصعوبات عديدة فيما يتعلق بإعداد المشاريع
وتنفيذها، وهنالك فترات معينة تجبرنا على الانتظار بحيث نشعر بضيق كبير،
ولكن إذا كنا متضايقين في وضع يتيح لنا القيام بنشاط ما كالاغتناء ثقافياً
فإن الأمر محتمل، لكن إذا شعرنا بالضيق في بلاد تعيش أوضاعاً خطيرة ففي
هذه الحالة نفشلوا يعني ديا لك الفشلة… نسيبوا روحنا وحدنا وما نخدموش وما
نقدروش نخدموا، لقد عانيت من هذه المشكلة خلال تصويري فيلمي " باب الواد
ستي " ، "باب الواد سيتى" كان في سيناريو قبل بداية الأحداث، أردت التحدث
فيه عن نوع من العنف بدأت أشعر بإرهاصاته في أحياء العاصمة التعصب الديني
، عدم التسامح، كنا نشعر هكذا بتباشير ما سيحصل دون أن نتمكن بالضبط من
تحديده. لكننا كنا نلحظ أموراً معينة، بالطبع كنا نشاهد أشياء خطيرة تحدث
في الأحياء، حيث كان يجري التهجم الفتيات الشابات والجامعيات اللواتي لا
يضعن الحجاب مثلاً، حيث كان يتم منع بعض العروض المشهدية إلي أخره، كان
هناك العديد من الأمور التي بدأت تثير فينا القلق.
إذن كتبت سيناريو فيلمي في هذه الأجواء، وفجأة عندما بدأت التصوير تغيرت الظروف اندلعت الأحداث وبدأت الاغتيالات.
أحد
أهم الأشياء التي حدثت خلال التصوير هو اغتيال الطاهر جاعود، آنذاك كنت في
منتصف العمل، وأخبروني عن مقتله فشعرت بالإحباط تماماً، أحسست بلا جدوى
العمل السينمائي، وكدت أوقف التصوير.
بدءاً من هنا حاولت دائما متابعة العمل، وكنت أقول أني
إذا تمكنت من حماية نفسي ومن الاستمرار في العمل فإني قد صنعت مقاومتي
الداخلية، هذا كل ما أستطيعه أن أتابع عملي، أن أقرر أن لا أكون شهيداً،
وأن لا أقتل دون أن أتمكن من الدفاع عن نفسي.
حالياً هناك تحقيقات تجرى في الصحف الجزائرية عن الانتحار الجزائر الانتحار في تزايد وحالات الجنون أيضاً.
منذ أيام تم الاحتفال بذكرى موت أحد السينمائيين
الجزائريين، كان قد أمضي سبع سنوات لتصوير فيلمه ولاقي مصيراً فظيعاً، إنه
(عز الدين مدور)، مات شاباً وهو لا يزال يملك الكثير لقوله ولعمله أيضاً،
قتله ما كان يجري في الجزائر حتى ولو كان ذلك بشكل غير مباشر، صور فيلم في
الجبال وقتل نصف أعضاء فريقه التقني في حادثة انفجار ذخيرة كانت مستودعه
تحت البناية حيث كانوا يقيمون. تم إيقاف فيلمه عدة مرات، منعوه من السفر
ومن عرض فيلمه في الخارج. الحاصل إنه أمضي أكثر من ست سنوات لإتمام فيلمه،
إذن هناك ما يميت فعلاً.
المعلقة :
قاوم مرزاق علواش بأن أخرج عدداً من الأفلام الوثائقية
والروائية التي تناولت في موضوعاتها الواقع الجزائري والفرنسي علي السواء،
ولكن ماذا عن الجمهور؟ هل وجد هذا الأخير - مقيماً كان أم مهاجراً -
الطريق إلي أفلامه؟ أو هل وجد هو كمخرج طريقاً إليه؟
مرزاق علواش :
عندما أصور أفلامي لا أفكر بمن سيشاهدها ولا يمكنني
القول إني أفكر بالجمهور. أعتقد أن الجمهور يتغير من فليم إلي آخر، والهم
الأساسي الذي شغلني فعلاً فيما يخص الجمهور كان في فيلمي الأول " عمر
قتلاتو" حيث عملت بشكل يمكنني من تكوين فكرة عمن سيكونه هذا الجمهور وكيف
كان سيتلقى فيلمي،كذلك كان بطلي يتوجه إلي المشاهد مباشرة فيما بعد غيرت
أسلوب عملي .
إذن في أفلامي الأخيرة التي صورتها في فرنسا فوجئت -
خاصة مع فيلم " مرحباً يا ابن العم " بأن جمهور الجيل الثاني المهاجر من
الشباب المغاربي لا يأتي لمشاهدة أفلامي أو الأفلام العربية بشكل عام.
الجمهور الذي صادفته هنا مكون بالأحرى من هؤلاء الجزائيين المغاربة والمثقفين الذين استقروا في باريس.
هناك أيضاً جمهور فرنسي التقيته خلال جولاتي في فرنسا
مكون أساساً من فرنسيين عاشوا في الجزائر، أي ممن يسمون" الأقدام السوداء"
كانوا يطرحون العديد من الأسئلة، إذن يختلف الجمهور بحسب كل فيلم.
باريس مدنية تجمع مختلف الأجناس مدينة هجرة، وأرى أن
هناك موضوعات عديدة تستحق أن نتحدث عنها، وأنا لا أمارس الرقابة علي ذاتي،
وإذا ما كنت أتصرف كسينمائي فرنسي لم لا؟ فهذا يشكل غنىً بالنسبة لي.
أنا أرغب بالعيش في الجزائر وبالعمل فيها، أعتقد أنه إذا
ما حصل جديد في السينما هناك ، إذا وجدت إمكانية تصوير أفلام إذا ما تطورت
المسائل بالطبع سيكون من الأفضل لي أن أحيا في الجزائر لكن دون أقطع مع
باريس لآني أحبها كثيراً.ولا أظن أننا نجد نوعية الحياة الموجودة هنا في
الجزائر.
لكن هذا لا ينسيني الجزائر لأنها تبقي في ذاكرتي وفي
قلبي، هي مدنية تركتها ثلاث مرات،وكلما عدت إليها شعرت بشيء من السعادة،
اليوم أنظر إليها من مسافة معينة، وما أن أحس بأني معرض لخطر ما بأنها
ستبتلعني أشعر بحاجتي مغادرتها مجدداً.
المعلقة:
يرحل مرزاق علواش عن الجزائر فلا يغادرها، بل يبقي
لصيقاً بها يسعى وآخرين إلي إعادة تشكيل ملامحها الممحوًة علَها علَهم
يزيلون بعضاً من حيادية منافيهم أو شيئاً من قسوة المسافات.
مرزاق علواش:
أعيد ابتكار عالم المنفى هذا عالم الهجرة لأننا ننتهي
إلي اكتساب عادات معينة، لا أعيد ابتكاره وحدي، بل مع زملاء مع أصدقاء
نتهاتف ويطيب لنا أن نلتقي، أن نتبادل بعض الأخبار عن الجزائر. بالطبع هذا
أمر كلاسيكي لكني لاحظت بأنه لا يمكن تفاديه.
المغنون الشعبيون الجزائريون يأتون أكثر فأكثر إلي باريس، لديهم اليوم أماكنهم مقاهي، أعراس، حفلات..
هكذا نستعيد ذكرى أجواء الجزائر.
انا من المتابعين الاوفياء لحصة موعدفي المهجر اللي يتم فيه استضافة شخصيات عربية في بلاد المهجر
حبيت انا انقلكم اليوم اهم الحوارات اللي جرت مع جزائريي المهجر
ورح نبدا اليوم بعلم من اعلام السينيما الجزائرية والمغاربيةو العربية
*
*
*
*
*
المخرج الجزائري مرزاق علواش
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
اولا :لمحة عن المخرج :
ولد مرزاق علواش في 6 أكتوبر في الجزائر حيث ترعرع كجزء من جيل عايش حقبة
حرب التحرير والإستقلال. تابع دراسته السينمائية في فرع الإخراج في
المؤسسة الوطنية للسينما في الجزائر العاصمة ليتخرّج سنة 1967 من معهد
الدراسات العليا في السينما في باريس؛ فينتقل بعد ذلك إلى ستوديوهات
التلفزيون الفرنسي بهدف إكمال تدريبه المهني بعدما قام بإخراج فيلمه
القصير الأول "السارق". بين عامي 1971 و1974 عمل علواش مستشاراً ثقافياً
في وزارة الثقافة والإعلام في الجزائر. لكنّه لم يضيّع الوقت، وسرعان ما
بدأ بتحقيق الفيلم تِلوَ الآخر ممّا يُكسبه خبرة غنيّة تجعله في مقدّمة
المخرجين الجزائريّين الذين تطرّقوا في أفلامهم إلى مروحة واسعة من
المواضيع المتعدّدة والمتنوّعة التي تسبر أغوار التجربة الإنسانية كما
تُضيئ على الصراعات السياسية والإجتماعية في المجتمع الجزائري ما بعد حرب
الإستقلال وفي المجتمع المهجري لا سيّما في فرنسا. وقد لقِي فيلمه الطويل
الأول "عمر قتلاتو" (1976 ) نجاحاً كبيراً، تاركاً بصمته المميّزة على
مسار السينما الجزائريّة الحديثة. لا يرحل مرزاق علواش عن الجزائر ولا
يغادرها ولو أنّه يعيش في المهجر الفرنسي، هو يبقى لصيقاً بها إذ يُعيد
تشكيل ملامحها ورفع قضايا مجتمعها في أفلامه علّه يزيل بعضاً من قسوة
المسافات بين الوطن الأم ومكان الإقامة.
والحين رح ننتقل للحوار اللي اجري معه بتاريخ :05/03/2001 وبث على قناة الجزيرة .
- مرزاق علواش :
لطالما تغذت أعمالي من الذهاب والإياب بين فرنسا والجزائر، كل حريتي في العمل والابتكار ناتجة من قدرتي على الحركة والتنقل.
المعلقة:
بين الجزائر وباريس مسافة عصية وشائكة تمكن السينمائي
مرزاق علواش من تطويهعا، إذ تفادى فخاخ الأسئلة التي تحث علي الاختيار بين
الإقامة هنا أو هناك، ولكن ما كانت محطته الأولي علي درب ما زالت ترتسم
حائرة بين ذهاب وإياباً.
مرزاق علواش:
وصلت إلي باريس عام 67 لإجراء دورة تدريبية في التليفزيون، كانت لدى منحة لثلاثة أشهر وإذا بي أبقي خمس سنوات.
عندما عدت إلي الجزائر عام 73 كنت أنوي تصوير فيلم عن
الجزائر وشبابها، وصلت في مرحلة تاريخية ترافقت مع إطلاق الثورة الزراعية
وإعلان الرئيس بومدين عن تأميم الأراضي وإجراء إصلاحات زراعية عميقة.
إذن حين عدت انتسبت فوراً إلي هذه الحملة وبدأت العمل في
وزارة الثقافة، حيث شاركت في تنظيم جولات سينمائية علي القرى هدفها شرح
مضامين الثورة الزراعية. كنت مناضلاً بقوة وكنت سعيداً جداً في تلك
الفترة. هكذا رجعت وكل أمل بأن شيئا ما مهماً يحدث في البلاد. أخرجت فيلم"
عمر قتلاتو" وفيلم "مغامرات بطل " الذي تحدثت فيه عن " الرومانطيقية
الثورية" والفلاحية. فيما بعد توفي الرئيس بومدين، وتم انتخاب رئيس جديد،
وساد مناخ مختلف في الجزائر، فأخرجت فيلمي الثالث "الرجل الذي كان ينظر
إلى النوافذ"بإمكانات متواضعة جداً، وهو فيلم لم يجلب أكثر من ثلاثمائة
مشاهد ونعته صحافيو تلك الحقبة بأنه غير مجدِ وبأنه بذًر أموال الدولة.
بعد هذا الفيلم شعرت فجأة بالرغبة في الرحيل.
المعلقة :
رغبة مغادرة الجزائر لطالما تبعتها لدى السينمائي مرزاق
علواش حاجة ملحة إلي العودة، ربما لآن موقفه في الحالتين ناتج عن هم
إبداعي صرف والتزام بواقع يحيا حالات متتابعة من الحماسة والإحباط.
مرزاق علواش :
وصلنا إلي الميدان السينمائي أنا وبعض الزملاء من أبناء
جيلي في فترة كنا نري الجزائر بلاداً فتية، بلاداً جديدة تبني، بلاداً
اعتمدت الاشتراكية وتدعى أننا زعماء العالم الثالث.
في نفس الوقت كنا نشهد تزايد الصعوبات اليومية التي
تعترض الناس والشباب خاصة. أنا شخصياً كنت معنياً بما يجرى بالقرب مني، لم
أكن أرغب بالعودة إلي الماضي، ولم أكن مهتماً بما يجرى أثناء مقاومة
الاستعمار، لذلك ركزت كل عملي علي الواقع اليومي، علي المشاكل التي يعانى
منها الشباب بشكل خاص، ولم أزل إلي اليوم مشدوداً إلي نوع من التعبير
السينمائي الشعبي.
أنا لست سينمائيا سياسياً ربما كنت سينمائياً يقترب من
السياسة دون نية مسبقة، بالطبع هناك أوضاع عدة تزعجني ولدي رغبة بتناولها
بحيث لأطرح علي نفسي أسئلة حول خطورة التحدث عنها وتجاوز بعض القواعد
المفروضة.
أنا أكتب قصص أفلامي مع التركيز علي الجانب الروائي منها
وعلي الشخصيات أيضا، غير أني ألاحظ لاحقاً أن شخصياتي تحمل بعداً سياسياً
من غير إرادتي، اليوم ينبغي للسينما في بلداننا التي مازالت تحي فترات
متعاقبة من الاضطرابات والتحويلات أن تكون ملتزمة. بالتأكيد لم يعد
الالتزام علي الموضة اليوم، غير أن الالتزام كما أراه هو عدم غض النظر عن
بعض المظاهر في واقعنا، هذا لا يعني عمل فيلم يكون أشبه بمنشور سياسي أو
بعمل نضالي بالمعنى الذي كانت تحمله السبعينيات لا شئ لدي ضد هذه الأفلام
أو ضد الأعمال الوثائقية التي تروى التاريخ، غير أن أرى أن الأفلام
الروائية تحتاج إلي التركيز علي شئ ملموس من واقع بلداننا.
فلنأخذ مثال الجزائر، اليوم في العالم 2000 وبعد كل ما
جري ويجرى في الجزائر أجد أنه من المأساوي تصوير فيلم لا يأتي علي سيرة كل
العنف الذي عشناه هناك.
خلال تلك الأعوام الستة التقيت بالعديد من السينمائيين
العرب، وأدهشني عدم وجود أي تضامن من قبلهم وصدمني ذلك. مازلت أذكر مثلاً
كم تضامنا مع اللبنانيين خلال سنوات الحرب الأهلية أو مع نضال الشعب
الفلسطيني، أذكر أن المغاربة كانوا متضامنين جداً مع هذه القضايا، وأننا
كنا نلتقي في المهرجانات ونتناقش في هذه الأوضاع منذ ست سنوات السينمائيون
العرب في صمت تام.
المعلقة :
خلال الأحداث الدامية التي عرفتها الجزائر بدءاً من
أكتوبر عام 1988م أنطلق سيجال حاد بين من اختاروا البقاء ومن غادروا، فأين
يقف مرزاق علواش من هذا السيجال؟ وكيف عاشها ويعيشها تلك الأحداث كمواطن
وكسينمائي؟
مرزاق علواش:
الذين بقوا يعتبرون أنهم صمدوا وقاوموا، وهم يرون أن
الذين سافروا فعلوا ذلك بفعل الجبن، لا يقولونها ربما بشكل مباشر بل يوحون
بأن من غادروا لا يملكون القدرة علي المقاومة.
اليوم وبعد أن بدأت العودة إلي الجزائر يرون في ذلك
نوعاً من الرجوع المريح وبالتالي يشعر من يعود بنظرة قاسية بعض الشيء،
نظرة تشكيك وشبه احتقار لكن الحاصل- مرة أخرى_ هذه ليست مشكلتي، وقد أكون
معنياً لو انطلق سيجال فعلي، والأساسي هو أن أتمكن من متابعة العمل.
علاقتي بالحياة تمر عبر علاقتي بالعمل، لذلك أشعر بالضيق
حين لا أعمل، أعتقد أنني في هذا أشبه معظم الناس. العمل السينمائي
والإخراجي بشكل خاص يتميز بصعوبات عديدة فيما يتعلق بإعداد المشاريع
وتنفيذها، وهنالك فترات معينة تجبرنا على الانتظار بحيث نشعر بضيق كبير،
ولكن إذا كنا متضايقين في وضع يتيح لنا القيام بنشاط ما كالاغتناء ثقافياً
فإن الأمر محتمل، لكن إذا شعرنا بالضيق في بلاد تعيش أوضاعاً خطيرة ففي
هذه الحالة نفشلوا يعني ديا لك الفشلة… نسيبوا روحنا وحدنا وما نخدموش وما
نقدروش نخدموا، لقد عانيت من هذه المشكلة خلال تصويري فيلمي " باب الواد
ستي " ، "باب الواد سيتى" كان في سيناريو قبل بداية الأحداث، أردت التحدث
فيه عن نوع من العنف بدأت أشعر بإرهاصاته في أحياء العاصمة التعصب الديني
، عدم التسامح، كنا نشعر هكذا بتباشير ما سيحصل دون أن نتمكن بالضبط من
تحديده. لكننا كنا نلحظ أموراً معينة، بالطبع كنا نشاهد أشياء خطيرة تحدث
في الأحياء، حيث كان يجري التهجم الفتيات الشابات والجامعيات اللواتي لا
يضعن الحجاب مثلاً، حيث كان يتم منع بعض العروض المشهدية إلي أخره، كان
هناك العديد من الأمور التي بدأت تثير فينا القلق.
إذن كتبت سيناريو فيلمي في هذه الأجواء، وفجأة عندما بدأت التصوير تغيرت الظروف اندلعت الأحداث وبدأت الاغتيالات.
أحد
أهم الأشياء التي حدثت خلال التصوير هو اغتيال الطاهر جاعود، آنذاك كنت في
منتصف العمل، وأخبروني عن مقتله فشعرت بالإحباط تماماً، أحسست بلا جدوى
العمل السينمائي، وكدت أوقف التصوير.
بدءاً من هنا حاولت دائما متابعة العمل، وكنت أقول أني
إذا تمكنت من حماية نفسي ومن الاستمرار في العمل فإني قد صنعت مقاومتي
الداخلية، هذا كل ما أستطيعه أن أتابع عملي، أن أقرر أن لا أكون شهيداً،
وأن لا أقتل دون أن أتمكن من الدفاع عن نفسي.
حالياً هناك تحقيقات تجرى في الصحف الجزائرية عن الانتحار الجزائر الانتحار في تزايد وحالات الجنون أيضاً.
منذ أيام تم الاحتفال بذكرى موت أحد السينمائيين
الجزائريين، كان قد أمضي سبع سنوات لتصوير فيلمه ولاقي مصيراً فظيعاً، إنه
(عز الدين مدور)، مات شاباً وهو لا يزال يملك الكثير لقوله ولعمله أيضاً،
قتله ما كان يجري في الجزائر حتى ولو كان ذلك بشكل غير مباشر، صور فيلم في
الجبال وقتل نصف أعضاء فريقه التقني في حادثة انفجار ذخيرة كانت مستودعه
تحت البناية حيث كانوا يقيمون. تم إيقاف فيلمه عدة مرات، منعوه من السفر
ومن عرض فيلمه في الخارج. الحاصل إنه أمضي أكثر من ست سنوات لإتمام فيلمه،
إذن هناك ما يميت فعلاً.
المعلقة :
قاوم مرزاق علواش بأن أخرج عدداً من الأفلام الوثائقية
والروائية التي تناولت في موضوعاتها الواقع الجزائري والفرنسي علي السواء،
ولكن ماذا عن الجمهور؟ هل وجد هذا الأخير - مقيماً كان أم مهاجراً -
الطريق إلي أفلامه؟ أو هل وجد هو كمخرج طريقاً إليه؟
مرزاق علواش :
عندما أصور أفلامي لا أفكر بمن سيشاهدها ولا يمكنني
القول إني أفكر بالجمهور. أعتقد أن الجمهور يتغير من فليم إلي آخر، والهم
الأساسي الذي شغلني فعلاً فيما يخص الجمهور كان في فيلمي الأول " عمر
قتلاتو" حيث عملت بشكل يمكنني من تكوين فكرة عمن سيكونه هذا الجمهور وكيف
كان سيتلقى فيلمي،كذلك كان بطلي يتوجه إلي المشاهد مباشرة فيما بعد غيرت
أسلوب عملي .
إذن في أفلامي الأخيرة التي صورتها في فرنسا فوجئت -
خاصة مع فيلم " مرحباً يا ابن العم " بأن جمهور الجيل الثاني المهاجر من
الشباب المغاربي لا يأتي لمشاهدة أفلامي أو الأفلام العربية بشكل عام.
الجمهور الذي صادفته هنا مكون بالأحرى من هؤلاء الجزائيين المغاربة والمثقفين الذين استقروا في باريس.
هناك أيضاً جمهور فرنسي التقيته خلال جولاتي في فرنسا
مكون أساساً من فرنسيين عاشوا في الجزائر، أي ممن يسمون" الأقدام السوداء"
كانوا يطرحون العديد من الأسئلة، إذن يختلف الجمهور بحسب كل فيلم.
باريس مدنية تجمع مختلف الأجناس مدينة هجرة، وأرى أن
هناك موضوعات عديدة تستحق أن نتحدث عنها، وأنا لا أمارس الرقابة علي ذاتي،
وإذا ما كنت أتصرف كسينمائي فرنسي لم لا؟ فهذا يشكل غنىً بالنسبة لي.
أنا أرغب بالعيش في الجزائر وبالعمل فيها، أعتقد أنه إذا
ما حصل جديد في السينما هناك ، إذا وجدت إمكانية تصوير أفلام إذا ما تطورت
المسائل بالطبع سيكون من الأفضل لي أن أحيا في الجزائر لكن دون أقطع مع
باريس لآني أحبها كثيراً.ولا أظن أننا نجد نوعية الحياة الموجودة هنا في
الجزائر.
لكن هذا لا ينسيني الجزائر لأنها تبقي في ذاكرتي وفي
قلبي، هي مدنية تركتها ثلاث مرات،وكلما عدت إليها شعرت بشيء من السعادة،
اليوم أنظر إليها من مسافة معينة، وما أن أحس بأني معرض لخطر ما بأنها
ستبتلعني أشعر بحاجتي مغادرتها مجدداً.
المعلقة:
يرحل مرزاق علواش عن الجزائر فلا يغادرها، بل يبقي
لصيقاً بها يسعى وآخرين إلي إعادة تشكيل ملامحها الممحوًة علَها علَهم
يزيلون بعضاً من حيادية منافيهم أو شيئاً من قسوة المسافات.
مرزاق علواش:
أعيد ابتكار عالم المنفى هذا عالم الهجرة لأننا ننتهي
إلي اكتساب عادات معينة، لا أعيد ابتكاره وحدي، بل مع زملاء مع أصدقاء
نتهاتف ويطيب لنا أن نلتقي، أن نتبادل بعض الأخبار عن الجزائر. بالطبع هذا
أمر كلاسيكي لكني لاحظت بأنه لا يمكن تفاديه.
المغنون الشعبيون الجزائريون يأتون أكثر فأكثر إلي باريس، لديهم اليوم أماكنهم مقاهي، أعراس، حفلات..
هكذا نستعيد ذكرى أجواء الجزائر.