اعلم أن الشجاعة عماد الفضائل ، و من فقدها لم تكمل فيه فضيلة يعبر عنها بالصبرو قوة النفس . قال الحكماء : و أصل الخير كله في ثبات القلب ، و الشجاعة عند اللقاء على ثلاثة أوجه: الوجه الأول : إذا التقى الجمعان ، و تزاحف العسكران و تكالحت الأحداق ، برز من الصف إلى وسط المعترك ، يحمل و يكرّ ، و ينادي هل من مبارز ؛ و الثاني : إذا نشب القوم و اختلطوا ، و لم يدر أحد منهم من أين يأتيه الموت ، يكون رابط الجأش ، ساكن القلب ، حاضر اللب ، لم يخالطه الدهش ، و لا تأخذه الحيرة ، فينقلب تقلب المالك لأموره ، القائم على نفسه ؛ و الثالث : إذا انهزم أصحابه يلزم الساقة(1) ، و يضرب في وجوه القوم ، و يحول بينهم و بين عدوهم ، و يقوي قلوب أصحابه ، و يرجى الضعيف ، و يمدهم بالكلام الجميل ، و يشجع نفوسهم فمن وقع أقامه ، و من وقف حمله ، و من كبا به فرسه حماه حتى ييأس العدو منهم . و هذا أحمدهم شجاعة . و عن هذا قالوا : إن المقاتل من وراء الفارين كالمستغفر من وراء الغافلين ، و من أكرم الكرم الدفاع عن الحرم .
حكي سيدي أبو بكر الطرطوشي رحمة الله تعالى عليه في كتابه سراج الملوك ، قال : كان شيوخ الجند يحكون لنا في بلادنا قالوا : دارت حب بين المسلمين و الكفار ثم افترقوا ، فوجدوا في المعترك قطعة خوذة(2) قدر الثلث بما حوته الرأس ، فقالوا : إنه لم ير قط ضربة أقوى منها ، و لم يسمع بمثلها في جاهلية ، و لا إسلام . فحملتها الروم و علقتها في كنيسة لهم ، فكانوا إذا عيروا بانهزامهم يقولون : لقينا أقوامًا هذا ضربهم ، فيرحل أبطال الروم إليها ليروها . قالوا : من الحزم أن لا يحتقر الرجل عدوه و إن كان ذليلاً ، و لا يغفل عنه و إن كان حقيرًا ، فكم برغوث أسهر فيلاً ، و منع الرقاد ملكًا جليلاً قال الشاعر :
حكي سيدي أبو بكر الطرطوشي رحمة الله تعالى عليه في كتابه سراج الملوك ، قال : كان شيوخ الجند يحكون لنا في بلادنا قالوا : دارت حب بين المسلمين و الكفار ثم افترقوا ، فوجدوا في المعترك قطعة خوذة(2) قدر الثلث بما حوته الرأس ، فقالوا : إنه لم ير قط ضربة أقوى منها ، و لم يسمع بمثلها في جاهلية ، و لا إسلام . فحملتها الروم و علقتها في كنيسة لهم ، فكانوا إذا عيروا بانهزامهم يقولون : لقينا أقوامًا هذا ضربهم ، فيرحل أبطال الروم إليها ليروها . قالوا : من الحزم أن لا يحتقر الرجل عدوه و إن كان ذليلاً ، و لا يغفل عنه و إن كان حقيرًا ، فكم برغوث أسهر فيلاً ، و منع الرقاد ملكًا جليلاً قال الشاعر :
فــلا تـحـقـــــرَنَّ عـــدوًا رمــــــاك .... و إن كــانَ فـي ســـاعدَيْــه قـصـــرْ
فــإن الـسـيـــوف تـحـــزُّ الـرقــابَ .... و تـعـجــــزُ عـمـــا تـنــــالُ الإبـــــرْ
و اعلموا أن الناس قد وضعوا في تدبير الحروب كتبًا ، و رتبوا فيها ترتيبًا ، منها أشياء نبدأ منها أولاً بما ذكره الله تعالى في القرآن العظيم قال الله تعالى : ]وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَ مِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَ عَدُوَّكُمْ[ (3) فقوله تعالى : ]مَا اسْتَطَعْتُمْ [مشتملٌ على كل ما هو في مقدور البشر من العدة و الآلة و الحيلة . و فسر النبي صلى الله عليه و سلمالقوة حين مرّ على أناس يرمون فقال : « ألا إن القوة الرمي ، ألا إن القوة الرمي ، ألا عن القوة الرمي » ، و أفضل العدة أن تقدم بين يدي اللقاء عملاً صالحًا من صدقة و صيام ، و رد المظالم ، و صلة الرحم ، و دعاء مخلص و أمر بمعروف ، و نهي عن منكر ، و أمثال ذلك .
ذكر أسماء بعض الشجعان و الأبطال :
v حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه .
v خالد بن الوليد بن مغيرة المخزومي رضي الله عنه .
v الزبير بن العوام رضي الله عنه .
v عمرو بن معدى كرب الزبيدي .
v طلحة الأسدي رضي الله عنه .
v المقداد بن الأسود رضي الله عنه .
v سعد بن أبي وقاص الزهري الأنصاري رضي الله عنه .
v أبو دجانة الأنصاري رضي الله عنه .
v المثنى بن حارثة الشيباني رضي الله عنه .
v أبو عبيد بن مسعود الثقفي رضي الله عنه .
v عمار بن ياسر رضي الله عنه .
v هاشم بن عتبة رضي الله عنه .
v مالك بن الحرث النخعي الأشتر رضي الله عنه .
v القعقاع بن عمرو .
v عبد الله بن الزبير بن العوام رضي الله عنه .
v أبو هاشم محمد بن علي ابن أبي طالب ابن الحنيفة رضي الله عنه .
v عبد الله بن حازم السلمي رضي الله عنه .
v مصعب بن الزبير بن العوام .
v عمير بن الحباب السلمي .
v إبراهيم بن الأشتر النخعي .
v جحدر بن ربيعة العكلي .
v المهلب بن أبي صفرة .
v أبو بلال مرداس .
v شبيب الخارجي .
v قطري بن الفجاءة .
v معن بن زائدة الشيباني .
v الوليد بن طريف الشيباني .
من كتاب " المستطرف في كل فن مستظرف " للكاتب شهاب الدين محمد الأبشيهى . تحقيق الدكتور مصطفى محمد الذهبي .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- الساقة : مؤخرة الجيش .
(2)- الخوذة : غطاء الرأس للمحارب .
(3)- سورة الأنفال : 60 .