[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] الفاتحة وما تضمنته لابن قيم الجوزية - رحمه الله -
للإنسان قوتان : قوة علمية نظرية ، وقوة عملية إرادية . وسعادته التامة موقوفة على استكمال قوتيه : العلمية والإرادية . واستكمال القوة العلمية إنما يكون بمعرفة فاطره وبارئه ، ومعرفة أسمائه وصفاته ، ومعرفة الطريق التي توصل إليه ، ومعرفة آفاتها ، ومعرفة نفسه ، ومعرفة عيوبها . فبهذه المعارف الخمسة يحصل كمال قوته العلمية . وأعلم الناس أعرفهم بها ، وأفقههم فيها . واستكمال القوة العلمية الإرادية لا يحصل إلا بمراعاة حقوقه سبحانه على العبد ، والقيام بها إخلاصا وصدقا ونصحا وإحسانا ومتابعة وشهودا لمنته عليه وتقصيره هو في أداء حقه . فهو مستحيي من مواجهته بتلك الخدمة لعلمه أنها دون ما يستحقه عليه ودون دون ذلك . وأنه لا سبيل له إلى استكمال هاتين القوتين إلا بمعونته . فهو مضطر إلى أن يهديه الصراط المستقيم الذي هدى إليه أولياءه وخاصته ، وأن يجنبه الخروج عن ذلك الصراط ، إما بفساد في قوته العلمية فيقع في الضلال ، وإما في قوته العملية فيوجب له الغضب .
فكمال الإنسان وسعادته لا تتم إلا بمجموع هذه الأمور ، وقد تضمنتها سورة الفاتحة وانتظمتها أكمل انتظام . فإن قوله : ﴿ الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين ﴾ يتضمن الأصل الأول ، وهو معرفة الرب تعالى ومعرفة أسمائه وصفاته وأفعاله . والأسماء المذكورة في هذه السورة هي أصول الأسماء الحسنى ، وهي اسم الله والرب والرحمن فاسم الله متضمن لصفات الألوهية ، واسم الرب متضمن الربوبية ، واسم الرحمن متضمن لصفات الإحسان والجود والبر ، ومعاني أسمائه تدور على هذا . وقوله : ﴿ إياك نعبد وإياك نستعين ﴾ يتضمن معرفة الطريق الموصلة إليه ، وأنها ليست إلا عبادته وحده بما يحبه ويرضاه واستعانته على عبادته . وقوله : ﴿ اهدنا الصراط المستقيم ﴾ يتضمن بيان أن العبد لا سبيل له إلى سعادته إلا باستقامته على الصراط المستقيم ، وأنه لا سبيل له إلى الاستقامة إلا بهداية ربه له ، كما لا سبيل له إلى عبادته بمعونته ، فلا سبيل له إلى الاستقامة على الصراط إلا بهدايته . وقوله : ﴿ غير المغضوب عليهم ولا الضالين﴾ يتضمن بيان طرفي الانحراف عن الصراط المستقيم ، وأن الانحراف إلى أحد الطرفين انحراف إلى الضلال الذي هو فساد العلم والاعتقاد ، والانحراف إلى الطرف الآخر انحراف إلى الغضب الذي سببه فساد القصد والعمل .
فأول السورة رحمة ، وأوسطها هداية ، وآخرها نعمة . وحظ العبد من النعمة على قدر حظه من الهداية ، وحظه منها على قدر حظه من الرحمة ، فعاد الأمر كله إلى نعمته ورحمته . والنعمة والرحمة من لوازم ربوبيته ، فلا يكون إلا رحيما منعما ، وذلك من موجبات إلهيته فهو الإله الحق ، وإن جحده الجاحدون ، وعدل به المشركون . فمن تحقق بمعاني الفاتحة علما ومعرفة وعملا وحالا فقد فاز من كماله بأوفر نصيب ، وصارت عبوديته عبودية الخاصة الذين ارتفعت درجتهم عن عوام المتعبدين . والله المستعان .
للإنسان قوتان : قوة علمية نظرية ، وقوة عملية إرادية . وسعادته التامة موقوفة على استكمال قوتيه : العلمية والإرادية . واستكمال القوة العلمية إنما يكون بمعرفة فاطره وبارئه ، ومعرفة أسمائه وصفاته ، ومعرفة الطريق التي توصل إليه ، ومعرفة آفاتها ، ومعرفة نفسه ، ومعرفة عيوبها . فبهذه المعارف الخمسة يحصل كمال قوته العلمية . وأعلم الناس أعرفهم بها ، وأفقههم فيها . واستكمال القوة العلمية الإرادية لا يحصل إلا بمراعاة حقوقه سبحانه على العبد ، والقيام بها إخلاصا وصدقا ونصحا وإحسانا ومتابعة وشهودا لمنته عليه وتقصيره هو في أداء حقه . فهو مستحيي من مواجهته بتلك الخدمة لعلمه أنها دون ما يستحقه عليه ودون دون ذلك . وأنه لا سبيل له إلى استكمال هاتين القوتين إلا بمعونته . فهو مضطر إلى أن يهديه الصراط المستقيم الذي هدى إليه أولياءه وخاصته ، وأن يجنبه الخروج عن ذلك الصراط ، إما بفساد في قوته العلمية فيقع في الضلال ، وإما في قوته العملية فيوجب له الغضب .
فكمال الإنسان وسعادته لا تتم إلا بمجموع هذه الأمور ، وقد تضمنتها سورة الفاتحة وانتظمتها أكمل انتظام . فإن قوله : ﴿ الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين ﴾ يتضمن الأصل الأول ، وهو معرفة الرب تعالى ومعرفة أسمائه وصفاته وأفعاله . والأسماء المذكورة في هذه السورة هي أصول الأسماء الحسنى ، وهي اسم الله والرب والرحمن فاسم الله متضمن لصفات الألوهية ، واسم الرب متضمن الربوبية ، واسم الرحمن متضمن لصفات الإحسان والجود والبر ، ومعاني أسمائه تدور على هذا . وقوله : ﴿ إياك نعبد وإياك نستعين ﴾ يتضمن معرفة الطريق الموصلة إليه ، وأنها ليست إلا عبادته وحده بما يحبه ويرضاه واستعانته على عبادته . وقوله : ﴿ اهدنا الصراط المستقيم ﴾ يتضمن بيان أن العبد لا سبيل له إلى سعادته إلا باستقامته على الصراط المستقيم ، وأنه لا سبيل له إلى الاستقامة إلا بهداية ربه له ، كما لا سبيل له إلى عبادته بمعونته ، فلا سبيل له إلى الاستقامة على الصراط إلا بهدايته . وقوله : ﴿ غير المغضوب عليهم ولا الضالين﴾ يتضمن بيان طرفي الانحراف عن الصراط المستقيم ، وأن الانحراف إلى أحد الطرفين انحراف إلى الضلال الذي هو فساد العلم والاعتقاد ، والانحراف إلى الطرف الآخر انحراف إلى الغضب الذي سببه فساد القصد والعمل .
فأول السورة رحمة ، وأوسطها هداية ، وآخرها نعمة . وحظ العبد من النعمة على قدر حظه من الهداية ، وحظه منها على قدر حظه من الرحمة ، فعاد الأمر كله إلى نعمته ورحمته . والنعمة والرحمة من لوازم ربوبيته ، فلا يكون إلا رحيما منعما ، وذلك من موجبات إلهيته فهو الإله الحق ، وإن جحده الجاحدون ، وعدل به المشركون . فمن تحقق بمعاني الفاتحة علما ومعرفة وعملا وحالا فقد فاز من كماله بأوفر نصيب ، وصارت عبوديته عبودية الخاصة الذين ارتفعت درجتهم عن عوام المتعبدين . والله المستعان .