دعاء عظيم مأثور
اللَّهم إني أشكر إليك ضعف قوتي و قلة حيلتي ، و هواني على الناس ، أنت رب المستضعفين و أنت ربي ، إلى من تكلني ، إلى بغيض يتجهمني ، أو قويٍّ ملكته أمري ، إن لم يكن بك غضب عليَّ فلا أبالي ، ولكن عافيتك أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ، و صلح عليه أمر الدنيا و الآخرة ، من أن يحل بي غضبك ، أو ينزل بي سخطك ، فلك العُتبى حتى ترضى ، و لا حول و لا قوة إلا بك يا رب العالمين .
و مما جاء في أدعية الناس بعضهم لبعض
دعاء رجل لآخر فقال : سرك بما ساءك فيما سرك . و دعا رجل لآخر فقال : لا أخلاك الله تعالى من ثناء صادق باق و دعاء صالح واق. و دعا أعرابي لآخر فقال : رحب واديك، و عز ناديك، و لا أَلَمَّ بك ألم ، و لا طاف بك عدم ، و سلمك الله لا أسلمك. و سمعت بعض العرب يدعو لرجل و يقول: سلمك الله تعالى من الرهق و الوهق(1) و عافاك الله تعالى من الوحل و الزحل(2) ، و سلمك الله تعالى من الشاردات و الواردات(3) ، و سلمك الله بين الأعنة و الأسنة(4) . و دعا أعرابي لعبد الله بن جعفر رضي الله تعالى عنه فقال : ابتلاك الله تعالى ببلاء يعجز عنه صبرك ، وأنعم علبك بنعمة يعجز عنها شكرك ، و أبقاك ما تعاقب الليل والنهار و تناسخت الظلم و الأنوار . و دعا بعضهم لآخر فقال : زودك الله تعالى الأمن في مسيرك، و السعد في مصيرك ، و لا أخلاك من شر تستجده، و خير من الله تستمده. و عزّى شبيب بن شبة يهوديًا فقال: أعطاك الله على مصيبتك أفضل ما أعطى أحدًا من أهل ملتك.
و مما جاء في الدعاء على الأعداء و الظلمة و نحوهم : دعا أعرابي على ظالم فقال : لا ترك الله لك شفرًا و لا ظفرًا، أي عينًا و لا يدًا . و من دعاء العرب : فتَّهُ الله فتًّا ، و حَتَّهُ حتًّا ، و جعل أمره شتى. و خرج أعرابي إلى سفر و كانت له امرأة تكرهه فأتبعته نواة ، و قالت : شط نواك ، و نأى سفرك ، ثم أتبعته روثة ، و قالت: رثتك أهلك ، وورث خيرك، ثم أتبعته حصاة، و قالت: حاص رزقك ، و حص أثرك .
و دعا أعرابي على آخر فقال : أطفأ الله ناره ، و خلع نعليه ؛ أي جعله أعمى مقعدًا . و دعا أعرابي على آخر فقال : سقاه الله دم جوفه أي قتل ابنه ، و أخذ ديته ، فشرب لبنها . و دعا أعرابي على آخر فقال : بعث الله عليه سنة فاشورة تحلقه كما يحلق الشعر بالنورة . و دعا رجل على أمير فقال :
و مما جاء في الدعاء على الأعداء و الظلمة و نحوهم : دعا أعرابي على ظالم فقال : لا ترك الله لك شفرًا و لا ظفرًا، أي عينًا و لا يدًا . و من دعاء العرب : فتَّهُ الله فتًّا ، و حَتَّهُ حتًّا ، و جعل أمره شتى. و خرج أعرابي إلى سفر و كانت له امرأة تكرهه فأتبعته نواة ، و قالت : شط نواك ، و نأى سفرك ، ثم أتبعته روثة ، و قالت: رثتك أهلك ، وورث خيرك، ثم أتبعته حصاة، و قالت: حاص رزقك ، و حص أثرك .
و دعا أعرابي على آخر فقال : أطفأ الله ناره ، و خلع نعليه ؛ أي جعله أعمى مقعدًا . و دعا أعرابي على آخر فقال : سقاه الله دم جوفه أي قتل ابنه ، و أخذ ديته ، فشرب لبنها . و دعا أعرابي على آخر فقال : بعث الله عليه سنة فاشورة تحلقه كما يحلق الشعر بالنورة . و دعا رجل على أمير فقال :
أزالَ الله دولـتـــــه ســـريـــعــــًا ..... فـقـد ثـقـلـــت على عنق الليالي
و قالت امرأة من بني ضبة في زوجها :
و مــا دعــوتُ عـلـيــه حـيـــن ألـــعـنــــــه .... إلا و آخـــرُ يـتـلــوه بــآمـــيــــن
فَـلَـيـتـــه كَــان أَرْضُ الـــرُّم مـنـزِلــــــــــه .... وَ لَـيـتـنـي قبله قد صرت للصِّين
فَـلَـيـتـــه كَــان أَرْضُ الـــرُّم مـنـزِلــــــــــه .... وَ لَـيـتـنـي قبله قد صرت للصِّين
و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في خطبته يوم الأحزاب : اللَّهم كِلَّ سلاحهم ، و اضرب وجوههم ، و مزقهم في البلاد تمزيق الريح للجراد . و دعا رجل فقال : اللَّهم أكفنا أعداءنا و من أرادنا بسوء ؛ فلتحط به ذلك السوء إحاطة القلائد بترائب الولائد ، ثم أرسخه على هامته كرسوخ السجيل على هام أصحاب الفيل ، و حسبنا الله ونعم الوكيل .
و لنختم هذا الباب بهذا الدعاء المبارك و هو : اللَّهم إنك عرفتنا بربوبيتك ، و غرقتنا في بحار نعمتك ، و دعوتنا إلى دار قدسك ، و نعمتنا بذكرك و أنسك ، إلهي إن ظُلمة ظلمنا لنفوسنا قد عمت و بحار الغفلة على قلوبنا قد طمت ، و العجز شامل ، و الحصر حاصل ، و التسليم أسلم ، و أنت بالحال أعلم ، إلهي ما عصيتك جهلاً بعقابك ، و لا تعرضًا لعذابك ، و لكن سوّلتها نفوسنا ، و أعانتنا شقوتنا و غرنا سترك علينا ، و أطمعنا في عفوك برك بنا . فالآن من عذابك من ينقذنا ، و بحبل من نعتصم إن قطعت حبلك عنا ، وا خجلتاه غدًا من الوقوف بين يديك ، وا فضيحتاه إن عرضت فعالنا القبيحة عليك اللَّهم اغفر ما علمت ، و لا تهتك ما سترت . إلهي إن كنا عصيناك بجهل فقد دعوناك بعقل ، حيث علمنا أن لنا ربًّا يغفر لنا و لا يبالي . إلهي لا تحرق بالنار وجهًا كان لك مصليًّا ، و لسانًا كان لك ذاكرًا و داعيًا ، لا بالذي دلنا عليك و أمرنا بالخشوع بين يديك و هو محمد صلى الله عليه و سلم خاتم أنبيائك و سيد أصفيائك ؛ فإن حقه علينا أعظم الحقوق بعد حقك ، كما أن منزلته لديك أشرف المنازل ، سيد خلقك ، و معدن أسرارك ، صل يا رب على محمد و آله و أصحابه و ارحم عبادًا غرهم طول إمهالك و أطعمهم كثرة أفضالك فقد ذلوا لعزك و جلالك ، و مدوا أكفهم لطلب نوالك ، و لولا ذلك لم يصلوا إلى ذلك .
اللَّهم اغفر لنا و لوالدينا و لكل المسلمين أجمعين و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم .
من كتاب " المستطرف في كل فن مستظرف " للكاتب شهاب الدين محمد الأبشيهى . تحقيق الدكتور مصطفى محمد الذهبي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - الوهق : التعب و الوهق الحبل .
(2) - الزحل : التعثر و الإزاحة .
(3) - الواردات : المصائب .
(4) - أي : في الحرب .
و لنختم هذا الباب بهذا الدعاء المبارك و هو : اللَّهم إنك عرفتنا بربوبيتك ، و غرقتنا في بحار نعمتك ، و دعوتنا إلى دار قدسك ، و نعمتنا بذكرك و أنسك ، إلهي إن ظُلمة ظلمنا لنفوسنا قد عمت و بحار الغفلة على قلوبنا قد طمت ، و العجز شامل ، و الحصر حاصل ، و التسليم أسلم ، و أنت بالحال أعلم ، إلهي ما عصيتك جهلاً بعقابك ، و لا تعرضًا لعذابك ، و لكن سوّلتها نفوسنا ، و أعانتنا شقوتنا و غرنا سترك علينا ، و أطمعنا في عفوك برك بنا . فالآن من عذابك من ينقذنا ، و بحبل من نعتصم إن قطعت حبلك عنا ، وا خجلتاه غدًا من الوقوف بين يديك ، وا فضيحتاه إن عرضت فعالنا القبيحة عليك اللَّهم اغفر ما علمت ، و لا تهتك ما سترت . إلهي إن كنا عصيناك بجهل فقد دعوناك بعقل ، حيث علمنا أن لنا ربًّا يغفر لنا و لا يبالي . إلهي لا تحرق بالنار وجهًا كان لك مصليًّا ، و لسانًا كان لك ذاكرًا و داعيًا ، لا بالذي دلنا عليك و أمرنا بالخشوع بين يديك و هو محمد صلى الله عليه و سلم خاتم أنبيائك و سيد أصفيائك ؛ فإن حقه علينا أعظم الحقوق بعد حقك ، كما أن منزلته لديك أشرف المنازل ، سيد خلقك ، و معدن أسرارك ، صل يا رب على محمد و آله و أصحابه و ارحم عبادًا غرهم طول إمهالك و أطعمهم كثرة أفضالك فقد ذلوا لعزك و جلالك ، و مدوا أكفهم لطلب نوالك ، و لولا ذلك لم يصلوا إلى ذلك .
اللَّهم اغفر لنا و لوالدينا و لكل المسلمين أجمعين و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم .
من كتاب " المستطرف في كل فن مستظرف " للكاتب شهاب الدين محمد الأبشيهى . تحقيق الدكتور مصطفى محمد الذهبي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - الوهق : التعب و الوهق الحبل .
(2) - الزحل : التعثر و الإزاحة .
(3) - الواردات : المصائب .
(4) - أي : في الحرب .