لأن
الرجل يعرف أن أيامه مع الصافرة معدودة فإنه لم يعد بحاجة إلى أن يخفي
شيئا أو أن يستعين بالكتمان لقضاء حوائجه، إذ لا يختلف الأمر عنده إن وضع
الخضر في كفة والفراعنة في كفة أخرى
- ويقول
"من يدفع يرفع" ويرسل برقيات قصيرة إلى من يحسنون التفاوض معلنا سقفا
ماليا محددا لكل من يسعى للاستفادة من خدماته، فللبطاقة الصفراء سعر،
وللحمراء سعر، ولضربة الجزاء سعر وللتسلل سعر، وللربح والخسارة فاتورة دون
رسم على القيمة المضافة قد تكون مليون دولار أو نصف مليون في أحسن
الأحوال. ولأنني لست خبيرا في فنون الغش التي تشهدها الملاعب الافريقية،
فإنني مثل كل الناس فهمت أن المدعو كوفي كوجيا، يملك سر الغش، ولا غرابة
إن قيل عنه ما قيل في وسائل الإعلام الغربية والإفريقية، من أنه خادم
الكرة المصرية، وأن الكاف منحته الانحياز الحصري لها، حتى أن بعضهم قال،
إن كوجيا مستعد لأن يجعل الإسماعيلي المصري يفوز على برشلونة بثلاثية،
وعلى الريال برباعية، وعلى مانشستر بخماسية، وعلى أي فريق إفريقي بالنتيجة
التي يريد.. أما الفراعنة فلو قابلوا الإسبان فسيخرجونهم بأخف الأضرار
ربما بثلاثية، وأما البرازيل فلن تخرج سالمة هذه المرة.. هو هكذا كوجيا،
أوجدته اليد الخفية للكاف ليكون في خدمة الفراعنة، والويل لمن قابلهم ولو
في المنام.. - كوجيا،
هذا البينيني، حذرنا صامويل إيتو من أفعاله، وحذرنا التوانسة منه، وحذرنا
هو نفسه مما يمكن أن يصدر عنه، وصدر عنه، لأن روراوة لم يلعب معه لعبة كم
تقبض منا لتقبض أرواح الفراعنة، وترك الحبل على الغارب، لينفرد به زاهر
وفهمي، ويعطونه التعليمات الآتية "خلصنا من حليش أولا، ومن بلحاج ثانيا،
وإذا أضفت إليهما شاوشي فذاك كرم منك. ولا تمنح أي بطاقة للاعبينا حتى لا
يحرموا من لعب النهائي الذي بفضلك سنصل إليه.. ولك ما شئت في شرم الشيخ،
ولا يهمك إن غبت عن المونديال، فسنعوضك عنه بما لا عين رأيت.. اتكل على
الله يا كوجي". ولأن كوجيا غريب عن التكنولوجيا، كان يرسل برقياته
الإلكترونية لبعض الجزائريين، منتظرا منهم عرضا أفضل، فاكتفوا بتسجيل
الرسائل.. بينما راح المصريون يسجلون الأهداف، ويسعون لمحو نكسة أم درمان
التي لا يمحوها إقصاء الجزائر، ولو بتسجيل عشرة أهداف.. لأنه كان علينا،
أن نواجه الفراعنة باللاعبين الاحتياطيين، لأن المسألة بالنسبة لمصر حياة
أو موت كما قال زيدان، ونحن لا نريد لأشقائنا أن يموتوا من أجل كرة.. ولا
يعنينا الفوز مثلما لا تقلقنا الخسارة لأن هدفنا حققناه بالوصول إلى
المونديال. - كوجيا،
فضحته فعلا التكنولوجيا، لأن في السابق لم يكن اللصوص يتركون آثارا
لفعلتهم، لكن لصوص اليوم صاروا من فرط الذكاء يتركون آثار الجريمة وراءهم،
فينكشف أمرهم، ولكن الفرق الآخر، أن لهم من يحميهم، إن لم نقل من يتقاسم
معهم الغنيمة. نعم ترك وراءه رسائله التي ساوم فيها الجزائر.. ولأننا لسنا
مثل الفراعنة نطالب بإعادة المباراة كما فعلوا هم بعد أم درمان، فالمباراة
انتهت وصافرة كوجيا هزمت الجزائر، والكاف برأته كما وعدته، لكن الرسالة
الآن موجهة لأبواق مصر شبه الاعلامية التي صارت تحدثنا عن الأخلاق، عن أي
أخلاق يحدثنا عديمو الرجولة والفحولة، وتعطينا هيفاء وهبي درسا في الأخلاق
الحميدة، يا سبحان الله، مصر التي أنجبت زغلول وناصر والاسلامبولي تغطي
عورتها هيفاء.. هزلت ورب الكعبة والنيل والأهرام. مصر التي شتمت أبواقها
شهداء الجزائر ونعتت شعبها وثورتها ورموزها بأبشع ما تحفل به قواميس
الانحطاط.. ويأتون اليوم لتلقيننا دروسا في الأخلاق والتربية. واصلوا
سجودكم، بعد أن احتكرتكم كل شيء، الكرة والأخلاق والثورة والثقافة والفن..
حتى الله سبحانه وتعالى لم يسلم من التأميم والجمركة والاحتكار.. أي صنف
من البشر أنتم. وأكثر من هذا، حتى علاء مبارك، صار يعطي الجزائريين دروسا
في الأخلاق، وهو الذي لم يخجل من نفسه عندما تطاول على الرئيس عبد العزيز
بوتفليقة يوم 19 نوفمبر 2009 بعد مباراة أم درمان وقال كلاما لا يليق بابن
رئيس دولة في حق رئيس دولة أصيل ابن أصيل يعرف الأصل من الفرع، وهو، أي
بوتفليقة، الذي انتقل إلى القاهرة معزيا آل مبارك في وفاة ابن علاء الذي
وافته المنية في حادث مفجع.. يا لمروءة أبناء مبارك. - انتفضتم
لاستعادة كرامتكم المهدورة في الخرطوم، ولحد اليوم لم نفهم ماذا حدث في أم
درمان، فقد تحدثتم عن اعتداءات افتراضية وصدقتموها، وأردتم الانتقام
لكرامتكم، والثأر لهزيمتكم، وتحقق لكم ذلك في بانغيلا، بوصفة سحرية من
كوجيا، وفرحتم كثيرا بتسجيل أربعة أهداف، مبروك الفوز، ولكن لن تذهبوا إلى
المونديال، ويكفيكم مونديال إفريقيا كما أطلقتم عليه. لكنكم لم تبردوا،
وكنا نعرف أنكم لن تبردوا ولو رحلتم إلى ألاسكا. - فزتم
بالكأس، لكن هذا لن يوصلكم إلى المونديال، لأنكم أخطأتم بعدم اختيار كوجيا
حكما في أم درمان. وفرحتم كثيرا بعد أن سرقتم الكأس من أطفال غانا
الأبطال، لأنكم، لو لم تفوزوا بها، لألقيتم اللوم على زاهر الذي لم ينظم
مؤتمره العالمي ويفضح الجزائريين.. مبروك الفوز بكأس لن توصلكم إلى
المونديال. - بعض
الناس قال إن المصريين لم يفهموا شيئا عندما شاهدوا ملايين الجزائريين
يخرجون إلى الشوارع هاتفين بحياة نجوم منتخبهم الذين عبثت بهم صافرة كوفي
وبطاقات كوجيا.. ولم يؤلمهم دخول أربعة أهداف شباكهم لأنها لن تغير شيئا
في ذهابهم إلى المونديال.. طبعا لم ولن يفهموا شيئا، لأن الجزائريين
يعرفون معنى أن تظلم ويؤخذ حقك، ولأنهم كانوا يعرفون أن ثمانية رجال
أوراسيين واقفين أكثر احتراما من أحد عشر فرعونا ومعهم حكم عميل. لن
يفهموا شيئا لأن درس أم درمان لم يحفظ جيدا أو ربما لن يحفظ أبدا. - ولم
يفهم المصريون، أن كوجيا سيعلق الصافرة بعد أيام، وفي جيبه ما يكفي لبناء
سد أو ترميم خط سكة حديد أو يساهم في بناء سور آخر بين مصر والجزائر كذاك
الذي يبنى على الحدود مع غزة. وإذا كان لا بد من نصيحة للأشقاء في مصر هو
أن يشرعوا في استنساخ عشرة حكام من فصيلة كوفي كوجيا بعد رحيله، ما دام
فهمي موجودا ولم يظهر بعد ابنه أو حفيده ليخلفه كما خلف هو أباه وحول
الكاف إلى مزرعة يكسب بها المصريون الكؤوس والألقاب بالبقشيش ويضمنون في
الكاف أكل العيش، فهم، أي خبراء الغش في مصر يقدرون على استنساخ العملاء
والغشاشين في الكرة والفن والسياسة، ولنا في الجامعة العربية التي تحولت
إلى ملحق بخارجيتكم خير مثال.. - نعم
سيرحل كوجيا، وسيحال ثلاثة أرباع منتخب الفراعنة على التقاعد، فماذا أنتم
فاعلون في مونديال 2014 والذي يليه.. فنحن نملك العدة لذلك، أما أنتم
فابحثوا عن كوجيا آخر في جيب بلاتر، أو أقنعوا الخمسين بلدا إفريقيا أنكم
على صح عندما تقترحون أن بطل إفريقيا يشارك في المونديال دون المرور
بالتصفيات.. طبعا يشارك، وكيف لا، إذا كان يلعب له كوجيا.. وعاشت
التكنولوجيا.