نفت الأحداث الماضية المتعلقة بمناصرة
الشباب الجزائري لفريق المنتخب الوطني لكرة القدم المغالطات القائلة أن
شباب الجزائر شباب متفكك من دون هدف وشباب بعيد كل البعد عن الوطنية، فكما
نجحت كرة القدم في لم شمل الجزائريين في الأسرة والحي إلى غاية كل الذين
تنقلوا من ملعب لآخر ومن بلد لآخر فقط لمساندة الخضر وترديد النشيد الوطني
وراءهم ، نجحت في إبراز وعي والتزام الشباب الجزائري بأهمية القيم والرموز
الوطنية، لتعود رائحة المشاعر الوطنية الفياضة لتعبق من جديد سماء وشوارع
الجزائر..
نجاحات الفريق الوطني حررت المرأة الجزائرية التي أبقاها المجتمع إلى وقت
غير بعيد حبيسة التقاليد البالية ، وهي التي أثبتت نجاحاتها في ميادين
نافست فيها الرجل لم تكن لتجرؤ على تخطي عتبة الحيز الاجتماعي الضيق الذي
وضعت فيه وأصبحت اليوم تجرؤ على التعبير بحرية عن مكنوناتها ومشاعرها حيال
كل شيء وكيف لا حيال نجاحات المنتخب الجزائري،هذا الحدث الذي حرر أيضا
الكثير من النساء الجزائريات من العزلة التي ضربنها على أنفسهن بسبب
الانشغالات اليومية داخل الأسرة إضافة إلى المشاكل المهنية، وأعادت البسمة
والأمل لقلوب الملايين منهن وعلى اختلافهن في غد أكثر إشراقا لهن
ولأولادهن، وقد اخذت المرأة الجزائرية مناصرة الفريق الوطني على محمل الجد
بطريقة ميزتها كثيرا عن الرجل باعتراف المتتبعين، وهو ما يؤكد أن المرأة
لاتقل وطنية عن الرجل إذا ما تعلق الأمر بالجزائر والأعلام الوطنية حسب
أستاذة علم الاجتماع السيدة عسولات جويدة.
وقد اعتبرت السيدة عسولات جويدة أستاذة علم الاجتماع من جامعة غليزان أن
انجازات الفريق الوطني لكرة القدم تمكنت من تفجير طاقة كامنة في المرأة
الجزائرية في مرحلة كانت غاطسة في مشاكل جعلتها أكثر انطوائية ، لكن بروز
هذه النخبة من الشباب الذين مثلوا البلاد هو ما فجر ما في مكنون المرأة
لتعبر ما بداخلها من مشاعر المحبة والإباء لوطنها .
خروج المرأة الجزائرية في الاحتفالات المناصرة للفريق الوطني لم تكن محض
صدفة أو اندفاعا وراء أهازيج النصر حسب السيدة عسولات والدليل هو خروج
النسوة حتى بعد تعثر الفريق في بعض المباريات ، كما أنهن على اختلاف
أعمارهم للشوارع لإهداء الجزائر من خلال الفريق الذي يمثلها زغاريد الفرح
التي تعتبر رمز وجود وفخر المرأة الجزائرية.
وقالت السيدة عسولات أن خروج المرأة الجزائرية ميز الاحتفالات الخاصة
بمناصرة الفريق الوطني لكرة القدم لاسيما وأنها ساندته بالغناء والكلمة
والزغرودة الحرة المتحررة ، وأردفت بالقول” المرأة تسعدها رؤية العلم
الوطني يرفرف عاليا فالافتخار بالعلم الوطني والألوان الوطنية والغيرة
عليهما تلبيان حاجتها في التعبير عن انتماءها للوطن”.
وشبهت عسولات خروج المرأة وأثره في تدعيم مناصري المنتخب ولاعبيه بمساهمتها
في دعم الثورة التحريرية” فخروج المرأة للاحتفال في حالات تعثر الفريق كان
من اجل إسكات الأصوات التي قللت من شان الفريق الجزائري واستضعفت أداءه ،
في تحد واضح للمستهزئين بهم وهم يمثلون الجزائر، وما هذا إلا مؤشر آخر على
قدرتها على متابعة مسار شحذ الهمم كما تابعته في الماضي القريب إبان
الثورة.
وقالت عسولات أنها قابلت نساء مسنات و بالرغم من أنهن لا يفقهن شيئا في
اللعبة إلا أنهن لم يتعبن من متابعة جميع تفاصيل اللاعبين وأوضاعهم الصحية
وواصلن مباركتهن لهم فقط لأنهم يمثلون الجزائر والعلم الوطني،وهو مايدل على
أن حب الوطن ومؤازرته قضية تعني النساء كما تهم الرجال.
وبما أن المرأة الجزائرية تشغل مكانة رئيسية في حياة المجتمع وفي هذا
السياق أكدت الأستاذة عسولات أن المرأة لا تزال قادرة على حمل لواء النهضة
في عدة مجالات ولا تزال عندها قوة التأثير في كافة المجالات لديها الكثير
من بعطاء لا ينفذ، فقد تمكنت من رفع مستوى الوعي بأهمية الفريق الوطني في
إبراز الشخصية الوطنية وتمثيل الألوان الجزائرية في المحفل الإفريقي.
فكما استعملت تلك الأغاني المساندة اللاعبين والفريق في شحن الطاقة النفسية
ورفع الألوان الوطنية عاليا وكأنها حقن متعددة الفيتامينات ، استعملتها
المرأة على ترسيخ وتعميق معاني الانتماء إلى الوطن لابناءها حتى الرضع منهم
لضمان شمولية أكثر لهذه القيم الوطنية .
و سيكون المونديال بمثابة جولة أخرى للمرأة حسب عسولات من اجل إنعاش
الإحساس بالوطنية وينتظر أن تكون المرأة أكثر حماسة في التعبير عن ما
يخالجها من مشاعر ،كما سيكون لها بصمة أكثر ليس فقط لان الجزائر ستكون
البلد الوحيد الذي سيمثل العرب في هذه التظاهرة بل ولان الفريق سيمثل
الجزائر كعلم كسيادة سيمثل الجزائريين كمواطنين ومواطنات، لما له بعد عما
تكتنزه البلاد من أبناءها البررة.