دعا نخبة من المثقفين والأدباء
والإعلاميين إلى تأسيس إعلام ثقافي حقيقي، وانطوى منتدى الإعلام الثقافي
الذي استمر يومين على عديد المساجلات التي مست واقع الإعلام الثقافي العربي
وسياقاته النخبوية والجماهيرية.
وشهد حفل افتتاح الملتقى حضور كل من وزيرة الثقافة خليدة تومي وكاتب الدولة
المكلف بالاتصال عز الدين ميهوبي الذي ألّح على أنّ الإعلام الثقافي بحاجة
إلى أن يعمق أكثر مؤكدا أنّ المنتدى سيلقى كل الدعم خدمة للثقافة
والإعلام.
وثمن عزالدين ميهوبي دور المجالس في
الحفاظ على التراث الجزائري داعيا” إلى الرفع من الأداء الإعلامي والابتعاد
عن الثقافة المناسباتية والغوص في عمق الجزائر والاهتمام بالمبدعين الشباب
في كل المجالات لبعث الثقافة الوطنية.
كما أشاد الوزير بإعادة بعث كل من مجلتي
“آمال ” و “الثقافة” التي تتزامن بشكل عفوي كما قال مع اليوم العربي للغة
العربية التي تحمل دلالات للإبداع وتقديم صورة متواضعة للعالم عن الإبداعات
الجزائرية .
ومن جهتها أشادت خليدة تومي وزيرة الثقافة
في كلمة لها بالمناسبة بهذا المولود الثقافي الجديد الذي يتزامن كما قالت
بالاحتفاء بمولد النبوي الشريف مبدية الاستعداد الكامل لوزارة الثقافة في
أن تكون شريك للمنتدى وتضع كل الإمكانيات والوسائل في خدمة هذا المولود
الثقافي من اجل نجاحه .
وعرف الملتقى عقد ندوتين حول موضوع
الإعلام الثقافي، في هذا الصدد، تطرق المشاركون في الندوة الأولى التي
تناولت موضوع مكانة الإعلام الثقافي في المؤسسات الإعلامية إلى واقع
الإعلام الثقافي في الصحافة المكتوبة والإذاعة.
وأشار الباحث الأكاديمي “بلقاسم مصطفاوي” إلى غياب صحافة ثقافية مختصة في
الجزائر واهتمام الجرائد التي يفوق عددها 70 عنوانا بالإشهار والتضحية
بالصفحة الثقافية، مبرزا أنّ أغلب المعلومات المنشورة مستقاة من الإنترنيت
وبعيدة عن الفعل الثقافي، بجانب غياب الثقافة المحلية على قلتها.
من جانبه، تطرق الإعلامي جمال حازورلي صاحب برنامج “سينيراما” بالإذاعة
الوطنية، إلى تجربته في العمل الإذاعي، مشيرا إلى تعلق الجمهور ببرنامجه
الذي يسلط الضوء على الواقع السينمائي ويخلق علاقة بين أفراد المجتمع
الجزائري ، فيما تطرق الإعلامي فيصل مطاوي إلى واقع الصفحات الثقافية في
الجرائد، وقال إنّ معظم الجرائد تفضل الاستغناء عن الصفحة الثقافية لأسباب
تجارية، وإنّ معظم الصحفيين المبتدئين يتم توجيههم للعمل في القسم الثقافي،
كما شدد المتحدث على ضرورة إقامة دورات تكوينية لفائدة الصحفيين من أجل
تحسين مستواهم.
الإعلام الثقافي بين النخبوية والجماهيرية
تناول المشاركون موضوع “الإعلام الثقافي بين النخبوية والجماهيرية: البحث
عن الخصوصية”، وفي هذا الإطار قدمت الإعلامية اللبنانية “سوسن الأبطح”
مداخلة حول الإعلام الثقافي العربي، وأهم المراحل التي مر بها بداية من
مرحلة الخمسينات إلى غاية السبعينات، وحفلت بكتاب كبار على غرار جبران خليل
جبران وتوفيق حسن وغيرهم، ووصفت الأبطح تجربة الإعلام الثقافي في لبنان
بالرائدة والمتميزة.
وقدم الناقد المغربي “رشيد ادرسي” في ورقته، لمحة وجيزة عن واقع الصحافة
الثقافية بالمغرب، وأشار إلى أنها لا تختلف كثيرا عن مثيلاتها في البلدان
العربية الأخرى، مركّزا على بعض ملاحق الصحافة الثقافية في الستينات
والسبعينات التي خلقت نوعا من التألق والتأثير لفترة معينة، ودعا المتحدث
الدول العربية إلى العمل على تأسيس إعلام ثقافي حقيقي .
وقدم الإعلامي والكاتب “حميد قرين” بعض الأسباب التي أدت إلى ركود الصحافة
الثقافية في الجزائر، من ضمنها قلة الفضاءات الثقافية إلى جانب القطيعة بين
النخب وغياب الاتصال بين الصحافة الثقافية والجامعة.
ويعد منتدى الإعلام الثقافي الذي تأسس حديثا برعاية الديوان الوطني للثقافة
والإعلام، فضاءا جديدا يتم من خلاله طرح العديد من القضايا والمواضيع
المرتبطة بالمشهد الثقافي، كما سيسعى المنتدى خلال برنامجه المسطر إلى
إقامة دورات تكوينية لفائدة الصحفيين العاملين في المجال الثقافي.
ويهدف هذا المنتدى الثقافي حسب ماجاء في
كلمة الشاعر سعيد حمودي المبادرين بتأسيس هذا المنبر الثقافي إلى” المساهمة
في رفع من سقف المنافسة على الجودة والاحتراف والإبداع، ويأتي هذا المنتدى
حسب المتدخل “ليلقي حجرا في المياه الراكدة ساعيا إلى التأسيس في البدء
بحثا عن الاستمرارية الكفيلة بإنجاح المشاريع الكبرى في هذا الزمن المتعولم
العاصف بالهويات الفاتك بالشعوب ومقدراتها. “
وارتأى القائمون على المنتدى أن يكون العدد الأول مناسبة كرم فيها
الاستاد الطاهر بن عيشة عرفانا لمجهوداته وعطائه في مجال الإعلام الثقافي
في الجزائر إلى جانب تكريم روح الفقيد الفنان المصور أحميدة غزالي الذي
أفنى عمره في خدمة الصحافة الجزائرية تم عرض بالمناسبة شريط مصور عن
المشوار الثقافي للمفكر الطاهر بن عيشة والتحقيقات والروبورتاجات التي قام
بها في شتى أنحاء العالم عن الحضارة
الإسلامية في إفريقيا وآسيا وغيرها،ويتضمن برنامج الملتقى عدة نداوات في
الإعلام الثقافي في المؤسسات الإعلامية وتنظيم ورشات حول الروبورتاجات
الثقافية والنقد السينمائي
تكريم خاص للإعلامي طاهر بن عيشة
تم خلال الملتقى تكريم المثقف والإعلامي الكبير “طاهر بن عيشة” تقديرا
لمكانته كإعلامي ومثقف مخضرم، فهو صاحب التحقيقات الكبرى في التلفزيون
الجزائري والمتابع الحصيف للمشهد الثقافي، حيث تسلم المكرم باقة ورد من
وزيرة الثقافة خليدة تومي ليتم بعدها عرض شريط خاص بمسيرته الإعلامية
أنجزته الصحفية هاجر قويدري.
وعبّر بن عيشة في تصريح لموقع الإذاعة الجزائرية عن سعادته بالتكريم الذي
خص به من طرف المنتدى مؤكدا أنه سعى طيلة مشواره الإعلامي للدفاع عن
الحقيقة، وتأدية واجبه تجاه وطنه من خلال طرح هموم الناس والدفاع عن
مشاكلهم .
وأوضح الشاعر رشدي رضوان أحد المؤسسين لمنتدى الإعلام الثقافي أن تكريم
الإعلامي طاهر بن عائشة جاء تقديرا لجهوده الكبيرة في مجال الإعلام
الثقافي، وبالنظر إلى تجربته المتميزة في المزاوجة بين العمل والبحث عن
العلم والمعرفة.
للإشارة، نُظم على هامش الملتقى معرض
للصور الفوتوغرافية تكريما للمصور الصحفي الراحل “أحميدة غزالي”.