أجمعت شهادات الأساتذة الباحثين الذين
التقى بهم موقع الإذاعة الجزائرية على أن التكريم الذي حظي به الأستاذ
الدكتور العالم الجزائري عبد الرحمن الحاج صالح، بنيله جائزة الملك فيصل
العالمية للغة العربية والأدب 1430هـ / 2010، جاء ليحق المسيرة العلمية
الحافلة للرجل حقها، ويضعها في مقام الاحتفاء والتنبيه بجهود هذا الرجل
ونتاجه النوعي في ميدان البحث العلمي ليس في العالم العربي فحسب، بل في
العالم أجمع.
كما تحدثت باستفاضة كبيرة عن العلاقة التي
جمعتهم بالرجل في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي حيث كانوا
يومئذ طلبة في المدرجات الجامعية، وكان الأستاذ يومئذ يشغل منصب أستاذا
محاضرا، يدرس مقياس اللسانيات الذي التي عكف على البحث فيها منذ مطلع عمره
إلى أن رست به سفينة الوعي على انجازين عظيمين لا يضاهيهم انجاز.
يتعلق الأول بالنظرية الخليلية المعاصر
التي بموجبها وضع الباحث يده على أصول النظام اللغوي العربي وضعا يقدم
اللغة العربية وفق ما تقتضيه حتمية التحول في مسيرة الإنسان العربي، راسما
بذلك الخطوط لتناولها وتحديثها تحديثا يتواءم مع المعطيات الحضارية
الحديثة.
أما الانجاز الثاني فيتعلق بمشروع
الذخيرة، أو ما يعرف في بعض القنوات العربية بـ (غوغل العربي) والذي تبنته
الجامعة العربية والمنظمة العربية للعلوم، بالإضافة المجمع العربي للغة
العربية ….
عبد
المجيد سالمي: الحاج صالح أستاذ الجيل
قال الأستاذ الباحث الدكتور عبد المجيد سالمي، رئيس قسم علوم اللسان بجامعة
الجزائر، إنه تلقى نبأ تكريم الأستاذ عبد الرحمن الحاج صالح “بسعادة
كبيرة”، مشيرا إلى أن هذا الأخير “أستاذ الجيل في الجزائر وفي العالم
بالعربي في مجال اختصاصه”.
وعن علاقته بالأستاذ، أضاف المتحدث أن علاقته تعود إلى سنوات السبعينيات
من القرن الماضي حيث فتح عينيه هو وأقرانه على الدراسات اللسانية كمجال
جديد، حيث كان يومئذ مدرسا لها، بالإضافة إلى إشرافه على معهد العلوم
اللسانية والصوتية ببن عكنون.
وأضاف المتحدث على أن تمدرسنا على يد
الأستاذ قادنا إلى اكتشاف علم جديد يمزج بين المنطلقات التراثية الأصيلة
التي تعود إلى بداية تكوين العقل البياني العربي، والعلوم الحديثة، مضيفا
إلى أن الأستاذ كان ضالعا بعلوم كثيرة منها الرياضات والمنطق وأصول النحو
والقراءات والتفسير، ناهيك عن تحكمه في لغات كثيرة منها الانكليزية
والألمانية والاسبانية، علاوة على معرفته بالغة العربية والفرنسية معرفة
أهلته إلى دراستهما دراسة علمية دقيقة…
كما تطرق الأستاذ أيضا إلى أن الأستاذ المتحدث عضو في المجامع العربية
جميعا، بدأ الكتابة في الستينيات من القرن الماضي، عندما كان عميدا لكلية
الآداب بالجامعة الجزائرية، كان له الفضل في إنشاء أول ماجستير متعدد
التخصصات في التي تعنى بدراسة العربية العام 80/1981 ، وتجمع علوم متعددة
منها الطب والإعلام الآلي والإلكترونيك بالإضافة إلى علوم أخرى ومختلف
اللغات، وتجتمع هذه التخصصات في تناول ميادين من قبيل العلاج الآلي للغة
وحوسبة اللغة، والعلاج الآلي للكلام والتعليمات المقارنة وذلك بهدف الإضلاع
بوعي أعمق بالغة العربية وثمة النهوض بها.
الأستاذ عبد المجيد سالمي قال أن الأستاذ عبد الرحمن أعاد قراءة التراث،
فلم يقع في يده كتاب من كتب العربية الأصول إلا واستوفى قراءته، فضلا عن
تشبعه بالنظريات الحديثة وتطورها، مما أهله على المقدرة على لملة هذا
التراث وإخراج النظرية الخليلية من أحشائه، والتي تكفل إعادة صياغة التراث
النحوي العربي صياغة رياضية تمكن المختصون من دراسة العربية وتطبيقاتها
التكنولوجية بما في ذلك مسألة حوسبة التراث وجمعه في بنك الكتروني…
مخلوف بلعلام : الحاج
صالح يستحق التكريم “المتأخر”
من جهته أكد الأستاذ الدكتور مخلوف بلعلام
أن حصول الحاج صالح عن الجائزة على الجائزة زاد من سعادتنا كثيرا، بل أننا
كنا ننتظر ذلك منذ زمن، وذلك للأعمال الجليلة التي قدمها في علوم اللسان
وفي اللسانيات العربية، فقد ساهم الرجل بقسط وافر في دراسة التراث اللغوي
دراسة أساسها المعارف اللسانية المستجدة، درس هذا التراث في منظور لساني
حديث، وانتهى إلى مشروع عظيم الشأن، صار اليوم نظرية قائمة تسمى اليوم
بالنظرية الخليلة الحديثة.
وعن النظرية الخليلية التي توج بها الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الحاج
صالح قال المتحدث بأنها أعظم ما توج به مسار الباحث، فهي قراءة جديدة
للتراث اللغوي استند فيه إلى جهود القدماء، وقد صار لها أتباع اليوم :
وأضاف المتحدث أن النظرية الخليلية هي من أعمق النظريات اللسانية
الحديثة..هناك نظريات موازية كنظرية تضافر القرائن للدكتور تمام حسان، إلا
أنها لا ترق إلى القوة العلمية التي تتميز النظرية الخليلية في لغتها، وفي
مصطلحاتها، وفي صياغتها وفي وظيفتها..
الأستاذ بلعلام وفي معرض حديثه عن الحاج صالح قال إن أهم من بين ما يميز
الحاج صالح قوة اللغة العلمية، التي تقل عند غيره، الذين أجد صعوبة في فهم
مصطلحاتهم، التي توسم في أحايين كثير بأنها غريبة عن اللغة العربية، وهذا
ما يسمو عنه الأستاذ الحاج صالح التي تأتي مصلحاته منسجمة مع خاصية التناغم
والتناسق الصوتي والصرفي في العربية.
ففي هذا الصدد يمكن أن أورد مصلح
اللسانيات المقابل للمصطلح الأجنبي Linguistique
يعد الحاج صالح أول من وضعه في العربية قبل تتبناه المجامع اللغوية كمصطلح
علمي في الدراسات الغوية العربية
عثمان بيدي: الحاج الصالح
كبير قبل الجائزة وبعد الجائزة
عبر أستاذ التيارات الفكرية الدكتور عثمان
بيدي بأن تكريم الحاج صالح هو رفع من قيمة هذا الرجل الذي أستطاع أن يكون
عربيا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، والحقيقة أن هذا الأستاذ الحاج صالح
كان من المفروض أن تكرمه الدولة، وأن تكرمه وزارة الثقافة بحضور عام لمختلف
المثقفين حتى يكتسي المشهد قيمة كبرى، فالأستاذ الحاج صالح كبير قبل
الجائزة وبعد الجائزة، ومن المفروض أن يكون التكريم في مستوى مكانته التي
وصلها، فهو عالم كبير في علوم اللغة ويمكن أن يشار إليه بالبنان، وبالتالي
تكريم له أقل من تكريم دولة، هو أقل منه
محمد شنوفي : نتمنى أن
تُعّرب رسالة أستاذنا إلى العربية
قال الدكتور محمد شنوفي بخصوص تكريم
البروفيسور ” لقد سرنا نيل أستاذنا لجائزة فيصل العالمية، ويعد ذلك تتويجا
لمعارفه العلمية الباهرة، خصوصا والرجل يعد من اللسانيين الأفذاذ على
المستوى العالمي، وله الفضل الكبير أن كان من منتجي نظرية خاصة به في مجال
اللسانيات العربية التي قارع من أجلها بعض أعلام اللسانيات الغربية وخير
شاهد على ذلك هو رسالة للدكتوراه، ونتمنى أن تعرب هذه الرسالة، ولربما تنسى
هذه الجائزة بعد مضي الوقت، إلا أن أعمال أستاذنا محمد الحاج صالح نتمنى
أن تجمع وان تطبع في الجزائر حتى تكون في متناول القارئ الجزائري.
عبدالقادر
بوزيدة : أستاذنا أضاف ما لم يستطع أي لساني عربي إضافته
يذهب الأستاذ عبد القادر بوزيدة إلى أن
الأستاذ عبد الرحمن الحاج صالح أضاف ما لم يستطع أي لساني عربي إضافته،
وحصوله على هذه الجائزة زرع في أنفسنا شعور الاعتزاز بهذا الانجاز، ذلك لأن
أستاذنا يستحق هذه الجائزة أكثر من أي لساني سواء في الجزائر أو العالم
العربي، واختيار هذا العملاق الألسني كان باعتقادي اختيارا موفقا، خاصة وأن
كون هذا التكريم يتوج حياة كاملة من البحث العلمي الجاد في مجال اللسانيات
والأكيد أن الحاج صالح قد أضاف إلى التفكير اللساني في العالم العربي لبنة
– في حدود علمي – لم يضفها أي مختص في اللسانيات في العالم العربي .
عبد الحميد بورايو: الحاج
صالح نموذج نادر في الثقافة العربية الحديثة.
يذهب الأستاذ الدكتور عبد الحميد بورايو
الحاج صالح أستاذ الجميع، وما نحن في حقيقة الأمر إلا تلاميذه .. نتابع
إنتاجه الفكري على الرغم من أننا أخذنا طريقا آخر في البحث، وكنا ولا زلنا
نتابع عمله المتراكم من ستينيات القرن الماضي إلى اليوم، والذي هو بطاقة
تعريفه في مجال الدراسات العربية اللسانية كعمل نوعي.. واستفادته من أهم
النظريات العالمية.. وفي نفس الوقت وقراءته قراءة واعية وعلمية للتراث
اللغوي العربي.. ومحاولته للاقتراب من هذا التراث مع خلفية الإطلاع على
المناهج الإسلامية الحديثة
ومن المؤكد جدا إنه أهل لمثل هذه الجائزة،
وعمله كبير جدا في التكوين والذي تتلمذ على يده اليوم هم من دكاترة كبار
في تخصصاتهم، وهم اليوم يحققون الاكتفاء الذاتي للتأطير على مستوى الجامعات
الوطنية، في نفس الوقت عمله في التأسيس في مركز البحث العلمي والتقني للغة
العربية، وكذلك جهوده العظيمة التي يبذلها في أكاديمية اللغة العربية.فهو
ببساطة مثال للعمل الجاد وترسيخ العلم بالمفهوم الحصري – وحسب اعتقادي –
هو نموذج نادر في الثقافة العربية الحديثة.
الطاهر ميلة: أغلبنا لم
يدرك العمق الفكري لهذا الرجل
يقول الأستاذ الدكتور طاهر ميلة،
ولاعتبارين اثنين، أوله أنا أحد طلبته، وثانيا لأني من اللذين عملوا معه
منذ 1975، لقد اكتسبت منه علما كثيرا، ومع ذلك فعلمي من علمه بقدر شربة
عصفور من بحر.
وأضاف:” الكثير من الجزائريين لم يدركوا
العمق الفكري لهذا الرجل وعلمه وأصالة بحثه. والحمد لله انه في السنوات
الأخيرة نظر لعلم هذا الرجل نظرة مناسبة لمكانته الحقيقية، ليشرف بمناصب هو
أهل لها، مثل رئاسة المجمع الجزائري. وهو بالمثل أهل لجائزة فيصل ولأكثر
منها وأهل لكل تكريم.