افتتح، هذا الأحد
بالجزائر، الملتقى العربي الخامس للصناعات الصغيرة والمتوسطة بحضور واسع
لكوكبة من المختصين والخبراء، وهو موعد يشكل فرصة لتعزيز مستوى التنافسية
لدى المتعاملين الوطنيين ومضاعفة إسهاماته في الحركية التنموية الاقتصادية
والاجتماعية.
وفي رسالة إلى المشاركين – قرأها محمد علي
بوغازي مستشار لدى رئاسة الجمهورية -، رأى رئيس الجمهورية عبد العزيز
بوتفليقة، أنّ التكامل العربي-العربي مرهون بتثمين المبادرات الهادفة، كما
أكّد بوتفليقة على أنّ الجزائر تولي أهمية كبرى للتعاون العربي وتحرص على
احتضان كل مبادرة ترمي إلى تحقيق التكامل وتوثيق عرى الأخوة”.
وذهب الرئيس إلى أنّ هذا اللقاء من شأنه
إماطة اللثام عن العناصر الجوهرية والعوامل الأساسية التي تقود إلى مواكبة
جيدة للتطورات المعرفية و التكنولوجية التي يشهدها الاقتصاد العالمي.
تطويع البحث العلمي لضمان
منافسة قوية في السوق
ودعا الرئيس المشاركين لتبادل الآراء
والتجارب في مجال دعم المؤسسات والصناعات الصغيرة والمتوسطة، مع
إبراز الترابط الحاصل بين عالمي البحث العلمي والاقتصادي، معتبرا أنّ
التحديات التي فرضتها العولمة “تستدعي منا جميعا حصر التحولات الجذرية،
والتحسب لها ذلك اعتبارا لكون ولوج الأسواق الأجنبية وكسب حصص فيها بات
مرهونا أساسا بقوة العرض.
ولاحظ الرئيس أنعه يتعين على المؤسسات
العربية أن تطوع نتائج البحث العلمي وتستخدم التكنولوجيات الحديثة للإعلام و
الاتصال في جميع وظائفها حتى تنتج سلعا وخدمات قادرة على اقتحام الأسواق
الخارجية، وعليه فلا مناص من التقيد بالمعايير والمقاييس الدولية، والتعرف
بدقة على تلك المعتمدة في الأسواق المستهدفة.
وأوضح الرئيس بوتفليقة أنّ مسايرة
الابتكار المتواصل على السلع والخدمات وطرائق الإنتاج واستعمال
التكنولوجيات الحديثة وخوض معركة تنافس أسعار شرسة بات حتمية لا مناص منها،
ذلك أنّ الإبداع والابتكار أصبحا يشكلان أبرز عناصر الإستراتيجيات الحديثة
وأهمها وأكثرها قدرة على تحقيق التنمية الصناعية.
وأشاد بوتفليقة بالدور المحوري للإبداع و
الابتكار في تعزيز مكانة المؤسسات، باعتبارهما العاملان الرئيسيان لمواكبة
التطورات الحاصلة عبر العالم، والكفيلان بتحقيق تنافسية المؤسسات والتموقع
الجيد في الأسواق المحلية والعالمية على حد سواء.
الأدوار المنوطة بالجامعة
العربية
وأشار بوتفليقة إلى بروز تكتلات شملت جميع
مناحي الحياة اليومية
للجماعات والأفراد أدت إلى تكاثف الجهود من أجل تحقيق الرفاه للشعوب
والاستقرار المؤسساتي الذي من شأنه أن يشكل ضمانا أكيدا لتنمية مستدامة.
وبعد أن أشار الرئيس إلى كون الجامعة
العربية تعد أحد التكتلات السياسية والاقتصادية الهامة، دعا إلى الانتقال
نحو مرحلة جديدة والقيام بقفزة نوعية ترمي إلى تحقيق التكامل الاقتصادي في
إطار التعاون والتكافل والمصالح المتبادلة، ولن يتأتى ذلك حسبه إلاّ بتحقيق
مستويات مقبولة من الانسجام والتنسيق بين السياسات الاقتصادية والتجارية
لبلداننا ومضاعفة قدراتنا التفاوضية مع مختلف الشركاء بما يحفظ المصالح
الاقتصادية للمجموعة ويحمي نسيج الصناعات الصغيرة والمتوسطة في ظل المنافسة
الشرسة التي تفرضها البضائع و الخدمات القادمة من مختلف الآفاق، بما يتطلب
إجابات جماعية موضوعية وواقعية.
منطقة التبادل الحر مطالبة
بالعمل أكثر
نوّه الرئيس بإنشاء المنطقة العربية للتبادل الحر، وأبدى أمله في تحقيقها
انسيابا سلسا وسريعا للبضائع والخدمات بين المتعاملين العرب، بما يضمن
تكامل المنظومة الصناعية العربية وتمتين عرى العلاقات الاقتصادية التجارية
بين شعوبنا في أطر من الشفافية والمصالح المتبادلة والتنظيم المحكم.
كما أكد بوتفليقة على ضرورة تبني
إستراتيجية موحدة لدعم نسيج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة سواء على مستوى
التمويل أو التكوين أو الابتكار، بشكل مبني على تشخيص دقيق وتوحيد
التعريفات والتصورات، وتصميم خطط عمل مشتركة تقتضي تعبئة الخبرة و القدرة
المعرفية و المادية وتضافر الجهود للوصول إلى مسعى يعطي للابتكار الأولوية
القصوى.
واعتبر أنّ هذا الملتقى سيشكل فضاء لبلورة
خطط العمل والإستراتيجيات
لتحقيق شق من التكامل العربي وللنهوض بالصناعات الصغيرة و المتوسطة، خصوصا
في مجال الرفع من القدرات الإبتكارية والإبداعية بما يتيح لها استيعاب
التكنولوجيات الحديثة ودمج أنشطة البحث والتطوير ضمن أولوياتها قصد تحسين
تنافسيتها وضمان ديمومتها.
المبادرة أرضية خصبة لميثاق
مشترك
رأى الرئيس بوتفليقة بأنّ المبادرة أرضية
خصبة لميثاق مشترك يكفل دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومرافقتها، وتوفير
حزمة من الخدمات تضمن للمؤسسات تسهيل الإنشاء والتطوير والابتكار والتدويل
والاستدامة، على حد تعبيره.
برنامج دسم على درب تعزيز
التنافسية
ويُقام الملتقى الذي يستمر يومين تحت شعار
“نحو تعزيز قدرة الصناعات الصغيرة والمتوسطة على الإبداع والابتكار”،
وبالتنسيق بين وزارة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعة التقليدية مع
المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين والبنك الإسلامي للتنمية، وأفيد
إنّ المناسبة سُتعنى بتعزيز قدرات الصناعات الصغيرة والمتوسطة على الإبداع
والابتكار في ظل تحديات العولمة وتحرير التجارة بما يؤدي إلى تطوير القطاع
وتعزيز تنافسيته وزيادة مساهمته في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ويُرتقب أن يتطرق المشاركون في هذا
الملتقى العربي الخامس، إلى رهانات الترابط بين الصناعات الصغيرة والمتوسطة
والصناعات الكبيرة، وما يتعلق بها من فرص التكامل، كما سيتم مناقشة الورقة
الخاصة بالتنسيق بين تجمعات وشبكات الصناعة المتوسطة والمؤسسات الداعمة
لها، وكذا إلى زيادة الوعي لدى أصحاب القرار في القطاعين العام و الخاص
بأهمية تجمعات الصناعات الصغيرة والمتوسطة وتشجيع المتعاملين الوطنيين على
تأسيسها ودعمها.
وتضمنت الوثيقة التمهيدية للملتقى، عديد
المحاور بدءا من واقع الصناعات الصغيرة والمتوسطة في الوطن العربي، مروا
بتجمعات وشبكات هذا القطاع، وصولا إلى أنظمة حقوق الملكية الفكرية ودورها
في تشجيع الإبداع والابتكار والتقنيات الحديثة وتقنيات المعلومات ودورها في
تنمية هذه الصناعات.
ويهدف اللقاء أيضا إلى تطوير أدوات
تمويلية تتناسب مع طبيعة الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وكذا تشجيع استخدام
التقنيات الحديثة والاستفادة من تقنيات المعلومات والاتصال ودعم الابتكار
التكنولوجي في هذا القطاع، حتى يتم النهوض بالقدرات الوطنية في مجال إنشاء
ودعم وتمويل الصناعات الصغيرة والمتوسطة وتوفير البنية التحتية والبيئة
النموذجية ورعايتها بشكل أمثل، بما يمنح لها عناصر الحضور والتنافسية.