أعطى الله للمسلمين في نهاية العام السابع من الهجرة شيئًا ذاب المسلمون شوقًا إليه، وهو دخول مكة المكرمة لأداء عمرة القضاء، فقد كان من بنود صلح الحديبية أن يأتي المسلمون بعد عام من صلح الحديبية، أي في نهاية العام السابع من الهجرة؛ ليدخلوا مكة معتمرين ليس معهم إلا سلاح المسافر، ويخرج أهل مكة منها، ويتركون البلد الحرام للمسلمين مدةَ ثلاثة أيام متواصلة، وأعلن الرسول r في شهر ذي القعدة من العام السابع للهجرة في المدينة المنورة عن العمرة العظيمة، وأمر رسول الله r ألاّ يتخلف عنها أحدٌ شهد الحديبية. وسوف تبدأ تفصيلات هذه العمرة المباركة، وهي في الحقيقة تحتاج منا إلى وقفة مهمة، فقد خرج ألفان من الصحابة y، هذا غير النساء والصبيان، وخرجوا بالسلاح الكامل في موكب مهيب، مع أن الرسول r كان متفقًا مع قريش على أنه لا يدخل مكة إلا بسلاح المسافر فقط، إلا أنه r لا يأمن من غدر قريش؛ فخرج المسلمون بالسلاح الكامل وبالعُدَّة الكاملة من الرماح والسهام والدروع، وكأنه خارج للحرب، ولكنه r سوف يترك كل هذه الأشياء خارج مكة؛ ليدخل مكة بسلاح المسافر وفاءً بعهده r، وأحرم r من ذي الحُلَيفة، وهي آبار عليّ، وظل طول الطريق من ذي الحليفة إلى مكة المكرمة يلبي هو وأصحابه r، وكان الطريق طويلاً عشرة أيام تقريبًا من التلبية المتواصلة، حتى وصلوا إلى مكة، وهذه لحظة مهيبة من أعظم لحظات السيرة النبوية؛ فبعد سبع سنوات كاملة من الهجرة، وترك أحب البلاد إلى قلب الرسول r، يعود الحبيب r إلى بلده الحبيب مكة، فها هي الأيام تمر بسعادتها وأحزانها، ولكن العاقبة للمتقين، وشتَّان بين حال المسلمين منذ سبع سنوات وحالهم الآن.
فقد خرج رسول الله r من مكة منذ سبع سنوات مهاجرًا، ومترقبًا ومستخفيًا بنفسه، يختبئ هنا تارة وهنا تارة، ويُخفِي آثاره قدر المستطاع، واليوم يدخل رسول الله r مكة مُعلِنًا ذلك للجميع، وهذا الإعلان ليس لأهل مكة فقط، بل لأهل الجزيرة جميعًا، بل للعالم أجمع.
فقد خرج رسول الله r من مكة منذ سبع سنوات مهاجرًا، ومترقبًا ومستخفيًا بنفسه، يختبئ هنا تارة وهنا تارة، ويُخفِي آثاره قدر المستطاع، واليوم يدخل رسول الله r مكة مُعلِنًا ذلك للجميع، وهذا الإعلان ليس لأهل مكة فقط، بل لأهل الجزيرة جميعًا، بل للعالم أجمع.