السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تتحدث قصتنا لهذا اليوم عن شخصية معروفة عبر التاريخ ولمن لا يعرف من هو
إبن العلقمي أو ما الذي أشتهر به فهو كان الوزير الأول لأخر خلفاء بني
العباس الخليفة المستعصم وكان إبن العلقمي الرجل الأول في السلطة أي
مايعادل اليوم رئيس وزراء وكان لا يلبس سوى الثياب الحريرية الفاخرة
المطرزة بالجواهر والياقوت وخيوط الذهب وكانت أمورالدولة كلها تحت تصرفه
وبين يديه فلا يتم أمر ولا يأخذ أحد شيء إلا بعلمه مسبقاً.
ورغم كل ذلك لم يرق هذا الأمر لإبن العلقمي وضل شعور النقص يعتريه ربما
كان متأصلاً فيه فقام بخطوة خلدته في دنياه كأحقر خائن على مر العصور ول
يعلم إل الله وحده ماسيجره عليه صنيعه من تبعات في أخرته. فقد قام إبن
العلقمي هذا بمراسلة هولاكوا الموغولي وضل يحثه ويغريه على الإستيلاء على
عاصمة الإسلام حينها بغداد وضل يعدد له كنوزها وأموالها وخيراتها
وللحق فإن الموغول لم يكن لهم إهتمام وقتها في بغداد ولا في الشرق العربي
والإسلامي ولعدة أسباب أهمها بعد المسافات وحرارة المناخ الذي لم يألفوه .
ولكن مراسلات إبن العلقمي وزنه المتواصل وإغراءاته الغير محدودة لهولاكو
الشره اصلاً حملت هولاكو على الجرأة للقدوم نحو عاصمة الدولة العباسية
بغداد .
هل تعتقدون أن هذا هو غدر إبن العلقمي فقط ؟. إذاً أنتم متوهمون فذلك كان
نصف غدره فقط وأما النصف الثاني فوجهه نحو ولي نعمته وراعيه الخليفة
المستعصم فكان يحثه على عدم الإهتمام بالجيش ولا بالعسكر وشهد عصره أكثر
العصور إهمالاً للجيش حتى أن بعضهم أي الجنود كانوا يقتاتون على الطعام
الذي يرمى كمخلفات في الأسواق وضل هذا الحال زمناً طويلاً وكان إبن
العلقمي يقول للخليفة دوماً أنت خليفة المسلمين والناس سوف يموتون في
الذود عن حياتك إذا ما لزم الأمر ثم أستمر غدر إبن العلقمي بأن عزل كل
مخلص للخليفة سواء في ديوان الخلافة أو في الجيش وعين بدلاً عنهم رجالاً
يأتمرون بأمره فقط .
وعلى الرغم م ذلك وعلى الرغم من كل خطط وغدر إبن العلقمي وصلت كلمات الحق
إلى أسماع الخليفة ووصل بعض اللحريصين إليه وحذروه من خطر الموغول ونصحوه
لكي يعد العدة لقتالهم وفعلاً بدأ الخليفة بإتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك
مما أغاض إبن العلقمي وجعله يستعجل هولاكو بالقدوم .
قام الخليفة المستعصم والمخلصين معه بحث الناس على القتال والجهاد في سبيل
الله ضد الغزاة الموغول وحشد خلقاً كثيراً لذلك وأعد العدة لمنازلة
الموغول في منطقة تسمى الغزالية وشعر هولاكو بالخوف لآول مرة فأرسل لآبن
العلقمي ليتدخل بغدره كعادته والذي لم يتأخر فقام مع من يعينوه على غدره
ليلاً بتسريب خيول ودواب الجيش وفيض علهم الماء حتى غرزت أقدامهم بالطين
وأشتغل عليهم الموغول بالنبال فصرع معظمهم وفر للمدينة من بقي منهم . ورغم
ذلك لم يستسلم الخليفة وحظر جيشاً أخر على حدود سور بغداد للذود عن
المدينة .وأيضاً أرسل هولاكو لآبن العلقمي مرة أخرى زحينها فعل إبن
العلقمي أخس فعلة في حياته فقد أدخل عدداً كبيراً من جنود الموغول من
بستان له إلى داخل المدينة ليلاً فلم يشعر النا س إلا والموغول فوق رؤسهم
وليس ذلك فقط بل حث الخليفة على عدم قتالهم حرصاً منه على عدم سفك دماء
المسلمين كما إدعى وأخبره أنه إذا سلم بغداد من غير قتال لهولاكو فإنه
سيبقيه في منصبه وربما لن يأخذ من سوى الجزية السنوية وأقنعه بزيارة
هولاكو في معسكره.
وللأسف إقتنع الخليفة المسكين ببراءة بكلام رجله الأول في الدولة وقام
بزيارة هولاكو على أبواب بغداد هو وأولاده و500 من كبار رجالات بغداد
وعلمائها .
واستقبلهم هولاكو بحفاوة في بادء الأمر ولكن هل تعلمون ماذا صنع الخسيس
إبن العلقمي ضل يزن على أذن هولاكو أنه إذا ترك الخليفة حي هو أو أحد
ذريته فإن المسلمين لامحالة سوف يلتفون يوماً ما حمله وينصروه على عدوه
والذي هو الموغول طبعاً ولم يتركه حتى قام هولاكو بفعلته الشنيعة حيث ذبح
الخليفة وأولاده جميعاً وال500 رجل من كبار رجالات بغداد وعلمائها ووضعهم
على بداية طريق بغداد وداس على جثثهم بدواب وأقدام جيشه ولم يكتفي بذلك بل
ذبح زهاء 300000 بين رجل وإمرأة وطفل وشيخ وغير ذلك من الأمور التي لايمكن
وصفها .
المهم لدينا والذي يسأل الجميع عنه ما هو مصير إبن العلقمي بعد كل تلك
الخدمات لهولاكو والموغول هل تعرفون يا إخوان ماذا صنع الموغول بإبن
العلقمي ؟ هل تعتقدون أنهم قتلوه ؟؟ كلا بل عين الموغول على بغداد رجلاً
من جيشهم برتبة تعدل اليوم ملازم أول لا أكثر وأناطوا إليه شؤون إدارة
الأمور فيها فقام هذا الرجل بإستدعاء إبن العلقمي فحضر إليه بحلته
المعتادة وحين رئاها الرجل قال له هذه الحلة هل لك غيرها فقال إبن العلقمي
نعم عندي منها العشرات فقال له أذن كلها وما من شاكلتها وما تملك تعطيه
للحرس الذي سأرسله معك وخذ هذا الثوب ورمى عليه بحلة رثة نتنة مخرمة من كل
مكان بل إنها تكاد تمشي من شدة ما فيها من قمل وبراغيث وأمره الرجل
بإرتداءها وأعطاه حماراً أجرباً هرماً إن ركب عليه أسقطه وقال له تمشي كل
يوم من الفجر إلى العشاء في الدور والأزقة والاسواق وتجمع لنا الخراج هل
فهمت ونهره بشدة .فلم يجبه إبن العلقمي الخسيس بعد كل تلك الإهانات سوى
سمعاً وطاعة مولاي وسيدي .
وبدأ إبن العلقمي يمر بالأسواق راكباً حماره الأجرب وعليه حلته الرثة
العفنة وتصوروا أنه من خوفه لم يغير الحلة بل لبسها هي هي حتى أنه خاف
أن يغسلها .وعندها رأته عجوز فجع قلبها بأولادها وبلدها على يد الموغول
فقالت له بعد أن شتمته ها يا خسيس إلم تكن تمر علينا وقت المستعصم بعربة
من الذهب والياقوت والمرجان يجرها خمسون فرس وقبلك ألف فارس وبعدك ألف
فارس واليوم تمشي راكباً على دابة لايعلم أئنت هي أم هي أنت فما دعاك لغد
المستعصم . فنظر إيها نضرة مملوءة بالندم والحسرة والغيظ ولكنه لم يجرأ
حتى على أن يجيبها وضل يمشي هكذا إياماً والناس تتندر منه وترميه بالأزبال
وغيرها حتى مات غير مأسوفاً عليه ولحق بسرب الخونة والغدارين ليلقى الجزاء
عند من لايظيع الحق عنده .
واليوم عندما أرى حال أمتي وبلدي وإى الكم الهائل من الخونة فيه يصيبني
شعور باليأس ولكن كلما تذكرت مصير إبن العلقمي إرتحت لإن مصير الخونة
دوماً إلى مزابل التاريخ.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته