كان إسماعيل عليه السلام غلامًا صغيرًا ، يحب والديه ويطيعهما ويبرهما. وفي يوم من الأيام جاءه أبوه إبراهيم عليه السلام وطلب منه طلبًا عجيبًا وصعبًا ؛ حيث قال له : { يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى } الصافات : 102 ، فرد عليه إسماعيل في ثقة المؤمن برحمة الله ، والراضي بقضائه : { قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ } الصافات : 102 . وهكذا كان إسماعيل بارًّا بأبيه ، مطيعًا له فيما أمره الله به ، فلما أمسك إبراهيم عليه السلام السكين ، وأراد أن يذبح ولده كما أمره الله ، جاء الفرج من الله سبحانه فأنزل الله ملكًا من السماء ، ومعه كبش عظيم فداءً لإسماعيل ، قال الله تعالى : { وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ } الصافات : 107 .
يحكي لنا النبي صلى الله عليه وسلم قصة ثلاثة رجال اضطروا إلى أن يبيتوا ليلتهم في غارٍ، فانحدرت صخرة من الجبل ؛ فسدت عليهم باب الغار، فأخذ كل واحد منهم يدعو الله ويتوسل إليه بأحسن الأعمال التي عملها في الدنيا ؛ حتى يفرِّج الله عنهم ما هم فيه ، فقال أحدهم: اللهم إنه كان لي أبوان شيخان كبيران ، وكنت أحضر لهما اللبن كل ليلة ليشربا قبل أن يشرب أحد من أولادي ، وتأخرت عنهما ذات ليلة ، فوجدتُهما نائمين فكرهت أن أوقظهما أو أعطي أحدًا من أولادي قبلهما ، فظللت واقفًا وقدح اللبن في يدي أنتظر استيقاظهما حتى طلع الفجر، وأولادي يبكون من شدة الجوع عند قدمي حتى استيقظ والدي وشربا اللبن ، اللهم إن كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاء وجهك ففرِّج عنا ما نحن فيه ، فانفرجت الصخرة ، وخرج الثلاثة من الغار - القصة مأخوذة من حديث متفق عليه .
ما هو برالوالدين؟
بر الوالدين هو الإحسان إليهما ، وطاعتهما ، وفعل الخيرات لهما ، وقد جعل الله للوالدين منزلة عظيمة لا تعدلها منزلة ، فجعل برهما والإحسان إليهما والعمل على رضاهما فرض عظيم ، وذكره بعد الأمر بعبادته فقال جلَّ شأنه : { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } الإسراء : 23 ، وقال تعالى : { وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } النساء 36 ، وقال تعالى : { وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ } لقمان : 14.
بر الوالدين بعد موتهما:
فالمسلم يبر والديه في حياتهما، ويبرهما بعد موتهما ؛ بأن يدعو لهما بالرحمة والمغفرة ، وينَفِّذَ عهدهما ويكرمَ أصدقاءهما. يحكي أن رجلا من بني سلمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله صلى الله عليه و سلم ، هل بقي من بر أبوي شيء أبرُّهما به من بعد موتهما؟ قال : " نعم، الصلاةعليهما والاستغفار لهما، وإيفاءٌ بعهودهما من بعد موتهما، وإكرامصديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما " ابن ماجه. وحثَّ الله كلَّ مسلم على الإكثار من الدعاء لوالديه في معظم الأوقات ، فقال: { رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ } إبراهيم : 41 ، وقال : { رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ } نوح 28.
فضل برالوالدين:
بر الوالدين له فضل عظيم ، وأجر كبير عند الله سبحانه ، فقد جعل الله بر الوالدين من أعظم الأعمال وأحبها إليه ، فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم : أي العمل أحب إلى الله؟ قال : " الصلاة على وقتها " . قال : ثم أي؟ قال : " ثم برالوالدين ". قال : ثم أي؟ قال : " الجهاد في سبيل الله " - متفق عليه.
من فضائل برالوالدين:
رضا الوالدين من رضا الله : المسلم يسعى دائمًا إلى رضا والديه ؛ حتى ينال رضا ربه ، ويتجنب إغضابهما، حتى لا يغضب الله. قال صلى الله عليه وسلم : " رضاالرب في رضا الوالد ، وسخط الرب في سخط الوالد " رواه الترمذي ، وقال صلى الله عليه وسلم: " من أرضى والديه فقد أرضى الله ، ومن أسخط والديه فقد أسخط الله " رواه البخاري.
الجنة تحت أقدام الأمهات : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يريد الجهاد ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع ويبر أمه ، فأعاد الرجل رغبته في الجهاد ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع ويبر أمه. وفي المرة الثالثة ، قال له النبي صلى الله عليه وسلم : " ويحك ! الزم رِجْلَهَا فثم الجنة " رواه ابن ماجه.
الفوز بمنزلة المجاهد : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أشتهي الجهاد ، ولا أقدر عليه. فقال صلى الله عليه وسلم : " هل بقي من والديكأحد؟ " ، قال : أمي . فقال عليه الصلاة و السلام : " فاسأل الله في برها ، فإذا فعلتَ ذلك فأنت حاجٌّ ومعتمرومجاهد " رواه الطبراني . وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد ، فقال صلى الله عليه وسلم : " أحي والداك؟ " . قال : نعم. قال صلى الله عليه وسلم : " ففيهما فجاهد " رواه مسلم . وأقبل رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد ؛ أبتغي الأجر من الله ، فقال صلى الله عليه وسلم : " فهل منوالديك أحد حي؟ ". قال : نعم ، بل كلاهما. فقال صلى الله عليه وسلم : " فتبتغي الأجر منالله؟ ". فقال : نعم . قال صلى الله عليه وسلم : " فارجع إلى والديك ، فأَحْسِنْصُحْبَتَهُما " رواه مسلم.
الفوز ببرِّ الأبناء : إذا كان المسلم بارًّا بوالديه محسنًا إليهما ، فإن الله تعالى سوف يرزقه أولادًا يكونون بارين محسنين له ، كما كان يفعل هو مع والديه ، روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " بِرُّوا آباءكمتَبرُّكم أبناؤكم ، وعِفُّوا تَعِفُّ نساؤكم " رواه الطبراني والحاكم.
الوالدانالمشركان:
كان سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه بارًّا بأمه ، فلما أسلم قالت له أمه : يا سعد ، ما هذا الذي أراك؟ لتدعن دينك هذا أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت فتُعَير بي ، فيقال : يا قاتل أمه. قال سعد : يا أمه ، لا تفعلي فإني لا أدع ديني هذا لشيء. ومكثت أم سعد يومًا وليلة لا تأكل ولا تشرب حتى اشتد بها الجوع ، فقال لها سعد : تعلمين والله لو كان لك مائة نَفْس فخرجت نَفْسًا نَفْسًا ما تركتُ ديني هذا لشيء ، فإن شئتِ فكُلِي ، وإن شئتِ فلا تأكلي . فلما رأت إصراره على التمسك بالإسلام أكلت. ونزل يؤيده قول الله تعالى : {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَبِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الْدُنْيَا مَعْرُوفًا} لقمان : 15. وهكذا يأمرنا الإسلام بالبر بالوالدين حتى وإن كانا مشركين.
وتقول السيدة أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها : قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستفتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قلت : إن أمي قَدِمَتْ وهي راغبة - أي طامعة فيما عندي من بر- أفَأَصِلُ أمي؟ فقال صلى الله عليه وسلم : " نعم ، صلي أمَّكِ " متفق عليه .
عقوق الوالدين:
حذَّر الله تعالى المسلم من عقوق الوالدين ، وعدم طاعتهما ، وإهمال حقهما ، وفعل ما لا يرضيهما أو إيذائهما ولو بكلمة أف أو بنظرة ، يقول تعالى : {فَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفٍ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا} الإسراء : 23. ولا يدخل عليهما الحزن ولو بأي سبب ؛ لأن إدخال الحزن على الوالدين عقوق لهما ، وقد قال الإمام علي رضي الله عنه : مَنْ أحزن والديه فقد عَقَّهُمَا.
جزاءالعقوق:
عدَّ النبي صلى الله عليه وسلم عقوق الوالدين من كبائر الذنوب ، بل من أكبر الكبائر، وجمع بينه وبين الشرك بالله ، فقال صلى الله عليه وسلم : " ألا أنبئكمبأكبر الكبائر: الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين... " متفق عليه. والله تعالى يعَجِّل عقوبة العاقِّ لوالديه في الدنيا ، قال صلى الله عليه وسلم : " كل الذنوبيؤخِّر الله منها ما شاء إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين ، فإن الله يعجله لصاحبهفي الحياة قبل الممات " رواه البخاري .
منقــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــول
يحكي لنا النبي صلى الله عليه وسلم قصة ثلاثة رجال اضطروا إلى أن يبيتوا ليلتهم في غارٍ، فانحدرت صخرة من الجبل ؛ فسدت عليهم باب الغار، فأخذ كل واحد منهم يدعو الله ويتوسل إليه بأحسن الأعمال التي عملها في الدنيا ؛ حتى يفرِّج الله عنهم ما هم فيه ، فقال أحدهم: اللهم إنه كان لي أبوان شيخان كبيران ، وكنت أحضر لهما اللبن كل ليلة ليشربا قبل أن يشرب أحد من أولادي ، وتأخرت عنهما ذات ليلة ، فوجدتُهما نائمين فكرهت أن أوقظهما أو أعطي أحدًا من أولادي قبلهما ، فظللت واقفًا وقدح اللبن في يدي أنتظر استيقاظهما حتى طلع الفجر، وأولادي يبكون من شدة الجوع عند قدمي حتى استيقظ والدي وشربا اللبن ، اللهم إن كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاء وجهك ففرِّج عنا ما نحن فيه ، فانفرجت الصخرة ، وخرج الثلاثة من الغار - القصة مأخوذة من حديث متفق عليه .
ما هو برالوالدين؟
بر الوالدين هو الإحسان إليهما ، وطاعتهما ، وفعل الخيرات لهما ، وقد جعل الله للوالدين منزلة عظيمة لا تعدلها منزلة ، فجعل برهما والإحسان إليهما والعمل على رضاهما فرض عظيم ، وذكره بعد الأمر بعبادته فقال جلَّ شأنه : { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } الإسراء : 23 ، وقال تعالى : { وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } النساء 36 ، وقال تعالى : { وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ } لقمان : 14.
بر الوالدين بعد موتهما:
فالمسلم يبر والديه في حياتهما، ويبرهما بعد موتهما ؛ بأن يدعو لهما بالرحمة والمغفرة ، وينَفِّذَ عهدهما ويكرمَ أصدقاءهما. يحكي أن رجلا من بني سلمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله صلى الله عليه و سلم ، هل بقي من بر أبوي شيء أبرُّهما به من بعد موتهما؟ قال : " نعم، الصلاةعليهما والاستغفار لهما، وإيفاءٌ بعهودهما من بعد موتهما، وإكرامصديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما " ابن ماجه. وحثَّ الله كلَّ مسلم على الإكثار من الدعاء لوالديه في معظم الأوقات ، فقال: { رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ } إبراهيم : 41 ، وقال : { رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ } نوح 28.
فضل برالوالدين:
بر الوالدين له فضل عظيم ، وأجر كبير عند الله سبحانه ، فقد جعل الله بر الوالدين من أعظم الأعمال وأحبها إليه ، فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم : أي العمل أحب إلى الله؟ قال : " الصلاة على وقتها " . قال : ثم أي؟ قال : " ثم برالوالدين ". قال : ثم أي؟ قال : " الجهاد في سبيل الله " - متفق عليه.
من فضائل برالوالدين:
رضا الوالدين من رضا الله : المسلم يسعى دائمًا إلى رضا والديه ؛ حتى ينال رضا ربه ، ويتجنب إغضابهما، حتى لا يغضب الله. قال صلى الله عليه وسلم : " رضاالرب في رضا الوالد ، وسخط الرب في سخط الوالد " رواه الترمذي ، وقال صلى الله عليه وسلم: " من أرضى والديه فقد أرضى الله ، ومن أسخط والديه فقد أسخط الله " رواه البخاري.
الجنة تحت أقدام الأمهات : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يريد الجهاد ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع ويبر أمه ، فأعاد الرجل رغبته في الجهاد ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع ويبر أمه. وفي المرة الثالثة ، قال له النبي صلى الله عليه وسلم : " ويحك ! الزم رِجْلَهَا فثم الجنة " رواه ابن ماجه.
الفوز بمنزلة المجاهد : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أشتهي الجهاد ، ولا أقدر عليه. فقال صلى الله عليه وسلم : " هل بقي من والديكأحد؟ " ، قال : أمي . فقال عليه الصلاة و السلام : " فاسأل الله في برها ، فإذا فعلتَ ذلك فأنت حاجٌّ ومعتمرومجاهد " رواه الطبراني . وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد ، فقال صلى الله عليه وسلم : " أحي والداك؟ " . قال : نعم. قال صلى الله عليه وسلم : " ففيهما فجاهد " رواه مسلم . وأقبل رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد ؛ أبتغي الأجر من الله ، فقال صلى الله عليه وسلم : " فهل منوالديك أحد حي؟ ". قال : نعم ، بل كلاهما. فقال صلى الله عليه وسلم : " فتبتغي الأجر منالله؟ ". فقال : نعم . قال صلى الله عليه وسلم : " فارجع إلى والديك ، فأَحْسِنْصُحْبَتَهُما " رواه مسلم.
الفوز ببرِّ الأبناء : إذا كان المسلم بارًّا بوالديه محسنًا إليهما ، فإن الله تعالى سوف يرزقه أولادًا يكونون بارين محسنين له ، كما كان يفعل هو مع والديه ، روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " بِرُّوا آباءكمتَبرُّكم أبناؤكم ، وعِفُّوا تَعِفُّ نساؤكم " رواه الطبراني والحاكم.
الوالدانالمشركان:
كان سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه بارًّا بأمه ، فلما أسلم قالت له أمه : يا سعد ، ما هذا الذي أراك؟ لتدعن دينك هذا أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت فتُعَير بي ، فيقال : يا قاتل أمه. قال سعد : يا أمه ، لا تفعلي فإني لا أدع ديني هذا لشيء. ومكثت أم سعد يومًا وليلة لا تأكل ولا تشرب حتى اشتد بها الجوع ، فقال لها سعد : تعلمين والله لو كان لك مائة نَفْس فخرجت نَفْسًا نَفْسًا ما تركتُ ديني هذا لشيء ، فإن شئتِ فكُلِي ، وإن شئتِ فلا تأكلي . فلما رأت إصراره على التمسك بالإسلام أكلت. ونزل يؤيده قول الله تعالى : {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَبِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الْدُنْيَا مَعْرُوفًا} لقمان : 15. وهكذا يأمرنا الإسلام بالبر بالوالدين حتى وإن كانا مشركين.
وتقول السيدة أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها : قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستفتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قلت : إن أمي قَدِمَتْ وهي راغبة - أي طامعة فيما عندي من بر- أفَأَصِلُ أمي؟ فقال صلى الله عليه وسلم : " نعم ، صلي أمَّكِ " متفق عليه .
عقوق الوالدين:
حذَّر الله تعالى المسلم من عقوق الوالدين ، وعدم طاعتهما ، وإهمال حقهما ، وفعل ما لا يرضيهما أو إيذائهما ولو بكلمة أف أو بنظرة ، يقول تعالى : {فَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفٍ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا} الإسراء : 23. ولا يدخل عليهما الحزن ولو بأي سبب ؛ لأن إدخال الحزن على الوالدين عقوق لهما ، وقد قال الإمام علي رضي الله عنه : مَنْ أحزن والديه فقد عَقَّهُمَا.
جزاءالعقوق:
عدَّ النبي صلى الله عليه وسلم عقوق الوالدين من كبائر الذنوب ، بل من أكبر الكبائر، وجمع بينه وبين الشرك بالله ، فقال صلى الله عليه وسلم : " ألا أنبئكمبأكبر الكبائر: الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين... " متفق عليه. والله تعالى يعَجِّل عقوبة العاقِّ لوالديه في الدنيا ، قال صلى الله عليه وسلم : " كل الذنوبيؤخِّر الله منها ما شاء إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين ، فإن الله يعجله لصاحبهفي الحياة قبل الممات " رواه البخاري .
منقــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــول