يضبط نحو ثلاثة مليارات من البشر عقارب
ساعاتهم على الثانية بتوقيت غرينتش زوال هذا الجمعة (15.00 بتوقيت
الجزائر) لمواكبة ضربة انطلاق الحدث العالمي الأبرز الذي ينتظره الكون كل
أربع سنوات، ويتعلق الأمر بكأس العالم الـ19 لكرة القدم بجوهانسبورغ التي
يشارك فيها 32 منتخبا بينها الجزائر، وسيُرفع ستار التظاهرة التي تحتضنها
القارة السمراء للمرة الأولى منذ 80 عاما باللقاء الافتتاحي الواعد بين
البلد المنظم جنوب إفريقيا والمكسيك في ملعب “سوكر سيتي” برسم المجموعة
الأولى التي تضم أيضا فرنسا والأوروغواي.
ولأول وهلة، تبرز قيمة هذه الظاهرة
الكروية العالمية التي تجتاح البيوت وسائر الفضاءات عبر القارات الخمس على
مدار شهر كامل، إلى درجة يجزم معها مراقبون أنّ الكأس العالمية نجحت في
تحقيق ما عجزت عنه منظمة الأمم المتحدة، من خلال تقريبها بين الشعوب،
وترسيخ العرس المونديالي لقيمة العالم الواحد المتوحد الذي تتوطد عراه مرة
كل أربعة أعوام، كقوس قزح واحد.
افتتاح استثنائي بكل المقاييس
يترقب الجميع حفل افتتاح دورة جنوب
إفريقيا بشغف بالغ، تبعا لانطواء الحدث على قدر هام من الاستثنائية، حيث
سيكون رفع الستائر هذا الحفل الموسيقي بملعب “أورلاندو ستاديوم” وسط ضاحية
سويتو بجوهانسبورغ، على إيقاع 90 ألف من آلات الفوفوزيلا الموسيقية
الشهيرة في هذا البلد.
وينتظر أن يحضر الافتتاح الذي سيتم نقله
مباشرة إلى العالم بأسره، ما يربو عن الخمسين رئيسا وزعيما عالميا،
غالبيتهم من الرؤساء الأفارقة، كما ينتظر أن يحضر المباراة 11 ألفا آخرين
من كبار الشخصيات، بيد أنّ الأضواء ستسلط على الرجل الرمز نيلسون مانديلا
(91 عاما) الرئيس السابق لجنوب أفريقيا والذي قضى 27 عاما في السجن.
ولأول مرة أيضاً ستشارك مطربة عربية
الأصل في حفل افتتاح كأس العالم، ويتعلق الأمر بشاكيرا الكولومبية الجنسية
اللبنانية الأصل، التي ستؤدي أغنية “واكا واكا”، كما سيشارك عدد من النجوم
الفنية العالمية اللامعة، على غرار النجمة الأميركية إليسا كيس وجون
ليجيند وفريق بلاك أيد بيس، فضلا عن ملكة جمال كأس العالم، وهي
الأرجنتينية “جنيفر شيرمان” (22 سنة)، علما أنّ مغني الأوبرا الجنوب
إفريقي “سيفيوو نتشيبي” الذي رحل قبل عشرة أيام، سيكون أبرز الغائبين عن
الافتتاح.
جنوب إفريقيا والتحدي المضاعف
بعد سنوات طويلة من المحنة التي كابدتها،
رفعت جنوب إفريقيا تحديا مضاعفا إثر ترشحها لاحتضان كأس العالم 2010، في
فصل جديد تراهن من خلاله بلاد المناجم والماس والذهب، على قلب صفحة الجراح
نهائيا وتوظيف الكرة لتكريس مزيد من التلاحم بين أعراقها الخمسة عشر، بعد
15 عاما من انتهاء حقبة التمييز العنصري.
وعشية افتتاح المنافسة، يجمع خبراء
ومتتبعون على أنّ جنوب إفريقيا التي اكتشفها الرحّالة البرتغالي
“بارتولوميو دياس” قبل 522 سنة وما زالت الكهرباء لم تصل إلى بعض نواحيها
إلى الآن، أفلحت في كسب الشق الأول من الرهان بتخطيها مرحلتي الشك والقلق
اللذين طالما خيّما عليها خلال الأربع سنوات الأخيرة، وسط تشكيك أوروبي في
مقدرة بلد البافانا بافانا في خلافة ألمانيا بامتياز.
لكن سلطات جنوب إفريقيا حققت المطلوب من
خلال وضعها آخر رتوشات أكبر حدث رياضي تشهده إفريقيا، ويأمل مختصون أن
يعمّق الموعد المونديالي الوحدة الوطنية هناك، بعد قطع جنوب إفريقيا
أشواطا جبّارة منذ إنهاء حكم الأبارتايد، من خلال فوزها كأس العالم
للروغبي (1995)، كأس إفريقيا لكرة القدم (1996)، وتأهلها المتتالي إلى كأس
العالم (1998)، (2002) و(2010)، فضلا عن تنظيمها المثالي لكأس القارات
(2009).
ويرى “داني جوردان” رئيس اللجنة المنظمة
لنهائيات كأس العالم، أنّ النجاح المرتقب لجنوب إفريقيا في استضافة
البطولة العالمية لأكثر الرياضات شعبية، سيشكّل نقطة بداية جديدة في بلد
متعدد الأعراق ومؤشر على وصول الأخير إلى مرحلة النضج والتقريب بين الناس
وإنشاء علاقة من الوحدة والفخر الوطني، خصوصا إذا ما نجح منتخب (الأولاد)
في إحراز الكأس العالمية أو الوصول إلى دور متقدم.
واللافت أنّ كأس العالم عززت بصورة كبيرة
من الحراك الاقتصادي في جنوب إفريقيا، حيث كان البلد عنوانا كبيرا لأعمال
الإنشاء في مجالات بناء الطرق والسكك الحديدية والملاعب، فضلا عن الانتعاش
المحتمل لمنظومة السياحة بمناسبة المونديال، بما يعدّ نقطة مضيئة أعقبت
فترة ركود عاشها الاقتصاد المحلي منذ نحو عقدين.
تطلعات الكبار في مواجهة أحلام الصغار
كالعادة، ستكون المنتخبات الكبيرة مثل
البرازيل، إيطاليا، ألمانيا، الأرجنتين، إنجلترا وإسبانيا، المرشحة بقوة
للعب الأدوار الأولى في هذه الكأس الـ19، بيد أنّ حسابات أبناء السامبا
والأزوري والمانشافت والأسود الثلاثة، قد تصطدم بقوى كروية لا تقل شأنا
كهولندا، البرتغال، الدانمارك، وبدرجة أقل فرنسا، الأوروغواي، الباراغواي
والولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى منتخبات اليابان، الكاميرون، وكوت
ديفوار رغم تواجد منتخب الفيلة في مجموعة الموت.
وتبدو منتخبات الجزائر، كوريا الجنوبية،
سلوفينيا، غانا وسويسرا مؤهلة لتفجير مفاجآت، ولعب دور الحصان الأسود في
البطولة، فيما يعوّل منتخب جنوب إفريقيا على حيوية شبابه وعاملي الميدان
والجمهور لتخطي عقبة مجموعته النارية والتنافس على مكانة تحت الشمس، حتى
وإن كانت المأمورية تلوح صعبة، لكنها ليست مستحيلة.
النظام المتبّع في دورة كأس العالم
سيكون النظام المتبّع في كأس العالم بجنوب إفريقيا على الشكل التالي:
- في الدور الأول توزع المنتخبات الـ32
المشاركة على 8 مجموعات تضم كل منها 4 منتخبات، على أن يتأهل الأول
والثاني عن كل مجموعة إلى الثمن نهائي.
- يخوض كل منتخب 3 مباريات برسم دور المجموعات، ينال الفائز 3 نقاط، والمنهزم لا شيئ، فيما يحصد كل منتخب نقطة واحدة عن كل تعادل.
- في حال تساوي منتخبين أو أكثر بالنقاط يتم الحسم بالاحتمالات الست التالية:
أ – الفارق العام للأهداف
ب – عدد الأهداف المسجلة
ج – عدد النقاط المسجلة في المواجهات المباشرة
د – فارق الأهداف في المواجهات المباشرة
ه – عدد الأهداف المسجلة في المواجهات المباشرة
و – سحب القرعة
- اعتبارا من الدور ثمن النهائي وإلى
غاية اللقاء النهائي، يتم الاحتكام في حال التعادل في الوقت الأصلي، إلى
شوطين إضافيين، مدة كل واحد منهما 15 دقيقة، وفي حال استمرار التعادل، يتم
حسم الموقف بضربات الجزاء.