جاء الإسلام والمرأة في وضع لا تحسد عليه، حيث كان من
عادات الجاهلية البالية النظر إلى المرأة على أنها مجرد متاع، لا كيان لها
ولا اعتبار، بل كانوا ينظرون إليها على أنها عار، ينبغي التخلص منه عاجلاً
غير آجل، ومن هنا دفنوها وهي حية؛ مخافة أن يتحدث الناس عنهم.
وكان من جملة ما كانت عليه الجاهلية، أن تورَث المرأة كما يُورَث
المتاع، حتى إذا جاء الإسلام أعاد الوضع إلى نصابه، فأعطى المرأة حقها، ورد
إليها كرامتها.
بهذا الخصوص نقرأ قوله سبحانه: { يا أيها الذين
آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما
آتيتموهن } (النساء:19). حول سبب نزول هذه الآية، نقف على ما ورد
بشأنها من روايات.
أولاً: روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كانوا إذا مات
الرجل، كان أولياؤه أحق بامرأته؛ إن شاء بعضهم تزوجها، وإن شاؤوا زوجوها،
وإن شاؤوا لم يزوجوها، فهم أحق بها من أهلها. فنزلت هذه الآية في ذلك. وهذا
أصح ما جاء في سبب نزول هذه الآية.
ثانياً: روى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضاً، قال: { لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها... } الآية، وذلك
أن الرجل كان يرث امرأة ذي قرابته، فيمسكها حتى تموت، أو ترد إليه صداقها.
فأحكم الله عن ذلك. أي: نهى عن ذلك.
ثالثاً: روى الطبري بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كانت المرأة في
الجاهلية إذا تُوفِّي عنها زوجها، فجاء رجل فألقى عليها ثوبًا، كان أحق
بها، فنزلت الآية. فقوله: ألقى عليها ثوباً، مجاز للدلالة على أن المرأة
أصبحت ملكاً له، يتصرف بها كما يتصرف في أي متاع يملكه.
رابعاً: روى الطبري و ابن أبي حاتم بسند حسن عن
أبي أمامة بن سهل بن حنيف ، قال: لما توفي
أبو قيس بن الأسلت ، أراد ابنه أن يتزوج امرأته، وكان لهم ذلك في
الجاهلية، فأنزل الله: { لا يحل لكم أن ترثوا النساء
كرها }. وعند الطبراني من حديث عدي بن ثابت عن رجل من الأنصار، قال: توفي أبو قيس بن الأسلت ، وكان من صالحي الأنصار، فخطب
ابنه قيس امرأته، فقالت: إنما أعدك ولداً،
وأنت من صالحي قومك، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرته، فقال: ارجعي إلى بيتك ، فنزلت هذه الآية.
خامساً: روى ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم قال: كان أهل يثرب إذا مات الرجل منهم
في الجاهلية ورث امرأته من يرث ماله، وكان يمنعها حتى يرثها، أو يزوجها من
أراد، وكان أهل تُهامة يُسِيء الرجل صحبة المرأة حتى يطلقها، ويشترط عليها
أن لا تنكح إلا من أراد حتى تفتدي منه ببعض ما أعطاها، فنهى الله المؤمنين
عن ذلك.
سادساً: روى الطبري عن عطاء ، أن أهل الجاهلية كانوا إذا هَلَك الرجل،
وترك امرأة، حبسها أهله على الصبي يكون فيهم، فنزلت الآية. وفي رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما: فإن كانت جميلة تزوجها،
وإن كانت دميمة حبسها حتى تموت، فيرثها.
سابعاً: وروى السدي عن أبي مالك ، قال: كانت المرأة في الجاهلية إذا مات
زوجها، جاء وليه فألقى عليها ثوباً، فإن كان له ابن صغير أو أخ حبسها حتى
يَشبَّ، أو تموت فيرثها، فإن هي لجأت إلى أهلها، ولم يلقِ عليها ثوباً نجت
فأنزل الله الآية.
ثامناً: روى ابن أبي حاتم عن مجاهد ، قال: كان الرجل يكون في حجره اليتيمة، هو
يلي أمرها، فيحبسها رجاء أن تموت امرأته، فيتزوجها أو يزوجها ابنه. ونحو
هذا مروي عن الشعبي ، و
عطاء ، و الزهري ، وغيرهم.
تاسعاً: روي عن مجاهد ، و السدي ، و الزهري ،
قالوا: كان الابن الأكبر أحق بزوج أبيه، إذا لم تكن أمه، فإن لم يكن أبناء
فوليُّ الميت، إذا سبق فألقى على امرأة الميت ثوبه، فهو أحق بها، وإن سبقته
فذهبت إلى أهلها كانت أحق بنفسها. قال ابن عطية :
وكانت هذه السيرة لازمة في الأنصار، وكانت في قريش مباحة مع التراضي.
عاشراً: ذكر القرطبي في أثناء حديثه عن
سبب نزول هذه الآية، قال: وقيل: كان يكون عند الرجل عجوز، ونفسه تتوق إلى
الشابة، فيكره فراق العجوز لمالها فيمسكها، ولا يقربها حتى تفتدي منه
بمالها، أو تموت فيرث مالها. فنزلت هذه الآية. وأمر الزوج أن يطلقها إن كره
صحبتها، ولا يمسكها كرها.
حادي عشر: أخرج عبد الرزاق ، و الطبري ، وغيرهما، عن عبد
الرحمن بن البيلماني ، قال: نزلت هاتان الآيتان: { لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن }،
إحداهما: في أمر الجاهلية، والأخرى: في أمر الإسلام. يعني: أن قوله سبحانه:
{ لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها }، نزلت في
أهل الجاهلية. وقوله تعالى: { ولا تعضلوهن }،
نزلت في المسلمين، ناهية إياهم عن إمساك أزواجهم إضراراً بهن، حال كرههن
إياهن.
وهذه الروايات بمجموعها، على الرغم من اختلاف ألفاظها، تبين أن
المقصود من الآية إذهاب ما كان عليه أهل الجاهلية، من جَعْل النساء كالمال
يورثن عن الرجال، كما يورث المال.
وإذا كان سلوك الجاهلية في وراثة المرأة قد أصبح خبراً يُروى، فإن
الإضرار بالمرأة والإساءة إليها أمر لا نعدمه في عصر التقدم، وعصر نصرة
المرأة والدفاع عنها؛ وبالتالي كان النهي والتحذير القرآني متجدداً ومؤكداً
على احترام شخصية المرأة، وأنها ليست سلعة من السلع تباع وتشرى، وإنما هي
شخص ذات كيان مستقل. وأن الموت إذا حال بين الزوج وزوجته فقد انقطعت
العلاقة الزوجية بينهما، إلا ما يثبت من أحكام تتعلق بالموت، كالإرث
المالي، والعدة، ولم يكن للورثة بحال سبيل على الزوجة.
وما يهمنا بهذا الخصوص، أن الإسلام احترم شخصية المرأة، وجعلها شقيقة
للرجل، ولم يقبل بحال أن تُعامل كأي سلعة أو متاع يمتلكه الإنسان، ويتصرف
فيه كيف شاء، ومتى شاء، وأنى شاء. وأن الرجل إذا كره زوجته، أو المرأة كرهت
زوجها، كان على الرجل أن يسرح زوجته بإحسان، ولا يمسكها وهو كاره لها،
إضراراً بها، فإن ذلك مما يتنافى مع المقاصد التي شُرع الزواج لأجلها.
عادات الجاهلية البالية النظر إلى المرأة على أنها مجرد متاع، لا كيان لها
ولا اعتبار، بل كانوا ينظرون إليها على أنها عار، ينبغي التخلص منه عاجلاً
غير آجل، ومن هنا دفنوها وهي حية؛ مخافة أن يتحدث الناس عنهم.
وكان من جملة ما كانت عليه الجاهلية، أن تورَث المرأة كما يُورَث
المتاع، حتى إذا جاء الإسلام أعاد الوضع إلى نصابه، فأعطى المرأة حقها، ورد
إليها كرامتها.
بهذا الخصوص نقرأ قوله سبحانه: { يا أيها الذين
آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما
آتيتموهن } (النساء:19). حول سبب نزول هذه الآية، نقف على ما ورد
بشأنها من روايات.
أولاً: روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كانوا إذا مات
الرجل، كان أولياؤه أحق بامرأته؛ إن شاء بعضهم تزوجها، وإن شاؤوا زوجوها،
وإن شاؤوا لم يزوجوها، فهم أحق بها من أهلها. فنزلت هذه الآية في ذلك. وهذا
أصح ما جاء في سبب نزول هذه الآية.
ثانياً: روى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضاً، قال: { لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها... } الآية، وذلك
أن الرجل كان يرث امرأة ذي قرابته، فيمسكها حتى تموت، أو ترد إليه صداقها.
فأحكم الله عن ذلك. أي: نهى عن ذلك.
ثالثاً: روى الطبري بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كانت المرأة في
الجاهلية إذا تُوفِّي عنها زوجها، فجاء رجل فألقى عليها ثوبًا، كان أحق
بها، فنزلت الآية. فقوله: ألقى عليها ثوباً، مجاز للدلالة على أن المرأة
أصبحت ملكاً له، يتصرف بها كما يتصرف في أي متاع يملكه.
رابعاً: روى الطبري و ابن أبي حاتم بسند حسن عن
أبي أمامة بن سهل بن حنيف ، قال: لما توفي
أبو قيس بن الأسلت ، أراد ابنه أن يتزوج امرأته، وكان لهم ذلك في
الجاهلية، فأنزل الله: { لا يحل لكم أن ترثوا النساء
كرها }. وعند الطبراني من حديث عدي بن ثابت عن رجل من الأنصار، قال: توفي أبو قيس بن الأسلت ، وكان من صالحي الأنصار، فخطب
ابنه قيس امرأته، فقالت: إنما أعدك ولداً،
وأنت من صالحي قومك، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرته، فقال: ارجعي إلى بيتك ، فنزلت هذه الآية.
خامساً: روى ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم قال: كان أهل يثرب إذا مات الرجل منهم
في الجاهلية ورث امرأته من يرث ماله، وكان يمنعها حتى يرثها، أو يزوجها من
أراد، وكان أهل تُهامة يُسِيء الرجل صحبة المرأة حتى يطلقها، ويشترط عليها
أن لا تنكح إلا من أراد حتى تفتدي منه ببعض ما أعطاها، فنهى الله المؤمنين
عن ذلك.
سادساً: روى الطبري عن عطاء ، أن أهل الجاهلية كانوا إذا هَلَك الرجل،
وترك امرأة، حبسها أهله على الصبي يكون فيهم، فنزلت الآية. وفي رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما: فإن كانت جميلة تزوجها،
وإن كانت دميمة حبسها حتى تموت، فيرثها.
سابعاً: وروى السدي عن أبي مالك ، قال: كانت المرأة في الجاهلية إذا مات
زوجها، جاء وليه فألقى عليها ثوباً، فإن كان له ابن صغير أو أخ حبسها حتى
يَشبَّ، أو تموت فيرثها، فإن هي لجأت إلى أهلها، ولم يلقِ عليها ثوباً نجت
فأنزل الله الآية.
ثامناً: روى ابن أبي حاتم عن مجاهد ، قال: كان الرجل يكون في حجره اليتيمة، هو
يلي أمرها، فيحبسها رجاء أن تموت امرأته، فيتزوجها أو يزوجها ابنه. ونحو
هذا مروي عن الشعبي ، و
عطاء ، و الزهري ، وغيرهم.
تاسعاً: روي عن مجاهد ، و السدي ، و الزهري ،
قالوا: كان الابن الأكبر أحق بزوج أبيه، إذا لم تكن أمه، فإن لم يكن أبناء
فوليُّ الميت، إذا سبق فألقى على امرأة الميت ثوبه، فهو أحق بها، وإن سبقته
فذهبت إلى أهلها كانت أحق بنفسها. قال ابن عطية :
وكانت هذه السيرة لازمة في الأنصار، وكانت في قريش مباحة مع التراضي.
عاشراً: ذكر القرطبي في أثناء حديثه عن
سبب نزول هذه الآية، قال: وقيل: كان يكون عند الرجل عجوز، ونفسه تتوق إلى
الشابة، فيكره فراق العجوز لمالها فيمسكها، ولا يقربها حتى تفتدي منه
بمالها، أو تموت فيرث مالها. فنزلت هذه الآية. وأمر الزوج أن يطلقها إن كره
صحبتها، ولا يمسكها كرها.
حادي عشر: أخرج عبد الرزاق ، و الطبري ، وغيرهما، عن عبد
الرحمن بن البيلماني ، قال: نزلت هاتان الآيتان: { لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن }،
إحداهما: في أمر الجاهلية، والأخرى: في أمر الإسلام. يعني: أن قوله سبحانه:
{ لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها }، نزلت في
أهل الجاهلية. وقوله تعالى: { ولا تعضلوهن }،
نزلت في المسلمين، ناهية إياهم عن إمساك أزواجهم إضراراً بهن، حال كرههن
إياهن.
وهذه الروايات بمجموعها، على الرغم من اختلاف ألفاظها، تبين أن
المقصود من الآية إذهاب ما كان عليه أهل الجاهلية، من جَعْل النساء كالمال
يورثن عن الرجال، كما يورث المال.
وإذا كان سلوك الجاهلية في وراثة المرأة قد أصبح خبراً يُروى، فإن
الإضرار بالمرأة والإساءة إليها أمر لا نعدمه في عصر التقدم، وعصر نصرة
المرأة والدفاع عنها؛ وبالتالي كان النهي والتحذير القرآني متجدداً ومؤكداً
على احترام شخصية المرأة، وأنها ليست سلعة من السلع تباع وتشرى، وإنما هي
شخص ذات كيان مستقل. وأن الموت إذا حال بين الزوج وزوجته فقد انقطعت
العلاقة الزوجية بينهما، إلا ما يثبت من أحكام تتعلق بالموت، كالإرث
المالي، والعدة، ولم يكن للورثة بحال سبيل على الزوجة.
وما يهمنا بهذا الخصوص، أن الإسلام احترم شخصية المرأة، وجعلها شقيقة
للرجل، ولم يقبل بحال أن تُعامل كأي سلعة أو متاع يمتلكه الإنسان، ويتصرف
فيه كيف شاء، ومتى شاء، وأنى شاء. وأن الرجل إذا كره زوجته، أو المرأة كرهت
زوجها، كان على الرجل أن يسرح زوجته بإحسان، ولا يمسكها وهو كاره لها،
إضراراً بها، فإن ذلك مما يتنافى مع المقاصد التي شُرع الزواج لأجلها.