تباينت آراء المختصين ومختلف وسائل الإعلام بعد أن صار بقاء سعدان على رأس المنتخب الوطني وشيكا
إن لم نقل أكيدا، فطل علينا مختصون ولاعبون سابقون في صفحات العديد من
الجرائد وهم يهلّلون لبقائه حفاظا على الإستقرار الذي يرغب في إحداثه رئيس
“الفاف” محمد روراوة. وطل علينا أخصائيون ولاعبون سابقون أيضا وهم يشجبون
قرار إبقائه ويطالبون بتغييره وطاقمه الفني سريعا بحجة أنه لم يحقق شيئا،
وطلّت جرائد تهلّل لبقائه ولبقاء مصادرها الإخبارية وطلت جرائد أخرى تصر
على إحداث التغيير حتى تتحسّن نتائج المنتخب ويتحسن مردوده مستقبلا، وفي
النهاية يقترب روراوة من حسم الأمور نحو الإبقاء على سعدان وربما حاشيته
معه، لا يهم ذلك بقدر ما تهم أهداف الرجل الأول على رأس الكرة الجزائرية
من وراء إتخاذ هذا القرار، فهل كانت لهذا الرجل رؤية جيدة للمستقبل حتى
يقدم على خطوة كهذه؟ أم أنه سدّ الطريق في وجه ماجر وغيره من المحليين
الذين ينتظرون فرصتهم مثلما كانت لـ سعدان فرصه؟
الأجنبي أو المحلي.. المهم تحضير المونديال القادم من الآن
ولم
يكن من نادوا بتغيير الطاقم الفني للمنتخب الوطني يهدفون إلى التشويش على
سعدان أو غيره أو على المنتخب بل هدفهم كان تحسين صورة المنتخب الذي ظهر
بوجه محتشم في نهائيات كأس العالم الأخيرة وعجز عن الوصول إلى شباك
المنافسين ولو لمرة واحدة، فراحت أطراف من المختصين تنادي بوضع الثقة في
المدرب الأجنبي بالنظر للكفاءة التي يتميز بها بينما راح البعض الآخر
ينادي بمنح الثقة لمدرب محلي جديد وطاقم محلي جديد معه لمساعدته في مهامه
بالنظر إلى كفاءتهم هم أيضا، لتغيير الأوضاع داخل المنتخب والعمل على
معالجة الداء الذي جعل المنتخب يكتفي بالقليل في جنوب إفريقيا، والهدف من
وراء المطالبة بإحداث التغيير أيضا يكمن في تحضير منتخبنا الوطني لكأس
العالم 2014 بالبرازيل وليس لكأس إفريقيا 2012 التي ستقام في الغابون
وغينيا الإستوائية.
فشل سعدان في 2012 يجعل التغيير يومها غير صالح
ويُشاع
حاليا أن روراوة وخلال مكالماته الهاتفية تحدث مع سعدان عن تمديد العقد
إلى غاية 2012 أي إلى غاية نهائيات كأس إفريقيا التي ستقام في الغابون
وغينيا الاستوائية، في إنتظار ترسيم ذلك الإتفاق خلال الجلسة التي
ستجمعهما بعد عودة روراوة من جنوب إفريقيا، ونجاحه في تلك الدورة يعني
مواصلة المشوار وتمديد العقد لأمد غير محدد وفشله يعني التغيير والتحول
إلى مدرب آخر يحضّر المنتخب للمونديال، وهو التغيير الذي لن يكون يومها في
محله لأن الوقت سيكون ضيقا لتحضير المنتخب لنهائيات كأس إفريقيا 2013
ومونديال 2014، وقد يجد روراوة يومها نفسه في حال فشل سعدان في مهمته
مجبرا على إتخاذ قرارات عشوائية لن تجدي المنتخب نفعا، فالتغيير حاليا
سيكون صائبا أفضل من أن ينتظر إلى غاية 2012.
هل سنتوج بكأس إفريقيا 2012؟
لنتحدّث
الآن عن الأهداف لأن سعدان الآن وإن جددت الثقة فيه فهو مطالب بالوصول إلى
الدور النهائي في الغابون والتتويج بالكأس الإفريقية، لأن أي إخفاق في
الوصول إلى منصة التتويج بعد أن وصل “الخضر“ إلى الدور نصف النهائي في
دورة أنغولا سيكون فشلا ذريعا وتراجعا بالنسبة له وللمنتخب الوطني، ولا
يمكننا في أي حال من الأحوال أن نصف الوصول إلى الدور ربع أو نصف النهائي
يومها بالإنجاز ما دام منتخبنا كان قاب قوسين أو أدنى من تنشيط النهائي في
دورة أنغولا 2010، وبالتالي فالضغط صار مفروضا على سعدان من الآن ما دامت
كل المؤشرات توحي بإقترابه من التجديد والبقاء مع حاشيته.
هل هو قادر أولا على كسب ورقة التأهل من المغرب؟
وقبل
أن نتحدث عن ضرورة كسب الرهان في الغابون وغينيا الإستوائية علينا أن
نلتفت فقط لما ينتظر منتخبنا بعد أشهر قليلة من الآن، لأن التصفيات
المؤهلة لكأس إفريقيا المقبلة صارت على الأبواب وإذا سلّمنا بأننا سنتجاوز
عقبة منتخب تانزانيا المغمور أو حتى منتخب إفريقيا الوسطى إذا لم ينسحب،
فهل سيكون من السهل علينا أن نتجاوز عقبة المنتخب المغربي الشقيق
والمتعاقد مؤخرا مع المدرب البلجيكي الكبير “جيراتس” المدرب السابق
لأولمبيك مرسيليا؟ فمن الخطأ أن نعتقد مسبقا أن مهمتنا ستكون سهلة وأن
المغرب لم تعد قادرة على مواكبة نسق الكبار، ومن الخطأ أيضا الإعتقاد بأن
تانزانيا هي الأخرى منتخب سهلا لأن تونس اليوم تندب حظها بعد خسارتها من
بوتسوانا وهي الخسارة التي قد تحرمها من الوصول إلى دور المجموعات ومن
الظهور في الدورة الإفريقية المقبلة أيضا، لذلك فالتحدي الذي سيكون أمام
سعدان هو أن يتجاوز عقبة المغاربة وتلك المجموعة المفخخة قبل أن نتحدث عن
تحدي الوصول إلى منصة التتويج في الغابون، وكلاهما تحديان صعب المنال في
ظل الهجوم العقيم الذي يملكه منتخبنا.
الشعب يريد مدربا يكون في مستوى التحديات
ثم
أن الشعب الجزائري ليس ضدّ سعدان كشخص لأنه يدرك جيدا ما أعطاه هذا الأخير
للمنتخب الوطني، كما أن شعبنا ليس بحاجة إلى من يعطيه دروسا في الوطنية من
طرف أشخاص همّهم الوحيد من وراء دفاعهم على سعدان ومساعديه الحفاظ على
مصادرهم الإخبارية في المنتخب الوطني، بل أن ما يهم شعبنا هو مدرب يكون في
مستوى التحديات التي تنتظر رفاق بوڤرة بداية من سبتمبر القادم، مدرب قادر
على الوصول إلى الغابون والوصول إلى منصة التتويج في الغابون والوصول إلى
المونديال المقبل وتخطي الدور الأول، مدرب يتمكن من السيطرة على الوضع في
المنتخب ويقضي على تمرد اللاعبين، مدرب يتمكن من وضع النقاط على الحروف مع
لاعبيه بفضل الصرامة عوض الاستنجاد بـ روراوة عند كلّ مشكل، هذا ما يريده
الشعب الجزائري في الفترة المستقبلية.
على روراوة التخلّي عن لغة الحسابات
وكان
رئيس “الفاف” روراوة قد أطلّ علينا مؤخرا عبر موقع “أم. بي. سي” بتصريحات
فيها بعض الجديد فيما يخص مستقبل العارضة الفنية للمنتخب الوطني، تصريحات
فيها بعض الحسابات التي كان عليه تفاديها لأنه ظل يركز على عدم أهمية
التعاقد مع مدرب أجنبي قبل 2012 في وقت سيكون من السهل على الجزائر حسبه
الوصول إلى نهائيات كأس إفريقيا 2012 بالغابون وغينيا الاستوائية سواء على
حساب المغرب أو معها كثاني أفضل منتخب، كما أنه زعم بأن الوصول إلى دورة
ليبيا سنة 2013 سيكون سهلا بما أن التأهل سيلعب في مبارتين أمام منافس
متواضع حسبه أيضا، إلى غيرها من الحسابات التي كان عليه تفاديها بما أن
السيولة متوفرة في المنتخب الوطني أكثر من أي وقت مضى وتسمح بجلب كبار
المدربين العالميين للإشراف على هذا المنتخب وقيادته إلى بر الأمان، لأننا
لا نشعر بالأمان حقا مع من عجزوا عن إيجاد حل يقضي على العقم الهجومي غير
العادي الذي تعرفه قاطرتنا الأمامية.