يقع مسجد الكوثر بعاصمة ولاية البليدة، وبالتحديد في ساحة بن مراح المعروفة بساحة التوت الشهيرة، يتربع على مساحة 12000 م2، أو
ما يكفي لاستقطاب أكثر من 12 ألف مصل بالمناسبات الدينية. تأسس في العام
1533 على يد الشيخ سيدي أحمد الكبير الذي وصل المنطقة في القرن السادس عشر
الميلادي، حيث بناه بفضل تبرعات أهل المنطقة من الأندلسيين الذين وطنوها
بعد نكبة الأندلس.
وخلال هذه الفترة تعزز وجود الأندلسيين
بإمرة سيدي الكبير كمجتمع منظم ومتحضّر· وبدأت تظهر النواة الأولى لمدينة
البليدة الحالية حول مسجد سيدي الكبير الذي شيد بساحة أول نوفمبر، أو ساحة
التوت، غير بعيد عن مسجد الكوثر· ونشأت من حول المسجد مرافق أخرى كانت
ضرورية لحياة سكان المدينة كالفرن والحمام وغيرها·· وتوسعت المدينة واستغل
ساكنوها وفرة المياه وخصوبة الأراضي في إنشاء البساتين ونضد الحدائق مما
انعكس في بلورة وعي ثقافي وإسلامي خاص إلى غاية الحقبة الاستعمارية
ومع سقوطها تحت وطأة الاستعمار الفرنسي
عام 1830كان من بين أول من سقط مسجد الكوثر الذي تعرض إلى انتهاك حرمته
وتهديمه، قبل أن بني في مكانه كنيسة للفرنسيين، وظلت إلى ما بعد الاستقلال
حتى سنة 1974 حين قامت السلطات الولائية بالتنسيق مع مفتشية الشؤون الدينية
بولاية البليدة بتهديم الكنيسة وإعادة بناء مسجد الكوثر وتوسيعه، وسمي
بالكوثر، استنادا لما ورد في الأثر الإسلامي، يقول مفتاح شدادي، إمام
المسجد في تصريح له لإذاعة القرآن الكريم:
فتح المسجد رسميا للمصلين سنة 1981 وتعاقب
على مسجد الكوثر كبار الأئمة بالجزائر كالشيخ علي الشرفي، الشيخ الزبير
ومحيي الدين تشاتشان.
كما يوجد بمسجد الكوثر قاعة الصلاة بالطابق العلوي مساحتها حوالي 4000 م2
وتتسـع لـ 8000 مصل، ترتكز على 25 عمودا منها الأعمدة المزدوجة، كما يضم
المسجد بالطابق السفلي مدرسة قرآنية وقاعة المحاضرات تضم 550 مقعدا.
هذا ويتضمن بالمسجد بيوتا للوضوء،
ومكتبتين داخلية وخارجية تحوي كتبا من مختلف المجالات، كما يضم مركزا
ثقافيا إسلاميا، يقول مفتاح شدادي، إمام المسجد:
والزائر لمسجد الكوثر ليلاحظ تقاسيم
الزخرفة الممزوجة بين الطابع المشرقي والطابع والمغربي الأندلسي مما يؤسس
لتزواج فني مدهش ينعكس في مناراته الأربع والنوافذ والأبواب:
وللمحافظة على المسجد وصيانته من التآكل
بادر القائمون عليه منذ العام 2006 في إصلاح مواطئ التلف فيه أو تحسينها،
حيث شملت العملية قبته من الخارج، والآن تتواصل العملية على القبة من جهة
الداخل، بالإضافة إلى ذلك إصلاح سطحه وإعادة صيانة بيوت الوضوء:
تتواصل بمسجد الكوثر النشاطات التعليمية
اليومية من تفسير وفقه والحديث النبوي الكريم، وبمناسبة شهر رمضان تم
الشروع في سرد صحيح البخاري الذي من المنتظر أن يختتم ليلة السابع والعشرين
من شهر رمضان الكريم:
النشاطات في مسجد الكوثر لا تتوقف أبدا
خصوصا في شهر رمضان لما لهذا الشهر من قيمة، حيث تقام دروس ويقرأ فيه الحزب
الراتب يوميا، بالإضافة إلى التناوب على كرسي المسجد الذي يبادر به أساتذة
قبيل صلاة العشاء:
ومن بين ما يتميز به مسجد الكوثر خلال شهر
رمضان، هو الإقبال المتزايد للمصلين خلال فترة أداء صلاة التراويح، ومما
يساعد على ذلك وجد المساحات الكافية للمصلين كي ركنوا سياراتهم بالقرب من
المسجد، إضافة إلى ذلك الشهر التي يتمتع بها محمد برينيس، المعروف بالشيخ
البليدي، مقرأ مسجد الكوثر، الذي يتميز بقراءته الأندلسية المغربية بخلاف
القراءات المشرقية السائدة في أغلب المساجد الجزائرية:
مدرسة قرآنية للاضطلاع بتخفيظ القرآن ومحو الأمية
يحتوي مسجد الكوثر على مدرسة قرآنية تعنى
بتحفظ القرآن، والمتون الفقهية، بالإضافة إلى قسم لمحو الأمية، ففي هذا
يشير كل من جيلالي طوهاري، وفاطمة الزهراء خداوي، معلمي قرآن بالمدرسة إلى
النشاط المتواصل في تنشئة النشأ وفقا ملا تنص عليه الشريعة الإسلامية
السمحاء، مركزان في ذلك على عنصري التحفيظ والمبادئ القرآنية التي تمدهم
بالسلوك الحسن مع الأسرة والزملاء والمواطنين عامة .