محمد ناصر
من يحصل حاليا على متعة مشاهدة مسلسل «ذاكرة الجسد»، بدرجة اكبر؟ هل من سبق له قراءة رواية أحلام مستغانمي ام من لم يقرأها لتتوافر له حاليا متعة اكتشافها عبر الشاشة والغوص في عوالمها الرائعة؟
لا شك ان الفئتين تستمتعان بسحر المسلسل الذي أعاد لنا جمالية وتميزا افتقدناهما في مسلسلاتنا في الاعوام الاخيرة، حيث تقدم لنا «قناة أبوظبي» عملا مختلفا عن السائد أرادت من خلاله تعبيد الطريق لعمل أدبي رفيع ليصل الى مختلف الشرائح عبر المشاهدة التي بالتأكيد جمهورها أضعاف مضاعفة عن القراء، وليتعرف الجميع الى حكاية ثورة وطن ظاهرها وباطنها عشق الارض والانسان والعلاقات المتخاصمة حينا والمتحابة أحيانا.
حكم مبكر
ولكن هل نجح المسلسل النخبوي في طرق باب الشعبية الكبيرة؟
طبعا من المبكر الحكم على هذه الناحية مع مرور اقل من نصف حلقاته، الا ان شعبية الرواية بجميع الاحوال أسست له قاعدة جماهيرية حتى قبل بدء عرض الحلقات، ومع تقديرنا التام لنجوم العمل كان اسم احلام مستغانمي وروايتها دافعا ومحرضا للمشاهدة، هذا أولا.
حنا تكسب الرهان
أما ثانيا وبعد المشاهدة وبدأت تتكشف خيوط التميز حيث استطاعت كاتبة السيناريو ريم حنا الحفاظ على التركيبة المميزة لرواية مستغانمي واعطتها حلولا درامية مكنتها من نقلها للشاشة بكل سلاسة وامانة ونجحت في كسر التحدي الذي كان يقول باستحالة نقل رواية شعرية لتمثيلها على ارض الواقع ونستغرب هنا اشد الاستغراب عدم رضا مستغانمي عن سيناريو ريم حنا والتي نقلت تصريحها المجلات عبر قولها «لن اقول كلمة شكرا لريم حنا».
التخليد البصري
ثالث اركان النجاح كان المخرج نجدت انزور الذي خلد الرواية بصريا عبر استغلال كل ما توافر له من رواية هي الاشهر والاكثر شعبية الى سيناريو متماسك ومبدع فاعطانا عملا اعاد الوهج الى اسمه بعد سلسلة اخفاقات كان يعدنا قبل عرضها بأنها ستكون فتحا في الدراما فتسلح بالصمت اثناء اخراجه «ذاكرة الجسد» ولتكون النتيجة عملا مميزا ظهرت بصمات انزور عليه اثناء مشاهد القتال التي اعتراها بعض القصور.
جمال «الغول»
كما نجح انزور في ادارة الممثلين واختيارهم خاصة مع مغامرته باختيار امل بوشوشة بدور البطولة ورهانه عليها ان اجادت الا ما خلا بعض المشاهد التي وقفت فيها امام غول التمثيل جمال سليمان الذي كاد من فرط ابداعه ان يبتلعها ابتلاعا ولكن من الافضل لو تم الانتباه والحرص على نطقها للغة العربية حيث كانت ترفع المجرور وتكسر المرفوع بطريقة مست هيبة رواية احلام مستغانمي.
التونسي الفلسطيني
ظافر زين العابدين كان اسما على مسمى في العمل فكما وصفه خالد طوبال في المسلسل بأنه لديه شخصية لا تشبه احدا ونبرة صوت ليست كأحد فهو بالفعل كذلك اذ استطاع تملك مشاهده بالكامل ورغم ظهور لكنته التونسية واضحة على لغته العربية الفصحى كونه يؤدي دور مناضل فلسطيني الا انه كان على قائمة المميزين.
اما بالنسبة لجهاد الاندري والذي يؤدي دور «سي مصطفى» فلم يتمكن حتى الآن من تسلم مفاتيح الشخصية وشعرنا بانه لايزال يحاول فك لغزها ولم يستطع.
بطل مواز لا يقل اهمية في «ذاكرة الجسد» كان الموسيقى التصويرية التي جسدت فعلا روح القصة عبر موسيقى شربل روحانا فزادت انكسارات «خالد طوبال» الما واعطت اشراقات «حياة» فرحا، ومن دون مغالاة نستطيع القول ان روحانا اضفى على شاعرية مستغانمي شاعرية اخرى.
الإنتاج السخي
لن ندخل في تفاصيل الرواية، فقد سُطرت لها المجلدات وأفردت لها الصحف والنقاد ما لم تنله رواية في زمنا الحديث، ولكن سنعرج قليلا على الانتاج السخي الذي وفرته «محطة أبوظبي» عبر التصوير في الاماكن الحقيقية للاحداث كفرنسا وقسنطينة والجزائر العاصمة وغرناطة لتكون على قدر مسؤولية حمل الرواية الى الجمهور والعمل على توفير كل ما يخرج بها خالية من الشوائب.
سقوط بيروت
ومع تعالي بعض الاصوات المنتقدة لبطء شاب الاحداث، الا ان المنطق يفرض هذا الامر كون المخرج انزور يتصدى لرواية شعرية ترصد أحداث وطن بكامله ولم يعالج رواية «أكشن ومافيا» ويكفي مشهد موت زياد «واجتياح بيروت» للدلالة على تميزه حين غرق خالد في حزنه لدى سماعه خبر الاذاعة عن «احتراق بيروت» في مقابل التلفزيون الجزائري الذي كان يعرض نشوة الجزائريين بانتصارهم على ألمانيا الغربية في كأس العالم ليصوّر لنا التضاد التام في المشاعر بين فرحة النصر الجزائري ونكسة سقوط مدينة عربية وهي بيروت ويخترق الصمت صوت أحمد قعبور في «أناديكم».
يطول ويطول الكلام عن العمل، فبرغم بعض الآراء التي اعتبرت ان الرواية فشلت عند نقلها الى الشاشة الصغيرة، الا أننا نجد انه عند المقارنة بين «ذاكرة الجسد» الرواية و«ذاكرة الجسد» المسلسل نجد أن الكفة تميل للايجابية، ويبقى القول ان «الرابح الاكبر» في مهرجان دراما رمضان من استمتع بمشاهدة «ذاكرة الجسد» والخاسر الأكبر من لم يظفر بمشاهدته، فليستعد من يرغب في مطالعته مع الاعادات التي ستلي انقضاء الشهر الكريم.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
[/color]من يحصل حاليا على متعة مشاهدة مسلسل «ذاكرة الجسد»، بدرجة اكبر؟ هل من سبق له قراءة رواية أحلام مستغانمي ام من لم يقرأها لتتوافر له حاليا متعة اكتشافها عبر الشاشة والغوص في عوالمها الرائعة؟
لا شك ان الفئتين تستمتعان بسحر المسلسل الذي أعاد لنا جمالية وتميزا افتقدناهما في مسلسلاتنا في الاعوام الاخيرة، حيث تقدم لنا «قناة أبوظبي» عملا مختلفا عن السائد أرادت من خلاله تعبيد الطريق لعمل أدبي رفيع ليصل الى مختلف الشرائح عبر المشاهدة التي بالتأكيد جمهورها أضعاف مضاعفة عن القراء، وليتعرف الجميع الى حكاية ثورة وطن ظاهرها وباطنها عشق الارض والانسان والعلاقات المتخاصمة حينا والمتحابة أحيانا.
حكم مبكر
ولكن هل نجح المسلسل النخبوي في طرق باب الشعبية الكبيرة؟
طبعا من المبكر الحكم على هذه الناحية مع مرور اقل من نصف حلقاته، الا ان شعبية الرواية بجميع الاحوال أسست له قاعدة جماهيرية حتى قبل بدء عرض الحلقات، ومع تقديرنا التام لنجوم العمل كان اسم احلام مستغانمي وروايتها دافعا ومحرضا للمشاهدة، هذا أولا.
حنا تكسب الرهان
أما ثانيا وبعد المشاهدة وبدأت تتكشف خيوط التميز حيث استطاعت كاتبة السيناريو ريم حنا الحفاظ على التركيبة المميزة لرواية مستغانمي واعطتها حلولا درامية مكنتها من نقلها للشاشة بكل سلاسة وامانة ونجحت في كسر التحدي الذي كان يقول باستحالة نقل رواية شعرية لتمثيلها على ارض الواقع ونستغرب هنا اشد الاستغراب عدم رضا مستغانمي عن سيناريو ريم حنا والتي نقلت تصريحها المجلات عبر قولها «لن اقول كلمة شكرا لريم حنا».
التخليد البصري
ثالث اركان النجاح كان المخرج نجدت انزور الذي خلد الرواية بصريا عبر استغلال كل ما توافر له من رواية هي الاشهر والاكثر شعبية الى سيناريو متماسك ومبدع فاعطانا عملا اعاد الوهج الى اسمه بعد سلسلة اخفاقات كان يعدنا قبل عرضها بأنها ستكون فتحا في الدراما فتسلح بالصمت اثناء اخراجه «ذاكرة الجسد» ولتكون النتيجة عملا مميزا ظهرت بصمات انزور عليه اثناء مشاهد القتال التي اعتراها بعض القصور.
جمال «الغول»
كما نجح انزور في ادارة الممثلين واختيارهم خاصة مع مغامرته باختيار امل بوشوشة بدور البطولة ورهانه عليها ان اجادت الا ما خلا بعض المشاهد التي وقفت فيها امام غول التمثيل جمال سليمان الذي كاد من فرط ابداعه ان يبتلعها ابتلاعا ولكن من الافضل لو تم الانتباه والحرص على نطقها للغة العربية حيث كانت ترفع المجرور وتكسر المرفوع بطريقة مست هيبة رواية احلام مستغانمي.
التونسي الفلسطيني
ظافر زين العابدين كان اسما على مسمى في العمل فكما وصفه خالد طوبال في المسلسل بأنه لديه شخصية لا تشبه احدا ونبرة صوت ليست كأحد فهو بالفعل كذلك اذ استطاع تملك مشاهده بالكامل ورغم ظهور لكنته التونسية واضحة على لغته العربية الفصحى كونه يؤدي دور مناضل فلسطيني الا انه كان على قائمة المميزين.
اما بالنسبة لجهاد الاندري والذي يؤدي دور «سي مصطفى» فلم يتمكن حتى الآن من تسلم مفاتيح الشخصية وشعرنا بانه لايزال يحاول فك لغزها ولم يستطع.
بطل مواز لا يقل اهمية في «ذاكرة الجسد» كان الموسيقى التصويرية التي جسدت فعلا روح القصة عبر موسيقى شربل روحانا فزادت انكسارات «خالد طوبال» الما واعطت اشراقات «حياة» فرحا، ومن دون مغالاة نستطيع القول ان روحانا اضفى على شاعرية مستغانمي شاعرية اخرى.
الإنتاج السخي
لن ندخل في تفاصيل الرواية، فقد سُطرت لها المجلدات وأفردت لها الصحف والنقاد ما لم تنله رواية في زمنا الحديث، ولكن سنعرج قليلا على الانتاج السخي الذي وفرته «محطة أبوظبي» عبر التصوير في الاماكن الحقيقية للاحداث كفرنسا وقسنطينة والجزائر العاصمة وغرناطة لتكون على قدر مسؤولية حمل الرواية الى الجمهور والعمل على توفير كل ما يخرج بها خالية من الشوائب.
سقوط بيروت
ومع تعالي بعض الاصوات المنتقدة لبطء شاب الاحداث، الا ان المنطق يفرض هذا الامر كون المخرج انزور يتصدى لرواية شعرية ترصد أحداث وطن بكامله ولم يعالج رواية «أكشن ومافيا» ويكفي مشهد موت زياد «واجتياح بيروت» للدلالة على تميزه حين غرق خالد في حزنه لدى سماعه خبر الاذاعة عن «احتراق بيروت» في مقابل التلفزيون الجزائري الذي كان يعرض نشوة الجزائريين بانتصارهم على ألمانيا الغربية في كأس العالم ليصوّر لنا التضاد التام في المشاعر بين فرحة النصر الجزائري ونكسة سقوط مدينة عربية وهي بيروت ويخترق الصمت صوت أحمد قعبور في «أناديكم».
يطول ويطول الكلام عن العمل، فبرغم بعض الآراء التي اعتبرت ان الرواية فشلت عند نقلها الى الشاشة الصغيرة، الا أننا نجد انه عند المقارنة بين «ذاكرة الجسد» الرواية و«ذاكرة الجسد» المسلسل نجد أن الكفة تميل للايجابية، ويبقى القول ان «الرابح الاكبر» في مهرجان دراما رمضان من استمتع بمشاهدة «ذاكرة الجسد» والخاسر الأكبر من لم يظفر بمشاهدته، فليستعد من يرغب في مطالعته مع الاعادات التي ستلي انقضاء الشهر الكريم.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
عدل سابقا من قبل dada50 في السبت 28 أغسطس 2010 - 10:20 عدل 1 مرات