عرض مساء الأربعاء بقاعة بقاعة ابن زيدون برياض الفتح فيلم “خارجون عن القانون ” للمخرج رشيد بوشارب وهو الفيلم الذي أثار الكثير من الجدل في فرنسا خلال الأشهر الأخيرة لارتباط موضوعه بصفحات من التاريخ الاستعماري في الجزائر
ويأتي عرض هذا الفيلم أمام الجمهور بعد أن كان قد قدم في الحادي والعشرين من شهر ماي الفارط للصحافة تزامنا مع عرضه في مهرجان “كان” .
ولعل أهم ما يتميز به فيلم رشيد بوشارب هو تناوله لموضوع الثورة الجزائرية من زاوية غير تلك التي تعود السينمائيون تناولها بحيث أنه لم يتطرق إلى الثورة في الجزائر وإنما صور لنا صدى هذا الحدث التاريخي الذي ألقى بظلاله على حركات التحرر في دول العالم الثالث في بلد المستعمر فرنسا من خلال تركيزه على ما قام به الأشقاء الثلاثة “سعيد ، مسعود، عبد القادر” من نضال ومجابهة لما أسماه الفرنسيون آنذاك بالقانون والذي لم يكن عادلا أبدا مع الجزائريين الذين دفعوا الثمن في هذا البلد الظالم أهله،وتخللت مشاهد الفيلم لقطات للأحداث والمجازر الأليمة التي عاشتها الجزائر لربط كل الأحداث بالموضوع الرئيسي وهو حقيقة الاستعمار التي لا جدل ولا اختلاف بخصوصها
ويصور الفيلم الذي لعب فيه دور البطولة نخبة من الفنانين على غرار جمال دبوز، شافية بوذراع ، سمير ناصري ، راشدي زام، أحمد بن عيسى والعربي المجازر التي ارتكبتها السلطات الاستعمارية الفرنسية من خلال ثلاثة أشقاء كانوا شهود عيان عليها، قبلوا أن يشدوا الرحال إلى فرنسا من أجل العيش فيها، وكيف عايشوا اندلاع ثورة التحرير الجزائرية فوق الأراضي الفرنسية.
هم ثلاثة أشقاء تشتتوا في الجزائر بعدما استولى الاستعمار على أرض أجدادهم وقتل أباهم وشقيقاتهم واجتمعوا ثانية في فرنسا للبحث عن سبيل للعيش وللانتقام من المستعمر في عقر داره أحدهم أقام نواة لجبهة التحرير والآخر استثمر في “كاباريه” وكان يدعم من خلاله الثورة الجزائرية فيما كان الأخ الثالث منسقا لكل العمليات الفدائية ضد الفرنسيين وقد جسدت الفنانة القديرة شافية بودراع دور الأم التي تحث أبناءها على النضال والتمسك بالأرض بحيث لم يخلو الفيلم من المشاهد المؤثرة لهذه الأم الشجاعة التي تصاب في نهاية المطاف بمرض السل وتبقى طريحة الفراش فيما يواصل أبناءها مسيرتهم في مجابهة الإستعمار.
وأراد بوشارب لهذا العمل أن يكون متخيلا وملحمة تحكي قصة ثلاثة أخوة جزائريين وأمهم في فترة تمتد على مدى 30 سنة في منتصف سنوات الثلاثينيات، قبل استقلال الجزائر سنة 1962حيث تعرض أفراد الأسرة إلى الإبادة الجماعية خلال مجازر 8 ماي 1945، فقرروا التنقل إلى فرنسا للدفاع عن القضية الوطنية وكشف الجريمة أمام العالم، وخصص الفيلم مشاهد لمجازر 8 ماي الأسود حيث تطلق الشرطة الفرنسية الرصاص على سعال بوزيد وصور لإعدام أحمد زبانة وهو أول شهيد بالمقصلة، كما لم يخلو الفيلم من مظاهر الانتصار التي صنعها الجزائريون حيث تخللت مشاهده صورا حقيقية عن الإحتفال بالاستقلال
وأثار فيلم “خارجون عن القانون” جدلا كبيرا في الصحافة الفرنسية بحيث انتقد من طرف اليمين السياسي الفرنسي والصحافة التابعة له التي قالت إن قصة الفيلم هي تحريف للتاريخ وتهويل لأحداثه خاصة في تركيزه على المعاناة التي كان يعيشها الشعب الجزائري تحت الاستعمار الفرنسي، فيما رأى البعض أن الفيلم اعتراف بحقيقة تاريخية وتصوير لعدوانية الاستعمار الفرنسي اللاإنسانية ومجازره الاستعمارية، ويصور الفيلم في خلفيته الدرامية مجزرة حقيقية قام بها الجيش الفرنسي في تاريخ الثامن من مايو 1945 باسم الدفاع عن السكان الفرنسيين في الجزائر والذين كانوا في حقيقتهم وجوداً استعمارياً تم خلالها قتل أكثر من خمسة وأربعين ألف مواطن جزائري،وقد رد المخرج رشيد بوشارب على الحملة التي قادها اليمين الفرنسي المتطرف بالدعوة إلى مشاهدة الفيلم ودعا بوشارب، من مدينة لوس أنجلوس إلى الهدوء، معربا عن أمله في أن تتم مناقشة الاختلافات حول ما أسماه الفيلم “المتخيل” في هدوء تام، وذلك من خلال رسالة وجّهها إلى مهرجان “كان” .
وفي تعليقه على الفيلم قال المجاهد محمد بلحواس لموقع الإذاعة الجزائرية إن الفيلم يروي فصولا من نضال الشعب الجزائري و يبرز كيف كانت ثورة الجزائريين داخل فرنسا وأكد بلحواس الذي كان من ضمن المجاهدين الذين حاربوا فرنسا في عقر دارها أنه من الطبيعي أن يواجه الفيلم بحملة شرسة في فرنسا التي تريد أن تغطي على جرائمها الاستعمارية
وعبر بعض الذين تابعوا عرض الفيلم عن إعجابهم بهذا العمل المتميز للمخرج رشيد بوشارب والذي طرق موضوعا هاما يتعلق
