وصف محللون شركة "ياهو" للبرمجيات التي تدير محرك البحث الشهير بأنها "مقبرة للمواهب"، وأضافوا أنه إلى جانب تعثرها التجاري فإنها أخفقت طوال السنوات الماضية في جميع عمليات الاستحواذ التي أنجزتها، فالكثير من الشركات التي اشترتها وهي في قمة تألقها بالأسواق منيت لاحقا بفشل تجاري كبير.
وقال المحللون إن الشركة - التي تتخذ من ولاية كاليفورنيا الأمريكية مقرا لها - تشبه الملك ميداس في الأساطير اليونانية الذي كان يحول كل ما يلمسه إلى ذهب، ولكنها تقوم بأمر معاكس فتحول الذهب إلى خردة، كما فعلت مع قرابة سبعين شركة استحوذت عليها خلال 15 عاما.
واستدل المحللون على صحة رأيهم بالقول إن هناك قرارا لدى إدارة "ياهو" بوقف مجموعة من الخدمات بينها موقع (ديبيشوس) الذي كان في يوم من الأيام الوسيلة الأولى عبر العالم لتبادل عناوين المواقع الإلكترونية والنطاقات وتخزينها ضمن قوائم عناوين مفضلة يمكن الوصول إليها في وقت لاحق.
ومن بين الخدمات التي ستغلق أيضا موقع (ابكمينج) الذي احتل المركز الأول على مستوى العالم في مرحلة ما، على صعيد عرض جداول مفصلة بكافة الأحداث المرتقبة والفعاليات والاحتفالات الخاصة بكل مدينة حول العالم.
وقال ناطق باسم "ياهو" لشبكة "سي إن إن" إن الشركة تعتزم إنهاء هذه الخدمات لأنها تريد التركيز على حقول أخرى ، وبينها تكنولوجيا الهواتف الجوالة وخدمات الاتصالات.
ولكن رد الناطق لم يكن كافيا لشرح أسباب وصول الكثير من المواقع تحت إدارة "ياهو" إلى الحضيض، دون ذكر انعكاسات ذلك على ميزانية "ياهو" التي دفعت مبالغ طائلة في عمليات الاستحواذ هذه.
فعلى سبيل المثال ، قامت الشركة عام 2000 بشراء موقع (جيوسيتيز) الذي كان في ذلك الوقت أحد أقوى المواقع على شبكة الانترنت لأنه يقدم خدمة لا نظير لها تسمح لكل شخص بإنشاء صفحته الخاصة على الشبكة، وكان يحظى باهتمام عالمي كبير.
وقامت (ياهو) بشراء الموقع مقابل ثلاثة مليارات دولار ، ويقول مالكه السابق ، جون ريزنر "كان بيع الموقع أمرا مربحا بالنسبة لي، ولكن الموقع لم يتقدم خطوة واحدة منذ ذلك الحين بل إنه تعرض للخنق منذ اليوم الأول" ، مضيفا "لم تعرف ياهو أبدا قيمة وأهمية الموقع، وقد قامت عام 2009 بإغلاقه وإنهاء خدماته".
ومثال آخر على تصرفات "ياهو" غير المدروسة كان استحواذها على موقع "برودكاست" الذي كان مخصصا لنقل الموسيقى الحية وحقق نجاحات باهرة دفعت المستثمرين إلى التهافت على شراء أسهمه خلال الطرح الأولي، قبل أن تقوم "ياهو" بشرائه مقابل 7ر5 مليار دولار.
كما تخبطت (ياهو) في مساعيها لمنافسة (جوجل) و(مايكروسوفت) في البرمجيات، فقامت بشراء شركة (زيمبرا) مقابل 350 مليون دولار، واضطرت لبيعها في يناير الماضي بمبلغ زهيد لصالح "إم مار".
وكان ل"ياهو" تجربة مماثلة مع موقع "هوتجوبز" الخاص بالبحث عن الوظائف، الذي استحوذت عليه مقابل 436 مليون دولار، ولكنها فشلت في إدارته لتضطر لبيعه في فبراير الماضي لصالح منافسه الأبرز في القطاع، "مانستر" بنصف السعر.