الرد على زعم إمكان وقوع الأخطاء من رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم
نريد في بحثنا هذا أن ندحض تلك المزاعم التي
تمسَّك بها طائفة ممَّن لم يعرفوا قدر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشأن هذا
الإنسان الكامل فحسبوه رجلاً كغيره من الرجال "زاعمين إمكان وقوع أخطاء منه
في أقواله وأفعاله في كل ما لم يوح إليه فيه وحي، فله العصمة على حدِّ قولهم فيما
أُرسل به للناس أي بما يخبِّر به عن الله من الوحي. وما وراء الرسالة له حكم
الإنسان المجتهد فيما أتى به من قول أو فعل. فقد يقع منه قصد الشيء يريد به وجه
الله تعالى فيوافق خلاف مراد الله، ولذلك لا يقرُّه الله على ذلك أصلاً بل ينبهه
إلى ذلك إثر وقوعه منه ويظهره لعباده".
تلك هي أقوال ومعتقدات جماعة من المتقدمين
أخذها طائفة من المتأخرين وبنوا عليها نظريات وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً ولو
أنَّهم عرفوا معنى النبوة وما ينشأ عنها من العصمة لما أخطأوا في تفكيرهم ذلك
الخطأ البعيد.
بل لو أنَّهم سلكوا طريق
الإيمان، الذي أرشدنا الله تعالى إليه لاستنارت قلوبهم وتحلَّت نفوسهم بالكمال
فعرفوا أهل الكمال ولا يعرف الفضل إلاَّ ذووه، ولما وقعوا فيما وقعوا به من
الانحراف الذي يحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم.
فهم يزعمون أن الرسول صلى الله عليه وآله
وسلم قد يقع منه الخطأ فيما لم يوحَ إليه فيه وحي ثمَّ إِنَّ الله تعالى لا يقر
رسوله على ذلك ويصحح له خطأه ويظهره لعباده.
وبنظرة واحدة إلى هذا الزعم يظهر خطؤهم فيما
بنوا قولهم عليه فإذا كان الإيمان الصحيح يقرر أنه لا يستطيع أحد في هذا الكون أن
يقوم بحركة أو يتكلم بكلمة أو يطرف طرفة إِلاَّ بعلم الله تعالى ومن بعد إِذنهِ
فكيف يقع الخطأ ممن اختاره الله تعالى مُبلِّغاً لرسالاته؟.
إنَّ التصديق بقولهم معناه أحد أمرين:
ـ فإما أنَّ الله تعالى ليس بعليم ولذلك يقع
الخطأ من الرسول ثم يصل ذلك إلى علم الله تعالى فيصحَّح.
ـ وإما
أنَّ الله تعالى يترك رسوله يخطئ ثم يبين خطأه للناس وليس لذلك من معنى إِلاَّ
الحطُّ من شأن الرسول وإضعاف اعتماد الناس عليه فيما يأتيهم به عن الله.
وتعالى الله عن أن يُرسل للناس رسولاً يبلغهم
رسالاته ويجعله هادياً لهم ودليلاً ثم يظهر لهم خطأه ليضعف من مكانته في نفوسهم
ويوقع الشك به في قلوبهم وكل ذلك مما لا تقرّه الآيات الكريمة الواردة في حق
الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والمبينة لمكانه العالي ووجوب طاعته قال تعالى:
{إِنَّ اللهَ وملائِكَتَهُ يُصَلُّون عَلَى النَّبيِّ يَا أَيُّهَا الَّذينَ
آمَنُوا صَلُّوا عَلَيهِ وسَلِّمُوا
تَسْلِيماً}. سورة الأحزاب:
الآية (56).
والمراد بكلمة (وسَلِّمُوا تَسْلِيماً)، أي
اخضعوا لأوامره الخضوع التام الكلّي.
{يَا أيُّها الّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا
اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ..} سورة النساء (59).
فلو
كان يخطئ لما أمرنا بطاعته صلى الله عليه وآله وسلم.
وآية: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ
أَطَاعَ اللَّهَ..} سورة النساء الآية (65).
ـ فإن زعموا صدور أي خطأ عن رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم فمعناه أنهم ينسبون الخطأ لله وتعالى عن ذلك علواً كبيراً.
وقال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ
حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِم
حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسلِّمُواْ تَسْلِيماً} سورة النساء: الآية (59).
وقال تعالى في سورة الحشر (7): {..وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ
عَنْهُ فَانتَهُوا..}: لو كان صلى الله عليه وسلم يخطئ لم أمرنا تعالى بإتباعه
والتسليم له.
وقال تعالى في سورة النجم (3-5): {وَمَا يَنْطِقُ
عَنِ الهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى}: لو كان يخطئ فالذي يعلِّمه هو المخطئ جلا وعلا وحاشا لله
وتعالى علواً كبيراً.
وقد ذكر لنا تعالى في معرض الكلام عن رسالة
سيدنا عيسى بن مريم عليه السلام، مبيناً أن الرسل لا يعملون عملاً ولا يقولون
قولاً إلاَّ بأمر الله تعالى وذلك ما أشارت إليه الآية الكريمة في قوله تعالى:
{وَقَالُوا اتَّخذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ، لاَ
يَسْبِقُونَهُ بِالقَولِ وَهُم بِأمْرِهِ يَعْمَلُونَ، يَعْلَمُ مَا بَينَ
أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُـم وَلاَ يَشـْفَعُـونَ إِلاَّ لِمنِ ارْتَضَى وَهُم
مِن خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} سورة الأنبياء: (26-28).
ولا تحسبنَّ أننا نستطيع في هذا الوجيز
الموجز أن نتحدث لك عمَّا بدا لهذا الرسول من التضحيات الكبيرة وما قام به صلى
الله عليه وآله وسلم من الأعمال الجليلة في سبيل إقالة عثار الإنسانية المعذَّبة
والأخذ بيدها إلى مناهل الخير والسعادة ويعجز القلم والبيان أن يحيط بما انطوى
عليه قلبه صلى الله عليه وآله وسلم من رأفة ورحمة وإخلاص وتفانٍ وحرص على إنقاذ
هذا الإنسان أياً كان، وهدايته إلى منابع الحق وسبل الخير والإيمان.
علينا أن نفكِّر قليلاً في جهاده المتواصل
الذي لفَّ بردائهِ عمراً غالياً وحياة كريمة لندرك طرفاً من فضل هذا الرسول على
النوع البشري الإنساني ونُردّد بحقٍّ قولَ من قال:
فإنَّ فضلَ رسول الله ليس له حدٌّ فيعـربَ
عنـه ناطــقٌ بـفــمِ
اقتبسنا
لكم هذا الموضوع من علوم فضيلة العلامة الكبير محمد أمين شيخو
[/size]
وآله وسلم
نريد في بحثنا هذا أن ندحض تلك المزاعم التي
تمسَّك بها طائفة ممَّن لم يعرفوا قدر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشأن هذا
الإنسان الكامل فحسبوه رجلاً كغيره من الرجال "زاعمين إمكان وقوع أخطاء منه
في أقواله وأفعاله في كل ما لم يوح إليه فيه وحي، فله العصمة على حدِّ قولهم فيما
أُرسل به للناس أي بما يخبِّر به عن الله من الوحي. وما وراء الرسالة له حكم
الإنسان المجتهد فيما أتى به من قول أو فعل. فقد يقع منه قصد الشيء يريد به وجه
الله تعالى فيوافق خلاف مراد الله، ولذلك لا يقرُّه الله على ذلك أصلاً بل ينبهه
إلى ذلك إثر وقوعه منه ويظهره لعباده".
تلك هي أقوال ومعتقدات جماعة من المتقدمين
أخذها طائفة من المتأخرين وبنوا عليها نظريات وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً ولو
أنَّهم عرفوا معنى النبوة وما ينشأ عنها من العصمة لما أخطأوا في تفكيرهم ذلك
الخطأ البعيد.
بل لو أنَّهم سلكوا طريق
الإيمان، الذي أرشدنا الله تعالى إليه لاستنارت قلوبهم وتحلَّت نفوسهم بالكمال
فعرفوا أهل الكمال ولا يعرف الفضل إلاَّ ذووه، ولما وقعوا فيما وقعوا به من
الانحراف الذي يحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم.
فهم يزعمون أن الرسول صلى الله عليه وآله
وسلم قد يقع منه الخطأ فيما لم يوحَ إليه فيه وحي ثمَّ إِنَّ الله تعالى لا يقر
رسوله على ذلك ويصحح له خطأه ويظهره لعباده.
وبنظرة واحدة إلى هذا الزعم يظهر خطؤهم فيما
بنوا قولهم عليه فإذا كان الإيمان الصحيح يقرر أنه لا يستطيع أحد في هذا الكون أن
يقوم بحركة أو يتكلم بكلمة أو يطرف طرفة إِلاَّ بعلم الله تعالى ومن بعد إِذنهِ
فكيف يقع الخطأ ممن اختاره الله تعالى مُبلِّغاً لرسالاته؟.
إنَّ التصديق بقولهم معناه أحد أمرين:
ـ فإما أنَّ الله تعالى ليس بعليم ولذلك يقع
الخطأ من الرسول ثم يصل ذلك إلى علم الله تعالى فيصحَّح.
ـ وإما
أنَّ الله تعالى يترك رسوله يخطئ ثم يبين خطأه للناس وليس لذلك من معنى إِلاَّ
الحطُّ من شأن الرسول وإضعاف اعتماد الناس عليه فيما يأتيهم به عن الله.
وتعالى الله عن أن يُرسل للناس رسولاً يبلغهم
رسالاته ويجعله هادياً لهم ودليلاً ثم يظهر لهم خطأه ليضعف من مكانته في نفوسهم
ويوقع الشك به في قلوبهم وكل ذلك مما لا تقرّه الآيات الكريمة الواردة في حق
الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والمبينة لمكانه العالي ووجوب طاعته قال تعالى:
{إِنَّ اللهَ وملائِكَتَهُ يُصَلُّون عَلَى النَّبيِّ يَا أَيُّهَا الَّذينَ
آمَنُوا صَلُّوا عَلَيهِ وسَلِّمُوا
تَسْلِيماً}. سورة الأحزاب:
الآية (56).
والمراد بكلمة (وسَلِّمُوا تَسْلِيماً)، أي
اخضعوا لأوامره الخضوع التام الكلّي.
{يَا أيُّها الّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا
اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ..} سورة النساء (59).
فلو
كان يخطئ لما أمرنا بطاعته صلى الله عليه وآله وسلم.
وآية: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ
أَطَاعَ اللَّهَ..} سورة النساء الآية (65).
ـ فإن زعموا صدور أي خطأ عن رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم فمعناه أنهم ينسبون الخطأ لله وتعالى عن ذلك علواً كبيراً.
وقال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ
حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِم
حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسلِّمُواْ تَسْلِيماً} سورة النساء: الآية (59).
وقال تعالى في سورة الحشر (7): {..وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ
عَنْهُ فَانتَهُوا..}: لو كان صلى الله عليه وسلم يخطئ لم أمرنا تعالى بإتباعه
والتسليم له.
وقال تعالى في سورة النجم (3-5): {وَمَا يَنْطِقُ
عَنِ الهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى}: لو كان يخطئ فالذي يعلِّمه هو المخطئ جلا وعلا وحاشا لله
وتعالى علواً كبيراً.
وقد ذكر لنا تعالى في معرض الكلام عن رسالة
سيدنا عيسى بن مريم عليه السلام، مبيناً أن الرسل لا يعملون عملاً ولا يقولون
قولاً إلاَّ بأمر الله تعالى وذلك ما أشارت إليه الآية الكريمة في قوله تعالى:
{وَقَالُوا اتَّخذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ، لاَ
يَسْبِقُونَهُ بِالقَولِ وَهُم بِأمْرِهِ يَعْمَلُونَ، يَعْلَمُ مَا بَينَ
أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُـم وَلاَ يَشـْفَعُـونَ إِلاَّ لِمنِ ارْتَضَى وَهُم
مِن خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} سورة الأنبياء: (26-28).
ولا تحسبنَّ أننا نستطيع في هذا الوجيز
الموجز أن نتحدث لك عمَّا بدا لهذا الرسول من التضحيات الكبيرة وما قام به صلى
الله عليه وآله وسلم من الأعمال الجليلة في سبيل إقالة عثار الإنسانية المعذَّبة
والأخذ بيدها إلى مناهل الخير والسعادة ويعجز القلم والبيان أن يحيط بما انطوى
عليه قلبه صلى الله عليه وآله وسلم من رأفة ورحمة وإخلاص وتفانٍ وحرص على إنقاذ
هذا الإنسان أياً كان، وهدايته إلى منابع الحق وسبل الخير والإيمان.
علينا أن نفكِّر قليلاً في جهاده المتواصل
الذي لفَّ بردائهِ عمراً غالياً وحياة كريمة لندرك طرفاً من فضل هذا الرسول على
النوع البشري الإنساني ونُردّد بحقٍّ قولَ من قال:
فإنَّ فضلَ رسول الله ليس له حدٌّ فيعـربَ
عنـه ناطــقٌ بـفــمِ
اقتبسنا
لكم هذا الموضوع من علوم فضيلة العلامة الكبير محمد أمين شيخو
[/size]