الموهبة والإبداع عطية الله تعالى لكل الناس، وبذرة كامنة مودعة في الأعماق؛ تنمو وتثمر أو تذبل وتموت، كل حسب بيئته الثقافية ووسطه الاجتماعي.
ووفقاً لأحدث الدراسات تبين أن نسبة المبدعين الموهوبين من الأطفال من سن الولادة حتى السنة الخامسة من أعمارهم حوالي90%، وعندما يصل الأطفال إلى سن السابعة تنخفض نسبة المبدعين منهم إلى 10%، وما إن يصلوا إلى السنة الثامنة حتى تصير النسبة 2% فقط، مما يشير إلى أن أنظمة التعليم والأعراف الاجتماعية تعمل عملها في إجهاض المواهب وطمس معالمها، مع أنها كانت قادرة على الحفاظ عليها، بل تطويرها وتنميتها.
عزيزي المربي:
هل تعرف كيف تنمي مواهب ابنك وتستثمرها؟
اقرأ معنا هذه الصفحات.
التميز والإبداع
إن لكل طفل ميزة تميزه عن الآخرين، كما نؤمن بأن هذا التميز نتيجة تفاعل ( لا واع ) بين البيئة وعوامل الوراثة.
ومما لاشك فيه أن كل أسرة تحب لأبنائها الإبداع والتفوق والتميز لتفخر بهم وبإبداعاتهم، ولكن المحبة شيء والإرادة شيء آخر. فالإرادة تحتاج إلى معرفة كاشفة، وبصيرة نافذة، وقدرة واعية، لتربية الإبداع والتميز، وتعزيز المواهب وترشيدها في حدود الإمكانات المتاحة، وعدم التقاعس بحجة الظروف الاجتماعية والحالة الاقتصادية المالية.. ونحو هذا، فرب كلمة طيبة صادقة، وابتسامة عذبة رقيقة، تصنع ( الأعاجيب ) في أحاسيس الطفل ومشاعره، وتكون سبباً في تفوقه وإبداعه.
وهذه الحقيقة يدعمها الواقع ودراسات المتخصصين، التي تجمع على أن معظم العباقرة والمخترعين والقادة الموهوبين نشؤوا وترعرعوا في بيئات فقيرة وإمكانات متواضعة.
مقترحات عملية
وقد نصح خبراء التربية الآباء باتباع هذه الخطوات لتساعدهم في تنمية مواهب أبنائهم وهي:
1- ضبط اللسان: ولاسيما في ساعات الغضب والانزعاج، فالأب والمربي قدوة للطفل، فيحسن أن يقوده إلى التأسي بأحسن خلق وأكرم هدي، فإن أحسن المربي وتفهم سما، وتبعه الطفل بالسمو، وإن أساء وأهمل وشتم دنئ وخسر طفله وضيّعه.
2- الضبط السلوكي: وقوع الخطأ لا يعني أن الخاطئ أحمق أو مغفل، فـ " كل ابن آدم خطاء"، ولابد أن يقع الطفل في أخطاء عديدة، لذلك علينا أن نتوجه إلى نقد الفعل الخاطئ والسلوك الشاذ، لا نقد الطفل وتحطيم شخصيته، فلو تصرف الطفل تصرفاً سيئاً نقول له: هذا الفعل سييء، وانت طفل مهذب جيد لا يحسن بك هذا السلوك، ولا يجوز أبداً أن نقول له: أنت طفل سييء، غبي، أحمق... الخ.
3- تنظيم المواهب: قد تبدو على الطفل علامات تميز مختلفة، وكثير من المواهب والسمات، فيجدر بالمربي التركيز على الأهم والأولى وما يميل إليه الطفل أكثر، لتفعيله وتنشيطه، من غير تقييده برغبة المربي الخاصة.
4- اللقب الإيجابي: حاول أن تدعم طفلك بلقب يناسب هوايته وتميزه، ليبقى هذا اللقب علامة للطفل، ووسيلة تذكير له ولمربيه على خصوصيته التي يجب أن يتعهدها دائماً بالتزكية والتطوير، مثل:
(عبقرينو) – (نبيه) – ( دكتور ) – (النجار الماهر) – (مُصلح) – (فهيم).
5- التأهيل العلمي: لابد من دعم الموهبة بالمعرفة، وذلك بالإفادة من أصحاب الخبرات والمهن، وبالمطالعة الجادة الواعية، والتحصيل العلمي المدرسي والجامعي، وعن طريق الدورات التخصصية.
6- امتهان الهواية: أمر حسن أن يمتهن الطفل مهنة توافق هوايته وميوله في فترات العطل والإجازات، فإن ذلك أدعى للتفوق فيها والإبداع، مع صقل الموهبة والارتقاء بها من خلال الممارسة العملية.
7- قصص الموهوبين: من وسائل التعزيز والتحفيز: ذكر قصص السابقين من الموهوبين والمتفوقين، والأسباب التي أوصلتهم إلى العلياء والقمم، وتحبيب شخصياتهم إلى الطفل ليتخذهم مثلاً وقدوة، وذلك باقتناء الكتب، أو أشرطة التسجيل السمعية والمرئية و cd ونحوها.
مع الانتباه إلى مسألة مهمة، وهي: جعل هؤلاء القدوة بوابة نحو مزيد من التقدم والإبداع وإضافة الجديد، وعدم الاكتفاء بالوقوف عند ما حققوه ووصلوا إليه.
8- المعارض: ومن وسائل التعزيز والتشجيع: الاحتفاء بالطفل المبدع وبنتاجه، وذلك بعرض ما يبدعه في مكان واضح أو بتخصيص مكتبة خاصة لأعماله وإنتاجه، وكذا بإقامة معرض لإبداعاته يدعي إليه الأقرباء والأصدقاء في منزل الطفل، أو في منزل الأسرة الكبيرة، أو في قاعة المدرسة.
9- التواصل مع المدرسة: يحسن بالمربي التواصل مع مدرسة طفله المبدع المتميز، إدارة ومدرسين، وتنبيههم على خصائص طفله المبدع، ليجري التعاون بين المنزل والمدرسة في رعاية مواهبه والسمو بها.
10- المكتبة وخزانة الألعاب: الحرص على اقتناء الكتب المفيدة والقصص النافعة ذات الطابع الابتكاري والتحريضي المرفق بدفاتر للتلوين وجداول للعمل، وكذلك مجموعات اللواصق ونحوها، مع الحرص على الألعاب ذات الطابع الذهني أو الفكري، فضلاً عن المكتبة الإلكترونية التي تحوي هذا وذاك، من غير أن ننسى أهمية المكتبة السمعية والمرئية التي باتت أكثر تشويقاً وأرسخ فائدة من غيرها.
11- الاتزان: على الأسرة أن تعامل الطفل الموهوب باتزان فلا يصبح موضوع سخرية لهم كما يجب ألا تنقص الأسرة من شأن موهبته أو تسيء استغلالها أو إهمالها، ومن جهة أخرى يجب عليها ألا تبالغ في توجيه عبارات الإطراء والاستحسان الزائد عن الحد مما قد يؤدي إلى الغرور والشعور بالاستعلاء والتكبر.
12- ممارسة الحياة: النظر إلى الطفل الموهوب نظرة شاملة فلا يتم التركيز على القدرات العقلية أو المواهب الإبداعية المتميزة فقط، وعلى الأسرة أن تعرف بأن على الطفل الموهوب أن يمارس أساليب الحياة العادية الطبيعية مثل غيره ممن هم في فئته العمرية.
عزيزي المربي:
الموهوب طفل كغيره بحاجة إلى الحب والتقدير وتوفير الأمن والاطمئنان الذي يعينه على تحقيق النمو المتكامل لجميع جوانب شخصيته.. ابحث عن موهبة ابنك.. شجعها.. ادعمها، ووجهها إلى الوجهة الصحيحة المرضية