جمال الشكل والصورة هل أنت فتاة جميلة؟
من هي الفتاة الجميلة؟
وما معنى الجمال؟
لا
شك أن قضية الجمال تحتل المقام الأول في عقل وقلب الفتاة في هذه المرحلة
العمرية من حياتها, وخاصة بعدما حدث لها من طفرات وتغيرات في شكل جسمها
وأيضًا في فكرها وروحها.
وكثير من الفتيات تسأل أمها هذا السؤال: هل أنا جميلة ؟ ما رأيك في شكلي ؟ أنا أجمل أم فلانة من أفراد العائلة أو الأصدقاء ؟
ونظرًا
لأهمية موضوع الجمال عند الفتاة أقول: إن الجمال ليس جمال الشكل والملامح
والصورة فقط, بل إن للجمال أشكالاً أخرى نطرحها في هذا الملف وهي:
1ـ جمال الشكل والصورة.
2ـ جمال العقل.
3ـ جمال التدين والأخلاق.
[1] جمال الشكل والصورة:
أنا لست جميلة
قالت
إحدى الفتيات: أنا فتاة أبلغ من العمر 18 عامًا, أشكو من أنني لست جميلة
ولا أمت للجمال بصلة, أعرف أنها خلقة ربي, ولكن نفسيتي سيئة, ليس اعتراضًا
على قدر الله، ولكن هذا السبب لم يجعلني أعيش حياتي كما يجب, أحس أني
'ناقصة' أمام الأخريات من الفتيات، وبالرغم من أن هناك فتيات لسن جميلات
لكني أرى حياتهن طبيعية، قد لا أفهم شعورهن، أو أن هناك أشياءً تعوض نقص
الجمال عندهن، أفكر كثيرًا في عمليات تجميل أقوم بها، ولكن أعلم أن أهلي
لن يوافقوا انتهى كلامها.
لسنا بصدد حل لهذه المشكلة في المقام
الأول وإن كان هذا هو أحد أدوار نافذتنا ولكننا هنا بصدد توضيح بعض
المفاهيم والأفكار الأساسية، فقد يظن البعض أن الجميلة هي ذات العيون
الخضراء والشعر الأصفر والملامح الصغيرة الوسيمة والبشرة البيضاء، ومن لا
تملك هذه الصفات فهي ليست جميلة.
ونحن نقول: ليست كل صاحبة وجه
جميل جميلة، فالجمال لا تحكمه الملامح الخارجية للجسد فالشكل ما هو إلا
إطار, أما الصورة الحقيقية فهي في أعماق ونفس وسلوك صاحبة الإطار.
لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ:
هذه
الآية تشير أن للإنسان شأنًا عند الله، ووزنًا في نظام هذا الوجود، وتتجلى
هذه العناية في خلقه وتركيبه على هذا النحو الفائق, سواء في تكوينه
الجسماني البالغ الدقة والتعقيد أو في تكوينه العقلي الفريد، أو في تكوينه
الروحي العجيب.
وحين تتولى اليد الكريمة الإلهية هذه الصفة فأي
جمال تكون عليه ؟ وأي بهاء تلبسه ؟ وأي صورة تكون عليها ؟ لقد كانت صورتك
أيها الإنسان بهية كل البهاء وحسنة كل الحسن، وكانت وما زالت جميلة أيما
جمال أي صورة هذه التي جعلت وجه الإنسان بهذا القبول الآسر ؟ وهذا الاتساق
الباهر ؟
فالعينان مثلاً معجزة الجمال في الشكل والحجم
واللون وحتى المكان أكان مقبولاً لو وضعت مكان الأنف أو الفم فهبطتا، أو
مكان الجبهة أو الناصية فصعدتا, أو تدحرجتا يمنة أو يسرة.. أو تلاصقتا أو
تباعدتا, أو خلق الله لك واحدة ؟ أو لم يجعل لهما حاجبين.. أو غارتا أو
برزتا, أكنت مقبولاً آنئذ أم كنت خلقًا آخر؟
إنه المكان الوحيد
المناسب، وإنها الهيئة الفريدة التي لا بديل لها، وقس على ذلك بقية
الحواس, ثم تأمل هذا الوجه وما حفل به من تناسق محكم واتساق بديع وتأمل
معي قوله تعالى: {وَصَوَّرَكُـمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُـمْ} [غافر: 64]
فكانت هذه الصورة السوية التي اختارها الله قد صنعها بيده وركبها بقدرته
فكانت جميلة فاتنة، والله قصد الجمال والحسن في كل شيء خلقه وخاصة صورة
الإنسان يقول تعالى: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ
خَلْقَ الإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ} [السجدة: 7].
لقد خرجت
صورة الإنسان في أحسن تقويم، وهذا اللفظ معجز والمعنى عميق، فكانت الصورة
في أحسن وأجمل هيئة، فليس بعد هذه الصورة الجميلة جمال، وليس بعد هذا
الشكل المبدع إبداع لقد كانت الصورة في أحسن تقويم فلا تقدر قوى البشر
جميعًا على تغييرها، فإن حاولت كما تحاول الآن بعمليات التجميل فتقوم
بتصغير هذا العضو أو تكبير ذاك الآخر، فإن الصورة مهما بدت متناسقة ستكون
ممسوخة باهتة, وستفقد تقويمها الأول, وحينها سيذهب الجمال, هذا الجمال لا
تدرك كنهه أحيانًا، ولا نقدر معرفة أسراره أحايين أخرى.
جمال مزيف:
تنظر
الفتاة الآن بعين مبهورة للفتاة المعروضة على الشاشة، على أنها رمز الجمال
والأناقة والرشاقة وهذه هي الجميلة حقًا.. ونسيت المخدوعة المسكينة أن هذا
الجمال المشاهد هو جمال مزيف مغشوش جمال تجاري مصنوع؛ فالفتاة التي تظهر
على الشاشة عارضة أزياء أو ممثلة أو عارضة لمنتج تظل ساعات طويلة أمام
المرآة قد تصل إلى 12 ساعة لتبدو بهذا الشكل, وماذا يفيد هذا الشكل الجميل
الممسوخ إن لم يكن لجمال الروح وجمال الخلق والدين وجود ؟! يقول الشاعر:
جمال الوجه مع قبح النفوس *** كقنديل على قبر المجوس
ونحن
لسنا ضد الجمال الشكلي, فجمال الشكل مرغوب كما ذكره لنا الرسول صلى الله
عليه وسلم في حديثه الشريف عند اختيار الزوجة: 'تنكح المرأة لأربع: لمالها
ولحسبها ولجمالها ولدينها, فاظفر بذات الدين تربت يداك'. متفق عليه.
ولكن أن نجعل جمال الشكل يأخذ كل اهتمامنا وننسى جمال النفس والروح والخلق والدين فهذا هو المرفوض يقول الشاعر:
ليس الجمال بأثواب تزيننا *** إن الجمال جمال العلم والأدب
إذن من هي الفتاة الجميلة؟
هي كل فتاة توازن بين جمال شكلها وجمال أخلاقها ودينها وروحها؟
أحيانًا الحسن تعاسة!!
فكم
من فتاة جميلة لا يحبها الناس ولا يرغبون في معرفتها لأنها قد تكون مغرورة
بهذا الجمال، بل قد يكون الجمال نقمة كبيرة على صاحبته، ولكم سمعنا أن
هناك من طلقت وفشلت حياتها الزوجية بسبب غرورها بجمالها, وهنا نتأمل معا
حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: 'لا تزوجوا النساء لحسنهن, فعسى حسنهن أن
يرديهن، ولا تزجوهن لأموالهم, فعسى أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوجوهن على
الدين, لأمة خرقاء ذات دين أفضل' وكلنا يعرف زوجة أبي ذر الغفاري وكانت
سوداء ليست جميلة وكم كان يحبها زوجها كثيرًا لتدينها وأخلاقها وصفاتها
الشخصية الرائعة.
وفي الختام نقول للفتاة:
اعتني
بجمال شكلك, فإن الله جميل يحب الجمال، ولكن لا تهملي أيضًا مع جمال الشكل
جمال الروح والدين, ليتكامل جمال الشكل مع جمال الروح والدين, وهذا هو
الجمال الحقيقي للفتاة.
وأقول لكل فتاة عادية أو متوسطة الجمال
أو قليلة الجمال الشكلي: أنت جميلة مهما كان شكلك, لأن الذي خلقك وصورك
على هذه الصورة هو الله, والله تعالى يحبك، فقط ثقي بنفسك وكوني مؤمنة
بالله وبقدر الله, وترنمي معي قول القائل: كم من حسن في الخُلُق, غطى
عيبًا في الخَلْق.
وأقول لمن آتاها الله
جمالاً في الشكل: لا تغتري بجمالك, فإن رأس الجهل الاغترار, وقولي لنفسك:
لن أغتر بجمالي فهو منحة ربانية لم أصنعها بنفسي لنفسي, بل سأدعو الله أن
يحسن خُلُقي كما حسن خَلْقي, وسأحافظ عليه كما أمرت حتى لا يكون نقمة عليّ.
جمال العقل .. هل أنت فتاة جميلة؟ [2]
الناظر
إلى واقع الفتاة يجد أنها محصورة في جميع الأعين على أنها الفتاة الجميلة
الرشيقة ذات الملبس الأنيق والعطر الفواح والشعر الملون العجيب... إلخ.
أي
أن الجميع ينظر إليها كجسد فقط، فإذا ما تكلمت أو عبرت عن رأيها وجدنا
العجب العجاب, جسد بلا روح، جسد بلا عقل، والإنسان جسد وعقل, يقول الشاعر:
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده *** فلم يبق إلا صورة اللحم والدم
والمرء بأصغريه قلبه ولسانه كما يُقال، أي بعقله وتفكيره ومنطقه.
ومن هذا المنطلق نقول:
إن العقل الراجح والعلم والذكاء لدى الفتاة هي من صفات الجمال فيها.
أليست من تفشل في دراستها قبيحة وإن كانت جميلة الشكل؟
ألا يصف الناس صاحب التفكير الخاطئ أو التافه بأنه أحمق, والحمق هو القبح, والقبح عكس الجمال.
إن
التفكير السليم ووضع الأمور في نصابها من الجمال وهو من الرزق الذي يسوقه
الله إلى العبد، وهي الحكمة التي تجعل الإنسان يضع الأمور في نصابها
الحقيقي، وقد امتن الله على أصحاب العقول وأولي الألباب، ووصف أصحاب الفهم
الصحيح بأنهم أصحاب العقول والنهى، فقد قال الله تعالى: {وَمَنْ يُؤْتَ
الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً}.
شبهة يجب ردها:
قد
يفهم البعض من حديث رسولنا الكريم: 'ناقصات عقل ودين' أن المرأة ناقصة في
العقل والإدراك والتفكير والعلم عن الجنس الآخر 'الرجل'، وهذا ليس صحيحًا.
إن هذا الخطاب موجه للنساء المسلمات, وهو يتعلق بأحكام إسلامية هي الشهادة والصلاة والصوم.
فهل يا ترى لو أن امرأة كافرة ذكية أسلمت فهل تصير ناقصة عقل بدخولها الإسلام؟
فما نقصان العقل والدين إذن؟
سؤال وجهته واحدة من النساء للرسول فكان جوابه:
أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل واحد.
وتمكث الليالي لا تصلي وتفطر في رمضان فهذا نقصان الدين.
وقد جعل الله ذلك فيما يخص المرأة لحكمة بالغة لأنه خالقها وهو أعلم بها.
أما
في غير ذلك من أحكام الشرع فهي والرجل سواء، فهي مكلفة كالرجل في العمل
ومتساوية معه في الأجر، فالله تعالى يقول: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ
ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
[النحل: 97].
وكذلك قوله تعالى: {إِنَّ
الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ
وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ
وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ
وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ
كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً
عَظِيماً} [الأحزاب: 34
من هي الفتاة الجميلة؟
وما معنى الجمال؟
لا
شك أن قضية الجمال تحتل المقام الأول في عقل وقلب الفتاة في هذه المرحلة
العمرية من حياتها, وخاصة بعدما حدث لها من طفرات وتغيرات في شكل جسمها
وأيضًا في فكرها وروحها.
وكثير من الفتيات تسأل أمها هذا السؤال: هل أنا جميلة ؟ ما رأيك في شكلي ؟ أنا أجمل أم فلانة من أفراد العائلة أو الأصدقاء ؟
ونظرًا
لأهمية موضوع الجمال عند الفتاة أقول: إن الجمال ليس جمال الشكل والملامح
والصورة فقط, بل إن للجمال أشكالاً أخرى نطرحها في هذا الملف وهي:
1ـ جمال الشكل والصورة.
2ـ جمال العقل.
3ـ جمال التدين والأخلاق.
[1] جمال الشكل والصورة:
أنا لست جميلة
قالت
إحدى الفتيات: أنا فتاة أبلغ من العمر 18 عامًا, أشكو من أنني لست جميلة
ولا أمت للجمال بصلة, أعرف أنها خلقة ربي, ولكن نفسيتي سيئة, ليس اعتراضًا
على قدر الله، ولكن هذا السبب لم يجعلني أعيش حياتي كما يجب, أحس أني
'ناقصة' أمام الأخريات من الفتيات، وبالرغم من أن هناك فتيات لسن جميلات
لكني أرى حياتهن طبيعية، قد لا أفهم شعورهن، أو أن هناك أشياءً تعوض نقص
الجمال عندهن، أفكر كثيرًا في عمليات تجميل أقوم بها، ولكن أعلم أن أهلي
لن يوافقوا انتهى كلامها.
لسنا بصدد حل لهذه المشكلة في المقام
الأول وإن كان هذا هو أحد أدوار نافذتنا ولكننا هنا بصدد توضيح بعض
المفاهيم والأفكار الأساسية، فقد يظن البعض أن الجميلة هي ذات العيون
الخضراء والشعر الأصفر والملامح الصغيرة الوسيمة والبشرة البيضاء، ومن لا
تملك هذه الصفات فهي ليست جميلة.
ونحن نقول: ليست كل صاحبة وجه
جميل جميلة، فالجمال لا تحكمه الملامح الخارجية للجسد فالشكل ما هو إلا
إطار, أما الصورة الحقيقية فهي في أعماق ونفس وسلوك صاحبة الإطار.
لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ:
هذه
الآية تشير أن للإنسان شأنًا عند الله، ووزنًا في نظام هذا الوجود، وتتجلى
هذه العناية في خلقه وتركيبه على هذا النحو الفائق, سواء في تكوينه
الجسماني البالغ الدقة والتعقيد أو في تكوينه العقلي الفريد، أو في تكوينه
الروحي العجيب.
وحين تتولى اليد الكريمة الإلهية هذه الصفة فأي
جمال تكون عليه ؟ وأي بهاء تلبسه ؟ وأي صورة تكون عليها ؟ لقد كانت صورتك
أيها الإنسان بهية كل البهاء وحسنة كل الحسن، وكانت وما زالت جميلة أيما
جمال أي صورة هذه التي جعلت وجه الإنسان بهذا القبول الآسر ؟ وهذا الاتساق
الباهر ؟
فالعينان مثلاً معجزة الجمال في الشكل والحجم
واللون وحتى المكان أكان مقبولاً لو وضعت مكان الأنف أو الفم فهبطتا، أو
مكان الجبهة أو الناصية فصعدتا, أو تدحرجتا يمنة أو يسرة.. أو تلاصقتا أو
تباعدتا, أو خلق الله لك واحدة ؟ أو لم يجعل لهما حاجبين.. أو غارتا أو
برزتا, أكنت مقبولاً آنئذ أم كنت خلقًا آخر؟
إنه المكان الوحيد
المناسب، وإنها الهيئة الفريدة التي لا بديل لها، وقس على ذلك بقية
الحواس, ثم تأمل هذا الوجه وما حفل به من تناسق محكم واتساق بديع وتأمل
معي قوله تعالى: {وَصَوَّرَكُـمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُـمْ} [غافر: 64]
فكانت هذه الصورة السوية التي اختارها الله قد صنعها بيده وركبها بقدرته
فكانت جميلة فاتنة، والله قصد الجمال والحسن في كل شيء خلقه وخاصة صورة
الإنسان يقول تعالى: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ
خَلْقَ الإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ} [السجدة: 7].
لقد خرجت
صورة الإنسان في أحسن تقويم، وهذا اللفظ معجز والمعنى عميق، فكانت الصورة
في أحسن وأجمل هيئة، فليس بعد هذه الصورة الجميلة جمال، وليس بعد هذا
الشكل المبدع إبداع لقد كانت الصورة في أحسن تقويم فلا تقدر قوى البشر
جميعًا على تغييرها، فإن حاولت كما تحاول الآن بعمليات التجميل فتقوم
بتصغير هذا العضو أو تكبير ذاك الآخر، فإن الصورة مهما بدت متناسقة ستكون
ممسوخة باهتة, وستفقد تقويمها الأول, وحينها سيذهب الجمال, هذا الجمال لا
تدرك كنهه أحيانًا، ولا نقدر معرفة أسراره أحايين أخرى.
جمال مزيف:
تنظر
الفتاة الآن بعين مبهورة للفتاة المعروضة على الشاشة، على أنها رمز الجمال
والأناقة والرشاقة وهذه هي الجميلة حقًا.. ونسيت المخدوعة المسكينة أن هذا
الجمال المشاهد هو جمال مزيف مغشوش جمال تجاري مصنوع؛ فالفتاة التي تظهر
على الشاشة عارضة أزياء أو ممثلة أو عارضة لمنتج تظل ساعات طويلة أمام
المرآة قد تصل إلى 12 ساعة لتبدو بهذا الشكل, وماذا يفيد هذا الشكل الجميل
الممسوخ إن لم يكن لجمال الروح وجمال الخلق والدين وجود ؟! يقول الشاعر:
جمال الوجه مع قبح النفوس *** كقنديل على قبر المجوس
ونحن
لسنا ضد الجمال الشكلي, فجمال الشكل مرغوب كما ذكره لنا الرسول صلى الله
عليه وسلم في حديثه الشريف عند اختيار الزوجة: 'تنكح المرأة لأربع: لمالها
ولحسبها ولجمالها ولدينها, فاظفر بذات الدين تربت يداك'. متفق عليه.
ولكن أن نجعل جمال الشكل يأخذ كل اهتمامنا وننسى جمال النفس والروح والخلق والدين فهذا هو المرفوض يقول الشاعر:
ليس الجمال بأثواب تزيننا *** إن الجمال جمال العلم والأدب
إذن من هي الفتاة الجميلة؟
هي كل فتاة توازن بين جمال شكلها وجمال أخلاقها ودينها وروحها؟
أحيانًا الحسن تعاسة!!
فكم
من فتاة جميلة لا يحبها الناس ولا يرغبون في معرفتها لأنها قد تكون مغرورة
بهذا الجمال، بل قد يكون الجمال نقمة كبيرة على صاحبته، ولكم سمعنا أن
هناك من طلقت وفشلت حياتها الزوجية بسبب غرورها بجمالها, وهنا نتأمل معا
حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: 'لا تزوجوا النساء لحسنهن, فعسى حسنهن أن
يرديهن، ولا تزجوهن لأموالهم, فعسى أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوجوهن على
الدين, لأمة خرقاء ذات دين أفضل' وكلنا يعرف زوجة أبي ذر الغفاري وكانت
سوداء ليست جميلة وكم كان يحبها زوجها كثيرًا لتدينها وأخلاقها وصفاتها
الشخصية الرائعة.
وفي الختام نقول للفتاة:
اعتني
بجمال شكلك, فإن الله جميل يحب الجمال، ولكن لا تهملي أيضًا مع جمال الشكل
جمال الروح والدين, ليتكامل جمال الشكل مع جمال الروح والدين, وهذا هو
الجمال الحقيقي للفتاة.
وأقول لكل فتاة عادية أو متوسطة الجمال
أو قليلة الجمال الشكلي: أنت جميلة مهما كان شكلك, لأن الذي خلقك وصورك
على هذه الصورة هو الله, والله تعالى يحبك، فقط ثقي بنفسك وكوني مؤمنة
بالله وبقدر الله, وترنمي معي قول القائل: كم من حسن في الخُلُق, غطى
عيبًا في الخَلْق.
وأقول لمن آتاها الله
جمالاً في الشكل: لا تغتري بجمالك, فإن رأس الجهل الاغترار, وقولي لنفسك:
لن أغتر بجمالي فهو منحة ربانية لم أصنعها بنفسي لنفسي, بل سأدعو الله أن
يحسن خُلُقي كما حسن خَلْقي, وسأحافظ عليه كما أمرت حتى لا يكون نقمة عليّ.
جمال العقل .. هل أنت فتاة جميلة؟ [2]
الناظر
إلى واقع الفتاة يجد أنها محصورة في جميع الأعين على أنها الفتاة الجميلة
الرشيقة ذات الملبس الأنيق والعطر الفواح والشعر الملون العجيب... إلخ.
أي
أن الجميع ينظر إليها كجسد فقط، فإذا ما تكلمت أو عبرت عن رأيها وجدنا
العجب العجاب, جسد بلا روح، جسد بلا عقل، والإنسان جسد وعقل, يقول الشاعر:
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده *** فلم يبق إلا صورة اللحم والدم
والمرء بأصغريه قلبه ولسانه كما يُقال، أي بعقله وتفكيره ومنطقه.
ومن هذا المنطلق نقول:
إن العقل الراجح والعلم والذكاء لدى الفتاة هي من صفات الجمال فيها.
أليست من تفشل في دراستها قبيحة وإن كانت جميلة الشكل؟
ألا يصف الناس صاحب التفكير الخاطئ أو التافه بأنه أحمق, والحمق هو القبح, والقبح عكس الجمال.
إن
التفكير السليم ووضع الأمور في نصابها من الجمال وهو من الرزق الذي يسوقه
الله إلى العبد، وهي الحكمة التي تجعل الإنسان يضع الأمور في نصابها
الحقيقي، وقد امتن الله على أصحاب العقول وأولي الألباب، ووصف أصحاب الفهم
الصحيح بأنهم أصحاب العقول والنهى، فقد قال الله تعالى: {وَمَنْ يُؤْتَ
الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً}.
شبهة يجب ردها:
قد
يفهم البعض من حديث رسولنا الكريم: 'ناقصات عقل ودين' أن المرأة ناقصة في
العقل والإدراك والتفكير والعلم عن الجنس الآخر 'الرجل'، وهذا ليس صحيحًا.
إن هذا الخطاب موجه للنساء المسلمات, وهو يتعلق بأحكام إسلامية هي الشهادة والصلاة والصوم.
فهل يا ترى لو أن امرأة كافرة ذكية أسلمت فهل تصير ناقصة عقل بدخولها الإسلام؟
فما نقصان العقل والدين إذن؟
سؤال وجهته واحدة من النساء للرسول فكان جوابه:
أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل واحد.
وتمكث الليالي لا تصلي وتفطر في رمضان فهذا نقصان الدين.
وقد جعل الله ذلك فيما يخص المرأة لحكمة بالغة لأنه خالقها وهو أعلم بها.
أما
في غير ذلك من أحكام الشرع فهي والرجل سواء، فهي مكلفة كالرجل في العمل
ومتساوية معه في الأجر، فالله تعالى يقول: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ
ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
[النحل: 97].
وكذلك قوله تعالى: {إِنَّ
الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ
وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ
وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ
وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ
كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً
عَظِيماً} [الأحزاب: 34