لا يمكن ان تكون محايداً هذه الايام في عالمنا العربي عندما يتعلق الامر بقطبي أسبانيا ريال مدريد وبرشلونة، حيث يسير مشجعوهما على المعادلة الاميركية "اما معنا او ضدنا"، فأي اشادة او انتقاد مهما كانت ايجابيته سيعرض قائله لـ"الذبح" اما من هذا او ذاك.
تاريخ كرة القدم علمنا ان لا نادي يبقى على القمة الى الابد، فلا ريال الاساطير في الخمسينات والستينات ولا أياكس أو بايرن السبعينات ولا ليفربول الثمانينات ولا مانشستر التسعينات ولا حتى برشلونة القرن الحادي والعشرين...
أخفق برشلونة... نعم... فقد أكبر بطولتين هذا الموسم... أيضاً نعم... هبط نجومه من منزلة كوكبية الى أرضنا البسيطة... أيضاً نعم لانهم بشر... لكن الحقيقة تبقى انه يظل الأمتع والاكثر اثارة في تاريخنا الكروي الحديث.
السؤال المهم هل روعة مورينيو ودي ماتيو وفريقاهما انتصرا على برشلونة العظيم؟ أم أن برشلونة الهزيل الذي يعاني سمح لمورينيو ودي ماتيو في التغلب عليه؟
لا أنتقص من قدرات الريال وتشلسي، بل على النقيض فالريال يملك أقوى مجموعة لاعبين في العالم بفضل العمق الموجود ومجموعة النجوم وحجم تكلفتهم الشرائية، وامتلاكهم "أفضل" مدرب في العالم، الذي نجح في احراز أول انتصار له في كلاسيكو خلال 90 دقيقة بعد أكثر من عشر محاولات، وأيضاً تشلسي لا يعاني من أي أزمة مادية او نقص في الاسماء الكبيرة كي يكون منافساً شرساً وعنيداً.
لكن ماذا حصل فجأة في برشلونة؟
أجواء العدائية والشراسة التي حلت على الاصدقاء والزملاء والاصحاب في المقاهي وبيئات العمل بسبب هذين الفريقين، لم تترك هامشاً للتفكير بمنطقية وواقعية، لكننا نخرج من هذه البؤرة كي نحافظ على رجاحة العقل التي عادة ما تقودنا الى رؤى صحيحة أو أقرب الى المنطق.
كتبنا قبل بداية الموسم، أن مستوى البارسا في تراجع، والسبب عدم وجود العمق في الفريق، فلا بدائل جاهزة في حال الاصابات والايقافات وهبوط مستوى النجوم، ليعتمد الفريق في موسم شاق على مجموعة لا تتعدى 15 لاعباً يخوضون الصراعات الحامية ويبعدون تربص الاعداء وكأنهم سوبر بشر، وهذا لم ولن يحدث، وعانى الفريق من ذلك.
لكن أبرز ما لفت نظري انخفاض مستوى أبرز النجوم المؤثرين كميسي وتشافي وبويول في المباريات الثلاث الاخيرة بصورة مفاجئة، وهذا الانخفاض لا أعتقد انه بسبب ارهاق او تعب فقط، بل سببه الاساسي نفسي وسيكولوجي... فأسلوب اللعب لا ينم الا عن فقدان شهية، وهنا تبرز نظرية ان هناك تغييرات مقبلة ستحل في الفريق ما يزعج النجوم لا شعوريا، وبينها قد يكون ابلاغ غوارديولا لنجومه الاساسيين انه لن يمدد عقده وسيرحل في نهاية الموسم، أو ان الفريق سيبيع أحد نجومه الرئيسيين كي يحل أزمته المادية الخانقة، وهذا لا شعورياً يقود الى فقدان التركيز والتفكير في ان هذا المنزل الجميل سيهدم وان هذه العائلة ستتفكك.
شخصياً، أنا أحبذ التغيير دائماً في مراكز القوى في عالم كرة القدم كي لا تفقد اللعبة رونقها واثارتها، فبقاء برشلونة على القمة دائماً لن يحمس المحايديين وعشاق اللعبة.
أخيراً كي لا نذبح برشلونة وكأنه كان أسوأ ما في كرة القدم في السنوات الثلاث الاخيرة، فنقول هل ارتكب غوادريولا اخطاء؟... نعم... هل أخفق ميسي ورفاقه في البروز في المباريات الاخيرة؟... أيضاً نعم، لكن في المقابل هل افتقد البارسا لخدمات فيا وأبيدال في هذا الوقت بالذات؟... أيضاً نعم.
مبروك للريال وتشلسي، وهاردلك لكرة القدم لانها خسرت برشلونة.


خلدون الشيخ