لا يخفى على أحد ما يحققه برشلونة وريال مدريد هذه الأيام من اختراق للعالم كله على مستوى الشعبية، فلم يعد أحد حتى من متابعي الرياضة بما فيها الكريكيت إلا ويسمع بهما ويعرف موعد المواجهة بينهما ويسأل عن النتيجة وإن لم يشاهد هذا اللقاء.
كلاسيكو ريال مدريد وبرشلونة بات مواجهة تتصدر الصحف الايطالية والانجليزية قبل أن تتصدر صحف بلدهما الاسبانية، هو صراع يتأثر به المتابع العربي بشكل ملفت للنظر لم نشهد له مثيلاً في الماضي لدرجة جعلت من المستحيل على أي متابع كروي الوقوف على الحياد فيه.
في إجازتي الأخيرة في الأردن تبلورت فكرة هذا الموضوع من خلال بعض المشاهدات، فكان من الملفت جداً أن معظم المقاهي الآن الراقية والعادية تضع شعار الناديين على لوحاتها الخارجية إلى جانب اسم المقهى وكأنهما مفروضان بالقانون، ثم كانت مسألة الإعلام المعلقة على عدد لا بأس به من نوافذ البيوت للفريقين وكذلك المزينة للسيارات علماً أننا نتحدث عما بعد حسم بطولة الدوري وبعد خروجهما من دوري الابطال.
ومن القصص المضحكة والملفتة التي واجهتها هي طفل عمره 3 سنوات تقريباً رفض وبعناد واضح وصوت مرتفع الجلوس إلى جانب ابن عمته البالغ من العمر 7 سنوات علماً أن ذلك المكان كان الوحيد المتوفر في الجلسة، وبعد سؤاله من قبل والده كان جوابه "هذا برشلوني لا أجلس بجانبه!"، في إشارة منه إلى أن الطفل الأخر كان يرتدي قميص برشلونة...أذكر بأنه طفل عمره 3 سنوات!
وعلى سيرة القمصان فإن زياً رسمياً جديداً نشاهده الآن بعد انتهاء الدوام المدرسي في شوارع العالم العربي، وهو قميص ريال مدريد أو برشلونة المنتشر بشكل واضح جعل رؤيته الأمر المعتاد وعدم رؤيته في أي خروج لنا إلى الشارع مستغرباً.
ومن القصص المؤكدة لجنون انتشار هذا الصراع ما شاهدته يحدث مع زميل لي يعمل في القسم الرياضي لإحدى الصحف الكبرى وهو مسؤول الكرة العالمية هناك، كان يتحدث مع زميلته في تلك الصحيفة لقسم أخر والتي سألته تشجع من؟..فأجابها "إنتر ميلان" لتسأله مباشرة " ألا تتابع كرة قدم؟.."، في البداية لم يفهم صديقي فقال لها "كيف؟"، قالت له " أنت ليس مدريدي ولا برشلوني، ألا تتابع كرة قدم؟!"، فاضطر صديقي أن يشرح لها بأن إنتر ميلان نادي كرة قدم أيضاً.
أعتبر نفسي من الجيل الحديث الذي جنى نتائج الإعلام المتطور من بث فضائي وانترنت، ولكنني لم أشهد منذ مطلع تسعينات القرن الماضي حتى الآن صراعاً كروياً يشغل الكبير والصغير والرياضي وغير الرياضي والذكر والأنثى كالذي صنعه صراع ريال مدريد وبرشلونة .. هو جنون لا مثيل له!