<table width="100%" border=0><tr><td> قلعة حلب </STRONG> | [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] |
عند الحديث عن قلعة حلب يتوجب الدخول إلى ذلك الحديث عبر بوابة حلب التاريخية, فقلعة حلب رمز سلطان مدينتها, وعنوان عظمتها وقوتها, ورفيقة عمرها. شاركتها أيام ازدهارها ويسرها, وشاركتها أيام ضعفها وعسرها, ولما كان الحديث عن تاريخ حلب حديثاً طويلاً يحتاج إلى صفحات واسعة. كان من الضروري كما أشرت أن نقدم للقارئ إضاءة تاريخية قصيرة عن حلب للولوج إلى قلعة حلب وأهميتها موضوع هذا الدليل. تقع مدينة حلب في أقصى الشمال الغربي من الهضبة الواقعة في سورية الشمالية عند خط الطول 68,5 - 38 درجة شرقاً وخط العرض 12 - 40 درجة شمالاً , ترتفع عن سطح البحر بحوالي 390م , قامت المدينة على ضفة نهر قويق اليسرى . وحلب, إلى جانب كونها تتوسط منطقة زراعية تنتج الحبوب والزيتون, هي ذات موقع استراتيجي هام من الناحيتين العسكرية والاقتصادية. ولقد تحكمت في طريق التجارة العالمي الذي يعرف باسم "الممر السوري العظيم " منذ فجر التاريخ, فهي حلقة اتصال بين سورية وبلاد ما بين النهرين وفارس من جهة, والأناضول وموانئ البحر الأبيض المتوسط من جهة أخرى. لعبت حلب دوراً مهماً في الحياة السياسية والاقتصادية لسورية الشمالية. وقد ظهر هذا الدور جلياً في مطلع الألف الثاني قبل الميلاد. عندما أصبحت حلب عاصمة لأكبر مالك العصر. هي مملكة يحماض العمورية. لقد امتد نفوذها السياسي والاقتصادي حتى منتصف الألف الثاني عندما استطاع الحثيون السيطرة عليها وضمها إلى ممتلكاتهم للاستفادة من خيراتها وموقعها. وبذلك فقدت حلب أهميتها السياسية باعتبارها عاصمة لمملكة كبيرة. ولكن المدينة ظلت تقوم بدورها المتميز في المنطقة. بعد سقوط الدولة الحثية على يد شعوب البحر, غابت عنا أخبار حلب لبضع مئات من السنين, كما غابت أخبار غيرها من المدن الهامة في المنطقة. في مطلع الألف الأول أصبحت حلب مدينة آرامية حافظت على أهميتها الثقافية والدينية باعتبارها مركزاً مهماً للرّب حدد. وفي مواجهة مع الآشوريين خضعت حلب مع غيرها من الممالك الآرامية إلى السيطرة الآشورية. وبعد أن خضعت إلى الكلدانيين (البابليون الجدد) ورثة الآشوريين في آسيا الغربية. جاء الفرس الاخمينيون, فأصبحت حلب مركزاً من المراكز الهامة في حروبهم مع الجزر اليونانية. وفي عام 333 ق.م جاء دور الغرب اليوناني ليثأر من الفرس وشعوب شرق البحر المتوسط تحت شعار تأسيس السلطة العالمية بزعامة الإسكندر المكدوني. ومع أن البلاد تعرضت إلى حالة من الفوضى بعد موت الإسكندر بسبب خلاف قادته على الخلافة, إلا أن سلوقوس نيكاتور تمكن من أن يفوز بسورية ويؤسس الأسرة السوقية التي اتخذت إنطاكية عاصمة لها.اهتم السلوقيون بحلب ومنطقتها لقربها من عاصمة بلادهم الجديدة, فاستوطن بها كثير من اليونانيين وسموها " بيريه " نسبة لمدينتهم الأصلية.</STRONG> | |
أصبحت سورية الشمالية ( ومن ضمنها ) حلب في عام 64 ق.م مقاطعة رومانية باسم سورية العليا. وحافظت حلب على اسمها اليوناني بتحريف بسيط فأصبح " بيرويا" .عند انقسام الإمبراطورية الرومانية إلى شرقية وأخرى غربية كان من الطبيعي أن تصبح حلب تابعة للإمبراطورية الشرقية التي سميت الإمبراطورية البيزنطية. أصبحت حلب مركزاً هاماً من المراكز البيزنطية المتقدمة والهامة وبسبب ذلك هاجمها الفرس عام 625 م وأحرقوها. وفي عام 630 م نجد الإمبراطور البيزنطي يتخذ من حلب مقّر إقامة له ويعقد فيها معاهدة سلم دائم مع الفرس.</STRONG> | [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]</STRONG> |
إلا أن القوتين الكبيرتين في ذلك الزمان لم يستطيعا الصمود أمام تصميم العرب المسلمين القادمين من شبه الجزيرة على تحرير بلادهم وشعبهم في سورية وفلسطين وسائر بلاد الشام والعراق ومصر وغيرها. يذكر البلاذري في تاريخه أن أبا عبيدة رحل إلى حلب وعلى مقدمته عياض بن غنم الفهري فوجد أهلها قد تحصنوا, فنزل عليهم فلم يلبثوا أن طلبوا الصلح والأمان لأنفسهم وأولادهم وسور مدينتهم وكنائسهم ومنازلهم والحصن الذي بها, فكان لهم ماأرادوا. وهناك رأي آخر في فتح حلب على يد خالد بن الوليد, ولكن مهما اختلفت الروايات فقد أصبحت حلب جزءاً من الإمبراطورية العربية, فنعمت بسلام طويل وازدهار اقتصادي, وبما أن حلب بعيدة عن مدينة دمشق مركز الخلافة الأموية فقد فضّل بعض الخلفاء الأمويين السكن بها أو في ضواحيها هرباً من دسائس الملك هناك. بعد سقوط الدولة الأموية على يد بني العباس تمتعت حلب في عهدهم بهدوء وازدهار, وتفتحت فيها حركة الترجمة فترجمت فيها كتب الفلسفة والطب والتاريخ. وبقيت كذلك إلى أن آلت إلى بني حمدان فأسسوا فيها إمارتهم عام 333 هـ - 944 م. وقد استطاع علي بن عبد الله الحمداني أن ينتزع حلب من عامل الإخشيد ويحصل من الخليفة المتقي على لقب سيف الدولة وبذلك تصبح حلب عاصمة مهمة من العواصم الإسلامية في ذلك العصر. بلغت حلب في عهد الحمدانيين قمة ازدهارها, فارتفعت فيها راية الشعر والأدب إلى جانب الفروسية والجهاد . وعاش في كنف الأمير الحمداني, المتنبي وأبو فراس, كما عاش الموسيقي أبو نصر الفارابي وابن نباتة الواعظ وابن خالويه اللغوي وابن جني النحوي وغيرهم, وظل الأمير الحمداني طيلة عهده متابعاً القتال والدفاع عن إمارته فكان عهده سلسلة من الغارات المتلاحقة بينه وبين البيزنطيين. بعد الحمدانيين جاء المرداسيّون عام 1024 م, فأسس صالح بن مرداس زعيم بني كلاب سلالة في حلب استمرت أكثر من خمسين عاماً , وفي عهدهم زار حلب الرّحالة الفارسي ناصر خسرو عام 1047 م ووصف ازدهار المدينة فذكر أنه رأى تجاراً من العراق ومصر وآسيا الصغرى , كما تحدث عن المكوث التي كان يفرضها المرداسيّون . وفي رسالة أرسلها ابن بطلان لأحد أصدقائه, يصف حلب أثناء زيارته لها إبان الحكم المرداسي بقوله: (( المدينة محاطة بسور مبني من الحجر الأبيض فيه ستة أبواب, وقد وجد في بناء واحد من مباني السوق عشرون تاجراً من تجار الأقمشة كانوا لعشرين سنة يجرون أعمالاً تجارية تقدر بعشرين ألف دينار في اليوم الواحد)). وفي عام 1094 م تتش بن ألب أرسلان يؤسس دولة السلاجقة في سورية ويتخذ من حلب قاعدة له, وبعد موته أخذ مكانه ابنه رضوان ( 1095 - 1112 م) وتولى الحكم في دمشق ابنه الآخر دقاق . ثم جرت منازعات بين الأخوين انتهت إلى خضوع دقاق. وفي عام 1113 م يخلف رضوان على حلب ولده أرسلان, وكان فتى في السادسة من عمره قاصراً ضعيف المدارك فاغتاله الوصي عليه ونصب أخاه سلطان شاه وعمره ثلاثة أعوام مكانه.وفي عام 1117 م يستولي إيلغازي بن أرطق القائد السلجوقي على حلب ويضمّها إلى الدولة الأرطقية. وفي عام 1128 م استولى عماد الدين زنكي على حلب, وانطلقت منها بوادر توحيد العالم الإسلامي في غربي آسيا .</STRONG> | |
وبعد مقتله عام 1146 م يخلفه على حكم حلب ولده نور الدين محمود الذي لقّب بالملك العادل.قضى على الدولة النورية أحد قادتها وهو صلاح الدين الأيوبي, فأسس السلالة الأيوبية التي حكمت مصر والشام . وقد شهدت حلب كما شهد غيرها من مدن الدولة النورية والدولة الأيوبية ظاهرة علمية فريدة , إذ اهتم السلاطين والأمراء بالعلم فبنوا المدارس والبيمارستانات والنكايا , وتفخر حلب اليوم بأنها أغنى مدينة في بلاد الشام , وربما العالم الإسلامي كلّه بالمباني الأثرية الإسلامية التي تعود إلى العهدين الأيوبي والمملوكي .</STRONG> | [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]</STRONG> |
وفي عام 1260 م تعرضت سورية إلى أبشع غارة مدّمرة قام بها المغول بقيادة هولاكو, بمساعدة ملك أرمينيا هاتوم, فتحتل حلب بعد حصار دام عدة أيام وتظل تحت وطأة المجازر والنهب أسبوعاً كاملاً. ولكن المغول لم يفلتوا من العقاب. فقد ثأر الفلسطينيون والمصريون لإخوانهم بحلب وفي العالم الإسلامي كله في موقعة عين جالوت عام 1262 م. تكررت غارات المغول بعد ذلك على حلب في الأعوام 1300 – 1301 – 1303 – 1304 م, وفي كل هذه الغارات لم يحرز المغول انتصارات حاسمة . في عام 1400 م أعاد المغول هجومهم على حلب بقيادة تيمورلنك واقتحموها, ولعلها المرة الوحيدة التي أخذت فيها قلعة حلب عنوة. وقد أبدى الحلبيون ضروباً من الشجاعة في المقاومة لا تدانى, وكبّدوا الغزاة العديد من رجالهم الذين ملأت جثثهم خندق القلعة, وكانت حلب يومئذ تحت الحكم المملوكي.في عام 1516 م خضعت حلب للأتراك العثمانيين, فرض الأتراك العثمانيين على العالم العربي سلماً قاتلاً قرابة أربعة قرون, وقد كان لهذا السلم إيجابياته وسلبياته.</STRONG> | |
فمن إيجابياته بالنسبة لمدينة حلب أنها استعادت أهميتها باعتبارها مركزاً هاماً على الطريق التجاري العالمي, فأصبحت مركزاً لكثير من البعثات التجارية والقنصليات الأوروبية وافتتح الفرنسيون والإيطاليون والإنكليز وغيرهم ممثليات تجارية تسهر على تنشيط التبادل التجاري بين بلدانهم وبلدان الشرق الأوسط, ولقد ارتد ثراء المدينة على الحياة الاقتصادية والعمرانية والثقافية والاجتماعية فيها.ومن سلبيات السلم العثماني القاتل, منع الرعايا العثمانيين ومنهم أهل حلب من الاحتكاك بالشعوب الأخرى التي بدأت مسيرة التنوير, وبالتالي منعت أفكار تلك الشعوب من الدخول إلى البلاد العثمانية.</STRONG> | [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]</STRONG> |
ومن سلبيات السلم العثماني القاتل, منع الرعايا العثمانيين ومنهم أهل حلب من الاحتكاك بالشعوب الأخرى التي بدأت مسيرة التنوير, وبالتالي منعت أفكار تلك الشعوب من الدخول إلى البلاد العثمانية. في نهاية الحرب العالمية الأولى تخضع حلب مع سائر البلاد السورية إلى الانتداب الفرنسي, ووجدت نفسها مع شقيقاتها في سورية قد تخلصت من حكم استبدادي لتخضع إلى حكم استعماري من نوع مختلف. وعلى الرغم من أن حلب قد تجرعت جرعات مقننة جداً من المعرفة عبر البوابة الضيقة التي يحرسها المستعمر إلا أنها وجدت نفسها مسلوبة الحرية فرفعت راية النضال من أجل الاستقلال مع شقيقاتها, فكان لها الاستقلال الوطني عام 1945 م. |