رفقي عساف من الأردن:إن المتتبع لفيلم المليونير المتشرد الحائز على جائزة غولدن غلوب للمخرج "داني بويل" يُستلب تماماً بتقنية السرد الآسرة التي ينحوها السيناريو، ويؤخذ بطريقة حكي القصة غير التقليدية والتي تعتمد على الفلاش باكات المتداخلة بانسياب ودون تعقيد، وأكثر ما يلفت الانتباه هو استخدام تقنية السرد هذه في قصة حب إنسانية من الدرجة الأولى تحكي عن عالم المهمشين وتغوص فيه بإمعان، بكاميرا مجددة في ابتكار الجماليات، وهي الخلطة التي قل نظيرها حين يمتزج الإبداع السردي الإخراجي بحميمية القصة وواقعيتها المفرطة، مما لا شك يذكّرنا بالفيلم البرازيلي الساحر "مدينة الله" والذي يتقاطع مع هذا الفيلم في عديد من العناصر.
فيلم جميل، بصريا بالتحديد، فالكاميرا التي قادها مدير التصوير "أنتوني دود مانتل" وفاز ورشح عنها للعديد من الجوائز كانت كاميرا مجددة، وهذا أهم ما فيها، إذ غاصت في عوالم المهمشين وانتقلت جزئياً إلى المدينة الراقية بسلاسة مدهشة، بابتكارات بصرية مع الحفاظ على نسق واحد اعتمد على اللونين الأزرق والأصفر وتدرج من خلالهما بحسب الأحاسيس في كل مشهد ليقدم وجبة بصرية متفردة شديدة الجمال، وللحق فإن مواقع التصوير الساحرة ساهمت في هذا التميز.
فيلم جميل، بصريا بالتحديد، فالكاميرا التي قادها مدير التصوير "أنتوني دود مانتل" وفاز ورشح عنها للعديد من الجوائز كانت كاميرا مجددة، وهذا أهم ما فيها، إذ غاصت في عوالم المهمشين وانتقلت جزئياً إلى المدينة الراقية بسلاسة مدهشة، بابتكارات بصرية مع الحفاظ على نسق واحد اعتمد على اللونين الأزرق والأصفر وتدرج من خلالهما بحسب الأحاسيس في كل مشهد ليقدم وجبة بصرية متفردة شديدة الجمال، وللحق فإن مواقع التصوير الساحرة ساهمت في هذا التميز.
قصة حب غريبة، عن شاب فقير يشارك في النسخة الهندية من برنامج من سيربح المليون، ويأخذنا السيناريو في تداخلات وتفرعات معتمداً على تشابك أكثر من فلاش باك ليحكي لنا القصة، وما يحسب سواء للمخرج أو لكاتب السيناريو، هو ذلك الانسياب الذي جعلنا نتتبع خيوط القصة بلا ملل، ونشاهد معاً وبذكاء التفاصيل الصغيرة، كيف وصل "جمال مالك" الفتى المسلم الفقير، الذي قتلت والدته في تصفية طائفية والعاشق لـ "لاتيكا" الجميلة، إلى كرسي البرنامج الأشهر في الهند، ليصل على بعد خطوة من السؤال الذي سيجعله مليونيراً.
السيناريو صاغه "سيمون بيوفوي" الذي سبق ورشح لجائزة الأوسكار في العام 1997، وقد اقتبسه عن رواية "سؤال وجواب" الذائعة الصيت للروائي والدبلوماسي الهندي "فيكاس سوارب" والتي كانت الأكثر مبيعا في العديد من الدول وترجمت إلى 36 لغة، وحازت العديد من الجوائز الأدبية والثناء النقدي، ولا أدري مدى اعتماد السيناريو على الرواية الأصلية في تقنية السرد المبدعة ، ولكن اجتماع سيناريست متميز سبق وتم ترشيحه للأوسكار مع رواية لاقت كل هذا النجاح حتى عند تحويلها إلى مسلسل إذاعي حائز على الجوائز، هكذا تعاون لا بد وأن يخرج بعمل مبهر، وهو ما كان.
الإخراج لم يقل بحال عن تميز السيناريو، بل ربما تفوق عليه، بتوظيف اللغة البصرية المبدعة لـ "أنتوني دود مانتل" في خلق مزاج عام لاهث يخلط الإنساني بالتشويقي، ويرتقي بأداء الممثلين الذين لا أرى كيف يمكن ألا يتألقوا في ظل عمل توافرت له كل عناصر النجاح، فكان داني بويل عند حسن الظن ونجح في تحويل النص الجيد إلى فيلم جيد.
على صعيد الأداء لفتني الشاب "ديف باتل" في دور "جمال" والشاب "مدهور ميتال" في دور شقيقه سليم، كذلك المخضرم "أنيل كابور" في دور مقدم البرنامج والذي كان متميزاً للغاية في أدائه لشخصية المذيع التي مزجت بين الفظاظة وخفة الظل والخبث، وقدمها كابور بتميز.
المونتاج كان من إبداعات الفيلم فاستطاع التنقل بنا بين زمن وزمن وبين فلاش باك وآخر وبين مشهد ومشهد بإبداع شديد وربما ساهم عمل المونتير "كريس ديكنز" والمخرج "داني بويل" كل على حدة سابقاً في أفلام التشويق والرعب في سيطرتهما على إيقاع الفيلم المشوق.
يبقى ان فيلم المليونير المتشرد عانى هنات قليلة، فكان في بعض مشاهده تجارياً حريصاً على إرضاء الجمهور، فيما حلت روح فيلم "مدينة الله" في بعض من مشاهده، على أن هذا لم ينتقص أبداً من حدود المتعة الكبيرة التي يمنحها الفيلم وكم المعاني والأحاسيس التي يمررها إلينا دون ان نشعر.
هو فيلم عن الفقراء الذين يملكون الملايين في قلوبهم المفعمة بالحب والعطاء رغم الألم والمعاناة، أناس يعلمهم الحرمان ان يحبوا لا أن ينقموا، ويقص على من يشاهد الفيلم بان الإنسان بما يصل إليه، وليس بما يولد ليجد نفسه عليه.
السيناريو صاغه "سيمون بيوفوي" الذي سبق ورشح لجائزة الأوسكار في العام 1997، وقد اقتبسه عن رواية "سؤال وجواب" الذائعة الصيت للروائي والدبلوماسي الهندي "فيكاس سوارب" والتي كانت الأكثر مبيعا في العديد من الدول وترجمت إلى 36 لغة، وحازت العديد من الجوائز الأدبية والثناء النقدي، ولا أدري مدى اعتماد السيناريو على الرواية الأصلية في تقنية السرد المبدعة ، ولكن اجتماع سيناريست متميز سبق وتم ترشيحه للأوسكار مع رواية لاقت كل هذا النجاح حتى عند تحويلها إلى مسلسل إذاعي حائز على الجوائز، هكذا تعاون لا بد وأن يخرج بعمل مبهر، وهو ما كان.
الإخراج لم يقل بحال عن تميز السيناريو، بل ربما تفوق عليه، بتوظيف اللغة البصرية المبدعة لـ "أنتوني دود مانتل" في خلق مزاج عام لاهث يخلط الإنساني بالتشويقي، ويرتقي بأداء الممثلين الذين لا أرى كيف يمكن ألا يتألقوا في ظل عمل توافرت له كل عناصر النجاح، فكان داني بويل عند حسن الظن ونجح في تحويل النص الجيد إلى فيلم جيد.
على صعيد الأداء لفتني الشاب "ديف باتل" في دور "جمال" والشاب "مدهور ميتال" في دور شقيقه سليم، كذلك المخضرم "أنيل كابور" في دور مقدم البرنامج والذي كان متميزاً للغاية في أدائه لشخصية المذيع التي مزجت بين الفظاظة وخفة الظل والخبث، وقدمها كابور بتميز.
المونتاج كان من إبداعات الفيلم فاستطاع التنقل بنا بين زمن وزمن وبين فلاش باك وآخر وبين مشهد ومشهد بإبداع شديد وربما ساهم عمل المونتير "كريس ديكنز" والمخرج "داني بويل" كل على حدة سابقاً في أفلام التشويق والرعب في سيطرتهما على إيقاع الفيلم المشوق.
يبقى ان فيلم المليونير المتشرد عانى هنات قليلة، فكان في بعض مشاهده تجارياً حريصاً على إرضاء الجمهور، فيما حلت روح فيلم "مدينة الله" في بعض من مشاهده، على أن هذا لم ينتقص أبداً من حدود المتعة الكبيرة التي يمنحها الفيلم وكم المعاني والأحاسيس التي يمررها إلينا دون ان نشعر.
هو فيلم عن الفقراء الذين يملكون الملايين في قلوبهم المفعمة بالحب والعطاء رغم الألم والمعاناة، أناس يعلمهم الحرمان ان يحبوا لا أن ينقموا، ويقص على من يشاهد الفيلم بان الإنسان بما يصل إليه، وليس بما يولد ليجد نفسه عليه.