[size=21]حلا صالح
تقول الحكم والامثال القديمة في جميع الثقافات ومنذ عصور سحيقة ان السعادة لايمكن شراؤها بالمال . غير ان الموضوع في عصرنا اخذ طابعا علميا وبحثيا..
ففي دراسة اصدرها حديثا عدد من علماء النفس الاميركيين تبين ان المال والشهرة ليستا من وسائل جلب السعادة , ويقول خبراء اجتماعيون ان الثراء الفاحش والشهرة التي تترافق معها وخصوصا عند غير المعتادين عليها كمن يربح اليانصيب مثلا ليست بالضرورة مجلبة للسعادة , بل قد تكون متعارضة معها ..الا ان الشعور بالاستقلالية والاعتداد بالذات والرضا عن النفس فيما يفعله الانسان , والتقارب مع الاخرين والثقة بالنفس . كلها امور تسهم في الاحساس بالسعادة وتقريبها ويقول الدكتور كينوشيلدون من جامعة ميزوري في ولاية كولو مبيا الامريكية ان هذه الحاجات والمتطلبات النفسية يمكن ان تكون العناصر الرئيسة التي تجلب السعادة للانسان ..ويشير هذا الطبيب النفسي الى ان الحاجات النفسية يمكن في حال السعي الى تحقيقها ان تدفع السعادة الشخصية للفرد الى مستويات وافاق جديدة , تماما كما هو حال حاجة النبات لمكوناته الطبيعية التي لاغنى عنها في نموه واستمراره ..وقد اختار فريق البحث الذي يترأسه الدكتور شيلدون ثلاث مجموعات مختلفة من الطلبة لاغراض البحث العلمي لاستقراء وفحص مستويات السعادة لدى كل شخص منهم.
لحظات الرضا
طلب الدكتور شيلدون من المجموعة الاولى تعريف وتحديد اكثر الاحداث التي اوصلتهم الى افضل لحظات السعادة والرضا خلال فترة الشهر السابق لاجراء التجربة ..وطلب من المجموعة الثانية نفس الطلب ولكن خلال الاسبوع الاخير السابق للسؤال ,اما المجموعة الاخيرة فقد طلب منها تحديد اسوأ واتعس حادث مرو به خلال فترة الفصل الدراسي الجامعي.. وخلص البحث المنشور في مجلة الشخصية والسايكولوجيا الاجتماعية التي تصدرها جمعية الطب النفسي الامريكية الى ان النتائج المستخلصة من المجموعات الثلاث كانت على نحو ما متشابهة ..وقال معظم الطلاب (موضوع البحث) ان قضية نقص الطمأنينة والامان تؤثر بشكل كبير على استقرارهم النفسي، ويوضح بحث الدكتور شيلدون ان النتائج تشير الى انه عندما يحدث مكروه يتمنى الناس بقوة ان يحصلوا على الراحة والسعادة النفسية من وجود الامن والطمأنينة، التي عادة مايعتبرونها موجودة كتحصيل حاصل في الظروف الطبيعية.
وبالنسبة للطلاب الامريكيين فقد كان موضوع الثقة بالنفس على رأس قائمة اولويات السعادة , في حين كان عند الطلبة الكوريين الشعور بالقرب والتقارب.. ويأمل الباحثون في توسيع نطاق بحثهم من اجل مساعدة الناس على تشخيص مناطق السعادة في ذواتهم على المستويين الفردي والاجتماعي، ودفعهم نحو تحسين وتوسيع رقعة تلك المناطق على نحو يضمن لهم حياة افضل..
المال والسعادة
تتفق الدكتورة ديانا بيدويل عضو جمعية الطب النفسي مع الرأي القائل بأن المال لايجلب السعادة بالضرورة، وتقول ان العديد من الدراسات اجريت وركزت على موضوع اهمية او عدم اهمية المال في نوعية حياة الفرد.. ولاحظت معظم هذه الدراسات ان المال يمكن ان يجلب درجة معينة ومحدودة من الشعور بالسعادة، لكنه بعد عبور هذه الدرجة يصبح الامر سيان ولا يذكر.. وتضيف الدكتورة بيدويل ان هناك دلائل وشواهد كثيرة تشير الى العدد المتزايد من الاثرياء غير السعداء، وعلى الاخص اولئك الذين لم يولدوا وفي افواههم ملاعق الذهب والفضة , يصبحون كالفائزين بثروات اليانصيب الضخمة .. فالسعادة اولا واخيرا هي حالة في النفس والذهن اذ ان ابتسامات السعادة لايرسمها المال ولاتأتي بها الشهرة..
كما قال شاعر العرب المتنبي:
أريك الرضا لو أخفت النفس خافيا
وما أنا عن نفسي ولاعنك راضيا
منقول
[/size]