إفرازات لعبة لي الذراع بين الحكومة والاستشفائيين الجامعيين
شبح السنة البيضاء يطارد طلبة الطب في الجزائر
كامل الشيرازي من الجزائر :يعيش
الآلاف من طلبة الطب في الجزائر، وضعًا نفسيًا سيئًا منذ فترة ليست
بالقصيرة، بسبب استمرار إضراب الأساتذة الاستشفائيين الجامعيين للشهر
الثالث على التوالي، وعجز الحكومة عن إقناع هؤلاء بحتمية إيقاف احتجاجهم
المفتوح، ما يجعل الطلبة في مواجهة مباشرة مع شبح السنة البيضاء، وبات هذا
"السيناريو" مطروحًا بقوة جرّاء "حوار الطرشان" الحاصل، ما لم ينجح وزيرا
الصحة والتعليم العالي "سعيد بركات" و"محمد حروابية"، ليحولا دون استمرار
كابوس قد يبدد آمال الكثير من طلبة الطب في الجامعات الجزائرية، خصوصًا مع
نسبة الاستجابة العالية إلى هذا الإضراب غير المحدود، وتعديها التسعين في
المئة بين صفوف الأساتذة.
المقلق
في الموضوع، أنّه وعلى بعد أيام من بدء امتحانات السداسي الثاني، ليس هناك
من مؤشر على أنّه سيكون هناك تغير يوحي بانتهاء "ثورة المآزر البيضاء"،
أكثر من ذلك، يشير "إلياس مرابط" الناطق الرسمي لتنسيقية النقابات
المستقلة في الجزائر، إلى أنّ الإضراب الحالي لن ينتهي ما لم تستجب الجهات
الوصية إلى لائحة المطالب المرفوعة، حتى يتم إجبار من بيدهم القرار للجلوس
إلى طاولة المحادثات وبدء نقاش جدي حول مشاكل عويصة يعاني منها أساتذة
الطب في الجزائر، على غرار القوانين الأساسية وما يتعلق بنظام التعويضات،
على الرغم من تواجد المعنيين في "ظروف اجتماعية حرجة" تبعًا لتدهور
الأوضاع المعيشية وفرض الحكومة لائحة جديدة من الضرائب والرسوم التي زادت
من إنهاك الجيوب.
ويبرر
مرابط في تصريح لـ"إيلاف"، استمرار الإضراب الحالي بما يراه "تماطلا" من
الحكومة في التعاطي مع لائحة المطالب التي أشهرتها النقابات الشتاء
المنصرم، ما دفع نحو اشتداد القبضة الحديدية بين الطرفين، ويرفع الغاضبون
أربعة مطالب كبرى: احترام الحريات النقابية، الاعتراف الكامل بالنقابات
المستقلة كشريك اجتماعي له صفة التفاوض مع الحكومة، مراجعة شبكة الأجور
وفتح ملف التعويضات، ووضع ميكانيزمات حماية اجتماعية موسّعة.
ولاحظت
"إيلاف" في جولة لمندوبها عبر كليات الطب بجامعتي الجزائر والبليدة،
احتباسا تاما عبر القاعات والمدرجات، وهي الملاحظة ذاتها التي تؤكدها
الأصداء الواردة من جامعات أخرى، ما جعل نسيم (23 سنة) الطالب بالسنة
الخامسة طب، يبدي ضجره وتذمره إزاء وضع كهذا، وتساءل أحمد، سعاد، رضوان،
محمود وغيرهم، عن سرّ عدم توصل دوائر القرار إلى إيجاد صيغة تفاهم مع
نقابات أساتذة العلوم الطبية والأطباء الإستشفائيين الجامعيين، إضافة إلى
نقابتي أساتذة ومساعدي العلوم الطبية والأخصائيين النفسانيين.
بالمقابل،
اختار عميد جامعة الجزائر، د/الطاهر حجار، لغة التطمين، حيث قال واثقا
لـ"إيلاف" أنّه لن تكون هناك سنة بيضاء، وأوضح حجار أنّه لا داعي للتخوف،
كاشفا عن مخطط لتنظيم امتحانات في أواخر شهر يوليو/تموز المقبل لتدارك
التأخر الدراسي الفادح، بيد أنّ مراقبين يرفضون هذه "النظرة التهوينية"
وينظرون إلى ما يحدث بكونه تهديد صريح لاستقرار الطلبة وتطلعات الأساتذة،
سيما بعد ارتضاء حكومة الوزير الأول الجزائري "أحمد أويحيى" التعامل
بأسلوب المسكّنات، وعدم إبدائها أي رد فعل إيجابي مع عريضة المطالب، إضافة
إلى إصرار السلطات على إغلاق أبواب الحوار، ما دفع بالنقابات إلى عدم
التوقف هذه المرة عند مستوى إضراب الثلاثة أيام أو الاعتصامات، ما صعّد من
وتيرة معضلة مزمنة تدخل عامها الثامن على التوالي.
وتشدّد
النقابات الغاضبة على حتمية مراجعة الحكومة لشبكة الأجور الجديدة "المليئة
بالتناقضات" مثلما تقول، وتقدّر هذه النقابات بوجود "إجحاف" يلفّ النقطة
الاستدلالية المعتمدة في شبكة الرواتب، حيث تشدّد على أنّها لا تستجيب
لتطلعات جمهور الاستشفائيين الجامعيين، تبعاً لعدم أخذها في الاعتبار
خصوصيات وظيفة الطب والتأطير البيداغوجي، وإدماجها المنح بشكل (مراوغ) في
الرواتب، على حد تعبير النقابيين، هؤلاء يطالبون برفع النقطة الاستدلالية
من 0,45 إلى 0,70 يورو، فلا يعقل، بحسبه، أن تكون رواتب أساتذة استشفائيين
في الجزائر أقل بثلاث مرات عن رواتب نظرائهم في تونس والمغرب.
موقع ايلاف