في عام 1948 أنشئت إسرائيل على القسم الأكبر من مساحة فلسطين التاريخية، ونجا قطاع غزة من الاحتلال ليبقى تحت الإدارة المصرية حتى الخامس من يونيه/ حزيران من عام 1967 حين احتل الجيش الإسرائيلي الضفة والقطاع.
وقد استقبل قطاع غزة عددا كبيرا من اللاجئين الفلسطينيين إثر النكبة الكبرى، ومع التزايد الكبير لسكان القطاع ارتفع مجموعهم ليصل نحو (1.5) مليون فلسطيني عام 2008 منهم نحو 76% من اللاجئين الذين ينحدرون من بئر السبع ومدينة يافا والمجدل وعسقلان.
تعرض القطاع لاحتلالات عديدة عبر تاريخه الطويل، بيد أن الاحتلال الإسرائيلي ومجازره ضد أهل غزة كان مروعاً ودموياً والصورة مازالت ماثلة للعيان.
خصائص مجتمع غزة ويعتبر مجتمع قطاع غزة فتياً نظراً لنسبة الأطفال العالية التي تصل أكثر من 50%، ومرد ذلك الخصوبة العالية عند النساء الغزيات حيث تتعدى ستة مواليد للمرأة طيلة حياتها الإنجابية، وتبعاً لذلك يعاني القطاع من أعباء الإعالة العالية أصلاً.
وقد تفاقمت الأوضاع الديموغرافية والاقتصادية نتيجة سياسات الاحتلال الإسرائيلي على مدار الفترة (1967-2008) فوصلت معدلات البطالة نحو 60% من قوة العمل، وكذلك انتشرت حالات الفقر المدقع بين ثلثي سكان القطاع.
لكن الدراسات تشير إلى أن الأوضاع أكثر مأساوية في المخيمات الثمانية هناك نظراً للكثافة السكانية العالية، وتعتبر وفيات الأطفال الرضع بالقطاع من أعلى المعدلات في العالم. غزة هاشم: وصمدت المدينة لنوائب الزمان الكثيرة، حيث نازل شعبها صنوف المحتلين المختلفة، وتبدل اسم مدينة غزة بتبديل الأمم التي صارعتها فأطلق الفرس اسم هازاتو عليها، أما العبرانيون فأسموها غزة، والكنعانيون أسموها هزاني.
أما المصريون فأسموها غازاتو، وسماها العرب غزة هاشم نسبة إلى هاشم بن عبد مناف جد الرسول صلى الله عليه وسلم، والذي مات فيها وهو راجع بتجارته إلى الحجاز.
وتاريخ مدينة غزة كما كل فلسطين: تاريخ مجيد حفظته ووعته الأجيال المتلاحقة، وحافظت غزة على اسمها العربي حتى تاريخنا الحاضر، لتؤكد عروبتها رغم الاحتلالات التي مرت بالمدينة.
الأهمية والإستراتيجية واكتسب موقع مدينة غزة الجغرافي أهمية خاصة، حيث إنه واقع على أبرز الطرق التجارية بالعالم القديم، تلك التي بدأت من حضرموت واليمن وانتهت في بلاد الهند. كما أن لغزة أهمية عسكرية كبيرة، نظرا لكونها صلة الوصل بين مصر والشام، وكان الاستيلاء على غزة يعني بداية السيطرة على طرق الحرب والتجارة بين آسيا وإفريقيا.
وكان لموقع غزة المتميز على حافة الأراضي الخصبة العذبة المياه التي تأتي مباشرة بعد برية سيناء الأثر في وجودها وبقائها وأهميتها، فهي المحطة الطبيعية لكل من الآتين من مصر العربية، ووجهتهم إلى بر الشام، كما أنها المحطة الأخيرة لكل قادم من الشام ووجهته مصر، فهي ملتقى القوافل قبل دخول البادية، فيها يستكملون ما يلزمهم قبل المرور بالصحراء أثناء طريقهم إلى مصر.
تاريخ صمود في وجه الغزاة
تعرضت مدينة غزة لغزوات عديدة عبر التاريخ، وقد كان الاحتلال التركي عصيبا نظرا للفترة الطويلة التي بقيت فيها الجيوش التركية في فلسطين ومدنها المختلفة ومن بينها مدينة غزة (1515-1916) حيث ساد الجهل والتخلف الاقتصادي والاجتماعي بين أهل مدينة غزة.
تعرضت مدينة غزة لغزوات عديدة عبر التاريخ، وقد كان الاحتلال التركي عصيبا نظرا للفترة الطويلة التي بقيت فيها الجيوش التركية في فلسطين ومدنها المختلفة ومن بينها مدينة غزة (1515-1916) حيث ساد الجهل والتخلف الاقتصادي والاجتماعي بين أهل مدينة غزة.
وعندما احتل الجيش البريطاني فلسطين في عام 1920 بدأت مرحلة أخرى وبنمط احتلالي لكنه من نوع آخر، فقد فرض البريطانيون قوانين الطوارىء على أهالي المدن الفلسطينية ومن بينهم أهالي مدينة غزة، وتعتبر تلك القوانين أكثر عنصرية في التاريخ المعاصر.
وعلى الرغم من الانسحاب الإسرائيلي وتفكيك المستوطنات الصهيونية من قطاع غزة في عام 2005 بعد احتلال مديد، إلا أن الجيش الإسرائيلي جعل منه سجن كبير لأكثر من مليون وخمسمائة ألف فلسطيني باتوا عرضة لعملية تقتيل واغتيال وتدمير يومية مبرمجة .
فبات الفقر والجوع والحرمان سيد الموقف بين أهالي غزة، فارتفعت معدلات الإعالة إلى أكثر من ستة أفراد، والبطالة وصلت إلى نحو 60% من إجمالي قوة العمل الفلسطينية هناك، وبالتالي أصبح أكثر من ثلثي المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة يرزحون تحت خط الفقر حسب تقارير دولية ومحلية في ذات الوقت.
وثمة مخاوف من انتشار أمراض مستعصية مع ارتفاع وتيرة الاجتياحات الإسرائيلية والحصار الأخذ بالتصاعد، فالجراحات قد تكون أكبر في قطاع غزة في المستقبل المنظور إذا لم يحصل توافق فلسطيني حقيقي لمواجهة التحديات الجمة الاقتصادية والسياسية بفعل التعنت الإسرائيلي والدعم الأميركي للتوجهات الإسرائيلية في ارتكاب المزيد من المجازر التي نشهد فصولها على مدار الساعة بطرق مختلفة لتركيع أهل غزة.
غزة وموقعها الجغرافي وتشير الدراسات الجغرافية وخاصة بلادنا فلسطين للباحث مصطفى مراد الدباغ إلى أن مدينة غزة القديمة قد بنيت على تل يرتفع زهاء (45) متراً فوق سطح البحر ، وأنشئت قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام بثلاثة آلاف عام.
وقد تطور عمران المدينة أسفل التل من نواحي الشمال، والشرق والجنوب، ولم يمتد باتجاه الغرب إلا أخيرا ، فأصبح موضعها الطبوغرافي يتألف من:
1- الموضع القديم : ويشغله جزء من حي الدرج ، وجزء من حي الزيتون.
1- الموضع القديم : ويشغله جزء من حي الدرج ، وجزء من حي الزيتون.
2- مواضع التوسع في جهات الشرق والشمال والجنوب من التل : وتضم أحياء الشجاعية والتفاح ، وجزءاً من حي الزيتون ، وتتميز تلك المواضع بانبساط أرضها التي ترتفع حوالي (35) متراً عن سطح البحر ، جنوبي شرق المدينة.
3- موضع الامتداد نحو الغرب : ويتألف من كثبان رملية غرست الأشجار في بعض أجزائها لصد زحف الرمال ، وأصبح اليوم يعرف بغزة الجديدة أو حي الرمال.
وبشكل عام يوجد في غزة خمسة أحياء رئيسية هي: الدرج، الزيتون، التفاح، والشجاعية بقسميها الجديدة والتركماني، وقد امتدت غزة الجديدة على الرمال الممتدة من تل السكن على حدود المدينة القديمة إلى ساحل البحر المتوسط من الغرب .
وكانت مدينة غزة قاعدة اللواء الجنوبي في فلسطين إبان الاحتلال البريطاني 1920-1948، وأصبحت عاصمة قطاع غزة منذ النكبة الكبرى في الخامس عشر من مايو/أيار من عام 1948. أقام فيها الحاكم الإداري العام لقطاع غزة خلال الفترة بين عامي 1948و1967 وقد ضمت مختلف الدوائر الرسمية.
وفي الخامس من يونيه/حزيران من عام 1967 احتل الجيش الإسرائيلي قطاع غزة وأخضعوه لحكم السلطات الإسرائيلية. بعد أن بقي القطاع تحت الإدارة المصرية منذ عام 1948 وحتى التاريخ المذكور.
كفاح أهل غزة الطويل
لم تكن المجزرة المروعة التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي على مدار الساعة منذ يوم صبيحة يوم السبت 27-12-2008 سوى محاولة يائسة لإخضاع أهل غزة وفرض الأمر الواقع الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، بيد أن كافة الدلائل تؤكد قدرة المجتمع وقوى المقاومة على الصمود وكسر إرادة العدو، حيث شارك أهل غزة في الكفاح الفلسطيني منذ انطلاقة الرصاصة الأولى في الفاتح من عام 1965.
لم تكن المجزرة المروعة التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي على مدار الساعة منذ يوم صبيحة يوم السبت 27-12-2008 سوى محاولة يائسة لإخضاع أهل غزة وفرض الأمر الواقع الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، بيد أن كافة الدلائل تؤكد قدرة المجتمع وقوى المقاومة على الصمود وكسر إرادة العدو، حيث شارك أهل غزة في الكفاح الفلسطيني منذ انطلاقة الرصاصة الأولى في الفاتح من عام 1965.
كما ساهم الغزيون بشكل كبير في انتفاضة عام 1987، وانتفاضة الأقصى التي انطلقت في سبتمبر/أيلول من عام 2000، وسقط الآلاف من أهل غزة خلال سنوات الانتفاضة بين شهيد وجريح وأسير، وتشير الدراسات المختلفة أن قطاع غزة قدَّمَ أكثر من ألف شهيد خلال الانتفاضة الأولى وألفي شهيد خلال انتفاضة الأقصى، فضلاً عن عشرين ألف جريح بينهم ألاف من الحالات باتت في إعاقة دائمة وخارج النشاط الاقتصادي. لكن الثابت أن أهل غزة كما تاريخها عصي على الانكسار وثابت في مواجهة الغزوات.
وتبقى الإشارة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي كان من أبشع الإحتلالات التي مرت على قطاع غزة نظراً لأن سياساته طالت الأرض والبشر، الأطفال والشيوخ والنساء.
فصورة المجازر الإسرائيلية المتكررة وكذلك اقتلاع الأشجار وتجريف الأراضي في القطاع من قبل الدبابات والجرافات الإسرائيلية تؤكد حقيقة السياسة الإسرائيلية رغم الحديث المتكرر عن خرائط طرق سياسية لحل القضية الفلسطينية، فتاريخ قطاع غزة كما أهله يؤكد بأنه سيبقى عصي على كل الغزاة.(الجزيرة)