قال الله تعالى: { يَا أَيُهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }(1) قيل : الصوم عموم ، و خصوص، و خصوص الخصوص . فصوم العموم هو كف البطن و الفرج و سائر الجوارح عن قصد الشهوة . و صوم الخصوص هو كف السمع و البصر و اللسان و اليد و الرجل و سائر الجوارح عن الآثام . و صوم خصوص الخصوص هو صوم القلب عن الهمم الدنية و كفه عما سوى الله بالكلية.
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: « زكاة الجسد الصيام ». و عنه صلى الله عليه و سلم : « للصائم فرحتان: فرحة عند إفطاره ، و فرحة عند لقاء ربه »(2) و قال وكيع في قوله تعالى : { كُلُوا وَ اشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ }(3) إنها أيام الصوم، تركوا فيها الأكل و الشرب . و عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: « من أفطر يومًا في رمضان من غير رخصة رخصها الله لم يَقْضِ عنه صيام الدهر ». و روي في صحيح النسائي عنه أيضًا صلى الله عليه و سلم أنه قال : « إذا جاء رمضان فُتِحَتْ أبواب الجنة ، و غُلِّقَتِ أبواب جهنم ، و سلسلت الشياطين »(4) .
و روى الزهري: أن تسبيحة واحدة في شهر رمضان أفضل من ألف تسبيحة في غيره. و روي عن قتادة أنه كان يقول: مَنْ لم يُغْفَرْ له في شهر رمضان فلن يُغْفَرَ له في غيره. و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: « لو يعلم الناس ما في شهر رمضان من الخير لتمنت أمتي أن يكون رمضان السنة كلها، و لو أذن الله للسموات و الأرض أن تتكلما لشهدتا لمن صام رمضان بالجنة »، و قال صلى الله عليه و سلم : « ليس من عبدٍ يصلي في ليلة من شهر رمضان إلا كتب الله له بكل ركعة ألفًا و خمسمائة حسنة ، و بنى له بيتًا في الجنة من ياقوته حمراء ، لها سبعون ألف باب، لكل باب منها مصراعان من ذهب، و له بكل سجدة يسجدها شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام »، و قال صلى الله عليه و سلم: « إن لكل صائم دعوة فإذا أراد أن تقبل فليقل في كل ليلة عند فطره: يا واسع المغفرة اغفر لي ».
و عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: من صام يومًا من رمضان خرج من ذنوبه كَيَوْمَ ولدته أمه، فإذا انسلخ عنه الشهر و هو حي لم يكتب عليه خطيئة حتى الحول، و من عطش نفسه لله في يوم شديد الحر من أيام الدنيا كان حقًّا على الله أن يرويه يوم القيامة. و قال بعضهم:الصيام زكاة البدن، و مَنْ صام الدهر فقد وهب نفسه لله تعالى.
و روي في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : « الصلوات الخمس ، و الجمعة إلى الجمعة، و رمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ، ما اجتنبت الكبائر »(5) و عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال: « صيام ثلاثة أيام من كل شهر، كصيام الدهر، و هي الأيام البيض ، و هي الثالث عشر، و الرابع عشر، و الخامس عشر، من كل شهر ».
و في صحيح البخاري عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: « من صام رمضان إيمانًا و احتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه ». و فضل الصوم غزير؛ لأنه خصه الله تعالى بالإضافة إليه كما ثبت في الصحيح من الحديث عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال مخبرًا عن ربه عز و جل: « كل عمل ابن آدم له إلا الصوم ؛ فإنه لي و أنا أجزى به ».
من كتاب " المستطرف في كل فن مستظرف " للكاتب شهاب الدين محمد الأبهيشي . تحقيق الدكتور مصطفى محمد الذهبي .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- سورة البقرة: 183.
(2)- أخرجه: مسلم في الصيام 1151.
(3)- سورة الحاقة: 24.
(4)- أخرجه: البخاري في كتاب الصوم 1899.
(5)- أخرجه: أحمد في المسند 8944.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- سورة البقرة: 183.
(2)- أخرجه: مسلم في الصيام 1151.
(3)- سورة الحاقة: 24.
(4)- أخرجه: البخاري في كتاب الصوم 1899.
(5)- أخرجه: أحمد في المسند 8944.